تُعاد محاكمة سعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس الجزائري السابق، ومسؤولين سابقين في الاستخبارات ورئيسة حزب، الأحد، بعد قبول الاستئناف في أحكام بالسجن 15 عاماً صدرت على كل منهم في سبتمبر (أيلول) 2019، بتهمتي "المساس بسلطة الجيش والمؤامرة ضد سلطة الدولة".
وتحول سعيد بوتفليقة (62 سنة)، مستشار الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، إلى الرجل القوي الفعلي في القصر الرئاسي من دون سلطات دستورية، بخاصة بعد تدهور صحة شقيقه.
وازدادت قوته أكثر، إلى درجة اعتباره "رئيساً ثانياً" بعد إصابة الرئيس بوتفليقة بجلطة دماغية عام 2013، شلّت حركته وأفقدته القدرة على الكلام.
وإلى جانبه الفريق محمد مدين، الذي اشتهر بالجنرال توفيق، وهو رئيس دائرة الاستعلام والأمن، وهي التسمية التي كانت تطلق على الاستخبارات بين عامي 1990 و2015.
وخلفه في المنصب بعد تنحيته عام 2015، مساعده السابق بشير طرطاق كمنسق لمصالح الأمن بعد إعادة هيكلة الجهاز وإلحاقه برئاسة الجمهورية. وقد غادر منصبه بعد استقالة بوتفليقة في 2 أبريل (نيسان)، تحت ضغط حركة احتجاجية غير مسبوقة بدأت في 22 فبراير (شباط) 2019 وما زالت متواصلة.
أما المتهمة الرابعة، التي ستمثل أمام مجلس الاستئناف العسكري بالبليدة جنوب الجزائر، فهي رئيسة حزب العمال لويزة حنون.
المحاكمة
وكانت المحكمة العسكرية أصدر في سبتمبر الماضي أحكاماً بالسجن 15 عاماً على كل من المتهمين الأربعة. لكن هيئة الدفاع رأت أن الملف "فارغ"، وطالبت بمحاكمة عامة، على عكس ما حدث في المحاكمة الأولى حيث لم يسمح إلا للمحامين وأسر المتهمين بالدخول إلى المحكمة العسكرية، بينما تم منع وسائل الإعلام من التغطية.
وقال فاروق قسنطيني، محامي الجنرال توفيق، لوكالة الصحافة الفرنسية، "لم يتم السماح للناس بحضور الجلسة. سيكتشفون... أن القضية لا أساس لها. فلا يوجد ما يدين (المتهمين) لا من الناحية الأخلاقية ولا من الناحية الجنائية".
وتتعلّق القضية باجتماع حضره سعيد بوتفليقة، ومدين وطرطاق وحنون في 27 مارس (آذار) 2019، لوضع خطة "لعزل رئيس الأركان" المتوفي الفريق أحمد قايد صالح، غداة مطالبته علناً باستقالة رئيس الجمهورية للخروج من الأزمة التي بدأت مع الحراك.
وبحسب غرفة الاتهام، فإن سعيد بوتفليقة طلب مساعدة الرئيسين السابقين للاستخبارات من أجل إقالة قايد صالح من منصبه الذي شغله منذ عام 2004، وظل وفياً لبوتفليقة طيلة 15 سنة.
وكان رد فعل رئيس الأركان جمع كل قادة الجيش في اجتماع بثه التلفزيون الحكومي ليطلب رحيل الرئيس "فوراً".
الطرف الخاسر
وبالنسبة إلى العديد من المراقبين، فإن سعيد بوتفليقة ومن معه هم في الحقيقة الطرف الخاسر في صراع طويل خلال حكم بوتفليقة، بين جهاز الاستخبارات ورئاسة الأركان.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
واعترفت حنون، القريبة من سعيد بوتفليقة، بأنها شاركت في اجتماع مع سعيد بوتفليقة والجنرال توفيق في 27 مارس، غداة مطالبة رئيس أركان الجيش علناً باستقالة الرئيس. لكنها "رفضت اعتبار ذلك مؤامرة ضد الدولة"، بحسب محاميها.
وقال المحامي بوجمعة غشير إن "موكلتي لم تفعل شيئاً سوى أنها استجابت لدعوة من مستشار الرئيس ضمن منصبها كرئيسة حزب. هذه ليست جريمة".
وبعد بضعة أيام من الحادثة، اتّهمهم قايد صالح بالاجتماع للتآمر ضدّ الجيش. وبعد صدور الأحكام وصفها بـ"الجزاء العادل".
ويأمل المحامون في أن تتغير "المعطيات" بوفاة قايد صالح في 23 ديسمبر (كانون الأول)، وهو الذي اعتبر الحاكم الفعلي للبلاد بعد استقالة بوتفليقة.
وأوضح قسنطيني "توفي من كان في نظرنا وراء المتابعة القضائية"، داعياً إلى "الرجوع إلى حقيقة الملف ونصوص القانون للتأكد من أن الاتهامات لا أساس لها".