Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لم يكن الأمر بحاجة فعلاً إلى صدور تقرير من خارج المجتمع الإسلامي ليتمّ أخذ الإسلاموفوبيا في حزب المحافظين البريطاني على محمل الجد

إنّ تحليل مجموعة "هوب نات هيت" (الأمل لا الحقد) مرحّب به. لكن غالباً ما يكون الشعور بأنه مجرد أن يكون المرء مسلماً في هذا اليوم وهذا العصر هو بمثابة معركة مستمرة لإثبات انسانيته وولائه للبلاد

متظاهرون أمام السفارة الفرنسية في لندن اعتراضاً على القرار الفرنسي منع البوركيني، 25/8/2016 (رويترز)

على إثر تحقيقٍ داخلي أجراه حزب المحافظين البريطاني - نتيجة موجة الغضب التي أثارها وزير الخارجية (السابق) بوريس جونسون عندما وصف النساء المسلمات اللواتي يرتدين البرقع بأنهن "يشبهن صناديق البريد" و"لصوص البنوك"- واعتبر أنّ التصريحات محترمة ومتسامحة، لا ينبغي أن يتفاجأ أحد من قيام جمعية خيرية رائدة مناهضة للعنصرية باتهام المحافظين بأنهم فشلوا في أخذ شكاوى الإسلاموفوبيا (رُهاب الإسلام) ضدّ أعضائهم على محمل الجد.

لكن الجزم بأنّ المحافظين كانوا "في حالة إنكارٍ" في ما يتعلق بمدى الفساد الذي يضرب صفوفهم من شأنه أن يُعطي عذراً لحزبٍ يبدو انه تخلّى عن المسلمين البريطانيين، وأشار من خلال التقاعس واللامبالاة إلى أن الانخراط في هذا هو تصرّف مقبول.

لطالما دعت مجموعات وشخصيات سياسية مسلمة، بمن فيهم البارونة وارسي، إلى إجراء تحقيق مستقلّ بالكامل في ما يتعلق بإسلاموفوبيا حزب المحافظين، غير أنّ طلبهم هذا وُوجه بالرفض في كلّ مرّة. لعلّ الأمر سيشكّل تطوّراً ممتعاً ومؤلماً في آنٍ معاً في حال أُجري تحقيق الآن، إذ أنّ الأمر تطلّب تدخلاً من جمعية خيرية رائدة من خارج المجتمع الإسلامي لاتخاذ أي إجراء ذي مغزى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

على الرغم من وقوع حوادث بارزة لا تُحصى لم تترك مساحة لأيّ التباس، غالباً ما كانت محاولات زيادة الوعي تجاه الإسلاموفوبيا تستدعي ردود فعل لامُبالية وتلاعباً بالوقائع إلى حدّ أنّ أحداً لن يُلام لاستجواب موقفه الخاص أو البدء في التساؤل عما إذا كان يصنع جبالاً من مجرد أكوام تُرابية صغيرة.

سواء كان حزب المحافظين يقود حملة لانتخابات العمدة - هي الأكثر دناءة في التاريخ الحديث - حاولت من دون أي إثبات تصوير المرشّح المسلم على أنّه متطرّف يسعى خلف أموال المواطنين، مستضيفاً  (أي الحزب) لهذا الغرض واعظين كارهين للإسلام أو ناشراً صوراً بمنتهى العنصرية والإسلاموفوبيا على صفحات التواصل الاجتماعي، فقد قلّل الحزب باستمرار من أيّ مخاوف تمّ طرحها، واستمرّ المرتكبون بالتحرّك على نطاق واسع من دون مواجهة أي انعكاسات خطيرة.

وكانت البارونة وارسي قد أعلنت في تصريح شهير أن العدائية تجاه المسلمين قد تخطّت الحدود. ففي العام الماضي، شكّلت كميّة الإساءة والازدراء التي واجهتها الصحافية آبي ويلكنسون على موقع "تويتر" عندما حاولت تسليط الضوء على عدم ملائمة وجود دانيال فينكلستاين العضو في حزب المحافظين والكاتب في صحيفة "تايمز،" في مجلس معهد غايتستون، وهو خليّة تفكير يُزعم انها مُعادية للإسلام وعنصرية، واحداً من الأمثلة الحديثة التي تعكس مدى تجذّر الإسلاموفوبيا في بعض دوائر المجتمع ككل.

إن مجرد الحاجة للإشارة إلى أن رعاية إحدى مؤسسات اليمين المتطرف التي اتُهمت بالمساعدة في تغذية شائعات عن وجود مناطق إسلامية لا يُمكن الدخول إليها في أوروبا، والانغماس في نشر الخوف من المهاجرين المسلمين، والدعوة إلى دعم معادين للإسلام معروفين مثل غيرت وايلدرز، هو أمر يجب أن لا يكون مقبولاً، هو بالفعل شيء مقلق.

للأسف، يحمل الأمر دلالات عديدة بأن تقوم امرأة بيضاء البشرة بالتطرّق إلى المسألة لإيصال الرسالة، على الرغم من أن صحافيين مسلمين على غرار د. نافذ أحمد أصدروا العديد من الكتابات بهذا الخصوص منذ عام 2015. ومع ذلك، حاول العديد من الأشخاص الدفاع عن فينكلستاين، موجّهين انتقاداتهم نحو اللغة التي استخدمتها ويلكنسون.

وأحيانأً يكون الشعور بأنه مجرد أن يكون المرء مسلماً في هذا اليوم وهذا العصر هو بمثابة معركة مستمرة لإثبات انسانيته وولائه للبلاد. على المسلمين استخدام كافة الوسائل لإثبات أنّ قيمهم ومعتقداتهم تتلائم مع المجتمع الحديث وبريطانيا، عوضاً عن اعتبار ذلك من المسلّمات.

تعلّمت الآن وبعد جهدٍ جهيد عدم الردّ على أسئلة تُطرح بسوء نيّة، لأنّه حتّى عندما تتحدّث عن دعمك الكبير للمساواة الجندرية ومجتمع المثليين أو جهودك في الترويج للتناغم بين الديانات والمعتقدات، فإنّك في النهاية ستواجَه، كمُسلم، باللامبالاة وسط اتهامات لا أساس لها من الصحة.

لقد اتُّهمت بأنني أتبع "التقية" وهو مبدأ هامشي يسمح للمرء بالكذب بشأن معتقده الديني كملاذٍ أخير تحت الإكراه الشديد أو الاضطهاد أو الخطر المميت، غير أنّ البروباغندا المناهضة للإسلام تُعرّفه بشكلٍ مغلوط على أنّه طريقة يستخدمها المسلمون للكذب على غير المسلمين.

تُشكّل تلك حالة لا يُمكن الفوز فيها إذ أنه حتى الردود الموزونة والتقليدية على اتهامات كهذه تُصبح من دون معنى، ممّا يغذّي روايات لاعقلانية عن المسلمين بأنهم ماكرين ومخادعين بطبيعتهم. وحتى وإن تمكّنت من خلال بعض الجهود الجبارة، من كسبهم في صفّك ويتم تصنيفك من الأشخاص القلائل الطيبين، ستظل تُعتبر استثناءً للقاعدة.

مع وجود الكثيرين في حزب المحافظين ممن ينتقدون بصراحة طريقة تعامل حزب العمّال مع الشكاوى ضد معاداة السامية ضمن الحزب، من المحيّر رؤيتهم يتخلّون عن أيّ حسّ بالمسؤولية لمحاربة الإسلاموفوبيا ضمن صفوفهم.

من المحتمل أن يقوّض الغضب الانتقائي تجاه نوعٍ واحدٍ من التعصب، مع تجاهل أي نوعٍ آخر بشكل كلي، أيّ ادعاءٍ بالمناقبية والصدق، بل على العكس يُعطي مصداقية لاتهامات باستغلال القضية - ومعاناة الناس - لتسجيل نقاطٍ سياسية.

قد يكون مبرّراً للمسلمين بأن يشعروا بالإحباط بسبب التغطية المحدودة التي تلقاها فضيحة الإسلاموفوبيا، ولكن من المهم أيضاً عدم الإتغماس في مقارنات مع تغطية أحداث معاداة السامية، كما يفعل البعض. المعاداة للسامية هي أيضاً مدعاة قلق وتستوجب اهتماماً ملحوظاً قدر الإمكان.

كمسلمين، لا يسعنا أن نتنافس مع زملائنا أهداف التعصّب الأعمى في سبيل الحصول على تغطية إعلامية. يمكننا القيام بحملاتٍ للمزيد من التغطية في شان الإسلاموفوبيا في حزب المحافظين أو المجتمع الأوسع، من دون الحاجة للتقليل من مستوى أي شخص  آخر. عوضاً عن ذلك، نحتاج إلى إظهار التضامن مع المجتمع اليهودي وكافة المجموعات المتأثرة بالحقد والتمييز. لا ينبغي لأيّ منّا أن يسمح بأن يتم استغلاله في لعبة سياسية قائمة على ما يُعرف بمصطلح (whataboutism) "ماذا عن" (وهو أسلوب الرد على اتهام من خلال توجيه تهمة مضادة).

أمام حزب المحافظين فرصة واضحة لإعادة التواصل مع المسلمين البريطانيين والتأكيد بحسم أنّه لن يتساهل مع الإسلاموفوبيا. ولكن، مساره الأخير الذي يميل بشكل واضح إلى اليمين يجعلني أعتقد أن صمته الشائن حول المسألة هو قرار واعٍ قائم على حسابات سياسية باردة. أتمنى بصدق أن أكون مخطئاً.

© The Independent

المزيد من آراء