Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حزب العمال البريطاني سيخسر الانتخابات ما لم يدعمه ناخبون محافظون

"إذا أصبح الاقتصاد المسألة الأهم فإن حزب العمال سيستطيع أن  يكسر هذا الائتلاف المحافظ الهش جوهرياً"

دوائر انتخابية متعددة تخلت عن حزب العمال بزعامة جيريمي كوربِن في الانتخابات الماضية وصوتت للمحافظين (أ.ف.ب)

سيجد حزب العمال الفوز بانتخابات عام 2024 "مستحيلاً" من دون أن يكسب أصوات الناخبين المحافظين اجتماعياً، بحسب ما تفيد دراسة جديدة تحثّ الحزب على التركيز على السياسة الاقتصادية والإصلاح الديمقراطي.

فمن خلال تحليل أسوأ هزيمة انتخابية لحقت بحزب العمال منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، خلُص التقرير إلى أن التصويت في الانتخابات الأخيرة التي أجريت الشهر الماضي، كشف عن انقسامات سياسية جديدة في بريطانيا التي تعيش مرحلة بريكست، وقالوا إن المحافظين أنشأوا تحالفاً "باهراً" بين المقاطعات الريفية التقليدية والمدن التي صوتت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي.

وحذّر التقرير من تبني موقف الانضمام ثانية إلى الاتحاد الأوروبي، داعياً حزب العمال بدلاً من ذلك إلى التركيز على مساءلة المحافظين فيما يسعون إلى صياغة علاقة تجارية مع الاتحاد الأوروبي.

وحللّ مؤلفو التقرير الذي نشرته منصة "أوروبا للكثيرين" البحثية التابعة لكلية لندن للاقتصاد، الدوائر الانتخابية التي تخلت عن حزب العمال بزعامة جيريمي كوربِن وصوتت للمحافظين بقيادة بوريس جونسون، في انتخابات الشهر الماضي.

ويقسّم البحث الجديد الخريطة الانتخابية إلى أربع خانات، تضم "المناطق العمالية المتعددة الإثنيات" و"مراكز الشباب الكوزموبوليتية للرأسمالية الحديثة"، و"البلدات المؤيدة لبريكست والمهملة" و"مقاطعات الطبقة المتوسطة الريفية الثرية المحافظة".

ويقول معدو التقرير إن المحافظين أنشأوا ائتلافاً انتخابياً جديداً في انتخابات عامي 2017 و2019 العامة يجمع بين "المناطق الثرية والمهملة معاً"، مشيرين إلى أن هذا الائتلاف سيلعب دوراً حاسماً في الانتخابات المقبلة إذا استطاع الحزب الحاكم أن يحافظ عليه.

كذلك رفضوا ذلك الاقتراح القائل إن حزب العمال فقد الاتصال بقاعدته العمالية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مضيفين أن "المقاعد التي فاز بها حزب العمال دائماً تمثل مناطق تتميز بقدر كبير من عدم المساواة وتعاني من الحرمان المتواصل... فالعمال يحتفظ  بـ19 من بين 20 دائرة انتخابية تتميز بمستويات عالية من الفقر بين الأطفال في المملكة المتحدة. وتبقى الطبقة العاملة حجر الزاوية لائتلاف حزب العمال".

ويشير الباحثون إلى أن انتصار حزب العمال عبر صناديق الاقتراع سيكون "مستحيلاً" من دون كسب الناخبين من أصحاب الآراء المحافظة اجتماعياً. لكنهم حذروا أيضاً قائلين "تجنبوا مناشدة هؤلاء الناخبين بطريقة سطحية. لا تتبنوا شعارات غير صادقة أو رسائل من نوع "حزب العمال لأمة واحدة" أو "الوظائف البريطانية للعمال البريطانيين"، لأن هذه شعارات لها نتائج عكسية، فهي تقوي رسائل المحافظين، كما تنطوي على مجازفة  بتقويض ائتلاف حزب العمال. التركيز على السياسة الاقتصادية سيوفر ذلك الدعم للمحافظين".

وبدلاً من ذلك، فإن تركيزاً على الاقتصاد والديمقراطية سيكون عاملاً حاسماً في حصول حزب العمال على الـ 14 مليون صوت التي تمكنّه من الفوز بالانتخابات العامة المقبلة، كما يجادل الباحثون.

وخلُصوا إلى أن "حزب العمال يستطيع الجمع بين تقديم عرض اقتصادي قوي مع رسالة تفيد بإعادة تجهيز ديمقراطيتنا وجعل السياسة فعالة في مناطقنا المحلية... وإذا اقتنع الناخبون بأننا نستطيع فعلاً تنفيذ هذه الأجندة، سنفوز في عام 2024".

من جانبه، قال لوك كوبر، وهو باحث مشارك في "كلية لندن للاقتصاد" ساهم بكتابة التقرير، إن "بريكست خلق وضعاً صعباً لحزب العمال. إذ بإيلائه القيم والهوية القومية أهمية مركزية بالنسبة للقضايا الراهنة، كسر بريكست الائتلاف الانتخابي التقليدي للحزب... لكنه خلق أيضاً ائتلافاً جديداً باهراً لحزب المحافظين. فالمقاعد التي حصل عليها في انتخابات عامي 2017 و2019 تمثل مناطق مختلفة جداً من الناحية الاقتصادية عن معاقل المحافظين التقليدية. وإذا أصبح الاقتصاد المسألة الأكثر أهمية سيستطيع حزب العمال أن يكسر هذا الائتلاف المحافظ الهش جوهرياً".

وقالت كريستابيل كوبر، وهي أيضاً من مؤلفي الدراسة إنه "من المستحيل أن يفوز حزب العمال في الانتخابات المقبلة من دون دعم الناخبين المحافظين اجتماعياً الذين صوتوا لصالح المحافظين هذه المرة، لكنه سيخون قيمه الجوهرية وناخبيه الأساسيين، إن هو تبنى سياسات غير ليبرالية تتعلق بقضايا مثل حقوق الأقليات. لذلك فإن كيفية إعادة كسب هؤلاء الناخبين من دون مساومة على قيمنا، تظل إشكالاً كبيراً سيواجهه الزعيم التالي للحزب".

من جانبها، قالت بريجيت فيليبسون النائبة العمالية عن دائرة "هوتون وسندرلاند ساوث" الشمالية إن "هذا التقرير بداية مهمة حقاً لفهم هزيمة الحزب وكيف يمكن إعادة البناء، فهو يوجه ضربة قوية للأسطورة التي تدعي أن الطبقة العاملة مجموعة ضخمة متجانسة، لكنه في الوقت نفسه يكشف التحديات التي نواجهها، فحتى نكسب الناخبين الذين هم أقل ليبرالية على الصعيد الاجتماعي، من حزب العمال اليوم، وأكثر يسارية اقتصادياً من أعضاء حزب المحافظين، علينا ألا نتقمص شخصيتهم. نحن بحاجة إلى إقناعهم. وفيما يمضي الحزب إلى الأمام يتوجب عليه أن يبني الثقة والصدقية".

© The Independent

المزيد من دوليات