لم يردّ كبار الجنرالات الأميركيين إيجاباً على مطالبتهم من قبل قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، عدم التخلي عنها. ويؤكد ذلك مضيّ الإدارة الأميركية بتنفيذ قرار الانسحاب الكامل من سوريا. وفيما يبدو الانسحاب مسألة وقت، تريد "قسد" من حلفائها تعديل صيغة الانسحاب الأميركي الكامل من سوريا إلى انسحابٍ جزئي، مع توفير حماية جوية خوفاً من مجازر جماعية جديدة بحق الأكراد.
وطلبت "قسد" من واشنطن عبر رئيس القيادة المركزية الأميركية جوزيف فوتيل، إنشاء منطقة آمنة في الشمال السوري محاذية للحدود مع تركيا وبعمق 5 كيلومترات في سوريا، تبقى تحت مراقبة القوات الدولية. وكانت واشنطن أعلنت صراحةً أنها ستوقف المساعدات العسكرية لقوات سوريا الديمقراطية في حال لجأت الأخيرة إلى دمشق أو موسكو وتحالفت معهما.
وتدفع قوات سوريا الديمقراطية بكل طاقاتها للحصول على حلفاء جدد، فيما تنظر إلى حليفها الأميركي والتحالف الدولي بعين الحسرة من دون أن تقطع معهما "شعرة معاوية". وتنشط خطوط الاتصال بين "قسد" وبين أطراف أخرى سعياً إلى الحفاظ على الإدارة الذاتية في الشمال السوري، وربما إلى الفوز بتحالف جديد، وفق ما أكد كينو كبرائيل، الناطق الرسمي باسم قوات سوريا الديمقراطية، الذي تحدث عن اتصالات مع دمشق وموسكو.
200 مليون دولار
من جهة أخرى، كشف مسؤول عسكري أميركي عن أن مئات المسلحين التابعين لتنظيم "داعش" فروا من سوريا إلى غرب العراق في الأشهر الستة الماضية، ومعهم 200 مليون دولار تقريباً، فيما تركّز "قسد" على الحدود مع تركيا. وباتت الرغبة في نشر قوة دولية هناك لحماية الأكراد من التهديدات التركية، أحد الحلول المطروحة، وفق القيادي الكردي ألدار خليل.
ويطالب خليل الدول الأوروبية بتنفيذ التزاماتها السياسية والأخلاقية تجاه الأكراد الذين ساهموا في القضاء على "داعش"، داعياً فرنسا إلى تقديم اقتراح إلى مجلس الأمن لحماية الأكراد في الشمال عبر نشر قوة دولية فاصلة بينهم وبين الأتراك، تكون فرنسا جزءاً منها، أو أن توفر حماية الأجواء من أي هجوم عنيف.
نتائج الانسحاب
منذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سحب كل القوات الأميركية من سوريا (نحو ألفي جندي)، حذر البعض من نتائج القرار إذ يعتبرونه تراجعاً إلى الخلف يفسح المجال أمام تمدد نفوذ موسكو وإيران.
واعتبرت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أن الانسحاب الأميركي من سوريا، يمكن أن يعزّز قدرة روسيا وإيران على ممارسة نفوذهما في المنطقة. وسأل وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان عن السبب الذي يدفع الولايات المتحدة إلى خلق هذا الفراغ الذي يصبّ في مصلحة خصمها إيران.
في المقابل، يعتبر نائب الرئيس الأميركي مايك بنس أن انسحاب القوات الأميركية من سوريا يشكل تغييراً في التكتيك وليس في المهمة. وقال بنس "ستحافظ الولايات المتحدة على وجودها القوي في المنطقة. ونحن ندرك أن استعادة منطقة سيطرة داعش ليست كافية".