Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"اتفاق برلين" بين التشكيك في "جدواه"... ومصير "المشروع التركي" في ليبيا

تساؤلات حول توقيت المؤتمر والسرعة المريبة لانعقاده خصوصاً أن الجيش كان على بعد خطوات من الانتهاء من عمليته العسكرية

لا يزال "اتفاق برلين" مستعصياً على الفهم وسط غياب واضح لمفاهيم ومصطلحات تحدد مفاتيح الحل الدولي المقترح على الأطراف الليبية، وفق مراقبين، بل يرى بعضهم أنه اتفاق جاء لتعقيد الوضع لا لحله، وفي الوقت ذاته، يختلفون في فهم حقيقة الدور التركي في ليبيا.

ويتضمن اتفاق "مؤتمر برلين"، الذي صدر في تسع صفحات، ستة بنود تسير في ثلاثة مسارات (سياسية وعسكرية – أمنية، واقتصادية)، في وقت تعهد المشاركون فيه بالالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن القاضي بحظر توريد السلاح وتقديم الدعم الكامل لبدء مسار التسوية للأزمة الليبية.

مصير "المشروع التركي"

وفيما ذهبت الأولوية للمسار العسكري – الأمني من خلال تسمية أعضاء لجنة عسكرية ليبية مشتركة تعمل على وضع آلية لوقف دائم لإطلاق النار، ولمراقبته بغية ضمان عدم حدوث اختراقات بمشاركة دولية، تُرك في الوقت ذاته الإشراف على المسار السياسي للبعثة الأممية من خلال تأليف لجنة ليبية أخرى مشتركة بين مجلس النواب ومجلس الدولة بواقع 13 عضواً عن كل منهما، بينما تتولى البعثة الأممية اختيار أعضاء آخرين ليكتمل عدد اللجنة بـ40 عضواً، توكل إليهم مهام مناقشة القضايا الليبية العالقة في طريق الحل السياسي، كقضية الدستور المعلقة منذ أكثر من سنيتن، ووضع آليات لإجراء انتخابات عامة في البلاد، توازياً مع العمل على تشكيل مجلس رئاسي جديد وحكومة جديدة يوكل إليها أمر تسيير الخدمات الحالية والإشراف على الانتخابات المقبلة.

وتختلف أهداف الفاعلين الدوليين من هذا الاتفاق، بحسب الصحافي الليبي حسين مفتاح، لكن السؤال الأكثر إلحاحاً هو مصير المشروع التركي الذي أطلقه بغتة الرئيس رجب طيب أردوغان، فمفتاح يعتبره من بين أهم الأهداف التي سعت برلين إلى إفشالها.

وعلى الرغم من تصريحات أردوغان المتفائلة بعد مشاركته في مؤتمر برلين، منها "في الحقيقة، الخطوات التي اتخذناها بشأن ليبيا حققت توازناً في المسار السياسي وشكلت الأرضية لوقف إطلاق النار، وسنواصل دعم المسار السياسي في الميدان وعلى طاولة المباحثات"، إلاّ أنّ تسريبات متزامنة قالت إنه غادر برلين غاضباً، وإنّه "فهم أن الحفلة الدولية في برلين كانت تستهدف في ما تستهدف، مشروعه التوسعي في المتوسط، ووضعت يدها على الجرح، عندما أثبتت أنها لا تزال تملك مفاتيح حل الملف الليبي وغلقه".

"مسارات هلامية"

ويقرأ مفتاح في حديثه لـ "اندبندنت عربية" تصريحات أردوغان قبيل أيام من انعقاد مؤتمر برلين، مثل إعلانه بدء إرسال قواته إلى ليبيا، بأنه شعور منه بأن الأوضاع تتجه لغير صالحه، خصوصاً بعدما فشلت المقاربة التي أحدثها مع روسيا ومحاولة جمع مصالحه مع المصالح الروسية في البلاد، لتكون مفتاحاً لسيطرة أوسع على مجالات جديدة في البحر المتوسط.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعن إمكانية أن يوصل اتفاق برلين إلى حل أزمة ليبيا، يقول مفتاح إن "شكل البنود الستة والآلية التي وُضعت لها في ثلاثة مسارات هلامية أكثر منها واقعية، ولا تهدف إلى شيء سوى إلى استمرار جمود الأوضاع على حالها"، مؤكداً أن الهدف المُعلن من برلين وهو حلحلة الخلافات الدولية بشأن ليبيا "لم يحدث"، مضيفاً "ما حدث هو تجميد الأوضاع كأفضل الحلول لتلك الخلافات وتوحيد الموقف ضد المشروع التركي".

وبتفصيل أكثر، يوضح مفتاح أن "استهداف شرعية حكومة الوفاق من خلال إعادة تشكيلها كما طلب الاتفاق في المسار السياسي، يعني فقدان أردوغان لأساس مشروعه، فهي من وقع معها اتفاقه البحري الذي يمس المصالح الأوروبية".

عرقلة عملية الجيش

في المقابل، يبدو أن "اتفاق برلين" من خلال تشديده على ضرورة وقف القتال وتشكيل لجنة عسكرية مشتركة لوضع آلية لوقف إطلاق النار، ذاهب في اتجاه عرقلة عملية الجيش الوطني التي تستهدف تحرير العاصمة طرابلس من الميليشيات التي تحكمها، في حين يحث الباحث السياسي الليبي عبد الحكيم فنوش على ضرورة أن يبحث الليبيون بعيداً من المجتمع الدولي، عن حلول مناسبة لإنقاذ بلادهم.

ويلفت إلى عدم قدرة "اتفاق برلين" على تحديد المسميات والتوصيفات، قائلاً "مَن المُخاطب في نص الاتفاق؟ لقد خلا من تحديد الأطراف، فلم يسمِّ الجيش صراحة؟ ومن يقصد بالميليشيات؟". ويضيف أن "طلب عسكريين من كلي الطرفين يعني أن برلين ساوت بين الجيش والميليشيات"، مؤكداً في حديث لـ "اندبندنت عربية"، أن "مجتمعاً دولياً عجز عن تحديد شكل الأطراف وتسميتها صراحة، لن يستطيع إنتاج حل واقعي". ويردف "كثيراً ما أسأل المتابعين عن حقيقة سعي المجتمع الدولي إلى حل في ليبيا! فبعض المتدخلين الدوليين في بلادنا، مصلحتهم في عدم وصولنا إلى حل وإقامة دولة أصلاً".

وفي وقت يصف فنوش أن ما يحدث في تلك الملتقيات الدولية هو "إدارة الفوضى في بلادنا"، يؤكد أن "اتفاق برلين" لم يغير شيئاً من الأوضاع، وأنه عُقد لعرقلة عملية الجيش والسعي لتثبيت السراج وحكومته.

توقيت المؤتمر "مريب"

وعلى عكس من يرى بأن النهج الأوروبي سعى إلى إفشال المشروع التركي في ليبيا، يرى فنوش أن الهدنة جاءت لإفساح المجال أمام وصول مئات المرتزقة السوريين إلى ليبيا، المسألة التي صرفت برلين عنها النظر، سعياً لدعم المليشيات وتثبيت الحكومة في طرابلس تضمن لهذه الميليشيات شرعية دولية.

ولم يصدر أي موقف رسمي من جانب القيادة العامة للجيش تجاه ما توصّل إليه مؤتمر برلين، وحتى تصريحات قادة الجيش، لا تزال تؤكد التزامهم بالهدنة المعلنة يوم 12 يناير.

وعن السيناريوهات المتوقعة، يرجح مفتاح من جانبه، أن ينتهي برلين لمصائر اللقاءات الدولية السابقة في باريس وباليرمو والصخيرات أيضاً، موضحاً أن "مصالح الدول التي تتدخل في ليبيا تتطلب استمرار الفوضى وهو ما يضمنه المسار السياسي في اتفاق برلين، الذي دعا الأطراف الليبية إلى حوار سياسي جديد، والمعنى هو العودة إلى نقطة الصفر مجدداً".

وأقرب السيناريوهات للواقع بحسب مفتاح، هو مضي الجيش في عمليته العسكرية التي شارفت على الانتهاء، لافتاً إلى أن "توقيت مؤتمر برلين وسرعة انعقاده مريبان جداً، خصوصاً أن الجيش كان على بعد خطوات من الانتهاء من عمليته العسكرية الحالية".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي