Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"طباخو" حكومة لبنان في "حقل ألغام"

أسئلة عن خلفيات خارجية لتأجيل التأليف ودخول العنف على الانتفاضة

زيادة عدد وزراء الحكومة من 18 إلى 20 وزيراً (غيتي)

سواء تشكلت الحكومة اللبنانية أو لم تتشكل، وسواء حُلّت عقد التمثيل فيها بين قوى الفريق الواحد من الحلفاء، أو لم تُحلّ، فإن الأسئلة باتت كثيرة حول ما إذا كانت ولادتها ستحقق الصدمة الإيجابية المأمول بها لإطلاق الحلول للأزمة الاقتصادية المالية التي تزداد تفاقماً.

يقول أحد النواب المتابعين لاتصالات التأليف لـ "اندبندت عربية" إن ما يحصل من تأخير في تأليف الحكومة يثير الريبة، على الرغم من إشاعة أجواء توحي بالإيجابية، بعد اللقاء الذي عُقد بعد ظهر اليوم الاثنين بين الرئيس المكلف حسان دياب ورئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية و(الخليلين) معاون رئيس البرلمان وزير المال علي حسن خليل ومساعد الأمين العام لـ"حزب الله" حسين خليل.

 فما تسرب عن هذا اللقاء، أنه وجد مخرجاً يقضي بزيادة عدد وزراء الحكومة من 18 إلى 20 وزيراً، لتلبية مطلب فرنجية بالحصول على وزير إضافي بدل وزير واحد من التمثيل المسيحي، بحيث يكون الوزير المسيحي الإضافي من طائفة الروم الكاثوليك، ووزير آخر درزي، لتمثيل من يمكن أن يسميه رئيس "الحزب التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط، لعل الأخير ينضم إلى الكتل النيابية التي يمكن أن تمنح الثقة للحكومة.

تدخل بري و"حزب الله" لدى فرنجية

وأبلغت مصادر اللقاء الذي جمع دياب مع فرنجية والخليلين "اندبندت عربية"، أن مخرج زيادة وزراء الحكومة إلى 20 وزيراً يؤدي تلقائياً إلى خفض حصة "التيار الوطني الحر" والوزير جبران باسيل التي يعترض "حزب الله" وفرنجية وبري على بلوغها الثلث المعطل.

وأوضحت أن تحول هذا المخرج إلى اتفاق كامل بين الفرقاء يتطلب زهاء 48 ساعة لأنه يوجب تبديلات في الحقائب وقبولاً من باسيل ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون به، بعدما وافق عليه دياب الذي لم يكن متحمساً له في السابق حين تمسّك بصيغة الـ18 وزيراً.

وكان فرنجية أبلغ "حزب الله" وبري بأنه لن يشارك في الحكومة ولن يعطيها الثقة بحجة استئثار باسيل بالحصة الوزارية المسيحية. ونقلت أوساط في قوى 8 آذار عن فرنجية أنه ليس مضطراً أن يغطي عهداً رئاسياً مفلساً، بعدما صار بحاجة إلى قوى مسيحية تشاركه السلطة لخروج حزب "القوات اللبنانية" من التركيبة الحاكمة وبقاء حزب "الكتائب" خارجها. وبات معلوماً أن "حزب الله" مارس نفوذه على الحليف فرنجية ليعود عن قراره، فاستجاب بتأجيل مؤتمر صحافي كان ينوي عقده السبت الماضي لإعلان موقفه، وأبلغ الحزب أنه قد يمنح الحكومة الثقة في البرلمان تجاوباً معه لتأمين حصولها على أكثرية النصف زائداً واحداً. لكن قيادة الحزب وبري فضّلا أيضاً مشاركته في الحكومة وشجعا دياب على اللقاء به لبحث مطالبه.

المحاصصة تبدد الصدمة الإيجابية 

ومع زيادة وزراء الحكومة، يمكن أن ترضي القيادة الروحية والسياسية للكاثوليك وللدروز، فإن أوساطاً معارضة لتحالف قوى 8 آذار و"حزب الله" و"التيار الوطني الحر" تتساءل عمّا إذا كانت ولادة الحكومة بعد تقاسم الحصص المختلف عليها بين أركان هذا التحالف، تعني أنها ستتمكن من العبور إلى البرلمان من أجل الحصول على الثقة النيابية، في ظل ما شهده محيط مقر المجلس النيابي في وسط بيروت على مدى الأيام الماضية، من صدامات وأعمال عنف خارجة عن المألوف بسبب التراشق بين المحتجين والمتظاهرين من جهة، وبين قوى الأمن وقوات مكافحة الشغب من جهة ثانية.

فمجموعات الانتفاضة الشعبية كانت أعلنت أنها ستحول دون وصول النواب إلى مبنى البرلمان لاعتراضها على أسلوب المحاصصة الذي يجري تأليف الحكومة على أساسه وبات على كل شفة ولسان، نتيجة انفضاح التجاذب بين قوى السلطة المتنافسة على الحصص.

 ويشبّه النائب المتابع للقاءات الجارية لتذليل العقد من أمام ولادة الحكومة بفعل ما بلغته المناورات في شأن تأليفها، بمن دخل حقل ألغام يخاف من أن يؤدي التقدم خطوة إلى انفجار لغم فيه، وأن يتسبب التراجع خطوة بانفجار لغم آخر.

ويضيف النائب نفسه أن العصف الإيجابي الذي يفترض أن ينجم عن تأليف الحكومة الجديدة، بصدمة قد تحدثها كمؤشرعن نية السلطة معالجة الأزمة الاقتصادية المالية، فقد مفعوله قبل أن ترى النور.

 ويوضح "الدول المعنية بمساعدة لبنان تنقسم إلى فئتين، واحدة أبلغتنا بأن لا مساعدات للبنان مهما كانت محاولات تجميل تأليف الحكومة على أنها حكومة تكنوقراط من خارج الطبقة السياسية الحاكمة، لأنها حكومة اللون الواحد و"حزب الله".

 والفئة الثانية وبينها دول أوروبية، تردد أنها مستعدة لمساعدة البلد، لكنها تشترط أن تقوم الحكومة الجديدة بالإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية وتحت رقابتها للتأكد من حسن تنفيذها لأنها سئمت وعود الطبقة السياسية ومناوراتها في هذا الشأن.

 ويردف المصدر النيابي إياه بالإشارة إلى أن الوزراء الذين تتردد أسماؤهم لا يوحون بنية إصلاح جدي، لأن المكتوب يُقرأ من عنوانه، طالما جيء ببعض المستشارين لقيادة "التيار الحر" لاستلام حقائب رئيسة مثل قطاع الطاقة، في وقت يكرر المجتمع الدولي الدعوة إلى تشكيل مجلس إدارة الكهرباء وتأليف الهيئة الناظمة للقطاع، ولا يستجيب وزراء "التيار" ويؤجلون ذلك حتى لا يأتي من يراقب الصفقات التي أبرموها في هذا الميدان ويبطلها أو يعيقها.

باسيل ينفي وخصومه يؤكدون

في المقابل، ينفي مقربون من باسيل لـ "اندبندت عربية"، أن يكون حصل على الثلث المعطل في الحكومة، معتبرين أن هذه دعاية غير صحيحة. ويؤكد هؤلاء أن باسيل سمى وزيرين في الحكومة لا ينتسبان إلى تياره، لكنهما مقرّبان منه، هما السيدة منال مسلم لحقيبة البيئة وريمون غجر لوزارة الطاقة. أما الآخرين، فإنهم لا ينتسبون لتياره وجُلَّ ما في الأمر أن أسماءهم طُرحت عليه ولم يكن له اعتراض عليهم.

ويقول المقربون من باسيل أن المفاجأة جاءت من الرئيس بري الذي طالب الرئيس المكلف بإرضاء فرنجية بوزير ثانٍ من حصته، وبإرضاء "الحزب السوري القومي الاجتماعي" بتوزير نقيبة المحامين السابقة أمل حداد في منصب نائب رئيس الحكومة بدلاً من أيمن حداد الذي ينتمي إلى الحزب القومي.

وذكر المقربون من باسيل أنه طلب ألاّ يتم تعيين وزراء يمكن أن يستفزوه، أو تسليم حقيبة الطاقة إلى من ليس لديه خبرة في هذا القطاع.

لكن المعترضين على حصة باسيل يقولون إنّ نفي أوساطه انتماء بعض من جرى اقتراح توزيرهم إلى "التيار الحر" لا يعني أنهم لا ينتمون إليه شخصياً بحكم علاقات المصالح، مشيرين إلى أنّ معظمهم عمل مستشاراً له في الطاقة أو لوزراء من تياره في بعض المجالات.

المخاطر الأمنية والسياسية

وفي انتظار نتائج جهود استيلاد الحكومة، يقول مصدر سياسي مقرب من رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري إن القيمين على الأمور ما زالوا يعتمدون أسلوب الإنكار لخطورة الوضع الذي تمر فيه البلاد وللعامل الجديد الذي دخل على الواقع السياسي والمتمثل بالانتفاضة الشعبية، ما يزيد المخاطر السياسية والاقتصادية والأمنية.

ويؤكد المصدر أن استشعار الحريري بهذه المخاطر دفعه إلى رفض اقتراح الرئيس عون عليه عقد اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع وإطلاقه سلسلة تغريدات أمس تشدّد على أن المعالجة للأزمة سياسية وليست أمنية. وتساءل المصدر نفسه هل أن المجلس الأعلى للدفاع بديل عن مجلس الوزراء؟

ويعتبر المصدر أن امتناع الحريري عن عقد هذا الاجتماع يعود إلى حرصه على تجنب الخلاف مع الرئيس عون في حال اقترح الأخير إجراء معيناً على الصعيد الأمني قد يتسبب بمشكلة كبرى في البلد.

كما يسأل المصدر عن القطبة المخفية وراء تأجيل تشكيل الحكومة بين فرقاء اللون الواحد، وعمّا إذا كانت هناك خلفيات خارجية وراء التأجيل في إنجازها لأخذ البلد نحو المزيد من التدهور.

وإذ يدعو المصدر المقرب، فريق الرئاسة والقوى الحليفة له في 8 آذار إلى الاعتراف بالانتفاضة الشعبية بدل الخوف منها وتأليف الحكومة بسرعة على هذا الأساس، فإنه لا يقلل من خطورة المنحى العنفي الذي أخذه الحراك الشعبي في الشارع في الأيام الماضية، متسائلاً عمن يقف وراء بعض المجموعات القادمة من منطقتَيْ البقاع والشمال، التي تفتعل الصدامات مع القوى الأمنية في وسط بيروت والتي دخلت على خط التظاهرات السلمية أمام مدخل البرلمان وأخذت تعبث بالممتلكات الخاصة والعامة في العاصمة وتدمر واجهات المصارف في شارع الحمرا.

 وقال المصدر "لا بد من رصد من أين أتى هؤلاء بالتمويل للانتقال بأعداد كبيرة بالباصات على مدى يومين متتاليين"، مؤكداً  أن "الخشية من افتعال فتنة في بيروت هي التي دفعت الحريري إلى اتخاذ موقف قاس يدعو الطرابلسيين إلى الحؤول دون الانزلاق إليها وإلى العبث بأمن العاصمة، وإلى الإسراع بالحلول السياسية وتأليف الحكومة الجديدة".

المزيد من العالم العربي