Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جونسون يُطفئ الضوء... لتموت الديمقراطية في الظلام

إن مشروع اتفاقية الانسحاب من الاتحاد الأوروبي الذي أعده رئيس الوزراء لا يدفع فقط نحو أقسى أنواع البريكست، بل أيضا يمنع النواب من المشاركة في المفاوضات بشأن مستقبل العلاقات بين بريطانيا وأوروبا

أغلبية بوريس جونسون في البرلمان قد تهدد العمل الديمقراطي في الحياة السياسية البريطانية (غيتي) 

نادرا ما تتصدّر المحادثات التجارية عناوين الأخبار، ولكنها تؤدي مهمة أساسية تتمثل في تحديد حقوق العمال، ومعاييرنا الغذائية الأساسية، والحقوق في الخدمات العامة وأوجه الحماية البيئية، ومعالجة أزمة المناخ. إن مراقبة الحكومة هي واجب ديمقراطي أساسي لكل عضو في البرلمان، ولعل الصفقات التجارية تنطوي على تبعات أكثر من معظم الإجراءات الأخرى. لذلك فإن أعضاء البرلمان يستحقون الحصول على فرصة للإدلاء برأيهم فيها، لكن بوريس جونسون يحرمهم من ذلك.

تضمنت النسخة السابقة من مشروع قانون اتفاقية جونسون للانسحاب من الاتحاد الأوروبي بنداً يحمي مشاركة النواب في إجراءات البريكست. لكن عندما أعيد انتخاب جونسون في ديسمبر (كانون الأول) بأغلبية كبيرة، سارع إلى حذف هذا البند.

إن مشروع القانون الذي أعده رئيس الوزراء، الذي طرحه لتصويت نهائي في مجلس العموم الأسبوع الماضي، لا يدفع فقط نحو أقسى أنواع البريكست، بل أيضا يمنع النواب من المشاركة في المفاوضات بشأن مستقبل العلاقات بين المملكة المتحدة  والاتحاد الأوروبي. بالتالي لن يمارس مجلس العموم أي رقابة على الأهداف التفاوضية للحكومة، ولن يكون له حق في الاطلاع على التقدم الذي تتمخض عنه المفاوضات، ولا حق في التصويت على الصفقة النهائية مع بروكسل.

لقد اعتدنا كنواب بريطانيين على الحرمان من المشاركة في المحادثات التجارية التي تعتبر من المسلّمات بالنسبة لأعضاء البرلمان الأوروبي. لكننا نشهد حالياً هبوطاً  إلى درك أسفل، إذ يرفض رئيس الوزراء منح البرلمانيين حقوقهم في تدقيق عمل الحكومة بما يتصل بواحدة من أهم القضايا التي تواجه بلدنا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لهذا السبب قدمت تعديلاً على مشروع القانون، كان من المتوقع طرحه أواخر الأسبوع الماضي على مجلس العموم. ومن شأن هذا التعديل أن يمنح أعضاء البرلمان الحق في التصويت على صفقة تبرمها  المملكة المتحدة مع الاتحاد الأوروبي في المستقبل، وربما استطاع أيضاً أن يزيد الشفافية والتدقيق خلال هذه العملية. ويحظى التعديل بدعم نواب "الحزب القومي الأسكتلندي"، وحزب "بلايد كمري" الويلزي، و "حزب العمال"  و "حزب العمال الاشتراكي الديمقراطي" وحزب  "التحالف". لكنني كنت أدرك أن فرصته بالنجاح تبقى محدودة من دون دعم أي من نواب المحافظين.

وبما أن أعضاء البرلمان المحافظين أُجبروا على دعم مشروع القانون، فيجب عليهم التفكير فيما هم مقبلون على التصويت له. إن إزالة المراقبة البرلمانية من اتفاقية الانسحاب لا يؤدي فقط إلى تسليم جونسون صفقة البريكست؛ إنه يشكل سابقة خطيرة بالنسبة لمقدار الرقابة التي سيحظى بها أعضاء البرلمان على أي صفقات تجارية بعد البريكست، بما في ذلك مع الولايات المتحدة.

عندما يُفرض الدجاج المعالج بالكلور ولحم البقر المعالج بالهرمونات على المستهلكين البريطانيين مقابل صفقة تجارية مع أميركا، فإن النواب قد يعجزون عن منعها، رغم المعارضة الشعبية الهائلة لخفض معاييرنا الغذائية وتأثيره الكارثي على المزارعين البريطانيين.

كما يحق لنا أيضا أن نخشى رغبة دونالد ترمب، وداعميه الكبار من أقطاب صناعة الأدوية، في إغراق القطاع الصحي البريطاني بالمنتجات الأميركية، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الأدوية. كيف سيقدر أعضاء البرلمان على حماية خدمات الصحة الوطنية إذا مُنعوا من الإشراف على المفاوضات التجارية مع الولايات المتحدة؟

إن الديمقراطية تموت في الظلام، وقد بدأ اتفاق الانسحاب الذي أبرمه جونسون بإطفاء الأنوار. إنه يستخدم بريكست للاستيلاء على السلطة لصالح الجهاز التنفيذي، من خلال تهميش النواب وتجنب المراقبة البرلماني.

إننا بحاجة إلى صحوة النواب الذين طالبوا في حملاتهم الانتخابية بالانسحاب كوسيلة لـ "استعادة السيطرة". إن رئيس الوزراء هو الذي يحظى حالياً بالسيطرة، وليس البرلمان.

( كارولين لوكاس هي نائبة برلمانية من حزب الخضر عن دائرة برايتون بافيليون)

© The Independent

المزيد من آراء