Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الهدنة في ليبيا هشة… لماذا قبل الطرفان بها؟

تبادل اتهامات بين الجيش وحكومة الوفاق بخرق وقف إطلاق النار

شكوك في قدرة حكومة الوفاق على السيطرة على المجموعات المسلحة التي تتبعها (أ. ف. ب)

أعلنت القيادة العامة للجيش الوطني الليبي، في بيان تلاه الناطق العسكري أحمد المسماري، إيقاف عملياتها العسكرية في غربي البلاد، شرط أن يلتزم به من وصفته بالطرف الآخر، أي حكومة الوفاق، لتتواصل سلسلة المفاجآت التي شهدها الأسبوع الأخير للأزمة التي بدأت بسيطرة الجيش المفاجئة على سرت وتقدمه السهل إلى مشارف مصراتة.

في المقابل، أعلن رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج، من العاصمة الإيطالية روما، التي يزورها حالياً، وقف إطلاق النار، ابتداءً من اليوم الأحد، استجابة للدعوة الروسية التركية، حسب بيان نشره المجلس.

وأكد السراج "على ضرورة الشروع الفوري في إرسال اللجان العسكرية المقترحة من الطرفين لإعداد الإجراءات الكفيلة لوقف إطلاق النار تحت رعاية وإشراف الأمم المتحدة"، مشيراً إلى أن "حكومة الوفاق تدعم المسار السياسي عبر مؤتمر برلين من خلال مؤتمر وطني ليبي يضم جميع الأطراف والتوجهات السياسية".

وتابع البيان، "تدعو حكومة الوفاق جميع الدول المعنية بالملف الليبي إلى دعم مسار الحل السلمي إيجابياً، وفق الاتفاق السياسي الليبي وقرارات مجلس الأمن بالخصوص"، مؤكداً "حق الوفاق المشروع في الدفاع عن النفس بالرد على أي هجوم أو عدوان قد يحدث من الطرف الآخر".

هل تصمد الهدنة؟

وفي الوقت الذي عبر فيه بعض المراقبين عن مخاوفهم وشكوكهم في صمود وقف إطلاق النار، قال آمر مجموعة عمليات المنطقة الغربية بالجيش الليبي اللواء المبروك الغزوي إن "قوات الوفاق خرقت الهدنة في أكثر من محور بكل أنواع الأسلحة".

وأضاف الغزوي أن وحدات الجيش في مختلف جبهات القتال بالمنطقة الغربية "لا تزال ملتزمة بالبلاغ الصادر عن القيادة العامة بالجيش بشأن الوقف الكامل لإطلاق النار، وننتظر أي تعليمات جديدة".

وهو الأمر ذاته التي اتهمت به مصادر تابعة لحكومة الوفاق الجيش الليبي، حيث قالت إن قوات تابعة له خرقت الهدنة أكثر من مرة. وقال وزير الداخلية المفوض بحكومة الوفاق فتحي باشاغا إن "قوات الجيش الليبي لم تلتزم بوقف إطلاق النار".

وأوضح باشا آغا أن "حكومة الوفاق في حالة دفاع عن النفس من قوات معتدية تقول ما لا تفعل"، حسب وصفه.

وأضاف باشا آغا أن "الدول الداعية لوقف إطلاق النار ملزمة بضمان التزام الطرف الآخر بهذه الدعوة، لأن حكومة الوفاق موقفها واضح من دون مواربة والطرف الآخر متخبط في قراره".

وفي هذا السياق، عبر الصحافي الليبي محمود المصراتي، وهو مستشار لقيادة الجيش، عن شكوكه في قدرة حكومة الوفاق على السيطرة على المجموعات المسلحة التي تتبعها، قائلاً إن "فترة الهدنة ستكون قصيرة جداً لعدم قدرة السراج السيطرة على ميليشياته، إلا إنها مهمة للقوات المسلحة حتى تستطيع ترتيب مؤسساتها العسكرية ومعسكراتها التي استعادتها من الميليشيات والعصابات الإرهابية في طرابلس وتعيد تنظيم وإعادة وحداتها وترميمها".

الوفاق تتنفس الصعداء

بعد إعلان الهدنة، رحبت مصادر مقربة من حكومة الوفاق بالهدنة وتنفست الصعداء بالنظر إلى الموقف الحرج لقواتها في الأيام الماضية. وهو ما عبر عنه سفير ومندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة التابع لحكومة الوفاق طاهر السني، بقوله "رحبنا بالهدنة حقناً لدماء الليبيين، ولكن موقفنا ثابت بأنه من دون انسحاب المعتدي من حيث أتى، لن تنجح أي هدنة ولا أي حل سياسي"، متهماً الجيش بخرق اتفاق وقف إطلاق النار على الرغم من الإعلان عنه.

من جهتها، تحفظت غالبية الأوساط المقربة من الجيش على اتفاق الهدنة، خصوصاً مع التطورات العسكرية، التي شهدت دخول الجيش فعلياً إلى مناطق داخل طرابلس إضافة إلى تقدمه المتسارع نحو مصراتة.

وعبّر المستشار السياسي السابق للحكومة المؤقتة فوزي نجم عن وجهة النظر المتحفظة قائلاً "ألم يكن من الواجب بعدما قبلتم بوقف إطلاق النار أن تتقدموا بمبادرة إنسانية بين طرفي الصراع يتم فيها تبادل الأسرى والجرحى وتسليم الجثامين؟ أم أن هؤلاء هم الجانب المهمل من الصفقة؟ عموماً مبروك مع التحفظ".

وقال المصراتي "أي حديث عن وقف إطلاق نار في هذ الوقت ضد الميليشيات والإرهابيين والمرتزقة الفارين من إدلب هو شرعنة لهم، وفتح الباب على مصراعيه أمام تدخل الأتراك في شؤون بلادنا".

واعتبر المصراتي أن "القوات المسلحة العربية الليبية استمدت شرعيتها من الشارع الليبي الذي تزداد رقعة الدعم فيه كل يوم".

كيف جاءت الهدنة؟

وفور إعلانها، تكاثرت التحليلات والترجيحات لأسباب قبول الطرفين بوقف إطلاق النار على الرغم من أن المؤشرات في الأيام الماضية كانت لا ترجح حدوثه، خصوصاً من قبل قيادة الجيش.

وصبت معظم التحليلات في ترجيح لعب روسيا دوراً كبيراً في قبول الطرفين بوقف إطلاق النار، مستغلة تأثيرها وعلاقتها بالمشير خليفة حفتر وتحسن علاقتها بأنقرة أخيراً بعد إطلاق مشروع الغاز بين الدولتين. ما سهل إقناعها لأنقرة بالضغط على حليفتها حكومة الوفاق للقبول بالاتفاق، مع العلم أن الأخيرة كانت تسعى إليه كما عبرت عن ذلك أكثر من مرة في الأيام الماضية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحول الدور الروسي ومواقف موسكو من الأزمة الليبية أخيرا، قال المحلل السياسي الليبي فرج زيدان لـ"اندبندنت عربية" إن "الموقف الروسي سار باستراتيجيتين. أولاً هم يعتبرون أن الجيش حقق تقدما كبيرا في المعركة العسكرية وحتى لو جلس على موائد التفاوض فإنه سيفرض شروطه".

وأضاف زيدان "الجانب الثاني في الاستراتيجية الروسية هو أن لديهم بعض الملفات الإقليمية يريدون المقايضة بها في مفاوضاتهم بشأن ليبيا. ويسعى الروس إلى أن تظهر بلادهم كأنها مركز للحوار الدولي حول ليبيا وسوريا واليمن وغيرها من الملفات، بعد تراجع هذه الملفات لدى الإدارة الأميركية. ناهيك عن الخلاف الروسي مع أوروبا حول ملف القرم والعقوبات الأوروبية عليها، وباعتبار أن أوروبا معنية بشكل مباشر ومهددة بتبعات الأزمة الليبية، وإمكانية استخدام موسكو لهذا الملف في المفاوضات".

واستندت مصادر ليبية في ترجيحها الدور الروسي في إعلان وقف إطلاق النار، على التصريح الذي أطلقه وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، قبل ساعات من إعلان الهدنة بأن بلاده "تأمل من الجانب الروسي أن يقنع قائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر بوقف إطلاق النار في ليبيا".

وأضاف أوغلو في تصريحاته التي أطلقها السبت "لا مشكلة لدينا في مشاركة الجميع عندما يتعلق الأمر بالحل السياسي، وهذا يشمل حفتر أيضاً، لكن عليه أولاً الالتزام بوقف إطلاق النار في ليبيا".

من جهته، اعتبر زيدان "أن تركيا برضوخها للتفاوض وطلبها الهدنة لا تحاول إنقاذ طرابلس، التي دخلها الجيش فعلياً، بل تحاول إنقاذ مصراتة التي باتت مهددة فعلاً من قبل الجيش، بالإضافة إلى حسابات تركية خاصة تتعلق باستمرار الموالين لها في طرابلس والمحافظة على مذكرة ترسيم الحدود التي وقّعتها مع طرابلس أخيراً نظراً إلى أن سقوط طرابلس ومصراتة يعني نهاية حكومة الوفاق".

وقال الصحافي الليبي فاتح الخشمي، إن "الجيش قبل الهدنة في توقيت ذكي. إذ إنه قادر على حسم الحرب في جبهتي مصراتة وطرابلس، وبين يديه 95% من حقول النفط والغاز. وهو يملك الأوراق الأقوى لفرض الشروط وجمع المكاسب وأي مبادرة أو خريطة للحل لا يمكن فيها استثناء الجيش من معطيات الواقع، بينما يمكن استبدال أي وجه تصدر المشهد في طرابلس بالسنوات الماضية، وعلى رأسهم فايز السراج. أقول ذلك وأنا أتوقع سقوط الهدنة في أي لحظة".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي