Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر...هل ينجح النظام في إقناع معارضيه بإصلاحات عميقة لضمان بقائه؟

تبدو السلطة هذه المرة خلافاً للاستحقاقات الرئاسية السابقة "متخوّفة" من رد فعل الشارع الجزائري الذي يرفض ترشيح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة متتالية.

متظاهرون في مسيرات سلمية مناهضة للولاية الخامسة (عن صفحة فيسبوك تابعة للمحتجين)

يسوّق النظام السياسي في الجزائر عن طريق رجالاته، إصلاحات سياسية واقتصادية عميقة، ترتكز على تغيير نمط الحكم وآلياته، إضافةً إلى تعديل دستوري يكرّس الحقوق والحريات في شكل أوسع، وذلك في حال فوز مرشحه عبد العزيز بوتفليقة (82 سنة) بولاية خامسة.

وتثير تلك الوعود الكثير من الريبة والشكوك في معسكر المعارضين، الذين يعتقدون بأن النظام يسعى إلى كسب الوقت، وأن حديثه عن إصلاحات جذرية على الصعد كافة، محاولة لكبح مطالب التغيير التي يطمح إليها الشباب الناقم على الوضع الحالي.

وتبدو السلطة هذه المرة وخلافاً للاستحقاقات الرئاسية السابقة، "متخوّفة" بعض الشيء من رد فعل الشارع الجزائري الذي يرفض ترشيح بوتفليقة، بدليل خروج بعض الشباب إلى الشارع للتعبير عن معارضتهم الولاية الخامسة للرئيس، بسبب وضعه الصحي.

احتجاجات مناهضة للولاية الخامسة

وتشهد المدن الجزائرية تعزيزات أمنية غير مسبوقة، مخافة وقوع مستجدات على الساحة، خصوصاً بعدما شهدت محافظات عدة خروج مئات المتظاهرين في مسيرات سلمية مناهضة للولاية الخامسة. وأظهرت فيديوهات جرى تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، ترديد المتظاهرين شعارات عدة أبرزها "لا للعهدة الخامسة" في مناطق متفرقة من البلاد، في محافظات عنابة وبرج بوعريريج وبجاية ووهران.

وأتت هذه الاحتجاجات عفوية، من دون إطار حزبي أو سياسي، وإنما قادها شباب عبروا بكل حرية عن رفضهم الوضع القائم بمجرد إعلان بوتفليقة (82 سنة) ترشحه لانتخابات الرئاسة المفترض إجراؤها في أبريل (نيسان) المقبل، في رسالة وجهها إلى الشعب في 10 فبراير(شباط) الحالي.

تضييق واعتقالات

وفي موازاة التظاهرات السلمية التي شهدتها مدن جزائرية عدة، اعتقلت أجهزة الأمن في مدينة برج بوعريريج (شرق)، المدوّن إبراهيم لعلامي، إثر مشاركته في احتجاج سلمي رافض للولاية الخامسة وبثه فيديوهات ينتقد فيها الأوضاع في البلاد.

 وانتشرت عقب اعتقاله، دعوات على شبكات التواصل الاجتماعي تدعو إلى التضامن مع لعلامي وإطلاق سراحه، بينما أعلنت مجموعة محامين تشكيل هيئة دفاع عنه.

ودعا ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي إلى مسيرات سليمة وطنية في يوم الجمعة المقبل 22 فبراير، احتجاجاً على الأوضاع السياسية، في حين شرعت "حركة مواطنة" بحشد الجزائريين للخروج إلى الشارع يوم الأحد 24 فبراير لـ "التصدي لترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة (ولاية) جديدة". وتعتقد حركة مواطنة التي تضم أحزاباً وشخصيات معروفة بتوجهها المعارض للسلطة أن "ترشح بوتفليقة لولاية خامسة أمراً غير دستوري يغتصب الضمائر ويجرح الشعور الوطني العام".

قائد جديد للأمن الوطني

في خضم الحراك الشعبي الرافض للولاية الخامسة، أجرت وزارة الداخلية الجزائرية، تغييراً في منصب قائد الأمن بتعيين عبد القادر قارة بوهدبة مديراً عاماً جديداً للأمن الوطني، خلفَاً للعقيد لخضر لهبيري. وكان لهبيري عُيِّن الصيف الماضي موقتاً، في منصب المدير العام للأمن الوطني خلفاً للواء عبد الغني هامل، الذي أُقيل بعد ثماني سنوات أمضاها على رأس الجهاز. وأثار التعين تساؤلات، إذ اعتبره البعض تغييراً روتينياً يدخل ضمن الحركة الطبيعية للأشخاص لضخ دماء جديدة في الجهاز، في حين ذهب الرأي الآخر إلى اعتباره رسالة مشفرة عقب خروج معارضين للولاية الخامسة إلى الشارع.

ويُعرف أن حظر المسيرات الاحتجاجية في العاصمة الجزائرية، لم يُرفع منذ العام 2001، بحجة "الذريعة الأمنية" على الرغم من عودة الأمن والاستقرار إلى البلاد. وصدر قرار منع التظاهر في العاصمة، في أعقاب أحداث "الربيع الأمازيغي"، التي اندلعت في منطقة القبائل (شرق)، إثر مقتل الشاب ماسينيسا، واتهم المحتجون الدرك الوطني بالتسبب بمقتله. وخلّفت تلك الأحداث التي جرت في يونيو (حزيران) 2001 عشرات القتلى في العاصمة. وبعد مرور 18 سنة، لا يزال إسقاط قرار منع التظاهر في العاصمة "مطلباً" تتطلع إليه الأحزاب والنقابات وفعاليات المجتمع المدني بفارغ الصبر.

 محاولات لاحتواء الوضع

على الجهة المقابلة، يسابق معسكر بوتفليقة (82 سنة) الزمن من أجل احتواء الوضع ومحاولة التقليل من أهمية المعارضة للولاية الخامسة، مدرجين إياها في خانة "حرية التعبير والديمقراطية".

 وفي خطوة غير متوقعة شعبياً، استعان المحيط الرئاسي برمطان لعمامرة وزيراً للدولة، مستشاراً دبلوماسياً لدى رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، بعد سنتين من مغادرته الحكومة التي كان يشغل فيها منصب وزير الخارجية.

 ويرى مراقبون أن ذلك التعيين يعكس رغبة صناع القرار في التسويق لترشح الرئيس في الخارج، نظراً إلى الوزن الذي يتمتع به لعمامرة على المستوى الدولي وتمكنه في ظرف وجيز جداً من نسج شبكة علاقات مهمة مع كبار الفاعلين على الساحة الدولية.

وشغل لعمامرة (67 سنة) المتخرج من المدرسة الوطنية للإدارة، خلال مساره الدبلوماسي الطويل الذي بدأه في العام 1976، مناصب عدة في الجزائر والخارج وفي هيئات إقليمية ودولية عدة. وتقلّد منصب وزير الخارجية بين العامين 2013 و 2015، وأيضاً منصب وزير دولة، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي من العام 2015 إلى العام 2017. وشغل كذلك منصب مفوض السلم والأمن في الاتحاد الإفريقي (2008-2013) وأميناً عاماً لوزارة الشؤون الخارجية (2005-2007)، وكان قبلها سفيراً للجزائر في بلدان عدة لا سيما في الولايات المتحدة وجيبوتي وأثيوبيا.

حملة رئاسية مبكرة

من جهة أخرى، وعلى نحو متسارع، دشّنت مديرية الحملة الانتخابية لبوتفليقة، في خطوة لإحكام قبضتها على الشارع واستعراض عضلات أنصارها الذين هم في الغالب، تنظيمات جماهيرية وجمعيات من المجتمع المدني، مثل "الاتحاد العام للعمال الجزائريين" (أكبر تنظيم نقابي عمالي في البلاد) و"اتحاد النساء"، و"جمعيات قدامى المحاربين" إبّان الثورة التحريرية وغيرهم.

وعلى الرغم من عدم انطلاق المهل القانونية للحملة الانتخابية التي عادةً ما تكون عقب إعلان المجلس الدستوري عن أسماء المرشحين الفعليين للرئاسة، إلا أن مدير حملة بوتفليقة، رئيس وزرائه السابق عبد المالك سلال، بدأ بعقد لقاءات متتالية لحشد الجماهير.

وأكد سلال أن "ترشح الرئيس بوتفليقة لولاية رئاسية جديدة يلقى ترحيباً وصدى واسعاً لدى الشعب الجزائري وعلى المستوى الدولي من دون تسجيل أي خوف أو تردد". لكن رئيس الحكومة السابق، أحمد بن بيتور يرى أن "تنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة في 18 أبريل المقبل، كسابقاتها، ولا توحي بأي مؤشر إلى التغيير الجاد الذي يريده الشعب الجزائري، بل سيزداد تعقيد الوضع وتتسع دائرة المخاطر المحدقة بمستقبل الوطن والأمة، وانزلاقها في مسار لا تحمد عقباه".

وطالب بن بيتور الذي ترشح للانتخابات الرئاسية في العام 2014 ثم تراجع، بتأسيس "جبهة موحدة للحفاظ على الجزائر وإنقاذها من المخاطر التي توشك أن تضرب وتنسف أسس مكتسباتها التاريخية".

المزيد من العالم العربي