Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بولتون قد يقلب مسار محاكمة ترمب رأساً على عقب

قد يتمكن الديمقراطيون من تحديد بعض جوانب إجراءات العزل في مجلس الشيوخ، وهم يريدون من مستشار البيت الأبيض السابق أن يدلي بشهادته

مستشار الأمن القومي الأميركي السابق جون بولتون (غيتي) 

في رسالته المسيئة إلى نانسي بيلوسي التي انتقد فيها إجراءات العزل ضده، استعمل دونالد ترمب عبارة بلاغية ومنمّقة على سبيل الخاتمة التي يدّعي فيها كتابة الرسالة "لغرض التاريخ."

الرجل الذي هاجمه منتقدون كثر بسبب تدنيس منصب الرئيس وإفساده، أراد أن يراه الأخرون على أنه راعي القيم الديمقراطية. "بعد مائة عام من الآن، عندما يفكر الناس  بهذه القضية، أريدهم أن يفهموها ... بحيث لا يمكن أبدا أن تحدث لرئيس آخر مرة أخرى."

وإذا لم يكن صُنْعُ التاريخ كافياً، فإن مؤيدي ترمب الجمهوريين في مجلس النواب، الذين تدافعوا لإظهار إخلاصهم، اعتبروه شهيدا من مرتبة ترقى إلى مستوى  يفوق البشر.

هكذا قال باري لوديرميلك، العضو الجمهورى بمجلس النواب عن ولاية جورجيا، إنه "عندما اتُهم السيد المسيح كذبا بالخيانة، أعطاه بيلاطس البنطى الفرصة لمواجهة متهميه.. في تلك المحاكمة الصورية، منح بيلاطس البنطى للمسيح حقوقا أكثر مما منحها الديمقراطيون للرئيس في هذه العملية."

في الواقع، كان جيري نادلر، الرئيس الديمقراطي للجنة القضائية في مجلس النواب، قد طلب  بالطبع من ترمب تقديم أدلة براءته على إذا كان يرغب في ذلك. وكان هذا الأمر سيسمح لمحاميي الرئيس باستجواب الشهود. لكن البيت الأبيض رفض العرض.

وتبقى الحقيقة التاريخية هي أن ترمب أصبح الآن الرئيس الأميركي الثالث الذي عزله الكونغرس بعد أندرو جونسون في عام 1868 وبيل كلينتون في عام 1998. وبينما كان مجلس النواب يناقش قرار موضوع العزل ويصوّت عليه، كان الرئيس أمام حشد من أنصاره يهاجم الديمقراطيين من "اليسار المتطرف" ويغرد بحروف كبيرة للتعبير عن غضبه.

يواجه ترمب حالياً محاكمة أمام مجلس الشيوخ. لكن خلافاً ليسوع خلال محاكمته أمام المجمع الديني اليهودي سنهدرين، كما هو مُصور في الإنجيل، لا يبدو الرئيس عديم الحظ. على العكس من ذلك، فقد أعلنت قيادة الجمهوريين المسيطرة على مجلس الشيوخ أنها حكمت مسبقاً على ترمب بالبراءة.  

يفترض أن يكون أعضاء مجلس الشيوخ أعضاءً محايدين في هيئة محلفين. لكن ميتش ماكونيل زعيم الأغلبية في المجلس صرّح بأن الجمهوريين سيتصرفون "بالتنسيق الكامل" مع فريق ترمب خلال المحاكمة.

ومن موسكو، أكد فلاديمير بوتين، الذي قيل إنه ساعد ترمب للوصول إلى البيت الأبيض، أنه واثق من نجاح رجله المفضل في اجتياز كل هذا، واصفاً الادعاءات التي قُدّمت ضده بأنها "مبالغ فيها" و"مصطنعة." وتجدر الإشارة إلى أن المساعدات العسكرية التي منعت إدارة ترمب لفترة من الوقت إرسالها إلى أوكرانيا كانت معدة للاستخدام ضد الانفصاليين المدعومين من روسيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن ثمة فرصة، وإن كانت ضئيلة للغاية، بأن يتمكن الديمقراطيون من تحديد بعض جوانب إجراءات العزل إذا تمكنوا من إقناع أربعة جمهوريين فقط بالخروج عن وحدة صفِّهم الحزبي.

في هذا الصدد اعتبر تشاك شومر، كبير الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" أنه من الممكن الحصول الأصوات الأربعة. وقال  "هناك عدد كبير من الجمهوريين الذين يشعرون بالقلق إزاء ما فعله الرئيس، ويريدون معرفة كل الحقائق."

ورفض شومر الإفصاح عن هويات هؤلاء الشيوخ، بيد أن هناك تكهنات بأن المرشح الرئاسي السابق ميت رومني من ولاية يوتا، وسوزان كولينز من ولاية مين وليزا موركوفسكي من ولاية ألاسكا ربما كانا الأكثر احتمالا لشقّ صف الجمهوريين واتخاذ موقف مغاير لما تريده القيادة.

ويواجه ترمب  اثنتين من مواد لائحة الاتهام المتعلقة بالعزل كما جاء في تقرير مجلس النواب المكوّن من 658 صفحة، والذي يتهمه بوضع "مصالحه السياسية الشخصية فوق أمننا القومي، وانتخاباتنا الحرة والنزيهة ونظام الضوابط والتوازنات الخاص بنا."

وتنصّ التهمة الأولى على أن الرئيس أساء استغلال سلطته في محاولة لإجبار الحكومة الأوكرانية على التحقيق مع نجل جو بايدن، هانتر، من خلال حجب المساعدات العسكرية عنها. أما التهمة الثانية فهي عرقلة العدالة عن طريق منع شخصيات في إدارته، يعتبرهم الديمقراطيون شهودا رئيسيين، من المثول في جلسات الاستماع الخاصة بإجراءات العزل.

هناك شخصيات عدة لم نسمع منها بعد وستكون شهادتها حاسمة في تحديد ما إذا كان ترمب قد تورط فعلاً في "جرائم كبيرة وجنح." وهذا ما يدعو الديمقراطيين الى المطالبة مرة تلو أخرى بمثول مستشار الأمن القومي السابق للرئيس جون بولتون، والقائم بأعمال كبير موظفي البيت الأبيض ميك مولفاني، وكبير مستشاريه روبرت بلير، والمدير المشارك للأمن القومي في مكتب الإدارة والميزانية مايكل دافي.

ومع أن مكونيل يرفض استدعاء شهود جدد في القضية، فإن الديمقراطيون قد تعهدوا بعدم التخلي عن المطالبة بذلك. وفي هذا السياق، احتجّ شومر قائلاً إن إجراء محاكمة من دون شهود وأي وثائق جديدة ذات صلة "سيكون شذوذاً" من شأنه أن "يضعف أساس الجمهورية". ويصرّ على أن "الخلاصة الأساسية هي أن أي محاكمة بلا شهود، ومحاكمة من دون وثائق لا تُعد محاكمة [وأننا] سنبذل قصارى جهدنا للحصول على تلك الوثائق وعلى أولئك الشهود."

بعد التصويت على إجراءات العزل، ذكرت بيلوسي أنها ستؤجل إرسال مادتي الاتهام المتعلقتين بالعزل إلى مجلس الشيوخ، ما يوحي بأنها ستستخدم ذلك كورقة للضغط من أجل "الحصول على جلسة استماع عادلة" فيه. وهذا، كما يُقال، سيؤدي إلى إعاقة خطة الجمهوريين للتسريع بالمحاكمة وتبرئة ترمب قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وقالت بيلوسي "سنتخذ قرارنا بشأن موعد إرسالها، عندما نرى ما يجري في مجلس الشيوخ، وحتى الآن، لم نر أي شيء يبدو لنا عادلا."

تحظى شهادة مولفاني بأهمية كبيرة بالنظر إلى أن التصريح الذي أدلى به في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي  قد اشتمل على الإقرار  بوجود طلب مقايضة مع كييف، عندما حجب ترمب على أوكرانيا 400 مليون دولار من الدعم العسكري بالتزامن مع طلبه بإجراء تحقيق جديد مع بايدن. غير أن مولفاني نفى ذلك في وقت لاحق.

لكن القدر الأوفر من الأمل يكمن في إفادة بولتون المرغوبة، فهو قد غادر منصبه في الإدارة بعد خلاف حاد مع ترمب، كما أنه غير ملزم بتعليمات البيت الأبيض  التي تمنع موظفيه من تقديم بالشهادة. ويتمتع أيضاً بالحرية لجهة الإدلاء بتصريحات علنية حول ما يعرفه، وإذا اشتملت أقواله  على الإدانة إلى حدٍّ كافٍ فقد تؤثر على طريقة تعامل المزيد من الجمهوريين في مجلس الشيوخ  مع المحاكمة.

ومن المعروف أن بولتون كان ينظر إلى تعاطي ترمب ومحاميه رودي جولياني مع أوكرانيا بقلق واشمئزاز. ووفقاً لشهادة محققي مجلس النواب، أمر بولتون مساعِدته، فيونا هيل، بإبلاغ محامي البيت الأبيض عن تصرفات جولياني، قائلاً "لست جزءاً من أية صفقة مخدرات يعملون عليها."

وأبدى بولتون استعداده لمهاجمة ترمب والتحذير منه، وإن كان ذلك على انفراد. وقد أشار أخيراً في خطاب ألقاه في حفل خاص بإحدى صناديق التحوط أن الرئيس قد يذهب نحو "الانعزال التام" وسحب الولايات المتحدة من حلف الناتو وغيره من التحالفات الدولية.

ونقلت قناة " إن بي سي" عن بولتون قوله في الخطاب نفسه الذي ألقاه أمام المديرين التنفيذيين لـ "مورغان ستانلي"، إن نهج ترمب تجاه تركيا ورجب طيب أردوغان كان مدفوعاً بالمصالح المالية لعائلته في تركيا. ورفض بولتون التعليق على تقرير القناة.

ولا يشكل عدد الجمهوريين المدافعين عنه في مجلس الشيوخ مصدر القلق الوحيد للرئيس ترمب، إذ أظهرت ستة استطلاعات رأي وطنية، في المتوسط، ​​أن 46% من الأميركيين يؤيدون محاكمة ترمب وعزله، بينما لا يؤيد ذلك 49%.

رغم أن هذه الأرقام تمثل تحسناً طفيفاً في مصلحة الرئيس، إلا أنها تبين أن عددًا كبيراً من الجمهور يفضل الآن إقالة ترمب أكثر مما كان عليه الحال سابقاً مع أسلافه الرؤساء بيل كلينتون (بما في ذلك أثناء محاكمته تمهيداً لعزله) وباراك أوباما وجورج دبليو بوش.

وتعتبر أرقام ترمب مماثلة لتلك التي نالها ريتشارد نيكسون عندما كان يُحاكم في عام 1974، وقد استقال قبل إجراء تصويت على مواد الاتهام ضده. هناك، بالطبع، فرصة ضئيلة لاستقالة ترمب، ومن المرتقب أن يستمر الاحتقان وتبادل الاتهامات الذي أحاط بفترته الرئاسية من اليوم الأول.

© The Independent

المزيد من آراء