Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجزائر نحو "مقصلة" الهيئات المالية الدولية إثر 20 سنة من حكم بوتفليقة

رمي الحكومة مهمة الاقتراض إلى المؤسسات العامة "حيلة" للإفلات من الشروط المجحفة

الرئيس الجزائري ملتقياً وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في العاصمة الجزائرية اليوم الثلاثاء 7 يناير (كانون الثاني) الحالي (أ. ب.)

بدأت مطرقة صندوق النقد الدولي تتأرجح حول الجزائر، بعد تقديمه توصيات بضرورة اعتماد إجراءات إصلاحية لتفادي أي تقلبات في أسعار النفط، في إشارة واضحة إلى دخول الجزائر مرحلة الخطر وتوجّهها نحو الاستدانة.
 

توصيات صندوق النقد

وأتت آخر دراسة لصندوق النقد الدولي لتبطل تصريحات سابقة لمسؤولين حكوميين جزائريين بعدم الذهاب إلى الاستدانة من الخارج، إذ أوصت بأهمية دعم المؤسسات الجبائية وأنظمة الجباية بما يساعد في تقليص مستويات الديون العامة للبلدان المستورِدة، ومن ثم التخفيف من حدّة الصدمات المتوقعة نتيجة تقلّبات أسعار النفط. وأشارت الدراسة إلى أن تراكم الدين العام يمكن أن يسجل تباطؤاً بأكثر من 4 في المئة من الناتج المحلي الخام على المدى المتوسط.
وأشار صندوق النقد الدولي إلى ارتفاع العجز في الميزانية وكذلك  فيالمديونية العامة. وفيما توقّع نسبة نمو بـ 2.6 في المئة العام الحالي، أبرز أن مستوى المديونية العامة في الجزائر يبقى عالياً ويقارب 37 في المئة من الناتج المحلي الخام، موضحاً أن تمويل العجز والتضخم يتم الضغط عليهما بنسب صرف العملة، ما يستدعي امتصاص السيولة التي ضُخّت في عمليات التمويل غير التقليدي والتي أدت إلى مضاعفات سلبية على الاقتصاد، بخاصة أن مستوى العجز في الموازنة يبقى عالياً ويُقدَّر بحوالى 12.9 مليار دولار.
وشدّد صندوق النقد على أهمية تطوير الشفافية في إدارة وتسيير الميزانية وترسيخ المسؤولية على مستوى المنظومة الجبائية، وتحسين فعالية ونجاعة النفقات العامة، معتبراً أن تشجيع الجباية يساعد المؤسسات الضريبية في تعزيز الانضباط المالي وتحسين الصحة المالية بشكل كبير. وختم أن مستوى الشفافية في موازنة الجزائر أقل بكثير من نظيراتها من البلدان المصدرة للنفط، وأنها والعراق وقطر لم تسجل تطوراً ملموساً بين عامَيْ 2012 و2017.


بين الاستدانة وتحصيل الضرائب

في السياق، يرى الخبير الاقتصادي سليمان ناصر أن الجزائر لجأت إلى الاستدانة من الخارج في الأشهر القليلة الماضية، من خلال فتح المجال أمام المؤسسات العامة الكبرى للخروج من الوضعية المالية المتأزمة، مضيفاً أن غياب الخيارات والحلول لدى الحكومة لتغطية عجز الميزانية المتوقع للسنة الحالية، إضافةً إلى تقلص مساحات المناورة، هي أهم اسباب اللجوء إلى الاستدانة التي استبعدتها حكومة نور الدين بدوي المستقيلة.
ويتابع سليمان أن الحكومة الحالية قد تلجأ إلى موارد مالية أخرى كتحصيل الضرائب المتراكمة المقدرة بأكثر من 6000 مليار دينار جزائري (الدولار الأميركي يساوي 120 ديناراً جزائرياً)، أو استعادة الأموال المهربة، وهو الأمر الصعب، على الرغم من أنها لا تكفي لتغطية العجز، مبرزاً أن خيار الاستدانة الخارجية يبقى وارداً لكن لا يجب أن تعوّل الحكومة عليه كثيراً، إذ إنّ مبلغ العجز في الميزانية كبير وقد لا تجد مَن يقرضها. ويقول إن الحكومة قد تتمكن من اقتراض مبالغ صغيرة وبشروط قاسية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تفاخر نظام بوتفليقة يسقط

وبعدما ظل نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة يفاخر بالتسديد المسبق للمديونية الخارجية منذ عام 2005، ويعتبر ذلك من ضمن الإنجازات، أتت حكومة بدوي المستقيلة لتعلن العودة إلى الاستدانة من الخارج عبر السماح للمؤسسات العامة بالاقتراض لتغطية مشاريعها. وذكرت حكومة بدوي في بيان أنه يمكن اللجوء، بطريقة انتقائية، إلى التمويل الخارجي من المؤسسات المالية العالمية لتمويل المشاريع الاقتصادية الهيكلية وذات المردودية، بمبالغ ومهل تتوافق مع مردودية هذه المشاريع وقدرتها على التسديد. وسيتحمل الرئيس الجديد عبد المجيد تبون ورئيس حكومته عبد العزيز جراد وطاقمه الوزاري انعكاسات هذا القرار، في حين يُعتبر رمي الحكومة مهمة الاقتراض إلى المؤسسات العامة "حيلةً" للإفلات من الشروط المجحفة التي تفرضها الهيئات الدولية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
 

الجزائر تحت "مطرقة" الهيئات المالية الدولية

ويرى المحلل ياسين محمودي أنه وفق الأرقام الرسمية المعلن عنها أخيراً، الخاصة باحتياطي الصرف، فإن الجزائر تملك حوالى 51 مليار دولار في خزينتها، وهو "رقم يعبّر عن انكماش كبير في المدخرات المالية"، مقابل فاتورة استيراد تستهلك 20 مليار دولار أميركي سنوياً. ويضيف أنه إزاء هذا الوضع، تصبح السلطة أمام خيارين، يتمثل الأول في العودة إلى التمويل غير التقليدي للخزينة، أي طبع الأموال الموجهة للتداول العام وتمويل المشاريع ودفع أجور العمال، ما قد يمنحها هامش مناورة مؤقتة، على الرغم من أن هذا الخيار سيضعف قيمة الدينار.
ويتابع أن الخيار الثاني هو التوجه إلى الاستدانة الخارجية التي لمّحت إليها حكومة تصريف الأعمال، وإن ربطتها بتمويل المشاريع الاقتصادية، موضحاً أنه لا توجد مؤسسة مالية دولية تمنح الدولة الجزائرية مبلغاً يزيد على 50 مليار دولار، ما يعادل ما تصرفه الجزائر سنوياً. ويختم محمودي أنه إن وجِدت، فمقابل شروط صارمة أهمها تقليص الدعم الاجتماعي وتسريح العمال، ما يعرّض البلاد لتوتر اجتماعي "خطير" تعمل السلطة على تجاوزه في ظل أي ظروف.

المزيد من العالم العربي