قال وزير المالية في الحكومة الانتقالية بالسودان إبراهيم البدوي، إن حكومة بلاده أقرت ميزانية 2020 وتتضمن عجزا كليا يبلغ حجمه 73 مليار جنيه سوداني (1.62 مليار دولار). ووافق مجلس السيادة الحاكم ومجلس الوزراء على أول ميزانية للسودان منذ إطاحة عمر حسن البشير الذي شابت السنوات الأخيرة من حكمه الذي استمر فترة طويلة مخاوف اقتصادية عميقة.
وتتوقع الميزانية إيرادات تبلغ 568.3 مليار جنيه سوداني (12.63 مليار دولار) وتتضمن أيضا زيادة في الإنفاق على الرعاية الصحية والتعليم. وجعلت الحكومة السودانية الحالية إحلال السلام مع المتمردين الذين يقاتلون الخرطوم أحد أهم أولوياتها باعتباره شرطا أساسيا لاستبعاد السودان من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب. وأدى هذا التصنيف إلى عرقلة حصول السودان على دعم من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
يذكر أن معدل التضخم الرسمي في السودان بلغ نحو 58% خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الشواهد تشير إلى أن الأسعار تزيد بمعدلات أسرع كثيرا. وتعمل الحكومة الانتقالية السودانية برئاسة الدكتور عبد الله حمدوك على إصلاح اقتصاد البلاد الذي واجه خلال الفترة الماضية العديد من الأزمات التي تتصدرها أزمة الخبز والوقود وعدم استقرار سوق الصرف.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
خطة لإعادة هيكلية الديون وضبط سوق الصرف
كان رئيس وزراء الحكومة الانتقالية في السودان عبد الله حمدوك، قال في أول تصريحات له عقب توليه رئاسة الحكومة، إن بلاده بحاجة لما لا يقل عن 8 مليارات دولار في شكل ودائع لوقف تدهور العملة الوطنية، مشيرا لبدء مباحثات مع صندوق النقد الدولي حول إعادة هيكلة الديون.
وأوضح أن بلاده بحاجة إلى ما يتراوح بين مليار وملياري دولار كودائع بالعملة الأجنبية لوقف تراجع العملة المحلية، وأنها بحاجة إلى مساعدات خارجية بقيمة 8 مليارات دولار خلال العامين المقبلين لتغطية فاتورة الواردات واستعادة الثقة في العملة. وذكر أن الحكومة سوف تعمل على توحيد سعر صرف الجنيه وأن يدار عن طريق سعر الصرف المرن المدار.
ولفت إلى أن السودان بحاجة إلى ملياري دولار أخرى كاحتياطي من النقد في البنك المركزي للمساعدة في إيقاف تدهور سعر صرف الجنيه السوداني الذي انهار بقوة أمام الدولار الأميركي خلال الفترة الماضية.
وتضرر اقتصاد السودان بشدة عندما انفصل الجنوب في 2011 مكلفا إياه ثلاثة أرباع إنتاجه من النفط الذي يمثل أحد المصادر المهمة للعملة الأجنبية. وارتفع معدل التضخم في السنوات الأخيرة مدفوعا بارتفاع أسعار المواد الغذائية وضاعف من ذلك وجود سوق سوداء للدولار.
وأدى نقص الخبز والوقود، وكلاهما تدعمه الحكومة، بالإضافة إلى الارتفاع الكبير في الأسعار إلى اندلاع احتجاجات أدت في نهاية الأمر إلى إطاحة البشير في أبريل (نيسان).
زيادة الإنفاق على الصحة والتعليم وتوفير السلع
ومن المقرر أن تركز الميزانية الجديدة والمؤقتة، على الإنفاق على الصحة والتعليم والأمن، مع توفير الاحتياجات الاستهلاكية الأساسية وتأجيل إدراج رفع الدعم لإتاحة مزيد من الوقت لاتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان عدم تأثير رفع الدعم عن البنزين والغازولين على الطبقات الفقيرة ومحدودي الدخل.
وتشير مصادر مطلعة، إلى أن فترة الثلاثة أشهر ستشهد عملا جادا لتسوية بعض القضايا التي من شأنها أن تدعم الموازنة العامة مثل استرداد جزء من المال العام المنهوب ووقف التشوهات خصوصا تقليص الصرف الحكومي.
وهنالك اتجاه قوي لوقف السيارات الحكومية المخصصة للموظفين والمقدر عددها بأكثر من 10 آلاف سيارة وتسيير عدد محدود جدا منها لتلبية احتياجات العمل الرسمي خلال الساعات الرسمية فقط. كما تتضمن الإجراءات الجديدة المقترحة وقف السفريات الخارجية إلا عند الضرورة القصوى بعد موافقة مجلس الوزراء.
ومن بين الإجراءات التي ستتخذ خلال الأشهر الثلاثة ضبط عمليات التحصيل الضريبي والحكومي والقضاء على كافة أنواع تجنيب المال العام واستكمال أيلولة الجمارك لوزارة المالية بعد أن كانت تتبع لوزارة الداخلية.
ووفقا لوثيقة صادرة عن لجنة الخبراء في قوى الحرية والتغبير، فقد رفضت اللجنة مسودة ميزانية قدمها وزير المالية وتضمنت الرفع التدريجي للمحروقات ابتداء من مارس (آذار) من عام 2020.
وتقدمت اللجنة بمقترحات تتضمن عددا من البدائل، بينها إصلاح النظام الضريبي وتوسيع مظلة الدعم الاجتماعي وزيادة الاعتماد على الموارد المحلية والتشديد على استرداد المال العام الذي ذهب لأيادي منسوبة للنظام البائد، إضافة إلى إجراء إصلاحات جوهرية في النظام المصرفي.
أهم بنود الموازنة الجديدة... مضاعفة أجور الموظفين
وقبل أيام، قال وزير مالية السودان، إن الحكومة الانتقالية تخطط لإلغاء دعم الوقود تدريجيا في 2020 ومضاعفة أجور القطاع العام لتخفيف أثر تنامي التضخم. وأوضح في معرض حديثه عن مشروع ميزانية عام 2020، أن الميزانية تقترح رفعا تدريجيا عن دعم المحروقات، فيما أبقت الدعم على القمح وغاز الطبخ.
وتقر الميزانية مضاعفة بند المرتبات بنسبة 100% ورفع الحد الأدنى للأجور من 425 جنيها سودانيا (أقل من 10 دولارات) إلى ألف جنيه (22 دولارا) مع خلق ربع مليون وظيفة لفئة الشباب. وتقترح إطلاق برنامج للحماية الاجتماعية سيستهدف في مرحلته الأولى 9 آلاف أسرة (أكثر من 4 ملايين شخص)، ممن يعانون فقرا مدقعا، سيتم اختيارهم بصورة علمية سيتلقون دعما نقديا مباشرا، وسيرتفع هذا الرقم ليشمل 60 إلى 80% خلال النصف الثاني من العام المقبل. وتتضمن الميزانية أيضا مضاعفة الصرف الفعلي على قطاعي التعليم والصحة ورفع سقف التأمين الصحي بنسبة 100%.
وأشار "البدوي" إلى أن الحكومة تقترح تخصيص 9 مليارات جنيه سوداني (200 مليون دولار) لصندوق السلام والتنمية، بالإضافة لتخصيص 7% من الإيرادات للولايات المتأثرة بالحروب والنزاعات. وقال إنه من الصعب الحفاظ على تضخم منخفض وسعر صرف مستقر في ظل استمرار الدعم السلعي.
وعلى الرغم من الأرقام التي ساقها "البدوي"، لكنه لم يتطرق إلى آليات وطرق تمويل هذه الموازنة، وكيفية سد العجز، ما يشير إلى أن السودان ربما يواجه العديد من الأزمات خلال العام المقبل، خاصة مع استمرار توقف بعض القطاعات الإنتاجية حتى الآن.
الحكومة تؤجل إلغاء الدعم
وبعد أن كان هناك اتجاه قوي لإلغاء الدعم في السودان، قال وزير الإعلام السوداني، فيصل محمد صالح، أمس الأحد، إن الحكومة ستؤجل رفع الدعم عن الوقود الذي كان مقررا بالأساس في ميزانية 2020.
وأوضح أن رئيس الوزراء ووزير المالية وعددا من الوزراء اجتمعوا مع ممثلين لقوى الحرية والتغيير واتفق الطرفان على تجميد قرار رفع الدعم في موازنة 2020 حتى انعقاد مؤتمر اقتصادي في مارس المقبل وعلى ضوء مقررات هذا المؤتمر تتقرر السياسات الاقتصادية للبلاد ومن ضمنها السياسات بخصوص دعم السلع.
وتتسم قضية إلغاء الدعم عن الوقود بحساسية لأنها ستؤثر على سكان يعانون منذ سنوات أزمة اقتصادية وارتفاع معدل التضخم.
وشكّل رئيس الوزراء عبد الله حمدوك مجلس الوزراء الانتقالي بالسودان في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعد التوصل لاتفاق لاقتسام السلطة بين المجلس العسكري الانتقالي الذي تولى السلطة بعد إطاحة البشير وقوى الحرية والتغيير وهو ائتلاف يضم جماعات المعارضة والاحتجاج السابقة.