Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لبنان... هل تنجح مبادلة الفاخوري بحكومة اللون الواحد؟

قراءة 8 آذار والعونيين تفترض التخلي الغربي والعربي عن الحريري

حزب الله شديد الارتياح لنتائج لقاء مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد هيل والرئيس ميشال عون (دالاتي ونهرا)

يراهن بعض أوساط قوى 8 آذار وبعض القياديين في التيار الوطني الحر على أن يمر تكليف الدكتور حسان دياب بتأليف الحكومة اللبنانية الجديدة من دون اعتراضات خارجية، استناداً إلى بعض المؤشرات التي تسمح بتمرير الحكومة المقبلة على الرغم من معارضة قوى سياسية وازنة لها ورفضها الاشتراك فيها.

ويقرّ بعض هذه الأوساط بأن رفض رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري وتيار المستقبل، وحزب القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الكتائب دخول الحكومة ولو من باب تسمية اختصاصيين قد يضعف التغطية السياسية والبرلمانية. لكن أوساط التيار الحر تعتبر أن عودة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى خيار حكومة اختصاصيين بعدما كانت هذه الصيغة سبب خلافه مع الحريري، وكذلك من قبل الرئيس دياب، مع تسمية وزراء مستقلين سيرد الطابة إلى الأفرقاء الأربعة المعترضين ويضعف حجتهم في مواجهة الحكومة. وتعتقد أوساط في التيار ومحيط عون أن صيغة الاختصاصيين ولو مموّهة، ستشجع المجتمع الدولي على التعامل معها، وهذا ما يدفع إلى تجاهل هذا الفريق غياب التغطية السنية لتكليف دياب، والفشل في إقناع شخصيات سنية ورموز من الحراك الشعبي في المشاركة في الحكومة، على الرغم من استحضار بعض الأشخاص للقاء الرئيس المكلف قبل أيام، تبيّن أن بعضهم مسيّر من جهات في قوى 8 آذار أو من أجهزة أمنية ولا يمثلون الانتفاضة الشعبية.

إلاّ أنّ مصدراً متصلاً بقوى 8 آذار أوضح لـ"اندبندت عربية" أن هناك قراءة خاصة للموقف الدولي والأميركي حيال التطورات اللبنانية هي التي تجعل تحالف التيار الحر وحزب الله يراهن على إمكان نجاح خطة استبدال الحريري برئيس حكومة آخر، وبإعادة تكريس سيطرة هذا التحالف على القرار السياسي اللبناني الذي اهتز نتيجة الانفجار الشعبي في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

موقف 8 آذار من الحريري وجديد هيل

تستند قراءة هذا الفريق وفق المصدر إلى ما يعتبره معطيات خارجية كالآتي:

-     أن عدداً من الدول الأوروبية والعربية لم يعد يعتبر الحريري حاجة إلى الاستمرار في السلطة من أجل حماية مصالحها في لبنان، وأن بعض العواصم أخذ يبحث عن بديل له بعد استقالته، والبعض الآخر لم يعد يكترث لهوية رئيس الحكومة، لاعتقاده أن السنوات الثلاث التي أمضاها في رئاسة الحكومة لم تؤدِّ إلى تحقيق ما وعد به لجهة تنفيذ الإصلاحات الضرورية لمعالجة الوضع الاقتصادي، ولا سيما الإصلاحات المطلوبة لإعادة هيكلة الدولة والحد من الفساد. كما أن بعض هذه العواصم يرى أن الحريري لم ينجح حين ذهب نحو خيار التسوية الرئاسية، في خلق مسافة بين الرئيس عون وبين حزب الله الذي أدى انخراطه في الأزمات الإقليمية إلى تفاقم المشكلة الاقتصادية والمالية، نظراً إلى امتناع الدول الصديقة للبنان عن الاستثمار فيه ومدّ يد العون له، بل إن الحريري جنح نحو عقد التسويات مع الحزب وليس مع عون فحسب.

ويلفت بعض الأوساط في هذا المجال إلى بيان الخارجية الفرنسية عقب تكليف دياب، الذي حرص على التأكيد أن باريس لا تتدخل في تسمية الرئيس المكلف كتعبير عن الحيادية إزاء استبعاد الحريري.

-     بصرف النظر عن صحة أو مغالاة فريق التيار الحر وبعض قوى 8 آذار في تقدير تراجع التأييد الغربي والعربي لبقاء الحريري على رأس الحكومة اللبنانية، فإن تطوراً طرأ على الموقف الأميركي حيال لبنان قد يستفيد منه فريق الرئاسة وحزب الله لاستبعاد زعيم تيار المستقبل عن رئاسة الحكومة. ويشير المصدر المتصل بقوى 8 آذار والتيار الحر لـ"اندبندنت عربية" إلى الزيارة التي قام بها مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية السفير ديفيد هيل نهاية الأسبوع الماضي، معلّقاً أهمية على تفاصيل ما دار بين الأخير وبين عون من مداولات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأبلغ المصدر "اندبندنت عربية" أن حزب الله كان شديد الارتياح إلى نتائج لقاء هيل مع عون الذي جرت العادة أن يطلع حليفه على فحوى لقاءاته مع المسؤولين الأميركيين. فاللقاء مع هيل حصل غداة تكليف دياب، ونسب المصدر إلى المسؤول الأميركي قوله، كما تسرّب بعد اجتماعه مع عون، إنه يعرف الرئيس المكلف منذ كان سفيراً لدى بيروت وكان دياب وزيراً للتربية في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي (2011-2013) وأنه يتمنى له كل التوفيق. وأردف هيل قائلاً لعون وفق المصدر المتصل بالحزب والرئاسة، إن بلاده لا تتدخل في عملية تأليف الحكومة باعتبارها شأناً لبنانياً داخلياً، وأن ما يهم واشنطن أن تبدأ تنفيذ الإصلاحات المطلوبة التي تأخرت. كما أن هيل حرص على إبلاغ عون بأن بلاده لن تتخلى عن لبنان و"كنّا إلى جانبه وسنبقى" في دعم معالجة أزمته الاقتصادية وفق برنامج الإصلاحات. وأثار هيل مع عون الاتهامات لبلاده بأنها تقف وراء الاحتجاجات الشعبية، نافياً ذلك، لكنه كرر دعوة واشنطن السلطات اللبنانية إلى التعامل بطريقة سلمية مع الحراك الشعبي، ممتدحاً ما يقوم به الجيش والقوى الأمنية في هذا المجال. وهو ما جعل فريق الرئاسة يصف موقف هيل بأنه "حيادي" وإعلام 8 آذار على غير عادته، يبرز تلك الحيادية بعدما دأب على اتهام واشنطن بتحريك الاحتجاجات في الشارع.

إصرار ترمب على الفاخوري

لكن الأكثر أهمية في لقاء هيل وعون، كان وفق قول المصدر المتصل بحزب الله والقراءة العونية للموقف الأميركي، هو الحديث المطوّل لهيل عن رغبة الرئيس دونالد ترمب في أن تفرج السلطات اللبنانية عن المتهم بالتعامل مع إسرائيل عامر الفاخوري بصفته مواطناً أميركياً (حاز الجنسية الأميركية بعد مغادرته لبنان إلى إسرائيل ثم الى أميركا عام 2000 مع الانسحاب الإسرائيلي، من خلال ابنته المولودة هناك) المسجون في لبنان منذ عودته إلى بيروت مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي والذي أوقف في المطار ويخضع للمحاكمة من القضاء اللبناني. وذكر المصدر إياه أن هيل أسهب في تناول قضية الفاخوري باعتبارها تهمّ ترمب شخصياً، وأنه ترك للرئيس عون التفتيش عن الوسائل القانونية للتعامل مع هذه المسألة. أضاف المصدر لـ"اندبندنت عربية" أن ترمب يبدي اهتماماً استثنائياً في الإفراج عن مواطنين أميركيين مخطوفين أو موقوفين في الخارج في كسب الشعبية قبيل احتدام الحملة الانتخابية الرئاسية وفي مواجهة حملة الحزب الديمقراطي عليه. وهو استفاد من الإفراج عن مواطن أميركي كان محتجزاً في إيران قبل أسابيع.

في اعتقاد بعض الأوساط أن الطلب الأميركي من عون التدخل في هذه المسألة بقدر ما يؤشر إلى أنه المرجعية في البلد، هو طلب أميركي غير مباشر من حزب الله بصفته حليف الرئيس اللبناني وصاحب الكلمة الأقوى في هذه القضية وغيرها.

وتفترض الأوساط التي تولي أهمية للطلب الأميركي الملح، أن تلبيته تتيح لعون وحزب الله إنجاز صفقة غير مباشرة مع واشنطن تقضي بالإفراج عن الفاخوري (إذا وجدت المخارج القانونية لذلك) مقابل غض النظر الأميركي عن تأليف الحكومة الجديدة ولو كانت من لون واحد تحت غطاء الاختصاصيين الملوّنين بأصدقاء لحزب الله والتيار الحر. وتستند الأوساط المطلعة على الموقف الأميركي في هذا المجال إلى أن إدارة ترمب معروفة بهذا النوع من الصفقات.

لكن التدقيق في ما يحيط بقضية الفاخوري يفضي إلى صعوبة الإخراج القانوني الذي يتولاه عادة فريق الرئاسة، وإلى الثمن الذي يمكن أن يقابل موافقة "حزب الله" على خطوة من هذا النوع على الصعيد الشعبي.

وعلى الرغم من أن قراءة فريق 8 آذار والتيار الحر للظرف الدولي الإقليمي قد يكون ملائماً لاستئثاره بتأليف الحكومة، فإن أوساط القوى السياسية المعارضة للتركيبة التي يجري إعدادها، ترى أن هذه القراءة تناقض التوجهات المعلنة والمقبلة، المستندة إلى تصعيد العقوبات ضد "حزب الله" واتساع رقعة الدول المشاركة فيها، وآخرها انضمام ألمانيا إلى الدول التي تحظّر الحزب.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي