Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

زعم ترمب ومؤيدوه أن عزله غير مجد ولكنه سيغير وجه 2020

يذهب معلّقو اليمين إلى أنّ " عملية العزل لم تلقَ اهتماماً خارج حدود العاصمة واشنطن ". لكنهم مخطئون كلياً- لأنهم هم من يعيش في عزلة

الرئيس دونالد ترمب في المكتب البيضاوي بالبيت الابيض في واشنطن (أ.ب)

إلى الأمس القريب، حين كان شبح العزل جاثماً فوق قلوب الجمهوريين مثل نذير الشؤم، بذل بعض المحافظين كل ما في وسعهم لنفي خطورة العواقب السياسية على دونالد ترمب جرّاء إعلانه الرئيس الأميركي الثالث فقط في التاريخ الذي يتعرّض للعزل.

ومن الانتقادات المتكررة التي دأب الجانب الجمهوري على ترديدها عن محاولات العزل الديمقراطية أنّها لا تعدو كونها رمزيّة- فمجلس الشيوخ تحت سيطرة الجمهوريين، لذلك لن يؤدي العزل إلى أي نتيجة (ينصّ الدستور الأميركي أنّ مجلس النواب يملك سلطة العزل فيما يملك مجلس الشيوخ سلطة الإدانة). حتّى أنّ الكاتب والمعلّق المحافظ بِن شابيرو ضرب عصفورين بحجر يميني واحد- فغمز من قناة جدّية تغيّر المناخ- حينّ غرّد قائلاً "إنّ العزل مثل اتفاق باريس. كلاهما لا يؤديان إلى أيّ نتيجة، لكنهما يجعلان مؤيّديهما يشعرون بالرضا".

وتنبّأ سكوت أدامز، كاتب الرسوم الهزلية "ديلبرت" بالتالي "سوف يغيّر ترمب معنى كلمة "عزل" بالنسبة للبلاد أكثر ممّا سيغيّر العزل في رئاسة ترمب. تفصلنا أيام قليلة فقط عن فقدان الكلمة لمعناها".

ولكن عزل ترمب كثير الدلالات والأهمية. بل هو عظيم الأهمية لدرجة تستوجب النظر إليه باعتباره نوعاً من السلطة الدنيوية التي تمتدّ في اتجاهين زمنيين مختلفين: فهو مهمّ من الناحية التاريخية، ويمثّل أكبر تأنيب يمكن أن يتلقّاه رئيس من الكونغرس، وهو تأنيب لم يلقَه سوى رئيسين قبل ترمب، ولكن الأجيال المقبلة كذلك ستعتبره مهماً جداً عندما تلتفت في المستقبل إلى هذه المرحلة بعينٍ الفضول والذهول وتتساءل كيف سُمح لشخص من الجلّي أنه غير كفء ودنيء إلى أبعد حدود مثل ترمب أن يشغل أعلى مناصب البلاد.

والعزل يضع ترمب في صفوف المُدانين أمام الكونغرس. فالرئيس آندرو جونسون، مناهض إعادة الإعمار الذي خلف أبراهام لينكولن، عُزل بسبب ازدرائه قواعد الكونغرس. ومنذ زمن غير بعيد، أقام بيل كلينتون علاقة حميمة في المكتب البيضاوي وكذب بشأنها تحت القسم. وقد انضمّ ترمب الآن إليهما. وحُسم هذا الموضوع بعد تصويت يوم أمس في مجلس النواب، وأصبح بإمكاننا إدراجه في الكتب التعليمية. وهذا الأمر مهمّ بلا شكّ لأنّ رواية التاريخ الأميركي مهمة. فالأمور السيئة تقع وسيظهر في وسطنا أشخاص سيئون وبرتكبوا السوء، لكن التاريخ يمنح الشعوب والحكومات الفرصة للردّ على هذه الأمور- فهو لا يسجّل الإنتهاكات والتجاوزات فحسب بل الردود عليها أيضاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن إذا وضعنا الماضي والمستقبل جانباً نرى أنّ عزل ترمب مهم في المكان والزمان الحاليين. ويستطيع الديمقراطيون الآن أن يستندوا إلى هذه الواقعة- أنّ ترمب عُزل بالفعل- ليبنوا عليها استراتيجية كاملة من الرسائل السياسية بغية استخدامها في الدورة الإنتخابية. وخلال العام 2020، يستطيعون أن يردّدوا مراراً وتكراراً، بشتّى الطرق والوسائل وفي الإنتخابات الوطنية والمحلية وتلك على مستوى الولاية أنّ زعيم الحزب الجمهوري اتّهم رسمياً، بلغة الدستور الأميركي "بجرائم وجنح خطيرة".

والأهم من ذلك، إذا تصرّف زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ/ ميتش ماكونيل (جمهوري عن ولاية كنتاكي) مثلما يتوقع منه أن يفعل وأجرى محاكمة سريعة لترمب في مجلس الشيوخ، يستطيع الدمقراطيون أن يتهموا الجمهوريين بالاستخفاف بهذه المسألة. "وبهذه السهولة، تنتهي مهزلة العزل الديمقراطية" حسب ما ورد على موقع اليمين المتطرف الأخباري برايتبارت، تعقيباً على كلام السيناتور الجمهوري عن ولاية كارولاينا الجنوبية ليندسي غراهام الذي وعد أن تلقى محاكمة ترمب "حتفها سريعاً" داخل مجلس الشيوخ الأميركي. لكن المستقلين والمعتدلين الذين يحتاجهم ترمب من أجل إعادة انتخابه لن يعجبهم على الأرجح مشهد مؤسسة يسيطر عليها الجمهوريون تحمي رئيساً جمهورياً. يمكن لماكدونال أن يتفادى هذا الوضع عبر تسهيل إجراء محاكمة عزل حقيقية. لكن الثمن المترتّب عليها باهظ: منح الشعب الأميركي نظرة أوضح إلى أفعال ترمب التي تستدعي العزل بلا شكّ.

ويراهن الجمهوريون على لامبالاة الناخبين. لكن العام 2020 هو عام انتخابات والشعب الأميركي يهتم بالإنتخابات الرئاسية. وكتب موقع الرأي اليميني "ذا فدراليست" العنوان التالي " لم تلقَ عملية العزل اهتماماً يذكر خارج حدود العاصمة واشنطن"، كما لو أنّ عزل ترمب يكتسب أهميته من نسب المشاهدة حسب تقديرات نيلسون أو من عدد النقرات على المقالات في الولايات الأميركية الداخلية. ولكن أهمية العزل تأتي من حقيقة أنه حصل، وليس من نسب متابعة التحقيق في العزل على التلفزيونات أو من نسب قراءة المقالات.

ودخل عزل ترمب التاريخ وسيكون في مثابة بلسماً لآلام الأميركيين في المستقبل الناجمة عن سماحنا لهذا الرجل بدخول البيت الأبيض. وإذا أحسن الديمقراطيون استخدام ورقة عزل ترمب، قد تمد استراتيجية فوزهم في انتخابات 2020 بالقوة.

وهذا برأيي يجعل من عزل ترمب مسألة وازنة لا تقتصر على الرمزية.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء