تلتقي القوى السياسية في لبنان على توصيف زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية ديفيد هيل إلى البلد، بأنها الزيارة الغربية الأهم منذ اندلاع الاحتجاجات في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وتوضح مصادر سياسية بأن هيل في إطار زيارته الاستثنائية موفد من وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو "للاطلاع على الأوضاع الناشئة منذ اندلاع الاحتجاجات"، والتغييرات التي أحدثتها على المعادلة السياسية، وسينقل موقفاً وصفته بأنه "مهم جداً إلى رئيس الجمهورية ميشال عون".
الحريري ليس رجل المرحلة
وتشير المصادر إلى أن برنامج لقاءات هيل، يشمل لقاءات مع مسؤولين لبنانيين، وقائد الجيش العماد جوزيف عون للبحث بالتعاون لتنفيذ برنامج التسلُّح والتدريب للقوات المسلحة، مع احتمال لقائه ناشطين في الحراك الشعبي، مع تأكيد تأييد واشنطن التحركات الاحتجاجية، وحق التظاهر السلمي.
وفي سياق متصل، ترى مصادر دبلوماسية أن الإدارة الأميركية "لم تكن متحمسة لعودة الرئيس سعد الحريري لترأس الحكومة المقبلة، لأنه لم يثبت قدرته على تنفيذ الالتزامات"، معتبرة أن الحريري "ليس الرجل المناسب في هذه المرحلة"، وانسحابه من السباق إلى رئاسة الحكومة في هذه المرحلة، قد "يكون المخرج الأفضل لتشكيل حكومة مستقلة".
لا لحكومة الـ"لسانين"
ولفتت المصادر إلى أن الولايات المتحدة لا تدعم حكومة مزدوجة المعايير، فمن ناحية تتحدّث عن النأي بالنفس، في حين هي جزءٌ من منظومة سياسية تديرها طهران، متهمةً الحكومة المستقيلة كما سابقاتها باعتماد "خطابين الأول يتطابق مع الطموحات والرؤية السياسية الأميركية والغربية، في حين تعتمد الخطاب الثاني وهو الفعلي والمنفذ"، وهو أمر "لا يشجِّع الدول الغربية على التعامل مع حكومات كهذه"، مشدداً على أن الحكم هذه المرة "سيكون لبيان الحكومة المقبلة".
وعن إنقاذ لبنان مالياً، تفيد المصادر بأن المساعدات المستقبلية للبنان "رهن تشكيل حكومة قادرة على تلبية طلبات المحتجين بإجراء إصلاحات مجدية"، مضيفة أن ديفيد هيل "سيوصل هذه الرسالة الصارمة إلى المسؤولين اللبنانيين"، موضحة أن "المقاربة الغربية تجمع بين القيم الأميركية المتعلقة بدعم مطالب الشعوب المحقة، وأهدافها الجيوسياسية العاجلة أكثر والمتمحورة حول الضغط على حلفاء إيران، ومن ضمنهم حزب الله".
بومبيو تدخل شخصياً
من جهة ثانية، رأت المصادر أن قرار واشنطن الإفراج عن المساعدة العسكرية المُقدرة قيمتها بـ105 ملايين دولار أميركي بعد أشهر من تعليقها من دون مبرر واضح، "رسالة إيجابية من واشنطن إلى لبنان وتعبير عن استعداد لفتح آفاق مشروطة لعملية إنقاذ اقتصادي"، كاشفة أن وزير الخارجية مايك بومبيو تدخل شخصياً للإفراج عن المساعدة العسكرية للجيش اللبناني.
دولة فاشلة
وفي السياق ذاته، يؤكد مدير التحالف الأميركي - الشرق الأوسطي طوم حرب بأن زيارة هيل ستكون "استكمالاً لزيارة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إلى بيروت وعواصم عربية أخرى في الربيع الماضي"، مشدداً على أن الإدارة الأميركية "لا تتدخل بتشكيل الحكومة اللبنانية"، إنما الموقف الرسمي الأميركي "واضح لناحية رفضه التعاون مع أي حكومة فيها وزراء ينتمون إلى حزب الله".
ولفت إلى أن مواقف اليمينيين في الكونغرس الأميركي، تعتبر أن لبنان بلد "ساقط إدارياً" كون مؤسساته لا تعمل "بسياق قانوني، وتنخرها شبهات الهدر والفساد"، و"ساقط سياسياً" في المحور الإيراني، مضيفاً " يثق الأميركيون فقط بمؤسسة الجيش اللبناني رغم التشكيك أحياناً بالضغوطات السياسية التي تتعرض لها من جانب حزب الله".
سلة متكاملة
من جانبه، وضع الأمين العام للمؤتمر الدائم للفيدرالية الدكتور ألفريد رياشي زيارة هيل إلى لبنان في إطار "الاستطلاع ومناقشة القوى السياسية اللبنانية حول الوضعين الاقتصادي والسياسي"، دون الدخول في أسماء مقترحة لرئاسة الحكومة المقبلة، إنما وضع خارطة حل للأزمة اللبنانية، مشيراً إلى أن الأميركيين يعتبرون معالجة المسار الاقتصادي "مرتبط بالمسار السياسي".
وأضاف أن مساعد وزير الخارجية الأميركي للشؤون السياسية، يحمل للمسؤولين اللبنانيين في الشأن الحكومي "تصوراً عاماً" ضمن سلة متكاملة تتضمن حكومة حيادية من خارج الأحزاب التقليدية، تحمل معايير حكومة طوارئ، وتنشئ خلية أزمة اقتصادية من حياديين، وتواصل من خلالها مع المجتمع الدولي الذي سيكون منفتحاً إلى أقسى الحدود في دعم لبنان سياسياً واقتصادياً، مشيراً إلى أنه ومن ضمن السلة المتكاملة سيطرح تشكيل مجلس إنقاذ داخلي للبحث بموضوع الترسيم البحرية مع إسرائيل والاستراتيجية الدفاعية في لبنان.
واعتبر أن الحل الشامل الذي تسعى إليه الولايات المتحدة يمكن أن ينعكس عبر ترسيم الحدود اللبنانية ضمن "البلوك 9" لصالح لبنان، وتضم إليه المنطقة الحيوية التي يطالب بها، على عكس كل الأحاديث بأن الحل الأميركي يعطي المنطقة الحيوية المتنازع عليها لإسرائيل.