منذ أسبوع إلى اليوم شهدت قضية رئيسة هيئة إدارة السير هدى سلوم مع النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون والنائب هادي حبيش تجاذبات بين الأطراف المختلفة. وكانت آخر التطورات ادعاء سلوم على القاضية واتهامها بتوقيفها بهدف تعيين شخص آخر مكانها. كما تبع ذلك تطور جديد مفاجئ عندما مثُلت عون، اليوم الثلاثاء، أمام هيئة التفتيش القضائي نتيجة الدعوى المقامة ضدها من قبل النائب حبيش، لعدم تنفيذها قرار ترك سلوم بقرار قاضي التحقيق الأول والنائب العام الاستئنافي واستغلالها النفوذ.
وقد جاءت هذه القضية في الوقت المناسب لتلبي تطلعات اللبنانيين بفتح ملفات الفساد الموجودة في الأدراج. لكن عندما فتحت عون باب النافعة على مصراعيه لم يتصور الرأي العام أن هذه القضية ستفتح الباب في الوقت ذاته أمام هذا الكم الهائل من التجاذبات والاتهامات.
وحتى اللحظة، أوقفت عون على خلفية هذه القضية 16 شخصاً، فيما لا تزال الملفات تُفتح لتكشف تورط مزيد من الموظفين والسماسرة.
اتهامات متبادلة
منذ ادعاء عون على سلوم بجرم إهدار المال العام والإخلال بالواجبات الوظيفية، بدأت الاتهامات توجه إليها من معارضيها بزعم مخالفتها القانون، إذ اعتبر محامي سلوم أن القاضية أصدرت مذكرة توقيف تعسفية من دون استجواب أو ادعاء.
بعدها، دخل النائب حبيش على خط المواجهة، باتهامه عون من داخل مكتبها بأنها "تتعاطى بشكل ميليشياوي مع المحامين والقضاة والمواطنين" و"التشبيح" واتهامات أخرى، دفعتها في اليوم التالي إلى الادعاء عليه، مستندةً إلى فيديوهات تُظهر المواجهة التي حصلت بينهما.
يعبّر وزير العدل السابق والمحامي شكيب قرطباوي، في حديث إلى "اندبندنت عربية"، عن رفضه التام لتصرف حبيش، معتبراً قرار عون قانونياً. ويضيف "عندما يكون القرار القضائي مجحفاً أو مخالفاً للقانون، ثمة إجراءات قانونية تُتخذ، وثمة مراجع قضائية يمكن الرجوع إليها. ويمكن الطعن بالقرار وفق الأصول القانونية".
وفيما يفضل قرطباوي عدم الدخول في تفاصيل الملف، يؤكد أن تصرف حبيش سواء كمحام أو نائب ليس مقبولاً.
ويشدّد نقيب محامي الشمال محمد المراد على أن تصرفات حبيش وعون لم تكن موفقة، وقد تركت تصرفاتهما أثراً سلبياً لدى الناس، ونقلت صورة ملتبسة ومشوهة عن القضاء والمحاماة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف المراد، لـ"اندبندنت عربية"، "اجتمعنا اليوم مع رئيس مجلس القضاء الأعلى وقد تم التأكيد أن القضاء مؤسسة أساسية في البلاد وأي محاولة للنيل منها تنعكس سلباً على البلاد ككل. نحن لن نقبل إلا بالوقوف إلى جانب العدالة مهما كانت الظروف"، موضحاً أن إجراءات وتدابير مسلكية ستُتَّخذ بحق حبيش، "علماً أن لدينا مجلساً تأديبياً في النقابة ونتخذ حكماً التدابير اللازمة بحق من يخطئ. لكن الملف لم يحوّل إلينا بعد".
وفي الوقت ذاته، يشير المراد إلى أن ثمة رأيَيْن في ما يخص الادعاء على حبيش. الأول يؤكد أن الملف هو في إطار الجرم المشهود، والثاني يشير إلى أن الادعاء خرج من إطار الـ24 ساعة، التي يكون الادعاء ضمنها قانونياً.
في القضية وما وراءها
في مقابل ادعاء عون على حبيش في جرم القدح والذم، أكد حبيش في مؤتمر صحافي أن الاتهامات التي توجهت بها القاضية إلى سلوم ليست بريئة ولا تهدف إلى مكافحة الفساد، كما يتم الادعاء.
وأشار، في تفسيره توقيف سلوم، إلى وجود مساع لإقالتها منذ سنتين بهدف تعيين مدير من فريق سياسي آخر. بالتالي، فإن المسألة لا ترتبط فعلياً بمكافحة الفساد.
وقال حبيش إن المسألة سياسية، وبعد فشل إقالتها "تم تركيب هذا الملف"، واصفاً الادعاء الذي تقدمت به عون بـ"الفارغ". كما أشار إلى أن سلوم استُدعيت كشاهدة فقط، لكن كانت هناك نية لتوقيفها، موضحاً أن عون لم تحترمه مع المحامين الآخرين، بل تعاملت معهم بازدراء وطردتهم من مكتبها.
في كل الحالات، لم تقف النزاعات عند هذا الحد، بل احتدمت بين الأطراف المعنية من دون أن يتضح للرأي العام ما إذا كانت المسألة سياسية أو أنها تدخل فعلاً في إطار محاربة الفساد.