Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تداعيات ما بعد الرئاسيات الجزائرية... اعتزالات سياسية ومطالب تنحية

علي بن فليس سيُواصل العمل بقلمه وأفكاره

يعيش التجمع الوطني الديمقراطي حالة تململ عقب الخسارة التي منيَ بها (غيتي)

بدأت تداعيات الانتخابات الرئاسية في الجزائر، ترمي بظلالها على المشهد السياسي في البلاد، تمهيداً لإفراز خريطة جديدة ستكون معالمها صعبة التشكُل في ظل استمرار الحراك الشعبي المتمسك بتغيير جذري للنظام، بحسب مراقبين.

وفيما يستعد عبد المجيد تبون (74 عاماً)، الفائز برئاسيات 12 ديسمبر (كانون الأول)، لأداء القسم الدستورية نهاية الأسبوع الحالي، يُواجه منافسوه صعوبة في التأقلم مع مرحلة ما بعد الهزيمة.

فقرر علي بن فليس، رئيس حزب طلائع الحريات ورئيس الوزراء الأسبق في عهد عبد العزيز بوتفليقة، اعتزال السياسة بصفة نهائية، بعدما خاب أمله في الوصول لقصر الرئاسة في ثلاث محطات، لم يُخفِ فيها حلمه الجامح في قيادة البلاد "نحو مستقبل أفضل"، كما صرّح دائماً.

وبدا بن فليس "منهزماً"، وهو الذي كان خصماً شرساً لبوتفليقة في أوج قوته، فترشح ضده سنة 2004 و2014، وأشيع وقتها في الأوساط السياسة أن ترشحه كان بدعم من جناح في المؤسسة العسكرية لم يكن راضياً عن حكم الرئيس المخلوع ومحيطه.

وأخبر رئيس الحكومة الأسبق، طاقم حملته الانتخابية في حفلة نظمها بمقر الحزب بأعالي العاصمة قراره بالانسحاب من الحياة السياسة وتسليم مشعل الحزب للشباب.

جاء ذلك عقب فوز المرشح عبد المجيد تبون برئاسة الجزائر خلال انتخابات مُثيرة جرت، الخميس الماضي، بين خمسة مرشحين، وسط انقسام في الشارع بين رافض وداعم.

وقال المرشح الرئاسي إنه سيُواصل العمل بقلمه وأفكاره، وما على الشباب إلا مواصلة النضال خدمة للجزائر وأهلها، وتعزيز مكانة الحزب في الساحة السياسية التي "لفظت" الأحزاب التي ساندت النظام القديم.

معارضة أم موالاة

في المقابل، يقول أحد القياديين لـ "اندبندنت عربية" إن علي بن فليس وقبل انسحابه أطلع مقربين منه بضرورة أن يكون الحزب الذي أسسه عام 2015، أي بعد هزيمته في الرئاسيات التي فاز بها بوتفليقة بالولاية الرابعة، حاضراً في الخريطة السياسة الجديدة.

إلى ذلك، لم يستبعد القيادي مشاركة حزب بن فليس في الحكومة الجديدة التي تعهد الرئيس الجديد للجزائر عبد المجيد تبون تطعيمها بوجوه شبابية لا يتعدى سنهم الثلاثين سنة، تعبيراً عن حسن نيته في إعطاء أهمية للشباب الذين كانوا محركاً أساسياً في الحراك الشعبي.

في السياق ذاته، يعتقد الباحث الجامعي عادل أورابح أن "عامل السن قد يكون السبب الرئيس وراء قرار اعتزال بن فليس للسياسة، لكن النكسات الانتخابية المتوالية أيضا لها دور مهم في اتخاذ قراره".

ويُضيف "أما الحزب الذي تأسس عقب رئاسيات 2014 فيصعب استشراف موقعه في الساحة السياسية، بخاصة وأنه اعتمد أكثر على شخصية بن فليس ورصيده السياسي للترويج له سياسياً، ورغم وجود إطارات شابة كثيرة داخله إلا أن أي حزب سياسي يحتاج لهوية أيديولوجية وسياسية واضحة وهيكل تنظيمي صلب وحاضنة شعبية".

ويرى أورابح أنه "وفقاً لهذه العوامل يتخذ الحزب موقعه، سواء في الموالاة أو في المعارضة، ولو أنني أتوقع أن يستمر في المرحلة الراهنة في المُعارضة حتى وضوح الرؤية بخصوص الحوار الذي تنوي السلطة إطلاقه".

 دعوات للرحيل

في الجهة المقابلة، يعيش حزب المرشح الرئاسي عز الدين ميهوبي (60 سنة)، وهو التجمع الوطني الديمقراطي، حالة تململ عقب الخسارة التي منيَ بها وحلوله في المرتبة ما قبل الأخيرة، حيث نال 617 ألف و735 صوتاً، أي بنسبة تقدر بـ 7.26%، من أصل 25 مليون يمثلون الكتلة الناخبة، على الرغم من الدعم الذي حظي به من حزب جبهة التحرير الوطني (الحزب الحاكم سابقا)، الذي دعا مناضليه للتصويت على ميهوبي.

عقب هذه النتيجة، طالبت مجموعة من كوادر الحزب من عز الدين ميهوبي تقديم الاستقالة تحسباً لانتخاب أمين عام جديد مطلع العام المقبل، وذلك على خلفية ما أسموه "عدم جدية" المترشح التي أدت إلى "النتائج الكارثية" في رئاسيات 12 ديسمبر (كانون الأول).

واتهم أصحاب البيان ميهوبي، الذي تقلد منصب وزير للثقافة في آخر حكومة لبوتفليقة، بالانفراد بالترشح للرئاسيات يوم 29 سبتمبر (أيلول) الماضي في غياب نقاش موسع مع هياكل الحزب، ومن دون فتح باب الترشيحات أمام الراغبين في المشاركة لمنصب رئيس الجمهورية.

ويقول أورابح إن حزبيّ السلطة البارزين، وهما حزب جبهة التحرير الوطني (الحاكم سابقا)، والتجمع الوطني الديمقراطي (ترشح باسمه عز الدين ميهوبي) "مرشحان لانقسامات وانشقاقات عدة، وسيتحملان تبعات الحراك الشعبي، لأنهما مثّلا لسنوات طويلة واجهة السلطة السياسية رغم أنهما عملياً مجرد جهازي سلطة من دون هوية سياسية واضحة ولا برنامج سياسي مستقل".

يذكر أن عبد القادر بن قرينة، الذي حلّ ثانياً في سباق الرئاسة الجزائرية، طلب هو الآخر إعفاءه من رئاسة حزبه "حركة البناء الوطني" المحسوبة على التيار الإسلامي، دون توضيح سبب قراره.

وبن قرينة من مؤسسي حركة المجتمع الإسلامي (حركة مجتمع السلم حاليا) عام 1989، المحسوبة على تيار "الإخوان المسلمين"، كما انتخب نائباً في البرلمان باسمها عام 1997 قبل أن يغادره لمنصب وزير السياحة.

وأسس عام 2013 "حركة البناء الوطني" إلى جانب قياديين انشقوا قبل سنوات عن حركة مجتمع السلم (أكبر حزب إسلامي في البلاد حاليا)، وانتخب لرئاسة الحركة نهاية مارس (آذار) الماضي.

المزيد من العالم العربي