بدأت النتائج الأولية لرئاسيات الجزائر بالصدور بعيد ساعات على إقفال مراكز الاقتراع، وتحدثت المعلومات عن تقدم عبد القادر بن قرينة وعبد المجيد تبون في هذه الانتخابات، وفي وقت أشارت المعلومات إلى فشل جميع المرشحين في الحصول على الغالبية، أعلنت حملة تبون فوز مرشحها بالرئاسة في المرحلة الأولى بنسبة 64 في المئة، بينما حصل بن قرينة على نسبة 30 في المئة من الأصوات، بحسب النتائج الأولية، وتحدث ممثل المرشح بن قرينة عن دور ثان للانتخابات الرئاسية.
وترشح للرئاسيات كل من بن قرينة رئيس "حركة البناء الوطني" ذات التوجه الإسلامي، وعلي بن فليس رئيس "طلائع الحريات"، وأيضاً عبد العزيز بلعيد رئيس "جبهة المستقبل"، وكل من عز الدين ميهوبي الأمين العام بالنيابة للتجمع الوطني الديمقراطي، وتبون الوزير الأول السابق.
هاجس أمني
ومع إقفال بوابات مراكز التصويت في مراكز الاقتراع الرئاسي في السابعة من مساء الخميس 12 ديسمبر (كانون الأول)، كانت الجزائر قد تجاوزت هاجساً أمنياً راود السلطات الرسمية لأيام، وعلى الرغم من بعض الأحداث التي اعترضت عملية الانتخاب، لا سيما في منطقة القبائل، إلا أن عملية التصويت مرت "بسلام" وفق تعبير المسؤول الأول عن سلطة الانتخابات.
لا تمديد لعملية التصويت
وأقفلت بوابات مراكز التصويت في زمنها المحدد قانوناً (السابعة مساء) في ظروف عامة وصفتها السلطات الجزائرية بـ "العادية والمقبولة"، في سياق هواجس كانت تتوقع "أحداث عنف" قد ترافق الرئاسيات من البداية، وحتى الدقائق الأخيرة من عملية الانتخاب، كانت تحليلات مراقبين تعجز عن تقديم انطباع واضح حول ترجيح كفة أحد المرشحين الخمسة على حساب آخر.
وصوّت المرشحون الخمسة تباعاً في مراكز الاقتراع المسجلين بها، قبل أن يعودوا إلى مقرات حملاتهم الانتخابية لمراقبة تقارير ممثليهم في المحافظات والبلديات، كما صوّت كل من رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، والوزير الأول نور الدين بدوي بمركز "أحمد عروة" ببلدة بوشاوي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
نسب تصويت ضعيفة
ووصف المحلل السياسي رضوان بوهيدل نسبة المشاركة في الانتخابات حتى الخامسة مساء (33.06 في المائة) بـ "المقبولة جداً، السبب بسيط أنها انتخابات استثنائية سبقتها مشاهد ترويعية خلال انتخاب الجالية الجزائرية في المهجر"، وقال "إذا تابعنا جميع الظروف التي أحاطت بالرئاسيات، فإن المعيار الذي نحتكم إليه واحد لا ثان له، أن الجزائر تجاوزت هذا الامتحان الصعب وعاكست التوقعات بأن الجزائريين لن يصوتوا بل سيعرقلون الرئاسيات".
بدوره، قال عبد الرحمن عرعار رئيس منتدى التغيير الذي سبق واقترح اسم كريم يونس لقيادة هيئة الحوار الوطني الصيف الماضي، إنه وبالنظر "للظرف العام، لا يمكننا إلا أن نقيّم الرئاسيات إيجاباً لنقول أمراً واحداً: لقد أتممنا الرئاسيات بسلام".
منطقة القبائل تقاطع
ولم تتجاوز نسب المشاركة في محافظات منطقة القبائل على العموم واحداً في المئة، في تجديد لسلوك هذه المنطقة تجاه معظم الاستحقاقات التي شهدتها الجزائر في العقود الثلاثة الأخيرة، ويبدو أن نسب المشاركة في هذه الرئاسيات كانت الأضعف على الإطلاق، بل رافقتها عمليات "عرقلة" لعملية التصويت، إذ بلغ عدد مكاتب الاقتراع التي أغلقها محتجون 293 من أصل حوالى 60 ألف مكتب تصويت.
وقال رئيس سلطة الانتخابات محمد شرفي في هذا الخصوص "إن 95 في المئة من مراكز التصويت كانت تسير بشكل عادي وفقط خمسة في المئة شهدت عمليات عرقلة"، مضيفاً "السلطة الانتخابية تتأسف لما حدث في بعض المراكز لكنه لا يؤثر في الرئاسيات".
ولا يوجد في القانون الجزائري ما ينص على إلغاء الرئاسيات مقارنة بنسبة المشاركة، إذ أعفى المشرّع العمليات الانتخابية من أي نسبة إقصائية. وفي هذا الشأن، كشف رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات محمد شرفي، عن تحويل بعض المراكز الانتخابية إلى مناطق أكثر أمناً.
وشدد شرفي في مؤتمر إعلامي بمقر السلطة الوطنية في نادي الصنوبر بالعاصمة، على أنه تم "توفير ما أمكن من ظروف منذ الساعات الأولى من النهار، وفّرنا الهياكل والوسائل في الميدان، بل تأكدنا من حسن سير المكاتب، لهذا كانت المواعيد محترمة في فتح مكاتب ومراكز الاقتراع في أكبر مناطق الوطن"، ولفت الرجل الأول في سلطة الانتخابات إلى أنه تم تسجيل "بعض العراقيل في بعض المناطق تمت مواجهتها بحكمة، صحيح سجلنا أشكالاً من العنف في بعض الحالات، ولكنني أشيد بالتحكم في النفس التي تحلى بها المسؤولون عن حفظ الأمن العام".
كما شبه رئيس السلطة المستقلة للانتخابات محمد شرفي الرئاسيات الحالية بانتخابات عام 1995، التي أفضت إلى فوز اليمين زروال، وبسبب التهديدات الأمنية التي كانت تتربص بالدولة الجزائرية حينها، لذلك صوت الجزائريون بقوة رداً على مخاوف من "سقوط الدولة" في حال استمرار المرحلة الانتقالية.
تبون يهاجم ميهوبي
واختفى المرشحون الخمسة عن الأنظار طيلة يوم الاقتراع بمجرد فراغهم من "بروتوكولات" التصويت، لكن إدارة حملة المترشح عبد المجيد تبون، صنعت المشهد طيلة ساعات النهار، كما كانت إدارة الحملة الانتخابية لعبد المجيد تبون، الأكثر من حيث الشكاوى التي ظلت ترددها طيلة اليوم الانتخابي، وقال محمد لعقاب مدير حملة تبون "مرشحه تعرض لظلم مبين في محافظات"، واتهم لعقاب "أعوان دولة إداريين في مناصب رسمية بتوجيه دعم مفضوح للمترشح عز الدين ميهوبي".
وبلغ الأمر بإدارة حملة تبون، أن اتهمت نظيرتها في حملة ميهوبي، وهو مرشح عن التجمع الوطني الديمقراطي، بـ "التسبب في وفاة مراقب حملتنا بمحافظة البيض على إثر اعتداء"، إلا أن محمد فادن مسؤول حملة ميهوبي ردّ على التهمة قائلاً "لم يعتد أي من ممثلينا على أي طرف آخر، وما قيل تجن واضح ستحقق العدالة فيه".
وقال المحلل السياسي عمار بن جدة لـ "اندبندنت عربية"، "تصريحات المرشحين الخمسة أو من ينوب عنهم تترجم أريحية كبيرة مع بعض الاستثناءات"، وتابع "الملاحظات التي رفعها المرشحون الخمسة في ساعات ما بعد الزوال لا ترقى لأن تسجل كاختلالات كبيرة لهذه الرئاسيات الاستثنائية"، ولفت بن جدة إلى "أن التقييم الأولي للرئاسيات إيجابي على طول الخط، الجزائر كانت على فوهة بركان وسط تهديدات في الداخل والخارج، لذلك أؤيد قول رئيس سلطة الانتخابات إن اقتراع اليوم يذكرنا بالانتخابات الرئاسية لعام 1995".
وبدا حزب جبهة المستقبل الذي رشّح رئيسه عبد العزيز بلعيد، في أريحية من أمره بعد متابعته لمجريات الحملة الانتخابية إلى غاية عصر الخميس. وذكر فاتح بوطبيق مدير الحملة الانتخابية لبلعيد في تصريح لـ "اندبندنت عربية"، أن "الوضع العام مشجع وملاحظات الحزب تتعلق ببعض الأمور التقنية في طريقة فهم الأعوان الإداريين لكيفية توزيع أوراق الاقتراع من اليمين إلى اليسار".
تكهنات بغياب دور ثان
وتشير معطيات أولية إلى احتمالات الفصل في الفائز في الرئاسيات التي أجريت الخميس 12 ديسمبر من الدور الأول، وتحتمل قراءات سياسية عدة أن تلجأ السلطة الانتخابية إلى دور ثان، وتكشف مصادر مقربة من سلطة الانتخابات إلى أن أول المعطيات التي تم جمعها طيلة ساعات النهار تعطي صدقية للفصل من الدور الأول في غياب أدنى معلومات أو سبر آراء عن الفائز بغالبية الأصوات من بين الخمسة.