تتجه الحكومة المصرية خلال الفترة الحالية والمقبلة إلى اتباع سياسة تخفيف العبء سواء محلياً لدعم المواطن بعد ثلاث سنوات من برنامج الإصلاح الاقتصادي، وخارجياً بالتوسّع في منح تسهيلات وحوافز اقتصادية واستثمارية للأجانب.
ومنذ العام 2016، دشنت القاهرة برنامجاً للإصلاح الاقتصادي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، حصلت بمقتضاه على قرضٍ بقيمة 12 مليار دولار، وبنهاية الشهر الحالي ينتهي البرنامج الإصلاحي الذي شهد تحرير سعر صرف الجنيه مقابل الدولار (التعويم)، ما خلَّف موجات تضخمية، وزيادة أسعار بعض السلع والخدمات والرسوم، من بينها الوقود والطاقة.
دعم نقدي لبطاقات التموين
وفي حديثه مع "اندبندنت عربية"، كشف مصدرٌ بارزٌ بالحكومة، "اتجاه الدولة إلى تخفيف العبء عن الجميع سواء المواطن العادي أو المستثمر المحلي والأجنبي على حد سواء بطرق وآليات متعددة".
وأوضح المصدر، أن "الحكومة ستدشن مبادرات بالتعاون مع مجتمع ومنظمات الأعمال التجارية والصناعية لخفض أسعار السلع والخدمات قبل بداية العام المقبل 2020"، مشيراً إلى أن "البداية ستكون من وزارة التموين، إذ ستقدم الوزارة دعماً نقدياً جديداً لبطاقات التموين المحلية التي تتضمن السلع الأساسية".
وأكد، "الدولة تراجعت عن زيادة أسعار بعض السلع الاستراتيجية، في مقدمتها التبغ والدخان والسجائر التي اعتادت رفعها في الفترة من يوليو (تموز) إلى ديسمبر (كانون الثاني) من كل عام، إلى جانب التخفيف الضريبي عن كاهل المستثمر المحلي والأجنبي".
خفض أسعار السلع
وبالتوازي مع ما صرَّح به المصدر، أعلنت وزارة التموين والتجارة الداخلية المصرية، اليوم، "خفض أسعار 4 سلع للمواطنين ضمن بطاقات التموين".
وطبقاً لهذا القرار سيحصل المواطن على المقررات التموينية بقيمة الدعم المخصص له بالبطاقة، وسيُصرف السكر بسعر بـ8.5 جنيه (نحو 52 سنتاً أميركياً) من 9.5 جنيه (59 سنتاً أميركياً)، وعبوة زيت طعام خليط بـ17 جنيهاً (1.05 دولار أميركي) بدلاً من 19 جنيهاً (نحو 1.18 دولار أميركي)، وكيلو الأرز 8 جنيهات (نحو 49 سنتاً أميركياً) بدلاً من 9 جنيهات (نحو 56 سنتاً أميركياً)، وكيلو الدقيق المعبأ بلاستيك 6.50 جنيه (نحو 40 سنتاً أميركياً) بدلاً من 6.75 جنيه (نحو 42 سنتاً أميركياً).
قرار "التضامن" سبقه آخر قبل 36 ساعة بمد فترة تلقي التظلمات الخاصة بالمستبعدين من البطاقات التموينية حتى 15 ديسمبر (كانون الثاني) 2019، التي كان من المقرر أن تنتهي في الأول من ديسمبر (كانون الثاني) الحالي.
إنهاء المنازعات الضريبية
في سياقٍ موازٍ أعلن وزير المالية المصري محمد معيط، السبت الماضي، إعداد مشروع قانون جديد لـ"إنهاء المنازعات الضريبية"، و"تعديل بعض أحكام قانون الضريبة على الدخل"، وإحالته إلى مجلس الوزراء، لإقراره من مجلس النواب قبل نهاية ديسمبر (كانون الثاني) 2019.
القانون الجديد يسمح للجان المختصة بسرعة حسم التظلمات والمنازعات الضريبية أمام المحاكم أو لجان الطعن الضريبي أو لجان التوفيق بمصلحة الضرائب المصرية بما يكفل إنهاء المنازعات الضريبية والحد من اللجوء إلى المحاكم، وتهيئة مناخ أداء الأعمال وتحفيز بيئة الاستثمار وتشجيع المستثمرين على التوسع في أنشطتهم، على النحو الذى يؤدى إلى تعزيز بنية الاقتصاد القومي.
ووفقاً لمشروع القانون الجديد سيُعفى الممول من أداء 30٪ من غرامات مقابل التأخير عن الضريبة غير المسددة التي تستحق بناء على الاتفاق الذي يجري مع المصلحة قبل صدور قرار لجنة الطعن، بشرط أداء الممول الضريبة المستحقة عليه، ويسري ذلك على حساب مقابل التأخير نتيجة تعديل المصلحة الإقرارات الضريبية المقدمة من الممولين خلال مدة خمس فترات ضريبية سابقة على تاريخ العمل بهذا القانون.
تيسير الإجراءات الضريبية
وأدخلت الحكومة المصرية أيضاً تعديلات قبل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي على بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون الضريبة على القيمة المضافة، بما يُسهم في تيسير إجراءات رد الضريبة، وسيُسمح لمن يرغب، اختيارياً، بتقديم خطاب ضمان بنكي لرد 65٪ من الضريبة المطالب بها فوراً.
مصلحة الجمارك المصرية أيضاً قللت زمن الإفراج تكاليف التخليص الجمركي مع تشكيل لجنة مشتركة دائمة أو أكثر في ساحات الكشف والمعاينة بكل منفذ جمركي، وساحات الفحص بالموانئ البحرية والجوية والبرية والجافة، تختص بوضع آلية واضحة، وجدول زمني مُحدد لفتح الحاويات، أو الطرود التي تتضمن البضائع المستوردة، أو المزمع تصديرها، مرة واحدة فقط لجميع الجهات الرقابية، لأغراض المعاينة الجمركية لهذه البضائع، وفحصها والرقابة عليها، وسحب العينات إذا لزم الأمر، بما يُسهم في تقليل زمن الإفراج تكاليف التخليص الجمركي.
برنامج الفاعل الاقتصادي
كما أعلنت الحكومة المصرية أيضاً في سبتمبر (أيلول) الماضي برنامج الفاعل الاقتصادي، بحيث تستفيد الشركات الصغيرة والمتوسطة من مزايا الإفراج بنظام "المسار الأخضر" لشركات "القائمة البيضاء"، بما يُسهم في مساندة هذه الكيانات الاقتصادية، وتعظيم قدراتها الإنتاجية، باعتبارها إحدى دعائم الاقتصاد القومي، ويتسق مع ما تبذله الدولة من جهود كبيرة، وما تُوفره من تيسيرات لتحفيز هذا القطاع الحيوي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
"القائمة البيضاء" تضم حالياً 75 شركة، حسب كمال نجم رئيس مصلحة الجمارك، الذي قال إنه يجري حالياً "تطوير برنامج الفاعل الاقتصادي وفقاً لأحدث الخبرات العالمية بما يجذب المتعاملين مع الجمارك بما فيها المشروعات الصغيرة والمتوسطة على التسجيل، للاستفادة من مزايا الانضمام إلى الشركات داخل القائمة البيضاء".
وأشار نجم، إلى أن هذا النظام "يستهدف تقليص زمن الإفراج، وتقليل تكاليف التخليص الجمركي، وخفض تكلفة السلع وأسعار بيعها بالأسواق المحلية".
"المسار الأخضر" برنامج يعنى عدم فتح حاويات شركات "القائمة البيضاء" والإفراج عنها بما يُعرف بـ"السيل الجمركي" بحيث تكون الموانئ للعبور فقط، لا للتخزين وتتمتع بالفحص الظاهري من الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات، مع الاحتفاظ بأولوية الدور.
تشجيع المنتج المحلي
وطالب إبراهيم العربي رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية ورئيس غرفة القاهرة، أعضاء مجلس إدارة الغرفة ورؤساء الشعب النوعية المختلفة، بضرورة وضع آليات المشاركة في تنفيذ مبادرات عدة لتحفيز الاستهلاك وتشجيع شراء المنتج المحلي، التي من المفترض أن تنفذ بداية من يناير (كانون الثاني) المقبل لمدة 6 أشهر بالتعاون بين الحكومة والقطاع الخاص، ورفعها إليه في أسرع وقت.
وحول نوعية المبادرات المستهدفة أوضح رئيس اتحاد الغرف التجارية المصرية، أن من بين المقترحات التي يتم مناقشتها حالياً إعداد كشوف بالمشاركين، ونسب الخصومات والكميات المتاحة من السلع خلال مدة أي مبادرة، مؤكداً "لن تقل نسبة الخصومات على السلع عن 10%".