Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دردشة مع نجوم فيلم "الأيرلندي": من تأثير الكلاسيكيات إلى مخاطر ترمب

نجوم فيلم سكورسيزي الملحمي الجديد عن المافيا يتحدثون إلى جاكوب ستولورثي عن تقنية إزالة علامات التقدم في السن، وعن معركة محتملة في السباق على الأوسكار، والشائعات عن جزء بادئة لفيلم "حرارة"، بالإضافة إلى استنكار دي نيرو للرئيس الأميركي

روبرت دي نيرو وآل باتشينو يتناولون مسيرتهما المهنية قبل إطلاق سلسلة "الأيرلندي" (نتفليكس)

قبل ساعات من بدء جلسة التصوير التي ستجمع ستيفن غراهام لأول مرة مع روبرت دي نيرو وآل باتشينو ضمن فيلم "الأيرلندي" للمخرج مارتن سكورسيزي، اتصل بزوجته هاتفياً لإجراء مكالمة تشد من أزره.

الممثل البريطاني الذي كان آخر ظهور له في السلسلة الدرامية القصيرة "المناقب" الذي عرضته القناة الرابعة البريطانية، ولكنه من أقدم المتعاونين مع سكورسيزي من خلال فيلم "عصابات نيويورك" ومسلسل"إمبراطورية الممرات" قال: "اتصلت بزوجتي وأخبرتها "لا أعرف إذا كان بإمكاني القيام بذلك، لقد تلاشت شجاعتي" ... لكنها قالت "اسكت وأصغ إلي: لقد حصلت بمجهودك على الحق في أن تكون هناك وأنت عليم بما تفعل. بالإضافة إلى ذلك، لقد طلب منك مارتن سكورسيزي المشاركة للمرة الثالثة، وبالتالي لا بد أنه وجد شيئاً فيك." لكن الأمور خرجت عن سيطرتي".

من السهل أن نفهم السبب. إن فيلم "الأيرلندي" الذي تقوم نيتفلكس بتوزيعه هو نوع خاص من الأفلام، يجمع بين دي نيرو وباتشينو لأول مرة تحت إدارة سكورسيزي. لقد مثّلا سوية من قبل بالطبع، في  فيلم دراما الجريمة الملحمي "حرارة" الذي أخرجه مايكل مان، وكان لهما حضور مشترك في الجزء الثاني من فيلم "العراب"، لكن في أطر زمنية مختلفة من القصة. يعتبر "الأيرلندي"  التعاون التاسع بين دي نيرو وسكورسيزي، لكنه الأول بالنسبة لـباتشينو. كما أن جاذبية المخرج أغرت أيضاً الممثل المذهل جو بيشي بالخروج من شبه التقاعد الذي كان يعيشه في العقد الأخير. حتى أن مشاركة هارفي كيتل كانت لسبب مُجْدٍ. لكن تقاسم البطولة مع هؤلاء الممثلين وتحت إدارة هذا المخرج لم تكن تجربة سهلة التصديق بالنسبة إلى غراهام، الذي وُلد في نفس العام الذي شهد أول تعاون بين سكورسيزي و دي نيرو (وكان ذلك في فيلم ’شوراع متوسطة’ عام 1973).

وبلا شك، ما زاد في هذا الشعور هو الاحتمال الذي كان بادياً بأن فيلم "الأيرلندي" لن يكون أكثر من مشروع سينمائي آخر محكوم عليه بالفشل. في الواقع، لم يكن هذا الفيلم ليشهد النور لولا ظهور البث التدفقي. في عام 2013، تمكن سكورسيزي من حصد مبلغ 392 مليون دولار مع فيلم "ذئب وول ستريت"، لكن بعد ثلاث سنوات، أثبت أنه لم يكن معصوماً في شباك التذاكر من خلال فيلم الدراما التاريخية "صمت" الذي فشل حتى في تعويض نصف ميزانيته البالغة 50 مليون دولار. وانسحبت شركة باراماونت بيكتشرز، التي كانت مترددة في المجازفة بأموالها فيما بات يعتبره رؤساؤها مقامرة الآن، وانقضّت نيتفلكس التي كانت ترى هدفاً محققاً.

وفي نهاية المطاف ستصل تكلفة فيلم "الأيرلندي" إلى 160 مليون دولار - أي ثلاثة أضعاف تكلفة "صمت".

المذهل في الأمر، أن رحلة الفيلم نحو الشاشة قد بدأت منذ أكثر من عقد من الزمن. فضمن التحضيرات، قام دي نيرو، الذي وقّع على لعب دور قاتل محترف في معالجة يقدمها سكورسيزي لرواية دون وينسلو "شتاء فرانكي ماشين" الصادرة عام 2006، بقراءة كتاب "سمعتُ أنك تطلي المنازل" لتشارلز برانت - الذي تم نشره قبل ذلك بعامين.

ما اكتشفه هو دراما عصابات مع انعطافة هوسية في حبكتها: تشمل اعترافاً حقيقياً على ما يبدو أدلى به مسؤول سابق في اتحاد سائقي الشاحنات في ديلاوير إلى الكاتب برانت و مجرماً عنيفاً مداناً هو فرانك شيران الأيرلندي. لقد ادعى أنه كان قاتلاً محترفاً في المافيا، ومسؤولاً بنفسه عن بعض أشهر اغتيالات العصابات في التاريخ الأميركي، ومشاركاً بشكل غير مباشر في الأحداث التاريخية الأخرى - مثل تسليم البنادق لاستخدامها في الغزو الأميركي الفاشل لكوبا وربما السلاح الذي استُخدم لقتل الرئيس جون إف كينيدي.

يروي سكورسيزي قصة شيران بأسلوب الفلاش باك، حيث يعترف بالجرائم التي ارتكبها أمام الرئيس السابق لاتحاد سائقي الشاحنات جيمي هوفا (يقوم بدوره آل باتشينو)، ولعراب المافيا راسيل بوفالينو (بيشي)، بينما يستعرض ماضيه في دار لرعاية المسنين. يذكّرنا هذا بشخصية هنري هيل التي لعبها راي ليوتا وهو يروي حكاية فيلم "أصدقاء طيبون" عندما كان على فراش الموت.

يقول دي نيرو: "احتجت لقراءة الكتاب بغرض البحث، وبعد حوالي أسبوع أو أسبوعين، قلت لمارتن:  "يجب أن تقرأه"، ووافقني بأن هذه هي القصة التي يجب أن نصنعها. بسذاجة، وعلى الرغم من أننا كنا نعرف حقاً أن تحقيق الأمر غير ممكن، اعتقدنا أنه يمكننا خلط الإثنين بطريقة ما. حاولنا إقناع باراماونت، لكنهما كانا ببساطة كيانين مختلفين. ثم، دخل ستيف زيليان على الخط [لكتابة السيناريو]، وكان علينا أن ننتظر حتى ينتهي مارتن من فيلم "هوغو"، ومن ثم "صمت" ".

لقد مرت السنون، وكانت واحدة تلو الأخرى تعزز مشكلة صارخة: الممثلون يتقدمون في السن. كان سكورسيزي مصمماً منذ البداية على أن نجومه يجب أن يكونوا قادرين على لعب شخصياتهم في كل مرحلة من مراحل حيواتهم (وتمتد القصة على مدى أربعة عقود) وكان لديه شعور بأن تقنية إزالة علامات الشيخوخة المطلوبة لتفي العمل حقه كانت قاب قوسين أو أدنى. ربما كانت العملية تجربة جديدة للممثلين - رغم أنهم لم يتحدثوا بصراحة ضد ازدراء سكورسيزي لأفلام مارفل، لكنهم لم يقوموا ببطولة أحدها حتى الآن - ولكن تقنية "اٍستعادة الشباب" لقيت بالتأكيد استحسان آل باتشينو.

وعندما سُئل عما إذا كانت العملية صعبة، أجاب :" إنها لا تروق لي .. إنها غريبة، لأنك عندما تقوم بعمل فيلم، لُبّ الأمر هو أنك تتقبل كل ما يحدث. ستفعل أي شيء من أجل سياق الفيلم، سواء كان عليك ارتداء غطاء محرك سيارة أو أي شيء آخر. تم وضع بعض النقاط علينا، التي اعتدتُ عليها بعد مضي بعض الوقت. وأصبح وضعها شكلاً من أشكال التحضير. لقد كان هذا مكياجي". أما دي نيرو فيصف العملية بأنها "غير معقدة"، مضيفاً: "قالوا لي "كن نفسك، ومثل بأسلوبك وسنقوم بتصغير سنك". لم يكن علينا فعل أي شيء".

أسأل ما إذا كان ممكناً أن يفكر الثنائي في تأجيل مشاركتهما في النسخة الأدبية لحكاية بادئة لفيلم "حرارة" والتي يقوم المخرج مايكل مان بكتابتها حالياً.  (حيث لعب باتشينو دور الشرطي  القاسي فنسنت هانا، بينما كان دي نيرو العقل المدبر المجرم نيل مكولي في الفيلم الذي صدر عام 1995).

يقول دي نيرو: "لا يمكنك أن تكون متأكداً أبداً". أما باتشينو، الذي سيبلغ من العمر 80 عاماً في أبريل (نيسان) المقبل - فهو متحمس بشكل خاص للفكرة: "هل تعني أنه من الممكن أن نصبح أصغر سناً في المستقبل؟ بالتأكيد سأقوم بهذا".

بالنسبة لكثيرين، فإن فيلم "الأيرلندي" هو عودة سكورسيزي إلى ملعبه الذي يتألق فيه: ملحمة العصابات. إنه فيلم يبدو أن الزمن فقط يفصله عن الأعمال التي باتت من كلاسيكيات هذا النمط والتي قدمها في حقبة التسعينيات مثل فيلم "أصدقاء طيبون" (في عام 1990) وفيلم "كازينو" (1995).  في تقييم الاندبندنت الذي منح الفيلم خمس نجوم، وصفته الناقدة كلاريس لوغري بأنه "عودة العصر الذهبي للمخرج" - ومع ذلك، فإن النتيجة هي عمل كان بإمكان سكورسيزي ودي نيرو وباتشينو أن ينجزوه في هذه المرحلة من حياتهم بالتحديد. لا يدور فيلم "الأيرلندي" حول تقلبات الصداقة فقط - إنه تأمل في الشيخوخة والموت يبقى أثره في المُشاهد لفترة طويلة بعد استعراض الأسماء في نهاية الفيلم. أتساءل عما إذا كان دي نيرو، البالغ من العمر 76 عاماً، فكر في موته أثناء تصوير المشاهد التي يلعب فيها السنوات الأخيرة من حياة شيران، نزيل في دار لرعاية المسنين وقعيد كرسي متحرك؟ فيجيب: "كيف يمكنني ألا أفكر في الأمر؟ أي شخص لديه أي درجة من إدراك نفسه ووضعه سيقوم بذلك".

قد يكون هذا الموضوع الكئيب هو الذي يفصل "الأيرلندي" عن الأفلام الكلاسيكية في الماضي، مثل أفلام باتشينو "العراب"(1972) و سيربيكو (1973) و "عصر يوم قائظ" (1975). يعترف الممثل بمشاهدة الإصدارات الأخيرة ومعاناته في رؤية أي تأثير متبق لهذه الأفلام. على كل حال، يشعر دي نيرو أن التشابه يأتي من تصويره للعنف - وهو أمر يعتقد أنه محزن للغاية بسبب الرئيس الأميركي، حيث يعتقد أنه يقود أميركا نحو الحرب. في الماضي، كان الممثل صريحاً للغاية حول كرهه لدونالد ترمب واليوم، لا يبخل علينا بآرائه في هذه الناحية.

يقول دي نيرو: "يهتم ترمب بشيء واحد فقط: إنه يريد أن يكون الرئيس... سيكون هو الرئيس بغض النظر عما يتطلبه الأمر. إذا فاز في الانتخابات المقبلة، فمن المؤكد أن فرصة السماح له بإقحامنا في حرب ستكون أكبر، وإذا كنتَ رئيساَ في حالة حرب، فمن المرجح أنك ستبقى لولاية رئاسية ثالثة.  تخيله في ولاية ثالثة."

يتابع دي نيرو: "أنا معتاد جداً على رؤية الناس من أنماط مختلفة ومن مدن ومجتمعات مختلفة يعيشون معاً. هذا هو الأمر الطبيعي. عندما يبدأ الناس في الانقسام والإشارة إلى الاختلافات وكأن هناك عيباً فيهم -  مستنتجين أنه يجب عليه القيام بشيء حيال ذلك - فهذا هو الخطر".

يحافظ باتشينو على صمته فيما يتعلق بالسياسة، مفسحاً المجال لخطبة زميله النجم بالاستمرار.  ما عدا ذلك، فهو الأكثر حيوية بين الإثنين، حيث يتجاوز الأسئلة المتعلقة بالماضي ويأخذ وقته لتقديم إجابات متفكرة، سواء كان الحديث عن السبعينيات (يقول: "لا أتذكرها لعدة أسباب") أو عن العمل مع غراهام بطل فيلم "هذه إنكلترا"، الذي يلعب دور فرد في أسرة المافيا الجَنَويّة أنتوني بروفنزانو-  المعروف اختصاراً "توني برو". من الواضح أن باتشينو شخص لا يحب نسيان ذكريات الماضي. يقول إن الجولة الصحافية المصاحبة لفيلم "الأيرلندي" جعلته يشعر بالحنين إلى علاقته المهنية - وصداقته في الواقع - مع دي نيرو.

يقول: "لست متأكداً مما إذا كان الناس يعرفون ذلك، لكنني التقيت بـ روبرت عندما كنا ممثلين شابين في الستينيات، وخلال تلك السنوات، تعرفنا على بعضنا البعض جيداً. في أوقات معينة من حياتنا، كانت الأمور تحدث بطريقة غير متوقعة نسبياً، لذلك وجدنا أنفسنا نقترب من بعضنا ونتشاركها. لقد وجدنا بعض الراحة في ذلك". إنه لا يسهب في هذه النقطة.

ما هو شعوره تجاه معركة محتملة للتنافس على الأوسكار في حفل جوائز عام 2020؟

يقول صارخاً بينما تشق الهواءَ ضحكةُ باتشينو التي لا يمكن أن تخطئها: "فئة مختلفة!... سيساعدنا هذا في المسابقة". (على الرغم من تقاسمهما 15 ترشيحاً بالمجمل - بما في ذلك ثلاثة انتصارات - لم يتم ترشيح الثنائي مطلقاً للجائزة ذاتها).

على كل، سيكون تقديراً جميلاً للغاية بالنسبة لغراهام إلى جانب هؤلاء الممثلين الذين ألهموه. مشهده البارز الذي يشهد دخول شخصية بروفينزانو التي يؤديها في مشادة كلامية مع هوفا المضطرب الذي يقوم بدوره باتشينو بعدما حضر إلى اجتماع متأخراً 15 دقيقة.  يزأر هوفا في وجه بروفنزانو الذي يجسده غراهام: "لم أنتظر في حياتي أبداً أي شخص تأخر أكثر من 10 دقائق"، فيجيبه غراهام: "لو كنت في مكانك سأقول 15 دقيقة- عليك أن تأخذ حركة المرور في الاعتبار". لكن هوفا يرد مهاجماً: هذا ما أفعله الآن ... أنا آخذ حركة المرور في الحسبان - ولهذا السبب إنها 10 دقائق". كان أغلب هذا التفاعل مُرتجلاً، والذي يبدو مثل نسخة دارما العصابات من المسلسل الكوميدي "اكبح حماسك".

يتذكر غراهام: "أفكر بيني وبين نفسي دائماً قائلاً: "أنا في مشهد مع روبرت دي نيرو، لكنه لم يقل كلمة واحدة ... في مرحلة ما، قلت [موجهاً الكلام إلى دي نيرو وهمي] "ما رأيك؟" فيجيبني: "ما رأيك باثنتي عشرة دقيقة ونصف؟" -  وهذا أفضل حوار! كنت أضحك كثيراً في داخلي".

يقول إن الخوف الذي انتابه تجاه العمل مع أشخاص هم نجوم الشاشة بالنسبة له قد تلاشى بعدما أتقن هذا المشهد بالتحديد.

ويتابع: "لقد عملت مع أغبياء غريبين، الأمر الذي يزيد من صعوبة الوضع، ولكن بالمقارنة مع ضخامة ورمزية شخصيات مثل باتشينو ودي نيرو، فإن الرجلين اللذين عرفتهما لم يكونا مغرورَين."

يعرض فيلم "الأيرلندي" حالياً في دور السينما في المملكة المتحدة وسيكون متاحاً المشاهدة على خدمة نيتفلكس اعتباراً من 27 نوفمبر (تشرين الثاني).

© The Independent

المزيد من فنون