Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا بعد قرن من التواطؤ البريطاني مع إسرائيل؟

"ورثت" إسرائيل الأدوات التي فرضتها بريطانيا على الفلسطينيين بغية قمع ثورتهم خلال ثلاثينيات القرن الماضي وهي تكثر من استخدامها اليوم. وفي 2019، زودت بريطانيا إسرائيل بكمية أكبر من الأسلحة من أي وقت مضى

لاعب كرة قدم في غزة مبتور القدم يشارك في مباراة مع زملاء مثله من المبتوري الأطراف (إندنبندنت)

أسفر القصف الإسرائيلي على غزة الأسبوع الماضي عن مقتل 34 فلسطينياً. ومنهم ثمانية أفراد من عائلة واحدة- خمسة منهم تحت الـ13 من العمر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

عندما تطالعنا صور الرضيعة اليتيمة فرح التي لا يتعدى عمرها 35 يوماً، هي التي عُثر عليها بعد الغارة الإسرائيلية في حضن أخيها المقتول، أو صور العروسين محمد ومروى العائدين من شهر العسل ليكتشفا أنّ منزلهما أضحى أنقاضاً، علينا أن نعلم علم اليقين أنّ المملكة المتحدة طرف متواطئ في أعمال العنف والاغتيالات هذه.

ويعود تاريخ التواطؤ البريطاني إلى قرن من الزمن، بدءاً باللورد بلفور ووصولاً إلى بوريس جونسون.

فشهر نوفمبر (تشرين الثاني) هو ذكرى توقيع إعلان بلفور في العام 1917، وهي وثيقة تعهّد البريطانيون بموجبها بدعم توطين اليهود في فلسطين. وهو تاريخ غالباً ما يشار إليه على أنه يوم منحت بريطانيا أرضاً لا تملكها إلى شعب لا يستحقها.

لكن في أعين حكومة المحافظين الحالية، يشكّل وعد بلفور لحظة فخر وطنية. ففي العام 2017، تباهى وزير الخارجية آنذاك، بوريس جونسون، وهو يعرض أمام بنيامين نتنياهو المكتب الذي وقّع عليه آرثر بلفور وثيقته. ثمّ دعا جونسون رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي كان يزور البلاد إلى عشاء احتفالي بمناسبة مرور قرن من الزمن على وعد بلفور.

لم يقرّ أي من السياسيَيّن بما اعترف به المؤرخ والمغترب الإسرائيلي إيلان بابي عندما كتب أنّ أن اللورد بلفور كان في الواقع من أكثر السياسيين البريطانيين معاداة للسامية في القرن العشرين وأنه اضطهد اليهود الوافدين إلى بريطانيا من غرب أوروبا من خلال "قانون الأجانب" الذي سنّه في العام 1905. وأصبحت الحركة الصهيونية أداة مفيدة للسياسيين البريطانيين من أجل ترحيل اليهود عن بريطانيا. "تستطيع أن تكون معادياً للسامية وداعماً كبيراً لإسرائيل في الوقت نفسه" حسب تعبير بابي.

أمّا الأدوات التي فرضتها بريطانيا على الفلسطينيين من أجل قمع ثورتهم في ثلاثينيات القرن الماضي، "فورثتها" إسرائيل عنها وتكثر من استخدامها اليوم، كما شرحت المحامية الفلسطينية سلمى كرمي-أيّوب مؤخراً. وتشمل هذه الأدوات هدم المنازل باعتباره عقاباً جماعياً وحظر التجوّل والإعتقال الإداري (أي السجن من دون محاكمة).

والآن في العام 2019، تزوّد بريطانيا إسرائيل بكمية أكبر من الأسلحة من أي وقت مضى. وتكشف الأرقام الصادرة عن حملة مناهضة تجارة الأسلحة أنّ المملكة المتحدة أجازت تصدير تجهيزات وتقنيات عسكرية بقيمة 364 مليون جنيه استرليني إلى إسرائيل بين 2014 و2018.

وعندما اتّخذ الناشط في حقوق الإنسان والمُحاضر آدي مورميك خطوة مباشرة في المملكة المتحدة واحتلّ سقف مبنى "إلبيط سيستمز"، وهي الشركة التي تنتج 85 في المئة من كافة الطائرات من دون طيار التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي، تساءل إن كان يقف فوق المبنى المسؤول عن صناعة الأسلحة التي قتلت أصدقاءه في غزّة.

وأين هي العقوبات البريطانية؟ ما زلنا نعتزّ بدفاعنا عن دولة اعتبرت الأمم المتحدة أنها تنتهك حقوق الإنسان والقانون الدولي كما نعدّها شريكاً تجارياً ونمدّها بالأسلحة. 

ليس محامو حقوق الإنسان وحدهم من يفهمون الكلفة البشرية لإطلاق القنابل على قطعة أرض محاصرة يقطنها مليون طفل.

هل سيشكّل فوز حزب العمّال في الإنتخابات العامة في المملكة المتحدة أي فرق من ناحية سقوط قذيفة على طفل داخل غزّة؟

أعلن حزب العمّال لتوّه بيانه الذي يتعهّد فيه بتعليقٍ فوري لبيع السلاح إلى إسرائيل "في ما يخصّ الأسلحة المستخدمة في انتهاك حقوق الإنسان للمدنيين الفلسطنييين". ورحّب الناشطون الفلسطينيون في المملكة المتحدة بالقرار.

لكن الوعود الأخرى التي قطعها مؤتمر حزب العمّال هذا العام لم تظهر في البيان. ولا سيّما وعد الحزب بأنّه سيعارض أي اتفاق سلام لا يحترم قرارات الأمم المتحدة بما فيها "حق العودة" للاجئين.

وفسح المؤتمر المجال أمام وضع سياسة حظر البضائع المصنّعة داخل المستوطنات غير الشرعية في الضفة الغربية على غرار القرار الذي تبنّاه البرلمان الإيرلندي هذا العام. وهو أسلوب احتجاج سلمي تعهّد بوريس جونسون بقمعه إذ ينوي تجريد المجالس المحلية والهيئات العامة من قدرتها على مقاطعة سلع المستوطنات.

وفي هذه الأثناء، اتّضح أنّ وزيرة الداخلية البريطانية، بريتي باتيل، تجري اتصالات سرية مع إسرائيل بشأن تحويل المساعدات الخارجية للجيش الإسرائيلي من أجل توفير الدعم الطبي للاجئين الفلسطينيين. (قالت رئاسة الوزراء إن المملكة المتحدة لا تمدّ الجيش الإسرائيلي بالدعم المادي).

لا نعلم بعد إلى أي مدى يستطيع جيريمي كوربين أن يطبّق سياسة تساعد في إنهاء قمع الفلسطينيين. وليس وعده بالاعتراف بدولة فلسطين في حال فاز بمنصب رئيس وزراء بريطانيا سوى بادرة رمزية. كما أنّ بيانه ما زال ملتزماً بحل الدولتين الذي يعتبره معظم الفلسطينيين أمراً أفل وانتهى.

لكن وجود جيرمي كوربين في وستمنستر أفضل بالنسبة للفلسطينيين من الوضع الراهن.

مما لا شك فيه أنّ الإجراءات التي تتخذ داخل المملكة المتحدة ما زالت تؤثر على الناس في فلسطين. وفي هذه الإنتخابات، الرهان كبير بالنسبة لهم.

تشغل ناتاشا سيلف منصب مديرة الإعلام في مؤسسة المجتمع الفلسطيني.  

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء