Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الانتفاضة اللبنانية" ترفع أسعار الأعلام

الصناعة المحلية تصطدم بالكلفة المتدنية للمنتجات الصينية

انتشار تجارة بيع الأعلام في كل المناطق (غيتي)

للمرة الأولى منذ 30 سنة، ومع انطلاق شرارة الانتفاضة الشعبية في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ارتدت شرفات بيروت حلّة وطنية جديدة.

أزيلت الأعلام الحزبية وصور السياسيين وحلت محلها الأعلام اللبنانية، وهي صرخة مدوية بوجه التبعية للنظام السياسي القائم. وشهدت تجارة الأعلام مع بدء "الحراك" رواجا كبيرا مقارنة بالعامين الماضيين.

تفاوت في الأسعار

يقول رياض (48 سنة)، والذي يعمل في بيع الأعلام في محله الصغير في وسط المدينة، لـ"اندبندنت عربية"، "أول ما بدأت الثورة كان سعر الأعلام زهيدا جدا نظرا لازدياد الطلب، ومع تراجع توافد الناس على الساحات خلال أيام الأسبوع بسبب انشغالاتهم ارتفع سعرها"، مؤكدا حرصه كتاجر على "جني نصف الربح".

ويشير إلى أنه "لا يبيع أكثر من 20 علما في اليوم"، موضحاً أن "تجارة الأعلام استطاعت في هذه الظروف القاسية والأوضاع الاقتصادية التي تتخبط فيها البلاد، أن تحرك السوق وتجني الأرباح للباعة".

في المقابل، تجتاح السعادة علاء الخمسيني، الذي استطاع أن يبيع أكثر من 200 علم للمتظاهرين في ساحة رياض الصلح، حيث يركن سيارته ويضع الأعلام والشالات والأساور محققا خلال يوم واحد مبيعات أكبر من تلك التي يجنيها طوال شهر خلال نهائيات كأس العالم لكرة القدم.

تبّدل في مصدر الرزق

لدى علاء محل لبيع الأحذية في منطقة البرج بالضاحية الجنوبية لبيروت، أما عمله في الأعلام فجاء عن طريق الصدفة.

يقول "حين كان اللبنانيون منشغلين بمباريات كأس العالم للأندية عام 2013، قررت شراء مجموعة منوعة من الأوشحة والقبعات والمزامير والأعلام، وبقي لديّ 12 علما لبنانيا. ولحسن الحظ، جاء الحراك الثوري لصالحي، إذ بيعت الأعلام كلها في غضون نصف ساعة".

تعبّر هذه الانتفاضة عن وجع المواطن وهمومه وتعكس مطالبه المحقة، إلا أنها كانت "نعمة" على علاء وعائلته، إذ تمكن من جني الأرباح اليومية، وخصوصا "عند نهاية الأسبوع إذ يزداد عدد الوافدين على الساحات".

من جهة ثانية، بدأت التحضيرات لمناسبة عيد الاستقلال في محلّة الظريف في بيروت، وتظهر بشكل واضح في الأزقة والأروقة والمكتبات التي تنتشر فيها الأعلام اللبنانية وأعلام الجيش.

أمام محله، يستقبلك أبو مصطفى، صاحب إحدى المكتبات بالأعلام الكبيرة الضخمة التي استوردت من الصين "بسبب كلفتها الأرخص مقارنة بسعر الصناعة الوطنية"، على حد قوله.

 إلا أنه يحتفظ بمجموعة نادرة من الأعلام اللبنانية ذات الصناعة المحلية التي يشتريها بالجملة من مطبعة في طرابلس لصاحبها حسان الصّوفي.

العلم المحلي

وفي حديث مع الصوفي، أشار إلى أن "العلم ذا الصناعة المحلية لم يرتبط بالثورة. فالمتظاهرون يبحثون عن الأعلام متدنية الأسعار، وأغلبها مصنوع في الصين. دزينة الأوشحة ذات الصناعة اللبنانية تكلف 20 ألف ليرة (13 دولارا)، أما في الصين 35 سنتاً. ولكن ترتفع تسعيرة الصناعة الوطنية للأعلام بسبب جودة القماش العالية والاعتماد على الصناعة اليدوية التقليدية، بحيث نفتقر للآلات الحديثة التي تزيد من نسبة الإنتاجية".

ويشرح أن "الحجم الصغير للعلم المُصنَّع محليا يكلف دولاراً، أما في الصين فـ 33 سنتا. والحجم اللبناني الوسط بدولارين وربع، أما الصيني بـ67 سنتا. أما الحجم الكبير للبناني بأربع دولارات، والصيني بـ 2.7 دولار".

وعما إذا كان يوزّع في مناطق لبنانية مختلفة، يشير الصوفي إلى أنه كان يعاني مشكلة التنقل بسبب عدم وجود رخصة "مطبعتي موجودة في منطقة سكنية مكتظة في محلّة أبي سمراء. أُوقفت الرخصة لأنه يجب أن أكون في منطقة صناعية. لذا، بقيت ثلاث سنوات أبحث فيها عن رخصة للنقل إلى حين حولت صناعتي إلى تجارة عامة بموجب القانون".

ويقول الصوفي "أنا حرفي أطالب بدعم من الدولة، ففي لبنان لا يوجد مواد أولية للطباعة. مادة (البيندر) التي تعمل على تثبيت اللون على الأقمشة كنت أستوردها من سوريا، ولكن جراء الأحداث رحت أطلبها من الصين. ففي العام الماضي عندما كنت أحضّر لعيد الجيش، علمت أن البضاعة وصلت إلى المرفأ، إلا أنها بقيت بعهدة الجمارك لتفحّصها، ولكن على الرغم من كل الاتصالات لم أستردّ البضاعة وبقيت محجوزة. فكيف ستتطلع الدولة إلى معاناتنا التي تمسّ أرزاقنا؟".

يتهافت البائعون والتجار على الصوفي لشراء الأعلام لبيعها في ساحات الانتفاضة في بيروت بأسعار باهظة مقارنة بالمراحل الأولى من بداية الثورة.

تسأل إحدى السيدات أحد الباعة الذي يعرض الأعلام على طرقات ساحة الشهداء في بيروت "البارحة أخذته منك بألفي ليرة لبنانية، واليوم لماذا وصل إلى 3000؟". فما يلبث أن يجاوبها أن هذا العلم "صناعة وطنية"، ويشير لها إلى البضاعة الصينية الأرخص.

 وعلى الرغم من أن إنتاج الصين أرخص، فإنه مع ارتفاع سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي، فقد تأثرت كل المنتجات الاستهلاكية والبضائع وارتفعت كلفتها.

المزيد من العالم العربي