حتى قبل أن ينطلق، كَثُرَ الحديثُ عن مؤتمر وارسو، المرتقب خلال أسبوع، بين رافض للمشاركة فيه ومحذرٍ من مضمونه، وبين من يعتبر أنه سيؤسّس لمرحلة كبح النفوذ الإيراني في المنطقة.
ما بين 13 و14 فبراير (شباط) الحالي، سيعقد المؤتمر الوزاري حول الشرق الأوسط، الذي تنظمّه الولايات المتحدة الأميركية في بولندا، في القلعة الملكية والإستاد الوطني في وارسو.
ويتزامن المؤتمر مع قمة ستجمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنظيريه التركي رجب طيب أردوغان والإيراني حسن روحاني في سوتشي، لبحث عملية أستانا وتشكيل اللجنة الدستورية السورية، تمهيداً لإطلاق الإصلاح الدستوري بهدف تنفيذ القرار الدولي رقم 2254.
أبرز المشاركين والغائبين
أكثر من 70 دعوة وجهت إلى دول ومجموعات دولية للمشاركة في هذا المؤتمر من ضمنها دول أوروبية عدة وعربية أيضاً، مثل مصر والإمارات والسعودية والبحرين والمغرب والأردن، وغيرها.
لكن بعض الدول التي وجهت إليها دعوات رفضت المشاركة، ومن أبرزها روسيا، التي أعلنت موقفها على لسان نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، الذي رأى أن هذا المؤتمر يضرّ بالاستقرار والسلام في الشرق ومواضيعه تتجاهل الصراع العربي الإسرائيلي، على الرغم من إعلان مصدر في وزارة الخارجية البولندية للصحافيين أنّ وارسو تتوقّع من روسيا إعادة النظر في قرارها.
المعارضة الإيرانية طالبت من جهتها رسمياً بإشراكها في فعاليات هذا المؤتمر، عبر طلب أرسل من قبل 12 حزباً وجمعية ومنظمة إيرانية إلى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو ووزير الخارجية البولندي ياتسيك تشابوتوفيتش. وأبرز الأحزاب والجمعيات الإيرانية المطالبة بالمشاركة، هي مجلس الحركة العلمانية والديموقراطية الإيرانية ومجلس الحركة الإيرانية العلمانية الديموقراطية والحزب العلماني الديموقراطي في إيران والحزب الدستوري في إيران والديمقراطيون الليبراليون والحزب الديموقراطي الليبرالي وغيرها.
أما أبرز الدول التي لم ترسل إليها دعوات للمشاركة فهي فلسطين، التي حذّرت الدول من المشاركة في المؤتمر، معتبرة أنه "مؤامرة أميركية" تهدف إلى "تصفية" القضية الفلسطينية.
كذلك، لن تشارك وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، التي أعلنت شخصياً عدم مشاركتها.
المواضيع التي ستحضر في مؤتمر وارسو
استحوذت إيران حتى الساعة على معظم التصريحات التي تطرّقت إلى المؤتمر، خصوصاً أن بومبيو كان أعلن في 11 يناير (كانون الثاني) الماضي، أن المؤتمر سيتضمّن عنصراً مهماً هو التأكد أنّ إيران لا تمارس نفوذاً مزعزعاً للاستقرار.
هذا الموقف دفع بولندا إلى محاولة التأكيد أن المؤتمر لا يستهدف طهران، فردّت الخارجية الإيرانية، في بيان، اعتبرت فيه أن المبرّرات التي قدّمتها الحكومة البولندية من أجل استضافة المؤتمر غير مقبولة، وأن البولنديين "عليهم أن يدركوا العواقب"، بعدما استدعت القائم بالأعمال البولندي احتجاجاً على ما قالت إنه مؤتمر السلام والأمن المعادي لإيران.
وانطلاقاً من رد الفعل الإيراني على هذا المؤتمر، شبّهه كثيرون بمؤتمر غوادلوب، الذي عقدته أربع قوى دولية في فرنسا قبل حوالي 40 سنة، وتحديداً في يناير عام 1979، وأتفق خلاله على ضرورة رحيل نظام الشاه في إيران آنذاك، وهو المؤتمر الذي سبق سقوط الشاه وقيام الجمهورية الإسلامية في إيران.
ما يزيد من قلق إيران من هذا المؤتمر وتداعياته على الداخل هو الوضع الاقتصادي والتحركات الشعبية التي ازدادت وتيرتها في السنوات الماضية، وتحولت إلى مطالبات بإسقاط النظام الحالي، تزامناً مع تشديد العقوبات الدولية، التي شملت مئات الأشخاص والشركات.
وبعيداً من الملف الإيراني، ستحضر الأزمة السورية والتسوية السياسية فيها، فيما سيغيب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني والحرب في ليبيا. ومن المتوقع أن يُسفر المؤتمر عن تشكيل ست لجان عمل لتنفيذ التوصيات المتعلقة بـ "محاربة تهديد الأمن السيبراني" و"الصواريخ الباليستية" ومحاربة الإرهاب وتوفير الأمن والطاقة وأمان الطرق البحرية وحقوق الإنسان، وهي اللجان التي وصفها كثيرون بأنها آلية لضبط سلوك إيران في المنطقة.