Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الرياض تستخدم الضغط العسكري لاحتواء تمدد الانتقالي شرق اليمن

تصعيد مضبوط لتفادي انفجار واسع في منطقة حساسة

أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي يرفعون أعلام جنوب اليمن خلال مسيرة في عدن، 25 ديسمبر 2025 (أ ب)

ملخص

نفذت السعودية ضربة جوية تحذيرية قرب مواقع استحدثتها قوات المجلس الانتقالي في محافظة حضرموت، في رسالة ضغط لوقف التصعيد ومنع فرض أمر واقع بالقوة.

كشف رئيس الإعلام في حلف قبائل حضرموت المناوئ للمجلس الانتقالي صبري بن مخاشن عن أن الطيران السعودي شنّ، اليوم الجمعة، ثماني ضربات، غالبيتها تحذيرية، بالقرب من مواقع استحدثتها قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في محافظة حضرموت، من دون ورود معلومات عن حجم الخسائر في صفوفها، في تطور يدفع بالمحافظة الاستراتيجية إلى خط الصراع للمرة الأولى، بعدما ظلت بمنأى عن الحرب التي يشهدها اليمن منذ الانقلاب الحوثي عام 2014، في وقت تحذر السعودية من استمرار تمدد المجلس الانتقالي شرق البلاد.

من جانبه، اعتبر الانتقالي أن تحركات الأخيرة "جاءت استجابة مباشرة لدعوات أبناء الجنوب لمواجهة التهديدات الأمنية وفي مقدمتها الجماعات الإرهابية وقطع خطوط التهريب التي استخدمتها ميليشيات الحوثي الإرهابية كـ"شريان حياة" طوال السنوات الماضية".

وأكد البيان "انفتاح المجلس على أي تنسيق يضمن أمن الجنوب ووحدته وسلامته، ويلبي تطلعات شعبه، ويحفظ المصالح المشتركة مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية".

واعتبر المجلس أن التطورات التي يشهدها اليمن لا تخدم مسارات التفاهم ولن تثني من أسماهم بـ"شعب الجنوب" عن المضي في استعادة حقوقهم كاملة.

غارات وتعزيزات وتفويض

وأكد بن مخاشن أن معارك اندلعت، ليل أمس، بين قوات حلف قبائل حضرموت والمجلس الانتقالي في مناطق وادي حضرموت. وقال لـ "اندبندنت عربية" إن قوات الانتقالي "تواصل جرائمها باستهداف المدنيين والأبرياء"، مشيراً إلى أنها هاجمت مواقع ومعاقل حلف القبائل في وادي نحب بمديرية غيل بن يمين، وهي منطقة غنية بالنفط، عبر تعزيزات عسكرية كبيرة وبمختلف الأسلحة الثقيلة من عدة محاور، بهدف اعتقال وقتل قيادات الحلف والسيطرة على معاقله. وأوضح أن الاشتباكات اندلعت بعدما فشلت تلك القوات في اعتقال عدد من رجالات الحلف، لتقوم لاحقاً بإحراق منازل مواطنين في وادي نحب بمديرية غيل بن يمين، قبل أن تواصل عملية عسكرية أخرى استهدفت مناطق البادية في وادي خرد، غير أن رجال القبائل تصدوا لها، ما أدى إلى اندلاع معارك أسفرت عن خسائر في صفوف قوات المجلس الانتقالي.

وجدد الانتقالي الجنوبي "تأكيده على مواصلة جهود مكافحة الإرهاب وقطع إمدادات ميليشيات الحوثي وتأمين وادي حضرموت والمهرة وكافة محافظات الجنوب مع الالتزام بالشراكة مع دول التحالف العربي لمواجهة التهديدات المشتركة".

واختتم البيان بالتأكيد على الاستمرار في تنفيذ مضامين التفويض الشعبي الجنوبي للرئيس القائد عيدروس الزُبيدي، معبراً عن تقديره لنضال وصمود الشعب الجنوبي في الداخل والمهجر وأن "الجنوب سيظل شريكاً فاعلاً في أمن المنطقة واستقرارها".

في السياق ذاته، نقلت قناة "عدن" التابعة للمجلس الانتقالي أن سلاح الجو السعودي أغار على مواقع تابعة له في محافظة حضرموت. وقالت القناة في منشور على "فيسبوك" إن "سلاح الجو السعودي يقصف مواقع لقوات النخبة الحضرمية في وادي نحب بحضرموت"، من دون الإبلاغ عن وقوع ضحايا حتى الآن، كذلك أفادت مصادر في المجلس الانتقالي الجنوبي لوكالة الصحافة الفرنسية بتنفيذ ثلاث غارات جوية.

مما "لا تحمد عقباه"

من جانبه، قال مسؤول تحرير الشؤون الخليجية في صحيفة "الشرق الأوسط" بدر القحطاني إن "السعودية لا تريد لليمن، شماله وجنوبه وشرقه وغربه، إلا كل الخير"، وأضاف "أن سياسة الرياض تجاه اليمن بنائية، وقدمت دعماً سياسياً وعسكرياً واقتصادياً بهدف إنهاء الأزمة اليمنية"، مؤكداً أن ليس من مصلحتها أن تقرر نيابة عن اليمنيين، شمالاً وجنوباً، أي تسويات سياسية. وأوضح القحطاني في حديثه إلى "اندبندنت عربية" أن أكبر دليل على ذلك يتمثل في عدم تدخل السعودية في مخرجات الحوار الوطني. وفي المقابل، شدد على أن الرياض ترى أمنها الاستراتيجي خطاً أحمر، ولا يمكن بأي حال فرض أمر واقع يهدد حدودها. وتابع أن التحركات السعودية اتسمت بالصبر والهدوء، قبل أن تعلن ضرورة عودة قوات المجلس الانتقالي إلى معسكراتها، مؤكداً تنفيذ ضربة سعودية تحذيرية قرب معسكر وادي نحب في مديرية غيل بن يمين. وأشار القحطاني إلى أن الضربة الحالية كانت "تحذيرية"، لكنه لا يعتقد أن الضربة المقبلة ستكون كذلك، لافتاً "إلى أن الطريق ما زال ممهداً لعودة قوات الانتقالي إلى خارج حضرموت والمهرة، وأن الفرصة لا تزال قائمة لإعادة القوات والحفاظ على المكاسب السابقة وتجنب ما لا تحمد عقباه".

وضمن قراءة لتطورات المرحلة المقبلة في ظل الدعوات الإقليمية والحكومية لـ"الانتقالي" بالتراجع عن خطواته الأحادية فيما يرفض الاستجابة لتلك الدعوات، يرى القحطاني أن الضربة اليوم تحذيرية، لكنه لا يعتقد أن المقبلة ستكون كذلك.

ووفقاً لحال الشقاق غير المسبوق في أرض العسل والدان، فإن الأيام المقبلة قد تكون محملة بمستجدات حاسمة ليس في حضرموت والمهرة فحسب بل ومستقبل البلاد، مع إصرار كل طرف على موقفه ما يثير مخاوف من اتساع رقعة الصراع وتفاقم الوضع الإنساني الصعب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"الأحادي"

وكانت السعودية أعلنت، أمس، أنها لا تزال تأمل في أن ينهي المجلس الانتقالي الجنوبي التصعيد ويسحب قواته بصورة عاجلة من محافظتي حضرموت والمهرة، منددة بتصرفه "الأحادي". وفي 12 ديسمبر (كانون الأول) الجاري، وصل وفد عسكري سعودي- إماراتي مشترك إلى عدن لبحث ترتيبات تهدئة التوتر وضمان عودة قوات المجلس الانتقالي إلى مواقعها السابقة خارج المحافظتين، مؤكداً استمرار الجهود لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه.

وكان المجلس الانتقالي الجنوبي في البداية جزءاً من التحالف الذي تقوده السعودية، والذي تدخل في اليمن عام 2015 ضد ميليشيات الحوثي المتحالفة مع إيران، لكنه لاحقاً دخل في خلاف مع الحكومة وسعى إلى إقامة حكم ذاتي في الجنوب.

"استعادة الدولة"

ويسعى الكيان الجنوبي للتفرد بالقرار الجنوبي في إطار مشروعه السياسي المتمثل في "استعادة الدولة" الجنوبية اليمنية التي دخلت في وحدة طوعية مع شمال اليمن عام 1990، خصوصاً أن محافظة أبين تمثل واحدة من أبرز معاقل تنظيم "القاعدة" التي استبقها بعملية مماثلة سميت بـ"سهام الشرق"، وتمت ملاحقتها في جبال المراقشة وجعار ومودية وغيرها.

وعندما شن المجلس الانتقالي عملياته في مطلع ديسمبر (كانون الأول) قال حينها إنها هدفت إلى طرد الإسلاميين ووقف عمليات التهريب لمصلحة الحوثيين. لكن تلك إجراءات اعتبرها مراقبون "سعي نحو التفرد بالقرار الجنوبي" في إطار مشروع سياسي يتمثل في "استعادة الدولة" الجنوبية اليمنية.

ويعاني اليمن حرباً أهلية منذ عام 2014، تمكن خلالها الحوثيون من السيطرة على شمال البلاد بما في ذلك العاصمة صنعاء، ما دفع الحكومة الشرعية إلى التوجه جنوباً.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات