ملخص
يواصل أرسنال التحول إلى فريق فتاك في الموسم الجديد بعد إبرام صفقات صيفية لامعة كانت لها الفضل في تألقه محلياً ودفع لاعبيه القدامى لاستعادة بريقهم في دوري أبطال أوروبا.
بينما كان ميكيل أرتيتا يحاول إيجاد اللمسة الحاسمة لفريقه في أجواء ملعب "سان ماميس" المشتعلة، ألقى نظرة نحو مقاعد البدلاء، ولم يستطع أن يغض الطرف عن الطريقة التي كان ينحني بها غابرييل مارتينيلي إلى الأمام.
وقال أرتيتا، "رأيت في عينيه أنه كان مستعداً"، ثم أشار إلى لياندرو تروسارد، وقال، "وليو أيضاً".
لقد كانوا أكثر من مجرد مستعدين بل كانوا متلهفين للدخول. فبعد 36 ثانية فقط من مشاركته، لعب تروسارد كرة ساقطة نحو مارتينيلي الذي سجل هدفاً افتتاحياً أنيقاً في هذا الفوز بنتيجة (2 - 0) على أتلتيك. وقبل دقائق من النهاية، رد مارتينيلي الجميل لتروسارد ليحسم النقاط الثلاث.
التبديلات سلاح أرسنال السري
لقد تحدث أرتيتا عن "التبديلات الملهمة". لكن في الواقع، هذا ليس التعبير الذي يحب المدرب الإسباني استخدامه. فالباسكي جزء من مجموعات "القيادة" التي تضم مدربين نخبة من رياضات مختلفة، حيث يتبادلون الأفكار، وقد استوقفته فكرة من لعبة الرغبي. تماماً مثل إيدي جونز وجو شميت، إذ يصف أرتيتا هؤلاء اللاعبين بأنهم "الحاسمون".
وقال عن هذا التعبير، "أعشقه، لأنني لا أحب الكلمات الأخرى لوصف اللاعبين".
لقد كانت رسالة واضحة منه إلى الفريق في الأسابيع الافتتاحية من هذا الموسم، "الحاسمون سيكونون أكثر أهمية هذا الموسم من الأساسيين".
قد تكون هذه الرسالة ذات أهمية خاصة، بالنظر إلى أن أرتيتا يواجه تحدياً جديداً يتمثل في إدارة فريق ضخم ومكلف. فقد جرى الحديث بالفعل في ملعب التدريب عن اضطرار اللاعبين لاستخدام ملاعب أخرى لم يتوقعوا أن يلعبوا عليها. وذلك الشعور بالتهميش سيتضاعف عند اختيارات التشكيلة الأساسية.
وقال أرتيتا، "في كل مرة تعلن فيها التشكيلة، فإنك تخيب آمال كثير من اللاعبين. أعلم جيداً كم يرغبون في اللعب في هذه البطولة، وما الذي تعنيه لهم".
وقد رأى ذلك في مارتينيلي. والجميع كان قادراً على رؤية ما يعنيه للفريق أن يسجل مارتينيلي مثل هذا الهدف، بالنظر إلى الإحساس بأن مسيرته قد توقفت.
قد تكون هذه لحظة مهمة. فالبرازيلي ليس رجلاً منسياً، لكن كان من الضروري التذكير بقدراته الحقيقية.
عودة مارتينيلي إلى التألق
فبعد أن كان في وقت ما أحد أبرز المواهب الواعدة لمستقبل النادي، التي كان باريس سان جيرمان مستعداً لدفع ثروة من أجلها، تراجع مارتينيلي عن التشكيلة المفضلة لأرسنال، بينما تعاقد أرتيتا مع سلسلة من اللاعبين القادرين على اللعب في نفس مراكزه المفضلة. وكان الحديث طوال الصيف يدور حول حاجة الفريق إلى لاعب في الجهة اليسرى، وأنهم كانوا منفتحين على بيع اللاعب البالغ من العمر 24 سنة.
لكن بدلاً من الرحيل، بقي مارتينيلي، وفي بيلباو أظهر قيمته الحقيقية. فقد منح أرسنال بداية سريعة في مشواره بدوري الأبطال، عندما هيأ لنفسه الكرة بلمسة ثانية جميلة وأنيقة، قبل أن يسددها في شباك أوناي سيمون. وقد لوحظ أن الفريق بأكمله التف من حوله.
وقال أرتيتا، "هذه هي الروح. لهذا السبب أستمتع حقاً في كل يوم بالعمل معهم وبأن أكون جزءاً من هذا الفريق، لأن الطريقة التي يعتنون بها ببعضهم بعضاً صادقة، وهم يريدون الخير حقاً لبعضهم. كما أنهم يدركون قيمة شخص يعمل كل يوم بالطريقة التي يعمل بها غابي. يمكنك أن تمر بمعاناة أو لحظات صعبة، والقدرة على إدراك ذلك والتواصل معه، أعتقد أن ذلك سيكون ذا قيمة كبيرة بالنسبة إليه".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف، "كنت واثقاً أن غابي سيرد بهذه الطريقة. عندما ترفع المستوى أمام غابي، كان سيفعل ذلك. لديه عقلية مميزة. إنه لاعب دائم الاستعداد للتعلم وقد دفع نفسه إلى أقصى الحدود".
وأردف، "هذه هي اللحظة التي آمل أن تمنحه الثقة من جديد للمضي قدماً، لأنه لاعب استثنائي".
هنا كان "البدلاء الحاسمين" هم من منحوا أرسنال تلك الأفضلية الحاسمة أو تلك "النهايات" بالمعنى الحرفي.
قوة أرسنال تخمد ثورة بيلباو
لقد كتب الكثير بالفعل عن قوة الفريق من حيث العمق، لكن هذه المباراة أظهرت جانباً آخر من تلك القوة، فالفريق كان قد أكد صلابته قبل إجراء التبديلات. إذ ضغط أتلتيك عليهم بشدة في الدقائق الـ25 الأولى، وهو اندفاع قال أرتيتا إنه كان يتوقعه.
وتابع المدرب، "كثافة هائلة، وكثير من اللعب المباشر. يا له من مكان مذهل لممارسة كرة القدم، وإحدى أفضل الأجواء التي لعبت فيها".
وقد تضاعفت تلك الأجواء الشهيرة بفعل الترقب الطويل والحماس العارم للعودة أخيراً إلى دوري الأبطال بعد غياب 11 عاماً. وقد رفع مشجعو أتلتيك لافتة قبل المباراة كتب عليها، "فريد في العالم"، وبالفعل كان هذا الوصف دقيقاً للمشهد الذي صنعوه.
ومع ذلك صمد أرسنال، وقدم كل ما لديه في الملعب ثم بدأ بالاندفاع إلى الأمام. بل إنه امتلك أفضل فرص المباراة حتى في المراحل المبكرة، حيث اقترب فيكتور غيوكيريس مرتين بضربتي رأس.
لقد كان عرضاً مبهراً من السيطرة، سيشكل اختباراً لأي خصم يواجهه أرسنال هذا الموسم. فهم بالتأكيد لن يسمحوا لأحد بأن يتغلب عليهم بالقوة، بل إنهم هم من يقومون بكثير من الضغط والاندفاع.
وقد يقول كثر بحق إن هذا بالضبط ما يجب أن يحدث عندما تواجه نادياً بإمكانات أقل بكثير.
فـ"البدلاء الحاسمون" عند أرتيتا لم يكونوا مجرد استعراض لجودة فريقه الجديدة فحسب، بل كانوا أيضاً الفارق الحاسم بين أرسنال وأتلتيك، وكذلك معظم أندية أوروبا. فهم أكثر ثراء بكثير.
فوارق هائلة بين أرسنال وبيلباو
وحين تحدث مدرب أتلتيك، إرنستو فالفيردي، عن كيفية بدء فريقه في خسارة الالتحامات مع مرور الوقت، قال ببساطة، "إنهم يدفعون كثيراً من المال ليكون لديهم لاعبون أقوى بدنياً وأكثر تفوقاً من الناحية الفنية". وهذا في حد ذاته قول عميق.
وقد وضع أمام فالفيردي بعد المباراة أن قيمة تشكيلته بلغت 60 مليون يورو (71.03 مليون دولار)، بينما اقتربت قيمة أرسنال من المليار (1.18 مليار دولار).
وقال مازحاً، "حسناً، إذا كان ينبغي أن نخسر بنتيجة 0 - 40"، قبل أن يضيف أن أرض الملعب دائماً ما تكون مختلفة، إذ تنطبق عليها عناصر بشرية مختلفة.
ومع ذلك فقد أظهرت أرض الملعب الحقائق أيضاً. ففي هذه الحالة، أنهك نوني مادويكي دفاع أتلتيك من دون نتيجة، ليجد نفس اللاعبين الباسكيين أنفسهم بعد ذلك في مواجهة مارتينيلي. وإذا لم يتمكنوا من رؤية النظرة في عينيه كما رآها أرتيتا، فذلك فقط لأنه كان أسرع من أن يرى. لقد امتلك كل تلك الطاقة.
وقد تكرر مراراً في هذه السطور القول إن كل هذا يمثل مشكلة لكرة القدم الأوروبية، لأن نحو 12 نادياً أغنى بكثير من البقية. بل إن فالفيردي استخدم مصطلح "النادي الفائق".
ومع ذلك فإن هؤلاء هم من يحتاج أرسنال إلى التغلب عليهم. وربما كانت هذه المباراة الأولى في دوري الأبطال إشارة إلى أن أرتيتا بدأ يضع اللمسات الأخيرة.
© The Independent