Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تركيا تعزز حضورها في أفريقيا بالأسلحة والتجارة

تملك أنقرة نحو 71 مكتباً عسكرياً في القارة وارتفعت مبيعاتها إلى نحو 328 مليون دولار تشمل مسيرات "بيرقدار"

تقدم تركيا الكثير من العروض التجارية والعسكرية لأفريقيا (رويترز)

ملخص

الاهتمام التركي بأفريقيا ليس وليد اللحظة، إذ حصلت أنقرة عام 2005 على صفة مراقب دائم في الاتحاد الأفريقي، ومنذ ذلك الوقت سعت إلى ترسيخ نفسها في المعادلة الأفريقية الصعبة، ومنذ 2008 زار الرئيس التركي نحو 30 دولة أفريقية، وحاول توجيه الاستثمارات نحو هذه الدول الغنية بثرواتها حيث تختزن دول أفريقية معادن ثمينة مثل الكوبالت واليورانيوم.

في الوقت الذي تتراجع فيه فرنسا في أفريقيا وتدخل فيه قوى عالمية أخرى مثل روسيا والصين معركة النفوذ، لا تهدأ الدبلوماسية التركية في مسعى إلى ترسيخ حضور أوسع لأنقرة في القارة السمراء الغنية بثرواتها، وذلك من خلال كثير من الأسلحة.

وقد نجحت تركيا أخيراً في بناء شراكات عسكرية مُثمرة من خلال تزويد دول أفريقية بمعدات عسكرية تركية مثل مسيرات "بيرقدار"، لكن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد إذ اضطلعت أنقرة بوساطات نزعت فتيل أزمات حادة في مناطق مثل القرن الأفريقي.

وفي إطار هذه الجهود استقطب منتدى أنطاليا الذي عُقد أخيراً كثيراً من المسؤولين الأفارقة يتقدمهم الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، وعلى رغم الأدوار المتقدمة التي باتت تضطلع بها، فإنه من غير الواضح قدرة أنقرة على الحلول محل قوى أخرى مثل فرنسا.

شريك إستراتيجي

وفي ديسمبر (كانون الأول) 2024 أعلنت تركيا عن توسطها بين إثيوبيا والصومال في خطوة قادت إلى إنهاء الخلافات بين البلدين، ووصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الاتفاق بـ"التاريخي".

وعززت تركيا بشكل كبير حضورها الدبلوماسي في أفريقيا، فبحسب بيانات وزارة الخارجية فقد ارتفع عدد سفاراتها من 12 سفارة في 2002 إلى 44 سفارة وقنصلية عام 2022، فيما زادت التمثيليات الدبلوماسية الأفريقية في أنقرة من 10 في 2008 إلى 38 ممثلية عام 2023.

واعتبر الباحث السياسي، طه عودة أوغلو، أن "تركيا نجحت في تعزيز وجودها في القارة الأفريقية كشريك إستراتيجي على خلاف الدول الاستعمارية الأخرى كفرنسا، واستفادت من موقعها الجغرافي والخبرات في كثير من المجالات لتنمية علاقات طويلة الأمد، وأصبحت أفريقيا تشكل العمق الحيوي لمصالح تركيا الجيوإستراتيجية".

 

 

وتابع أوغلو "لاحظنا أيضاً أن تركيا سعت إلى توسيع نفوذها من خلال كثير من القنوات مثل أمن الطاقة واستكشاف النفط في الصومال، التي أنشأت فيه قاعدة عسكرية. وواجهت تركيا تحديات صعبة لبناء نفوذ في أفريقيا، خصوصاً أنها اصطدمت بقوة أخرى كبيرة على الساحة الدولية هي فرنسا، التي كانت منزعجة بصورة كبيرة من الدور التركي".

واستدرك بالقول "تركيا نجحت من خلال الدبلوماسية الناعمة، لذلك أعتقد أن العلاقة التركية – الأفريقية ستحتل حيزاً مهماً في السياسة الخارجية لأنقرة خصوصاً في ظل النجاحات التي حُققت في القارة، ولن يقتصر الأمر على التقارب السياسي والاقتصادي، بل سيشمل مجالاً حساساً ومهماً وهو الصناعات الدفاعية".

وبالفعل زودت تركيا دولاً كثيرة في أفريقيا بمعدات عسكرية مثل مسيرات "بيرقدار" التي باتت تجوب سماء القارة السمراء، وذلك في خطوات تستهدف على الأرجح تعويض فرنسا التي اضطرت إلى سحب قواتها ومعداتها العسكرية من القارة.

تعاون اقتصادي

والاهتمام التركي بأفريقيا ليس وليد اللحظة، إذ حصلت أنقرة عام 2005 على صفة مراقب دائم في الاتحاد الأفريقي، ومنذ ذلك الوقت سعت إلى ترسيخ نفسها في المعادلة الأفريقية الصعبة، ومنذ 2008 زار الرئيس التركي نحو 30 دولة أفريقية، وحاول توجيه الاستثمارات نحو هذه الدول الغنية بثرواتها حيث تختزن دول أفريقية معادن ثمينة مثل الكوبالت واليورانيوم.

وقال أوغلو إن "تركيا نسجت ورسخت علاقات في أفريقيا من باب التعاون الاقتصادي، ففي الأعوام الماضية زادت استثماراتها في الطاقة والبنية التحتية واضطلعت بدور دبلوماسي واسع، إذ دشنت قنصليات جديدة وقدمت مساعدات إنسانية كبيرة للدول الأفريقية مع تنامي التعاون الأمني والعسكري"، وارتفع حجم التبادل التجاري بين تركيا وأفريقيا من 3 مليارات دولار عام 2003 إلى نحو 35 مليار دولار في 2023.

نفوذ مترامٍ

ومن جانبه، قال الباحث السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية، محمد تورشين إن "النفوذ التركي في أفريقيا بدأ يترامى على غرار كثير من القوى الإقليمية، وأنقرة بنت هذا النفوذ عبر أعوام طويلة مستغلة الدبلوماسية الناعمة من خلال المنح الدراسية والمساعدات والمشاريع الخيرية وتقديم الدعم للمجتمعات المدنية".

وأردف تورشين أن الدبلوماسية الناعمة نجحت بالفعل في تعزيز وتوطيد النفوذ التركي في أفريقيا، وأخيراً أصبحت تركيا تستخدم الشراكات العسكرية وتزود الدول الأفريقية بمنظومة أسلحة متطورة مثل "بيرقدار".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعتقد المتحدث أن "الإستراتيجية التركية كانت تعتمد البعدين العسكري والاقتصادي، وفي كثير من الأحيان استخدمت الدبلوماسية الناعمة، وأنقرة لديها توجهات إقليمية تختلف مع كثير من القوى الدولية وهي دائماً ما تضع مصلحتها ومصلحة الدول التي دخلت معها في شراكات كأولوية".

وتحاول تركيا استغلال الانسحاب الفرنسي من دول مثل بوركينا فاسو والنيجر ومالي، إذ قدمت عروضاً لتزويد هذه الدول بمعدات عسكرية، وأبرمت صفقات بالفعل مع بعضها مثل مالي التي تسلمت مسيرات "بيرقدار".

قدرات محدودة

وأعرب أردوغان عن سعي بلاده إلى زيادة حجم التبادل التجاري مع أفريقيا في مرحلته النهائية إلى 75 مليار دولار، لكن في ظل تهافت قوى إقليمية أخرى على غرار روسيا والصين فإنه من غير الواضح قدرة أنقرة على القيام بذلك.

وتملك تركيا نحو 71 مكتباً عسكرياً في أفريقيا، وقد ارتفعت مبيعاتها العسكرية إلى نحو 328 مليون دولار تشمل المسيرات ومعدات أخرى.

وقال الباحث السياسي النيجري محمد أوال، إن "قدرات تركيا تعد محدودة بالنظر إلى دول أخرى انخرطت بشكل مباشر في النزاعات مثل روسيا، لكن سياسة أنقرة تحمل أمراً إيجاباً ألا وهو تقليل الأخطار عند التدخل".

وأضاف أوال أن "اقتصار تركيا على الجانبين الاقتصادي والتجاري كان يشكل نقطة إيجابية لصالحها، لكن مرورها إلى ترويج معداتها العسكرية قد يثير حفيظة دول أفريقية أخرى تخشى بالفعل تداعيات ذلك على أمنها القومي"، وشدد على أن "تركيا عليها التعامل بحذر مع المتغيرات السياسية والاقتصادية التي تعرفها أفريقيا، خصوصاً مع صعود جيل جديد من الحكام لا سيما في منطقة الساحل".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير