Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

النتائج الأولية للتشريعية في تونس... تشتت قد يعصف بالاستقرار السياسي

سيناريوهات قد تعيد التونسيين قريباً إلى انتخابات سابقة لأوانها

كشفت النتائج الأولية للانتخابات التشريعية في تونس، بحسب استطلاعات الرأي، عن فوز حركة "النهضة الإسلامية" بحوالي 40 مقعداً لتتصدّر المشهد الذي بدا مشتتاً بين مختلف العائلات السياسية، يليها حزب "قلب تونس" الذي تأسس منذ بضعة أشهر بأكثر من 30 مقعداً، ثم "ائتلاف الكرامة" بـ 18 مقعداً، يليه حزب "تحيا تونس" في المرتبة الرابعة بحوالى 16 مقعداً، ثم حزب "حركة الشعب" 15 مقعداً.

ضبابية وغموض

القراءة الأولية لهذا المشهد توحي بالضبابية والغموض إزاء المرحلة المقبلة التي ستطغى عليها الصراعات ولا سيما حول التوافق على تشكيل الحكومة واقتراح من سيرأسها مع الالتزام بالآجال الدستورية. ويتخوف المراقبون من أن تطول فترة التداول والنقاش من أجل الاتفاق على شخصية تتولى منصب رئيس الحكومة بالنظر إلى التشتت في الأحزاب الفائزة بأكبر عدد من المقاعد، والاختلافات الإيديولوجية بينها وبالتالي صعوبة تكوين ائتلاف حزبي قادر على المصادقة بغالبية  (109) أصوات على تشكيل الحكومة المقبلة.

وينصّ الدستور التونسي على أنه في حال مرت أربعة أشهر على التكليف الأول، ولم يتم منح الثقة لأعضاء الحكومة، لرئيس الجمهورية الحق في حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة في أجل أدناه 45 يوماً وأقصاه 90 يوماً.

مأزق تشكيل الحكومة 

ولتوضيح ملابسات المشهد السياسي الجديد في تونس، أكد المحلل السياسي هشام الحاجي لـ "اندبندنت عربية" أن النتائج الأولية ترجمة للتوقعات التي رجحت فرضية تشتت الأصوات، وبروز صعوبات في تشكيل الحكومة المقبلة، ملاحظاً تراجعاً كبيراً لمن حصل على المرتبة الأولى والثانية مقارنة بانتخابات سنة 2014 ، وأشار أيضاً إلى ضرورة معالجة نزعة العزوف التي تشهدها الانتخابات في تونس نظراً إلى أهمية المشاركة السياسية من أجل فرز مشهد سياسي يعكس إرادة كل الناخبين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أضاف الحاجي أن طبيعة النظام الانتخابي الذي يقوم على النسبية يخلق مشاكل كبرى في توزيع المقاعد وخصوصاً في ما يتعلق بالتحالفات الضرورية لتشكيل الحكومة، بالإضافة إلى ذلك، شهدت الحملة الانتخابية توتراً كبيراً ظهر من خلال التهجم والعنف اللفظي وتدني الخطاب بين الفرقاء السياسيين. ولم يخفِ الحاجي تخوفه من أن هذا الوضع سيطرح صعوبات في تشكيل الحكومة في المستقبل القريب لأن المشهد يتجه نحو مزيد من الضبايبة، والصعوبات، وقد نشهد انطلاقة مبكرة للسياسة الحزبية حتى قبل الدخول إلى البرلمان بحسب قوله.

التحالفات الممكنة

وفي إجابته عن سؤال يتعلّق بالتّحالفات الممكنة في المستقبل، وفق ما ظهر حتى الآن من نتائج أولية، أكد الحاجي أن حركة النهضة ستتجه إلى التيار الديمقراطي وائتلاف الكرامة وحركة الشعب، لكن هذا الائتلاف الحزبي لا يكفي لتشكيل الحكومة، ومن الصّعب أن تتحالف حركة النهضة مع حزب "قلب تونس" لأن بقية الأحزاب المتحالفة معها لا تقبل بذلك، وأكد الحاجي أن تونس مقبلة على مرحلة صعبة ومشهد سياسي جديد مهتز مشيراً إلى أن أحزاباً خرجت تماماً من البرلمان، وأخرى قد تغادر قريباً، ويعتبر حزب "نداء تونس" أكبر خاسر في هذه الانتخابات، إذ احتلّ في انتخابات 2014 المرتبة الأولى بأكثر من 80 مقعداً لينحدر إلى مقعد أو مقعدين في هذه الانتخابات، بينما لم تحسن قيادات الجبهة الشعبية إدارة وتطويق أزماتها الداخلية لذلك هي تجني اليوم أخطاءها .

من يتحمل مسؤولية التشتت؟

وحول الظروف التي أدّت إلى تشكّل هذه الفسيفساء الحزبية في الخريطة السياسية الجديدة في البرلمان المقبل، حمّل الحاجي المسؤولية لحركة النّهضة التي كانت شريكاً في كلّ الحكومات ولم تف بوعودها، بل تخلّت عن قواعدها، لذلك تتراجع في كل مرحلة انتخابية، كما يتحمل الرئيس الرّاحل الباجي قائد السّبسي مسؤولية أخلاقية جسيمة، فهو من أسهم في كل ما أصاب حزب "نداء تونس" من تشتت، كما يتحمّل رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد المسؤولية الكبرى، فهو يحكم منذ العام  2016 من دون أن يحقق ما من شأنه أن يقنع الناخبين بالتصويت له أو لحزبه أو للمقربين منه، فجاء هذا التصويت عقابياً أو ربما انتقامياً أيضاً، وفرض واقعاً سياسياً جديداً فيه من الصعوبات أكثر ممّا فيه من الآمال ومن الأفاق الإيجابية.

فحركة النهضة المتصدرة، بحسب هذه النتائج، لا تعي أنها في تراجع ملحوظ منذ انتخابات المجلس الوطني التأسيسي إلى اليوم، إذ خسرت حوالى ثلثي قواعدها، وكذلك الشأن بالنسبة إلى بقية الأحزاب الكلاسيكية الكبرى، وهو واقع ناتج من العزوف عن المشاركة السياسية لقلة ثقة الناخبين في مكونات المشهد من أحزاب وشخصيات وطنية.

أزمة اقتصادية واجتماعية واردة

واقع سياسي جديد يشوبه الغموض، وربّما يخفي سيناريوهات أشدّ وطأة، فالكل قد يكون مهزوماً ولا منتصراً في هذه المحطة الانتخابية، وهناك تخوف جدي وواضح من استحالة تشكيل الحكومة المقبلة، وبالتالي الفراغ المدوي والقاتل الذي قد يؤدي إلى أزمات اقتصادية ومالية واجتماعية عاصفة مع تغوّل مزيد من اللوبيات المتحكمة في مفاصل الاقتصاد، ما قد يدفع نحو الاحتجاج من أجل توفير الشغل وموارد الرزق والحفاظ على المقدرة الشرائية للمواطن.

سيناريوهات قد تؤدي بالتونسيين إلى العودة قريباً إلى انتخابات تشريعية سابقة لأوانها.

المزيد من العالم العربي