يفيد تقريرٌ معدّ بتكليف من الحكومة البريطانيّة أنّ المملكة المتحدة في حاجة إلى استثمار مليارات الجنيهات كلّ عام في مشاريع مخصّصة لإزالة غازات الدّفيئة المسؤولة عن الاحتباس الحراري لضمان تحقيق أهدافها المناخيّة.
ويُضيف التّقرير أنّ خفض صافي الإنبعاثات الغازيّة إلى حد الصّفر بحلول عام 2050 ومن دون إنجازات تكنولوجيّة كبيرة، يتطلّب "استثمارات واسعة النطاق" في احتجاز الكربون الصّناعي وتخزينه. ويستوجب كذلك زراعة أشجار وشجيرات بين المحاصيل وتحويل مساحات شاسعة من الأراضي إلى غابات.
وحسب التّحليل الصّادر عن مؤسسة "فيفيد أيكونوميكس" (Vivid Economics) الاستشارية، يُمكن تمويل مشاريع "إزالة غازات الدّفيئة" (GGR) من الإعانات الحكومية أو الإعفاءات الضّريبية أو تطوير السّياسات القائمة أو تحميل مورّدي الوقود الأحفوري والمنتجات الزّراعية الزيادة في التّكاليف.
فـ"مشاريع "إزالة غازات الدفيئة" على نطاقٍ واسع تستلزم مليارات الجنيهات كلّ عام، والأرجح أن تُوازي كلفتها حجم إنفاق الحكومة الحالي على دعم الطّاقة المتجددة. إشارة إلى أنّ هذا النّوع من التمويل ليس بجديد، إذ سبق للحكومة أن موّلت مشاريع مناخيّة على النّطاق المطلوب".
لكنّ التقرير يُحذّر من احتمال انحصار مكاسب الإعفاءات الضّريبيّة المموّلة من ضريبة الكربون بالشركات الكبرى، وتكبّد الأسر ذات الدخل المنخفض تبعات الزيادة في أسعار الكهرباء بشكلٍ غير متناسب.
ومع إمكانية ارتفاع قيمة الإعانات الحكوميّة من ملياري جنيه استرليني عام 2030 إلى ما بين 6 مليارات و20 مليار جنيه استرليني سنوياً بحلول العام 2050، يفترض التقرير أن "تكون (هذه الإعانات) أكثر فعالية وسرعة في إرساء وتنفيذ مشاريع واسعة النطاق لمنع انبعاث غازات الدفيئة، على الأمدين القريب والمتوسط بوجهٍ خاص."
وبالنّسبة إلى خيار بريطانيا الثّالث لخفض إنبعاثاتها الغازية، فهو يُحتّم على الشّركات شراء "شهادات لخفض الانبعاثات" حتى تكون بمثابة تعويض عن جزء من الانبعاثات التي تتولّد عنها. وصحيح أنّ مثل هذه الخطوة يُحمّل الجهّة الملوّثة التكاليف -لكنّه قد يُسهم في رفع أسعار الوقود، يُنبّه التقرير.
يرى التقرير أنّ إزالة غازات الدّفيئة أمر ضروري جداً بالنّظر إلى صعوبة خفض انبعاثات الكربون المنبثقة عن قطاعات الطّيران والزّراعة والصّناعة الثقيلة التي "يصعب معالجتها"، متوقعاً للمملكة المتحدة أن تستمر في إنتاج كمية كبيرة من غازات الدفيئة سنوياً حتى لو نجحت في خفض إنبعاثاتها الكربونية على نطاق الاقتصاد ككلّ، ومردّ ذلك بشكلٍ أساسيّ إلى صعوبة إزالة الكربون من بعض العمليات الاقتصادية الحيوية، باستخدام التّقنيات الحالية."
وبالتالي، سيكون على نسبة كبيرة من المزارعين البريطانيين اتّباع ممارسات مكثّفة في الزّراعة الحرجيّة – زراعة أشجار وشجيرات بين المحاصيل – و"التجوية المعزّزة"، لإزالة ثاني أكسيد الكربون من الجو عن طريق نشر المعادن المسحوقة فوق الأراضي.
أما الإجراء الأهم لإزالة الانبعاثات الكربونية على نطاقٍ واسع، فمن المتوقع أن يشتمل على مشاريع تقوم على الطاقة الحيوية إلى جانب تكنولوجيا احتجاز الكربون وتخزينه، وأخرى تلتقط الكربون مباشرةً من الهواء وتُخزّنه. ولهذا السّبب، "لا بدّ لمعدل بدء التشغيل أن يكون سريعًا ولا بدّ أن يحظى بدعمٍ سياسيٍّ كبير، لاسّيما في الفترة الممتدة بين 2030 و2040"، يختم التّقرير.
وغداة صدور التقرير إياه، قال متحدث باسم وزارة الأعمال والطاقة والاستراتيجية الصناعية إنّهم "سينظرون عن كثب" في نتائجه.
وكانت رئيسة الوزراء السّابقة تيريزا ماي قد أعلنت في يونيو (حزيران) الماضي التزام حكومتها بالتخلّص ممّا تسببه بريطانيا في مجال تغيّر المناخ.
© The Independent