Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"جونسون يخادع لتنفيذ بريكست ويستهتر بمصالح البريطانيين"

الحقيقة هي أن الانسحاب من أوروبا يعد صفقة تجارية بالمقلوب. لقد أمضت بريطانيا حوالى نصف قرن لتسهيل التجارة مع أكبر أسواقنا، وتأتي بريكسيت لتعيد نصب الحواجز بعد رفعها

 بوريس جونسون يهم بالخروج من داوننغ ستريت البريطانية (رويترز)

هناك العديد من المقارنات التي يلجأ إليها الناس عند الحديث عن البريكست، لكن أكثرها شيوعاً هي تلك التي تشبهها بالطلاق. ويُنظر إلى هذه المقارنة على أنها طريقة مفيدة لتوضيح صعوبات الانفصال، لكن ما يثير الاستغراب هو أن العديد من الأشخاص الذين يستخدمون هذا التشبيه يقولون أيضا إن البريكست ستكون "أسهل صفقة في التاريخ".

لكن ما هو غير عادي إزاء الوضع الحالي هو أن لدينا رئيس وزراء  يُلمّح على ما يبدو إلى أن البريكست، نعم، تشبه الطلاق، لكن أيضا إلى أن العلاقة بعد الانفصال ستكون جيدة مثلما كانت خلال الأيام الذهبية بعد اللقاء الأول والوقوع في الحب.

خلال تعليقه على قناة بي بي سي حول الشمال الشرقي و نيسان والخروج بلا صفقة، قال جونسون  "لا أعتقد أن عواقب (الخروج) بلا صفقة ستكون سيئة كما تقول. يمكننا تدبُّر سلاسل الامداد في الوقت المناسب. أما بالنسبة للرسوم الجمركية ، فلا أعتقد أنه سيكون هناك أي حافز  لدى أصدقائنا الأوروبيين لفرضها بينما لديهم  فائض تجاري كبير معنا. "

وفي الحقيقة، إن ما يريد جونسون قوله هو أن لا شيء سيتغير، أي دعونا نُطلّق لكن نقبى في الزواج. "نستعد" لكن نبقى كما نحن.

إن كل ما يقوله جونسون غير صحيح. فمن أجل تنفيذ البريكست بلا اتفاق، سيتعين عليه أن يتجاهل قانونًا برلمانيًا ينص على أنه ما لم يوافق البرلمان على صفقة بحلول 19 أكتوبر، يجب على رئيس الوزراء طلب تمديد أجل الخروج.

ثانياً، أن يشير إلى أن الصفقة لن تكون "سيئة كما تقول،" فيه تجاهل لتقارير حكومته التي تحذر بوضوح ليس فقط من أن البلاد ستواجه اضطرابات واسعة النطاق وأضراراً اقتصادية، ولكن أيضا من أن شمال شرق إنجلترا سيكون الأكثر تضرراً بسبب الصناعة المتواجدة هناك واعتماده على التجارة مع الاتحاد الأوروبي.

ثالثًا، إن تلميحه إلى قدرتنا على تشغيل سلاسل الإمداد "في الوقت المناسب" هو هراء مطلق. فلو كانت لديه  فكرة عما تعنيه سلسة انتاج "في الوقت المناسب" - يمكنه أن يسأل أي شخص في نيسان - فسوف يدرك أن أي انقطاع أو تأخير على الحدود يعني إبطاء أو إيقاف الإنتاج.

وأن يقول رئيس الوزراء هذا الأمر، فذلك ليس مرعباً فحسب، بل غير مسؤول أيضا نظرا للوظائف المعرضة للخطر. فخلال هذا الأسبوع فقط ، قال قادة 23 اتحادا لتجارة السيارات في أوروبا إن خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق سيؤدي إلى "تحول جذري في ظروف التجارة."  لكن تصريحاته تعتبر غير مسوولة أيضا لأنها تنطوي على واحدة من أكبر الخداع لدى مناصري البريكست الذين يدّعون بأن ذلك سيكون "سهلاً".

الحقيقة هي أن البريكست تعد صفقة تجارية بالمقلوب. لقد أمضت بريطانيا ما يقرب من نصف قرن لتسهيل التجارة مع أكبر أسواقنا، وتأتي بريكسيت لتعيد نصب الحواجز التي تمت إزالتها

إن الإيحاء بأنه يمكننا القيام بذلك ببساطة عند منتصف الليل في 31 أكتوبر دون التأثير على سلاسل الإمداد الحيوية هو خداع سخيف. فذلك سيكلف المستهلكين والشركات المليارات. ولهذا السبب أعلنت فوكسهول أنها ستترك ميناء إليسمير الواقع خارج ليفربول في حال الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق لتأخذ معها أكثر من 1000 وظيفة.

وفي ما يتعلق بقول جونسون إنه لا يرى "أي حافز لدى أصدقائنا الأوروبيين لفرض رسوم جمركية بينما لديهم فائض تجاري كبير معنا،" فذلك كلام فارغ.

إذا خرجنا من دون صفقة، فسنعمل بموجب قواعد منظمة التجارة العالمية وهذا يعني وجود رسوم جمركية، وستكون مرتفعة في بعض القطاعات كتلك الخاصة بالسيارات وقطع غيار السيارات التي تصل إلى 10 في المائة. أما بالنسبة للنسيخ والمواد الكيميائية  فالرسوم أعلى، ما سيكلف المليارات. أما الرسوم القطاعية على المنتوجات الزراعية فتعد هي الأعلى على الإطلاق.

ومن المهم أيضا لفت الانتباه إلى أنه وبينما يواصل جونسون الإشارة إلى "الأصدقاء الأوروبين" فإن نواياهم الحسنة قد يتم قتلها تماما في حال اخترنا الخروج بأكثر الطرق اضطراباً وتخريباً يمكن تصورها.

إن ما تعنيه عبارة "لا صفقة" هو أننا سوف نغادر النادي ونغلق الباب خلفنا، هو أنه عندما تحصل على الطلاق، فإن الأمور تتغير.

وكما هو الحال مع "خطته" الأخيرة للحدود الأيرلندية، يتحدث جونسون دون الاهتمام الكافي بالتفاصيل، أو بالآثار الحقيقية بالمواقف والقرارات التي يستعرضها.

إن الخداع والمكر الذي يحاول رئيس الوزراء اتباعه هو آخر ما تحتاج إليه بريطانيا في الوقت الحالي. يقول إن كل ما يهمه هو المغادرة في 31 أكتوبر، ولكن الشمال الشرقي سوف سيحصد نتائج ذلك في اليوم التالي وسيتأثر بها لسنوات قادمة. لهذا السبب يجب علينا ألا نتصرف دون إعطاء الجمهور القول الفصل  من خلال تصويت مناسب يمكن عبره أخيرا توضيح خيارات البريكست الحقيقية.

 اللورد ماندلسون كان مفوضا أوروبيا للتجارة بين عامي 2004 و 2008.

© The Independent

المزيد من آراء