ملخص
على الغرب تبني سياسات أكثر حزماً تجاه إيران، مثل تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية وفرض عقوبات مشددة، لدعم الشعب الإيراني في سعيه إلى الإطاحة بنظام الملالي، وتقويض دور إيران الإقليمي المزعزع للاستقرار.
لقد تفاقم خطر الحرب الواسعة النطاق في الشرق الأوسط بصورة كبيرة بسبب قرار إيران إطلاق وابل هائل من الصواريخ على إسرائيل، تجاوز المستوى الذي بلغه هجومها السابق في أبريل (نيسان) الماضي، الذي كان الأول من نوعه. وقد أثار الهجوم [الأخير] كما كان متوقعاً تهديدات بانتقام قاس من جانب تل أبيب.
كان ينبغي للمملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء أن يبذلوا جهوداً أكثر تضافراً من أجل وقف عدوانية الملالي. إن تقاعسهم النسبي يسهم في الأزمة التي يواجهها العالم اليوم، وهي الأزمة التي كان ينبغي لأي شخص لديه قدر ضئيل من الخبرة في التعامل مع النظام الإيراني أن يتوقع حصولها. فقد أثبتت أفعاله على مدى 45 عاماً، أنه في غياب العواقب الوخيمة على الساحة الدولية، فإن رد فعله الافتراضي على التحديات الإقليمية والمحلية هو اللجوء إلى مزيد من التصعيد.
هكذا كان هذا التصعيد الأخير متوقعاً بصورة خاصة. ولهذا السبب فإن حكومات المملكة المتحدة وحلفاءها في حاجة إلى تبني سياسات جديدة تماماً تجاه إيران، أي سياسات تشتمل على تصنيف "الحرس الثوري الإسلامي" كمنظمة إرهابية، وقطع شريان الحياة المالي لنظام آيات الله من خلال توسيع رقعة العقوبات المفروضة على النظام والاعتراف بحقوق الشعب الإيراني في السعي إلى تغيير النظام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بينما تواصل إسرائيل القضاء على قيادة الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران التي تشكل ما يسمى محور المقاومة والحط من مستوى قدراتها، لا يزال النظام الإيراني يكافح للسيطرة على الاضطرابات الشعبية التي بلغت ذروتها أواخر عام 2022، في أعقاب مقتل مهسا أميني على يد شرطة الأخلاق.
وبالكاد خبت المشاعر المناهضة للحكومة التي أطلقت لها العنان تلك الانتفاضة في العامين التاليين، على رغم مقتل 750 متظاهراً، واعتقال 30 ألفاً آخرين إلى جانب ارتفاع حدة مناخ القمع في مختلف أنحاء إيران. وقد أفادت تقارير تم تناقلها على نطاق واسع بأن البلاد لا تزال في خضم موجة متصاعدة من عمليات الإعدام ذات العلاقة بهذا القمع، إذ جرى تسجيل ما يقارب 500 منها حتى الآن هذا العام. ومع ذلك، وبعيداً من ترهيب الناس وإرغامهم على الصمت، [لم يجد القمع] إلا في إثارة موجة متكررة من الاحتجاجات المناوئة لعقوبة الإعدام ككل، التي ترافقت بإضرابات أسبوعية عن الطعام من قبل السجناء الإيرانيين، لا سيما السياسيون منهم.
ولحسن الحظ، فقد اجتذبت هذه الاحتجاجات تعبيرات تضامن صادقة في مختلف أنحاء العالم. واشتمل ذلك أخيراً على توقيع تسعة من الفائزين سابقاً بجائزة نوبل للسلام على رسالة مفتوحة بهدف دعم الحملة. وقد تعززت هذه الحملة من خلال التحالف الرئيس [لقوى المعارضة] الذي يعمل على الإطاحة بالنظام الإيراني، ألا وهو "المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية"، الذي لعب سابقاً دوراً رئيساً في انتفاضة عام 2022 إلى جانب عدد غير قليل من الاحتجاجات الأخرى الواسعة النطاق التي يعود تاريخها إلى نهاية عام 2017.
وقد حضرت مريم رجوي، وهي الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، في الأسبوع الماضي جلسة استماع في "مجلس أوروبا" من أجل تكرار الدعوة للوقوف إلى جانب منظمتها، والتشديد على مدى التأثير المستمر للانتفاضة الأخيرة إضافة إلى تسليط الضوء على الروابط القائمة بين هذه القضايا والاستجابة الدولية المحتملة لدور إيران في الصراعات الإقليمية. وانتقدت رجوي السياسة الغربية باعتبارها متساهلة للغاية في تعاملاتها مع النظام الإيراني، وأكدت أن دور الشعب الإيراني والمقاومة المنظمة يشكلان عاملاً غائباً عن محادثات هذه السياسات، وذلك على نحو عملي منذ إعلان الجمهورية الإسلامية [في إيران].
وقد ثابر المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية منذ وقت طويل على التأكيد أنه عندما يتعلق الأمر بالإرهاب الإسلاموي والصراع في الشرق الأوسط، فإن طهران ستظل رأس الأفعى طالما بقي النظام الديني قابضاً على السلطة. في غضون ذلك، قدمت رجوي للمجتمع الدولي رؤية بديلة لهذا النظام، على شكل خطة من 10 نقاط تحدد كيفية الانتقال إلى الحكم الديمقراطي المدعوم من خلال فصل الدين عن الدولة وتوفير ضمانات لحقوق المرأة والأقليات.
لقد تجاهل صناع السياسات الغربيون تجاهلاً مزمناً تطلعات الإيرانيين الجماعية إلى تغيير النظام، كما أن هؤلاء السياسيين عرضة للتأثر في الافتراضات الخاطئة بأن قبضة الملالي على السلطة محكمة وأنه ليس هناك من قوة أخرى مستعدة للقيام بالدور الذي يؤدونه [لجهة إدارة البلاد] والذي سيبقى شاغراً بخلعهم. لقد قطعت انتفاضة 2022 شوطاً طويلاً نحو تفكيك هذه الأسطورة، ويوضح سلوك النظام الحالي في المنطقة مدى عمق انعدام الأمن واليأس. وعلاوة على ذلك، يكشف الهجوم الصاروخي الذي نُفذ الثلاثاء الأسبوع الماضي، عن الحاجة الملحة إلى تبني سياسات تروج [لضرورات] قطع رأس الأفعى.
إن القوى الغربية لا تحتاج إلى أن تتدخل بصورة مباشرة لتحقيق هذا الهدف. والواقع أن تدخلها العسكري لن يصبح حتمياً إلا إذا بقيت تصرفات طهران الأخيرة من دون محاسبة، أو إذا ظل نظام الملالي يقبض على السلطة لفترة كافية لكي يواصل تصعيد التوترات في إطار مساعيه إلى تحقيق هدفه المعلن المتمثل في "القضاء" على إسرائيل.
وعندما تصبح طهران عاجزة عن قمع الروح الديمقراطية لشعبها بصورة فعالة، فإن الايرانيين ومقاومتهم المنظمة سوف يأخذون مكانهم الصحيح باعتبارهم الحليف الإستراتيجي الأكثر أهمية للغرب. وبفضل الدعم الأخلاقي والسياسي المستمر من جانب الغرب [للإيرانيين] في معركتهم ضد النظام الذي دبّ فيه الضعف حديثاً، سوف ينجح هذا الشعب بسرعة في تأسيس جمهورية إيرانية جديدة تلتزم اتباع علاقات سلمية مع جيرانها والغرب.
بوب بلاكمان هو رئيس لجنة 1922 في حزب المحافظين المعارض وعضو البرلمان عن دائرة إيست هارو
© The Independent