Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحرب المالية الصينية-الأميركية مقلقة أكثر من هونغ كونغ

شكّلت هونغ كونغ مدخلاً إلى عالم المال الغربي بالنسبة لبكين. وعرفت نجاحاً باهراً لكن تصاعد حدة التوتر سيجعلها في مرمى النيران بينهما

طلاب في الجامعة الصينية بهونغ كونغ نظموا اعتصاماً احتجاجياً على عنف الشرطة (رويترز)

احتفلت الصين يوم الثلاثاء بمرور 70 عاماً على تأسيس جمهورية الصين الشعبية. وتصاعدت يوم الأحد حدة المظاهرات في هونغ كونغلتبلغ ذروة لم تصلها من قبل. وقالت حكومة هونغ كونغ إن زعيمة المدينة كاري لام ستكون خارجها أثناء تنظيم الفعالية مع أنها وجهت دعوات للاحتفال الرسمي. ليس من المفيد التساؤل من بعيد حول طريقة اتخاذ هذ القرار ولا أسلوب رد السلطات الصينية على هذه الاحتجاجات. لكن الحقيقة القاسية هي أن احتجاجات هونغ كونغ تتحول إلى عامل يغير العلاقة بين الولايات المتحدة والصين برمتها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكانت العلاقة بين الجانبين قد اتخذت منعطفاً سيئاً خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي إذ أشيع أنّ دونالد ترمب يمكن أن يُجبر الشركات الصينية أن تلغي ادراجها في بورصة نيويورك. ونتيجة لذلك سيضطر أي مستثمر راغب ببيع أو شراء أسهم في 150 شركة صينية مدرجة في الولايات المتحدة أن يفعل ذلك عبر إحدى البورصات الصينية، أي في هونغ كونغ أو شانغهاي مثلاً.

ليس هذا السيناريو نهاية العالم ويمكن ألا يحدث بتاتاً ولكن من شأنه، إن حدث، أن يحدّ من قدرة الشركات الصينية على جمع المال خارج الصين. وهكذا تُفتح جبهة ثالثة في الصراع على الهيمنة الاقتصادية العالمية. فالحرب التجارية أولى الحروب وثانيها الحرب التكنولوجية (انظروا إلى المحاولات الأميركية لإقصاء شركة هواوي عن شبكات الجيل الخامس) وثالثها هي الحرب المالية الآن.

لكن مشكلة الحرب المالية تكمن في استحالة توقّع عواقبها. فالنظام المالي العالمي مترابط بشكل لافت. بيد أن الشوائب التي تشوبه وتجاوزاته كلها واضحة أيضاً. وكلنا نعي وجودها. لكن الأقل وضوحاً هي الطريقة التي يستمر بها تمويل التجارة العالمية والاستثمار على الرغم من المشاحنات السياسية الضخمة. فعلى سبيل المثال، استطاعت روسيا في أوجّ الحرب الباردة أن تستدين من الأسواق المالية العالمية، حتى أنّ تصنيفها الائتماني كان جيداً. وتعتمد الولايات المتحدة حالياً على شراء المستثمرين الأجانب سندات مالية مسعّرة بالدولار لتغطية عجزها المزدوج: العجز المالي والعجز في الحسابات حالياً.

وتحتل الصين المرتبة الثانية عالمياً من حيث حيازة سندات الخزينة الأميركية، إذ تبلغ قيمة السندات التي تملكها 1.1 ترليون دولار أميركي فيما تعدّ اليابان المالك الأكبر لهذه السندات، وتصل قيمة سنداتها إلى 1.3 ترليون دولار أميركي. في أول العام الحالي كان لدى الصين عدد أكبر من السندات مقارنة باليابان ولكني لا أعتقد أنها باعت بعض مخزون الدين الأميركي لديها لدوافع سياسية. على الأقل لم يحصل هذا الآن. فروسيا لم تستغل نفوذها المالي قطّ، الذي كان أكبر نسبياً خلال سنوات الحرب الباردة مما هو عليه اليوم، بهدف تعزيز مآربها السياسية.

لكن ما إن تبدأ بتفكيك جزء من النظام، حتى تضعف الأجزاء الأخرى. ما يمكن أن يحدث هو انفصال العالم إلى منطقتين متنافستين في قطاعات التجارة والتكنولوجيا والمال: منطقة أميركية ومنطقة صينية. شكّلت هونغ كونغ مدخلاً إلى عالم المال الغربي بالنسبة لبكين. وعرفت نجاحاً باهراً واحتلت عادة المرتبة الثالثة بعد نيويورك ولندن باعتبارها مركزاً مالياً عالميا. احتاجت الصين إلى هونغ كونغ كمدخل لها ولأنها شكّلت أيضاً جزءاً كبيراً من الاقتصاد الصيني. ففي العام 1997 لدى انتقال السلطات، بلغ ناتجها المحلي الإجمالي 177 مليار دولار أميركي، مقارنة بمبلغ 962 مليار لبرّ الصين الرئيسي. وشكّلت بالتالي ما يعادل 20% من الاقتصاد الصيني تقريباً. وترون إذاّ لماذا سعت الصين إلى السيطرة على هونغ كونغ ولماذا كان منطقياً التوصل إلى صفقة "بلد واحد ونظامين" التي نعمت هونغ كونغ بفضلها بهامش كبير من الاستقلالية.

منذ تلك الفترة، استمرت هونغ كونغ بالنمو بثبات ولكن مع الازدهار الصيني المدهش، لا يعادل اقتصادها حالياً سوى 4% من اقتصاد البر الرئيسي. وما زالت هونغ كونغ مفيدة لكونها مدخلاً إلى النظام المالي العالمي ولكن للصين مراكز اقتصادية تنافسها ولا سيما شانغهاي. ومن وجهة نظر النفوذ المالي البحت، قلّت أهمية هونغ كونغ كثيراً عما كانت عليه مقارنة بالبرّ الرئيسي.

وفي الحقيقة، أعتقد أنّ هونغ كونغ ما زالت مهمة بالنسبة لباقي الصين باعتبارها مثالاً عن طريقة بناء اقتصاد متقدم ومتطور. فحتى في أغنى المناطق في الصين يعتبر إجمالي الناتج المحلي أقل من هونج كونج. ويكمن الخطر بالنسبة للصين في أن تعلق داخل ما يسميه خبراء الاقتصاد "فخّ المدخول المتوسط" أي أن تعجز عن القيام بالنقلة الصعبة التي نجحت هونغ كونغ في تحقيقها. أما الخطر على هونغ كونغ فهو أن تعلق في خط النيران في حال نشوب حرب مالية بين الصين والولايات المتحدة. الأيام المقبلة صعبة على الجميع، فلنأمل خيراً.

© The Independent

المزيد من آراء