Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لخريف آمن "خريطة" جسدية ونفسية

يربط متخصصون تغييرات أمزجة البشر باختلاف الضوء الطبيعي ودرجات الحرارة

أوراق الخريف الساحرة تذكر بدورة الحياة (مواقع التواصل)

ملخص

من المهم إجراء فحص فيتامين "د" خلال فصل الخريف لأن لدى سكان منطقة المتوسط مشكلة جينية بحيث لا تصنع الأجسام ما يكفيها منه، ومعظم الناس لا يدركون أن لديهم هذا النقص الذي يخفف المناعة ويسبب ألماً في العظام، لذا يجب أن يؤخذ بصورة دورية بحسب حاجتهم.

لا شيء يشي بالاطمئنان في الانتقال إلى فصل الخريف. فبعد صيف حافل عادة بالنشاطات والخروجات واستقبال المغتربين وقضاء الوقت على الشواطئ وفي الجبال، تستيقظ أشباح الخريف لدى معظم العائلات. فالمدارس بأقساطها وقرطاسيتها تطرق الباب بثقل، والتحضر إلى تخزين الوقود للتدفئة يبسط سلطانه على حاجات أخرى، والعودة إلى العمل بدوام أطول تفسد متعاً كثيرة.

يحمل الخريف كوابيسه بخفة وهو يبرد حرارة الشمس بعدما حرقت أوراقه وذوتها على الأرصفة، لكنه يعالج بسحره الملون القلوب التي أرهقها الصيف للتريث قليلاً والتأمل في دورة الحياة.

المزاج الخريفي

مع الدخول إلى فصل الخريف، يشعر كثير من الناس بتغيرات في مستويات الطاقة والمزاج. يربط عدد من المتخصصين هذه التغييرات بتغير الضوء الطبيعي ودرجات الحرارة. بحسب أستاذ علم النفس في "جامعة ميتشغان"، الدكتور تيموثي ليغ، فإن الضوء الطبيعي يؤثر في مستويات السيروتونين والدوبامين في الدماغ، ومن دون التعرض الكافي لأشعة الشمس، يمكن أن تنخفض مستويات السيروتونين مما يؤدي إلى ارتفاع خطر تغير المزاج والإصابة بالاكتئاب الشديد ذي النمط الموسمي المعروف أيضاً باسم الاضطراب العاطفي الموسمي.

طرق للتكيف

مع انسحاب ضوء الشمس، يشعر البعض بالتعب والاكتئاب، لذلك من المهم الوعي لهذه التغيرات وتبني طرق للتكيف مع هذا الانتقال. فإضافة إلى التغيرات الفردية في المزاج، يشهد المجتمع تحولاً في الطاقة الاجتماعية، إذ يجلب فصل الصيف عادة أجواء احتفالية ونشطة، بينما يميل الخريف إلى أن يكون أكثر هدوءاً وتأملاً. ويمكن للطقس البارد أن يزيد الشعور بالعزلة، لكنه في الوقت نفسه يوفر فرصة للتواصل الأسري والاجتماعي عبر الأنشطة الداخلية مثل التجمعات، أو مشاهدة الأفلام، أو حتى زيارة المقاهي. ويساعد التحول نحو الأنشطة الداخلية مثل القراءة والتأمل أو الاستمتاع بالفنون والحرف اليدوية الأفراد في التكيف مع التغير المناخي.

وتعتبر ممارسات التأمل واليقظة من الأدوات الفعالة في تحسين المزاج. ووفقاً لبحث نشر في "مايو كلينك" تحت عنوان "التأمل: طريقة بسيطة وسريعة للحد من الضغط النفسي"، فإن التأمل يساعد في تقليل مستويات القلق وزيادة الشعور بالهدوء والسعادة والسلام الداخلي، كما يؤدي الغذاء دوراً مهماً في تحسين المزاج والطاقة، لذا ينبغي التركيز على تناول الأطعمة الموسمية التي تدعم الصحة العامة وتعزز الطاقة.

 

ومن الضروري استخدام الأضواء الاصطناعية، وبخاصة تلك التي تحاكي ضوء الشمس، لتحسين الحال المزاجية. وبحسب دراسة في "American Journal of Psychiatry"، تساعد هذه الأضواء في تقليل أعراض الاكتئاب الموسمي.

التماهي مع الخريف

وجدت دراسة نشرت في مجلة "Frontiers in Psychology" أن الألوان الدافئة مثل الأحمر والبرتقالي يمكن أن تعزز الشعور بالدفء والراحة، وتنفع نفسياً في رحلة الانتقال إلى الخريف. وأظهر بحث في مجلة Journal of Environmental Psychology أن تغيير ديكور المنزل ليتماشى مع الفصول يمكن أن يحسن من الراحة النفسية والشعور بالانسجام مع البيئة المحيطة، كما بحثت دراسة نشرت في Appetite Journal حول تأثير الأطعمة الموسمية في الصحة النفسية والجسدية، وتناولها يعزز الشعور بالارتباط بالطبيعة ويزيد الرضا العام.

وفي مقال نشرته "فسيولوجي توداي" تبين أن تغيير الملابس لتتناسب مع الفصول يؤثر في المزاج والثقة بالنفس. فارتداء الملابس الدافئة والمريحة في الخريف يشعر بالأمان والراحة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في حوار مع متخصصين في الصحة والغذاء والديكور والأزياء لـ"اندبندنت عربية" أوضح كل بحسب اختصاصه كيفية الانتقال والتماهي مع فصل الخريف بطريقة ممتعة ومفيدة.

إلى الفيتامينات در

يقول الدكتور الصيدلي خليل زيبارة إن أهم ما يجب القيام به في فصل الخريف إجراء لقاح الرشح، وعادة يكون اللقاح أو الطعم عبارة عن أربعة فيروسات، واحد منها في العادة يكون بمثابة جائحة العام في العالم. مهمة هذا اللقاح أن يحمي من الرشح أو يخفف عوارضه. ويشير إلى ضرورة التطعيم لكل الفئات العمرية وبخاصة الأطفال وكبار السن والحوامل والذين لديهم أمراض مزمنة لأن مناعتهم تكون ضعيفة. واللقاح يعد الخط الدفاعي الأول، تحديداً أنه يسهم في تخفيف أخطار تطور أمراض الجهاز التنفسي. ويقول خليل من المهم أيضاً اتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة لتقوية المناعة.

ويؤكد أن الفيتامينات والأدوية التي يجب ألا تخلو منها صيدلية المنزل فهي، فيتامين "سي" لأنه ينشط ويخفف فترة المرض، ومثله الزنك. ومن المهم إجراء فحص فيتامين "د" لأن لدى سكان منطقة المتوسط مشكلة جينية بحيث لا تصنع الأجسام ما يكفيها منه، ومعظم الناس لا يدركون أن لديهم هذا النقص الذي يخفف المناعة ويسبب ألماً في العظام، لذا يجب أن يؤخذ بصورة دورية بحسب حاجتهم. ومن الجيد وجود أدوية تحوي تركيبتها على الباراسيتامول وأيبوبروفن في حال الإصابة بالرشح كونهما يعملان على خفض الحرارة وتخفيف ألم الجسم. والأدوية الأخرى للرشح جيدة أيضاً لكنها تسبب زيادة الضغط والأفضل الاحتياط أثناء تناولها، وعلى رغم أنها تعمل على تخفيف سيلان الأنف وعوارض الرشح الأخرى، لا تساعد كثيراً على الشفاء العاجل.

ويرى أن ما يوازي في الأهمية ولا ينتبه له الناس هو الماء والملح وله أسماء عدة ومعروفة لغسل الأنف من الداخل، والأفضل عدم تحضيره في المنزل والحصول عليه من الصيدلية لأن نسبة الملح يجب أن تكون معدلة، ويمكن أن يكون على صورة بخاخ أو كيس مصل. واستخدامه يساعد على عدم احتقان الجيوب الأنفية والتهابها. ويمكن أيضاً إضافة أدوية السعال وبخاخ الجهاز التنفسي للمصابين بالربو أما لمن يصابون بالاكتئاب الموسمي فيفضل تناول المغنيزيوم.

أطعمة بألوان قوس قزح

تؤكد متخصصة التغذية كليا ضاهر أنه يجب الإكثار في فصل الخريف من تناول الأطعمة الغنية بفيتامين "د" كالأجبان والألبان المدعمة بفيتامين "د"، إضافة إلى أخذ جرعات من هذا الفيتامين على شكل حبوب، ثم المأكولات الغنية بفيتامين "سي" مثل الحمضيات والبروكلي والفليفلة وهذا يساعد على تعزيز المناعة وتقويتها، وكذلك المأكولات الغنية بفيتامين "ب كومبلكس" الموجود عادة في اللحوم والخضراوات ذات الأخضر الغامق مثل السبانخ، والسمك الدهني مثل السلمون والتونا وثمار البحر والأجبان والألبان. ولتقوية المناعة يجب تناول مأكولات غنية بالزنك وهو موجود بكمية عالية في السمك وثمار البحر وبخاصة المحار، إضافة إلى الكركم.

ولتحضير الوجبات بصورة سهلة في الخريف فصل العودة إلى العمل والمدارس تنصح كليا تجهيز الخضراوات والفواكه، أي غسلها وتقطيعها ووضعها في عبوات في الثلاجة لتسهيل عملية تناولها أو طهيها، إضافة إلى المكسرات النيئة لأنها غنية بالزيوت الصحية وتساعد على الشبع. وتفضل ضاهر الابتعاد عن المأكولات الجاهزة والغنية بالدهون والمقالي مثل الإسكالوب والدجاج المقلي والبطاطا المقلية والبرغر والمأكولات ذات الصلصات الدهنية، والتركيز على الطبخات "اليخاني" الغنية بالألياف والفيتامينات مثل طبخات اللوبياء والكوسا والباذنجان أو أي نوع من الخضراوات. وكذلك التركيز على الألياف المتكاملة مثل الرز الأسمر والبرغل والكينوا والحبوب والمعكرونة بالقمحة الكاملة، ومثلها الخبز.

 

تقول كليا إن الفواكه والخضراوات غنية بالفيتامينات والمعادن ومن المهم وجودها في كل المواسم، ولكن من هبات الخريف فاكهته الموسمية المفيدة للمناعة مثل الحمضيات، وكذلك الخضراوات، فالجزر غني بالبيتا كاروتين. وكلما تنوع طعامنا وألوانه زادت وتنوعت الفيتامينات والمعادن حتى يمكن القول إن الوجبة يجب أن تحوي ألوان قوس قزح مثل الفليفلة والبندورة والبروكلي والباذنجان والسبانخ والحامض.

ولمن يعانون الحساسية الموسمية تحبذ كليا إضافة البصل والبقدونس التوتيات مثل الفريز المأكولات الغنية بفيتامين سي كالكيوي والحمضيات لأنها تخفف رد فعل الهيستامين في الجسم، والمأكولات الغنية بأوميغا 3 كالأسماك الدهنية تساعد في تخفيف عوارض الالتهابات. وتبين أن الأناناس يحوي مواد تخفف من وطأة حساسية الموسم، وأخيراً المأكولات الغنية بالبكتيريا الحية مثل الكيمتشي والساوردوف والكفير ولبن الأكتيفيا.

وتعتبر أن الخريف موسم مناسب لإعادة تنظيم حميات غذائية صحية وسليمة بعد صيف قد يكون حافلاً بما لذ وطاب، ولعل أول خطوة هي تحضير الوجبات سابقاً مع التركيز على الخضراوات والفاكهة، ثانياً العودة أو البدء بالتمارين الرياضية. وكون الالتزامات الاجتماعية تتضاءل في الخريف فإنه من الممكن الالتزام أكثر في الوجبات المنزلية.

ولتخطي الاكتئاب الموسمي تنصح بتجنب الكحول والأطعمة ذات الدهون العالية والنشويات لأنها كلها تسبب ارتفاعاً سريعاً للطاقة ما تلبث أن تهبط سريعاً أيضاً فلا نشعر بالانتعاش، كما أنها لا تحوي فيتامينات وأملاحاً معدنية، مما يجعلنا كأننا ندخل طاقة موقتة على الجسم من دون الاستفادة منها لأنها تخبو سريعاً.

ومن الجيد أن يحوي الغذاء مصدر بروتين قليل الدهون مثل صدر الدجاج أو السمك، والتوفو والحبوب للنباتيين. أما النشويات التي يمكن تناولها في الخريف فيجب أن تحوي الألياف مثل البطاطا الحلوة الغنية بفيتامين "أ" الذي يبطئ دخول السكر على الدم فيعطي طاقة متوازنة ولا يسبب الإحباط، وكذلك القمحة الكاملة في الخبز والمعكرونة والرز.

كما أن المأكولات الغنية بأوميغا 3 تخفف عوارض الكآبة الموسمية ومثلها المكسرات النيئة وبخاصة الجوز الذي يحوي مادة التريبتوفان المقاومة للاكتئاب التي تساعد على الشعور بالراحة النفسية كما تساعد على الشبع. وبزور اليقطين أيضاً غنية بالمغنيزيوم وتناولها يساعد على تخفيف التوتر.

الجلد والبوردو

يقول مصمم الأزياء السوري-النمسوي ملهم عبيد إنه من الضروري معرفة كل شخص ما يليق به من الألوان الباردة أو الدافئة ليختار منها ما يدخل إلى خزانته هذا الخريف. وينصح باعتماد الجلد، لأن الخريف الفصل الأفضل لارتدائه أكثر من أي فصل آخر، فهو بارد بالنسبة إلى الشتاء وحار بالنسبة إلى الربيع والصيف، لكنه مثالي للخريف. أما الألوان الرائجة لهذا العام فيقول إن البوردو الكرزي هو لون هذا العام ويليق بمعظم الناس، إضافة إلى ألوان الأسود والبيج والرمادي والفضي والذهبي كلها لا تزال في مقدمة الموضة منذ عام 2023. ولا يوجد ألوان صارخة في موضة هذا العام على رغم أنه لا مانع من ارتدائها لمن تليق به. ولأن الخريف فصل الموت ولا طاقة عالية فيه فبعض الناس يفضلون التعويض بألوان مشرقة لتغيير حالهم النفسية. 

ولكن الكثير يفضلون التماهي مع الفصل بألوانه الترابية والبني والبيج. ويحذر ملهم من أن هذه الألوان لا تتناسق مع الجميع فبعض الأشخاص يبدون شاحبين ومرضى إذا ارتدوها. وللنساء فإن البدلات الرسمية مستمرة بقوة منذ 2023 وستايل الـ "أولد موني" من دون زخرفات، إذ التركيز على الأقمشة وخاماتها ونوعيتها أكثر من التصميم والإكسسوار الذي يكون بسيطاً جداً. ويكون أيضاً التركيز على أسلوب الـ"سمارت كاجوال" والبلايزر. وكذلك يعد الخريف مثالياً لارتداء الصوف من دون جاكيت أو معطف يخفي موديل الفستان أو الرداء الصوفي.

أما بالنسبة إلى أحذية الخريف فيشير إلى أن بوط الكاوبوي متابع خطواته الثابتة منذ العام الماضي وبقوة، إضافة إلى الأحذية الجلدية. 

إدخال النور

تقول مهندسة الديكور ومقدمة البرامج باسكال حرب، "نرى هذا الخريف أن اللمعان الأنيق يخبو لمصلحة الجمالية التي يمكن أن تمتزج مع الديكور من خلال الأقمشة ذات الملمس القوي والنافر الذي يتناسب مع فصلي الخريف والشتاء، إضافة إلى الجلد والمخمل اللذين يرتبطان ارتباطاً وثيقاً ببعضهما، كارتباط اللون البرتقالي والأحمر بفصل الخريف، ولكن هذا العام لن تقتصر الألوان عليهما بل سيظهر الأخضر بتدرجاته، والأزرق الملكي والأحمر والأرجواني المدخن. كذلك المعادن الصلبة كالذهبية والبرونزية والنحاسية إضافة إلى الخشبية التي لا تبطل موضتها مع الإضاءة التي تضفي أجواء الحميمية والدفء على البيوت. وتشير إلى عودة ملامح أسلوب قصر فرساي من خلال الجداريات والرسوم على الجدران والسقوف بطريقة لافتة.

من الناحية الجمالية ترى باسكال، "تزداد رؤيتنا للأثاث بأشكال غير تقليدية كالمستطيل والدائري، بل ستكون الأشكال أكثر حرية وانسيابية لتعكس مزيداً من الاسترخاء والعصرية. وتعتبر الكراسي بذراعين، وكراسي الاستلقاء، والأسرة النهارية والوسائد المنجدة من العناصر الأساسية هذا العام، وكذلك الأثاث الذي يوفر مزيداً من الدفء وملاذاً للترحيب".

وتختم أن "اللمسات الموسمية لهذا الخريف تتجلى أيضاً في استخدام التدفئة الداخلية للاستعاضة عن الستائر السميكة، وذلك لتتمازج مع الطبيعة الخارجية التي فقدت خلال الأعوام القليلة الماضية في فترة جائحة كورونا والانطواء نتيجة العمل عن بعد والتزام المنازل خلال الأزمات الاقتصادية العالمية. وهذا الفصل مثالي للقراءة، لذا فإضافة بعض الرفوف مع الإضاءة تحتها وتجهيز الإضاءة اللازمة لغرفة المعيشة لهذا الغرض، وإضافة زاوية جانبية كطاولة ضيافة المشروبات العشبية الساخنة ستضيف المرح لفترات بعد الظهر والأمسيات العائلية ومع الأصدقاء".

اقرأ المزيد

المزيد من صحة