ملخص
حان الوقت أن يمرر جو بايدن الشعلة إلى شخص آخر يمكنه أن يهزم دونالد ترمب ويكتسب ثقة الشعب الأمريكي.
لا شك في أن هذا السباق الرئاسي هو الأغرب من نوعه في التاريخ، فالسباق الانتخابي في الولايات المتحدة يشهد اليوم معركة بين أكبر مرشحين سناً على الإطلاق، ليس أي منهما في ذروة قوته، وكلاهما عرضة إلى الخلط بين الأشياء. لقد استمعنا إلى مقابلات غريبة، ومناظرة رئاسية كارثية، ومحاولة اغتيال - والآن، كما لو أن كتاب هذه الدراما أرادوا مرة بعد اختبار قابلية جمهورهم على تصديق الأمور، أصيب أحدهما للتو بـ"كوفيد".
يمكن أن تشكل الإصابة بـ"كوفيد" وعكة سيئة أياً كان من أصيب بها وفي أي وقت كان، لكن لنكن واضحين عندما يكون المصاب بالفيروس هو رئيس الولايات المتحدة الذي يبلغ من العمر 81 سنة، قد تبلغ الإصابة حدها الأسوأ.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كفى بالفعل، فالأخطار كبيرة جداً لأميركا وللعالم، إلى درجة لا يمكن النظر برباطة جأش في احتمال تولي دونالد ترمب ولاية ثانية. في المرة الماضية كان أداء ترمب كارثياً، لكنه كان لا يزال مقيداً قليلاً بحواجز الحماية الدستورية والبشرية. كان لديه وزراء وموظفون يشككون في قراراته، ويتجاهلون القرارات الأكثر جنوناً، ويخففون من آثار نوبات غضبه، أقله حتى يطردهم، وهو ما فعله كثيراً.
كما رأينا في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021، كان لديه نائب رئيس لم يكن لينتهك اليمين الدستورية التي أقسمها حين تولى منصبه لمجرد أن ترمب لم يستطع تحمل خسارة الانتخابات الرئاسية عامذاك. في المرة المقبلة، لا سمح الله، لن يعين ترمب شخصيات موالية خانعة في المناصب العليا في الحكومة فحسب، بل سيتخلص من كثيرين في سائر صفوف الخدمة المدنية ويزرع متعصبين لحركة "جعل أميركا عظيمة مجدداً" ستقتصر مؤهلاتهم الوحيدة لإدارة حكومة الولايات المتحدة على ولائهم العقيدي لترمب.
مع جيه دي فانس سيكون لديه نائب رئيس، على عكس مايك بنس، يعترف بمرح بأنه سيسرق الانتخابات، أما المحكمة العليا، متأثرة بأعضاء عينوا في عهد ترمب، فمنحت للتو الرئاسة حصانة شاملة من الملاحقة الجنائية لأي إجراءات تنفيذية. يقول ترمب إنه يريد أن يكون ديكتاتوراً، ويستعد النظام حالياً لجعله ملكاً. وبالنظر إلى الدور الذي أداه كل من لارا وإريك ترمب في مؤتمر الحزب الجمهوري، يمكن أن تصبح أميركا قريباً في أيدي سلالتها الحاكمة الأولى.
لن تكون ولاية أخرى لترمب في البيت الأبيض مجرد تغيير للرئيس، بل بدايات ثورة استبدادية. وبكل الوسائل الديمقراطية السلمية الممكنة، لا يمكن السماح بحدوث ذلك.
من الواضح أن بايدن يجب أن يتنحى عن السباق، يقول ذلك علناً عدد متزايد من كبار الديمقراطيين، ويقولون "سراً" ما يتبين لنا أنه الموقف نفسه. ليس "كوفيد" قاتلاً عادة حتى لكبار السن، لكن إصابة أكبر رئيس سناً في التاريخ تذكرنا بمدى ضعف الرجل. هو لا يستطيع أن يترشح مرة أخرى على أساس أنه شاغل موقت للمنصب، فهو رجل قد لا تستمر صفاته وقدراته التي لا شك فيها طوال السنوات الأربع المقبلة - وحتى لو استمرت، ستتضاءل أكثر حتماً وهو في المنصب.
جو بايدن رجل طيب وشريف، لكن هاتين الصفتين ليستا اقتراحاً محترماً يطرح على الشعب الأميركي. عندما أصيب بايدن بـ"كوفيد" قبل سنتين، تسبب ذلك بقلق لا بأزمة. وفي ضوء اختلاف رد الفعل تماماً، الآن نعرف ما نحتاج إلى معرفته حول جدوى ترشيح بايدن.
وصلنا إلى نقطة اللاعودة، يحتاج الديمقراطيون إلى إعطاء البلاد الأولوية قبل الحزب، وإلى فعل ذلك قبل أن يفعله الشعب الأميركي نيابة عنهم. إنهم بحاجة إلى مرشح يهزم ترمب، ويمكن للناس أن يثقوا بأنه سيتابع المسار، ثقة لا يمكن أيضاً أن يمنحوها ترمب البالغ من العمر 77 سنة.
لا يزال كثيرون يفضلون بايدن على ترمب مهما كانت حالة جو، لكن من الخطأ ببساطة جعل الأميركيين يختارون بين هذين الرجلين المتدهورين المسنين، هذا ليس عدلاً لبايدن نفسه. قال بايدن نفسه عندما كان يخوض السباق على ترشيح حزبه للرئاسة عام 2020، كانت وظيفته هي هزيمة ترمب وأن يكون "جسراً" لجيل مستقبلي من الديمقراطيين، عليه أن يفي بهذا الوعد الآن.
بعد العمر الطويل الذي قضاه في الخدمة العامة، سيكون هذا القرار عملاً مناسباً من أعمال الحنكة السياسية والوطنية. حان الوقت لتمرير الشعلة إلى شخص آخر.
© The Independent