Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وقائع الساعات الأخيرة التي سبقت إعلان حكومة لبنان

الاتصالات الفرنسية والروسية لعبت دوراً أساسياً في إخراج التشكيلة من عنق الزجاجة

الرئيس اللبناني ميشيل عون مستقبلا رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري بعد الإعلان عن تشكيل الحكومة الجديدة (أ.ب. عن دالاتي و نهرا)

نجح التحذير الفرنسي الذي أبلغه وزير خارجية فرنسا إلى المعنيين في لبنان بإلغاء مؤتمر "سيدر1"، في إخراج الحكومة من عنق الزجاجة. ونجح مؤتمر وارسو ضدّ إيران قبل أن ينعقد، في تليين موقف حزب الله، وبالتالي إنهاء عقدة تموضع ممثل اللقاء التشاوري (نوّاب سُّنة معارضون لرئيس الحكومة سعد الحريري). كما أسهم الدور الذي لعبه الجانب الروسي في حض وزير خارجية لبنان جبران باسيل على التسهيل، تفادياً لتغييرٍ في اللعبة السياسية قد يؤدي إلى خلل في التوازن عبر الانقلاب على رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، ببديل يكون مقرباً من المحور الإيراني، ويكون قادراً على أخذ لبنان وحكومته في الاتجاه الذي يريده هذا المحور عندما تحين ساعة القرارات والمواجهات.

هكذا، وبسحر ساحر حلّت العقد، وولدت حكومة لبنان الجديدة بعد تعطيل تخطّى عتبة التسعة أشهر.

في المحصلة، نجح حزب الله بفرض شروطه على حكومة الرئيس الحريري الثالثة، وتمكن من إلغاء حصرية التمثيلين الدرزي والسُني بفريقي الحزب الاشتراكي وتيار المستقبل. وفرض هذا الحزب على التشكيلة الحكومية وزيراً درزياً وآخر سنياً، هما في الشكل من حصة رئيس الجمهورية ميشال عون، لكن في المضمون، وعند التصويت في مجلس الوزراء، هما قلباً وقالباً ضمن فريق حزب الله وحلفاء النظام السوري.

ونجح حزب الله في منع أي فريق من الحصول على ثلث معطل وحدَه. وقَبِلَ رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل، "بثلث ملتبس" بعد أن ردد مراراً وتكراراً حقّه وفريقه في الحصول على 11 وزيراً أي ثلث الحكومة.  فالوزير حسن مراد ممثل اللقاء التشاوري في الحكومة والمحسوب من حصة رئيس الجمهورية هو في صلب فريق الثامن من آذار. مراد سيحضر وفق الاتفاق النهائي اجتماعات تكتل لبنان القوي (المؤيد لرئيس الجمهورية) لكن قراراته ستكون مع اللقاء التشاوري أي ضمناً مع حزب الله.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الأمر نفسه متوقع حصوله مع الوزير صالح الغريب ممثل النائب طلال ارسلان في الحكومة، المحسوب في الشكل على رئيس الجمهورية وفي المضمون على حزب الله.

وعلى طاولة تكتل لبنان القوي نموذج ثالث هو ممثل حزب الطاشناق الذي سيصوّت "على القطعة" وفق الملف أو الموضوع بناء على تجربة الحكومة السابقة.

خسر الوزير باسيل الثلث الذي حارب للوصول إليه، وإن كان أكد لاحقاً أنه نال ما يريد وأكثر. وصدق زعيم تيار المردة سليمان فرنجية عندما توجه الى الوزير باسيل الشهر المنصرم بالقول "تنازل عن الثلث فتبصر الحكومة النور".

لكن قد يكون رئيس التيار الوطني تمكن من تحقيق إنجاز، فهو نجح مدعوماً من الرئيس الحريري في انتزاع حقيبة البيئة من رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد ما حصل الأخير على حقيبة الثقافة التي قَبِل حزب القوات اللبنانية بالتخلي عنها، لكنّ الإنجاز الوحيد لا ينفي حقيقة أساسية وهي خروجه من معركة، وهو على تناقض مع مختلف القوى التي تُعتبر الركائز الأساسية للتسوية السياسية بدءاً من القوات اللبنانية مروراً بالحزب الاشتراكي وصولاً إلى الثنائي الشيعي (حركة أمل وحزب الله). ولعل أبرز تحديات باسيل ما يُقال عن امتعاض ابنة رئيس الجمهورية ميراي عون، المستشارة في القصر الجمهوري، لأن باسيل حرمها من تعيين أي وزير مقرب منها، وتالياً هذا الامر قد يُسرِّع نشوء معارضة داخل حزب باسيل يُحكى أنها ستتظهّر بعد ما حصل في الحكومة.

في المقابل، نجحت القوات اللبنانية في إلغاء ذريعة جديدة كان يمكن أن توضع عقبة أمام ولادة الحكومة، فتجاوب رئيس الحزب الدكتور سمير جعجع مع مطلب الحريري وتنازل مجدداً وقَبِلَ بحقيبة التنمية الإدارية التي خُيِّر بينها وبين حقيبة الإعلام.

وتكشف مصادر مطلعة لـ"اندبندنت عربية" أن مطلب تخلي القوات عن إحدى الحقائب برز في الساعات ما قبل الولادة، ولم يكن مطروحاً في اللقاء الباريسي بين الحريري وجعجع، بل الأجواء كانت توحي بمنحى تصعيدي، وتصميم من قبل الحريري على قلب الطاولة، وتكشف المصادر نفسها أن جعجع عاد الى بيروت، ودعا الى اجتماع لكتلة "الجمهورية القوية" بهدف اتخاذ موقف تصعيدي يلاقي به الحريري في حملته بوجه معرقلي الحكومة، لكن اتصالاً هاتفياً بين الحريري وجعجع سبق اجتماع الكتلة بنحو أربع ساعات، قلب اتجاه الاجتماع، وقال الحريري لجعجع "حكيم (لقب لجعجع) الحكومة ماشية واقفة فقط على حقيبة الثقافة" فرد جعجع "إذا واقفة على هيدي فقط، فلن نكون عائقاً أمام ولادة الحكومة لأن البلد لم يعد يحتمل". شكر الحريري جعجع مرة جديدة وأكمل اتصالاته ودارت عجلة التأليف كما أراد.

أبصرت الحكومة النور ولم يحصل أي فريق على ثلث ضامن أو معطل، فتشكلت الحكومة بعشرات ثلاث موزعة فيها القوى السياسية كالاتي:

3 وزراء لرئيس الجمهورية، 6 للتيار الوطني الحر، ووزير يمثل الحزب الديمقراطي، المنافس درزياً للاشتراكي.

6 لتيار المستقبل و4 لحزب القوات اللبنانية.

3 لحزب الله، و3 لحركة أمل وزير لتيار المردة ووزيران للحزب الاشتراكي. إضافة إلى وزير يمثل اللقاء التشاوري هو من حصة رئيس الجمهورية شكلاً ولكن مستقلاً في المضمون أو على الأرجح مقرباً من حزب الله.

هي حكومة العهد الأولى كما انتظرها الرئيس ميشال عون، فهل يحقق في السنوات الأربع المتبقية من عهده ما عجز عنه في البداية؟

المزيد من العالم العربي