ملخص
تكثر "الدول" التي أعلنت استقلالها من جانب واحد أو بدعم من دولة كبرى واحدة فقط، إلا أنها لا تتمتع باعتراف رسمي من جانب الأمم المتحدة، فما هي الخطوات الضرورية لتحقيق ذلك؟ وما هي أبرز تلك الدول التي لا تزال في "ردهة انتظار" المجتمع الدولي؟
فتحت سلسلة اعترافات بعض الدول بفلسطين، ملف دول عدة لم يُعترف بها حتى اللحظة بشكلٍ كامل، فإما لديها اعترافات جزئية ومحدودة أو ليس لديها أي اعتراف. وعلى رغم وجود هذه الدول الصغيرة وبعضها متناهي الصغر على الأرض، إلا أننا لا نرى لها وجوداً على الخريطة الرسمية، فما هي الدول التي لم يعترف بها العالم، وما هي آخر الدول التي نالت اعتراف الأمم المتحدة؟
إجراءات الاعتراف
أول إجراء يجب على الدولة اتخاذه لكي تصبح دولة مستقلة هو إعلان نواياها، ومن أجل القيام بذلك عليها أن تلتزم بالقوانين الدولية المنصوص عليها في "اتفاقية مونتيفيديو" بشأن حقوق الدول وواجباتها المعتمدة في عام 1933 في الأورغواي خلال المؤتمر الدولي السابع للدول الأميركية.
لذلك وجب الامتثال لبعض القواعد، ومنها أن توجد الدولة داخل منطقة محددة بوضوح، وأن يكون لديها عدد سكان دائم، وهو ما يعني التفاوض بشأن القضايا المتعلقة بالمواطنة والإقامة. وكذلك أن تكون لديها حكومة تكون قادرة على الدخول في علاقات مع دول أخرى ذات سيادة.
أما الخطوة الثانية للحصول على الاعتراف، فهي أن يُعترف بالدولة الجديدة من قبل الدول القائمة داخل المجتمع الدولي، وهو قرار يُتخذ وفقاً لتقدير كل دولة. ومن بين أبرز الأمثلة تايوان وفلسطين وكوسوفو، المعترف بها كدول شرعية من قبل بعض البلدان، ولكن ليس من قبل بلدان أخرى.
ثم تأتي الخطوة الثالثة للانضمام إلى الأمم المتحدة، وهنا يمكن لدولة ما أن تتقدم بطلب الانضمام إلى المنظمة الدولية التي تضم حالياً 193 دولة عضواً تتمتع بالسيادة وتستوفي الشروط الواردة في ميثاق الانضمام إليها. وتقول الأمم المتحدة إن العضوية مفتوحة لجميع الدول المحبة للسلام التي تقبل الالتزامات الواردة في الميثاق، والتي ترى الأمم المتحدة أنها قادرة على تنفيذ هذه الالتزامات.
أحدث الدول المعترف بها
ولكن الأمر لم يقف هنا، إذ هناك إجراءات يجب أن تتمها الدولة للانضمام والاعتراف بها، فعليها أن تقدم طلباً إلى الأمين العام ورسالة تتضمن تصريحاً رسمياً بأنها تقبل الالتزامات الواردة في الميثاق، وبعدها يتم تحويل هذا الطلب إلى مجلس الأمن، حيث يجب أن يوافَق عليه من قبل تسعة على الأقل من أعضاء المجلس الخمسة عشر، وإذا صوّت أي من الأعضاء الخمسة الدائمين في المجلس، الصين أو فرنسا أو روسيا أو المملكة المتحدة أو الولايات المتحدة، ضد الدولة فسيتم إنهاء الطلب.
وفي حال الموافقة تُقدَم توصية المجلس بشأن الانضمام إلى الأمم المتحدة، أمام الجمعية العامة للنظر فيها، ويجب الحصول على غالبية الثلثين في تصويت الجمعية العامة لقبول دولة جديدة.
وتُعتبر أحدث دولة معترف بها في العالم هي جنوب السودان، التي أعلنت استقلالها في 9 يوليو (تموز) 2011. وفي الأيام التالية، أصبحت أيضاً أحدث عضو في الأمم المتحدة، إذ سارع المجتمع الدولي آنذاك بما فيه الولايات المتحدة وروسيا والصين ودول الاتحاد الأوروبي ودول كبرى أخرى، إلى الاعتراف بدولة جنوب السودان الحديثة العهد. كذلك أعلنت آنذاك حكومة السودان اعترافها رسمياً بقيام دولة جنوب السودان.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من الصين إلى أوروبا
أما في ما يخص قضية تايوان، فتعتبر الصين أن هذه الجزيرة التي تتمتع بالحكم الذاتي جزءاً من أراضيها، وتصر على ضرورة توحيدها مع البر الرئيس بالقوة إذا لزم الأمر. لكن تايوان ترى نفسها كياناً مستقلاً عن الصين، إذ على رغم وجود دستور خاص للجزيرة، ولديها قادتها المنتخبون ديمقراطياً ونحو 300 ألف جندي نشط في قواتها المسلحة، لكن هناك عدداً قليلاً من الدول التي تعترف بها، بينما يعترف معظمهم بالحكومة الصينية في بكين بدلاً من ذلك. وعلى رغم أن الولايات المتحدة لديها قانون يلزمها بتزويد الجزيرة بوسائل الدفاع عن نفسها، إلا أنها لا تقيم علاقات رسمية مع تايوان.
وفي الدول المستقلة حديثاً في أوروبا، فعلى رغم أن الولايات المتحدة ومعظم أعضاء الاتحاد الأوروبي اعترفوا بإعلان استقلال كوسوفو عن صربيا في عام 2008، إلا أن صربيا وروسيا وعدداً كبيراً من الدول الأخرى، بما في ذلك العديد من أعضاء الاتحاد الأوروبي، ونظراً للافتقار إلى الإجماع الدولي، لم يتم قبول كوسوفو على الفور في الأمم المتحدة. ولكن في عام 2010 قضت محكمة العدل الدولية بأن إعلان استقلال كوسوفو لا ينتهك القانون الدولي، لكن صربيا رفضت هذا القرار.
دول أخرى
ولكن إذا زار أحد ما دولاً غير موجودة رسمياً، فإلى أين يذهب حقاً؟ هذا السؤال أذهل كاتب الرحلات والمستكشف البرازيلي جيلهيرم كانيفر البالغ من العمر 43 سنة. وقد زار 16 مكاناً، وسرد تجاربه في كتابه "الأمم غير المعترف بها، السفر إلى دول لا وجود لها"، حيث زار وتحدث عن دول لم تحصل على اعتراف الأمم المتحدة، بالتالي فهي غير موجودة رسمياً. فيقول، "لقد تفاجأت عندما اكتشفت أن التأشيرة الصومالية لن تمكني من الدخول إلى أرض الصومال، كنت بحاجة إلى تأشيرة دخول إلى أرض الصومال، واضطررت أيضاً إلى استبدال أموالي بالعملة المحلية". وأضاف، "لقد أذهلني ذلك كثيراً لأنني كنت أدخل بلداً لا تعترف به أي دولة أخرى".
وعلى رغم عدم اعتراف أي دولة أخرى بالحكم الذاتي لأرض الصومال، إلا أن لها قوانينها وعملتها وحكومتها الخاصة. ووفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، كانت المحمية البريطانية السابقة جزءاً من الجمهورية الصومالية، ومع ذلك أعلنت استقلالها في عام 1991، بعد الإطاحة بالديكتاتور العسكري الصومالي.
وبعد أرض الصومال، بدأ كانفير بالتركيز على زيارة أماكن غير معترف بها على نحو مماثل، مثل جمهورية ترانسنيستريا وجمهورية كوسوفو والصحراء الغربية، التي تُعرف أيضاً باسم "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية"، وجمهورية شمال قبرص التركية ودولة فلسطين وجمهورية أبخازيا وجمهورية ناغورنو قره باغ وجمهورية أوسيتيا الجنوبية وتايوان.