Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

فنانون عرب عكس التيار... من التمثيل إلى الإخراج

تختلف أسبابهم من بلد إلى آخر لكن غالبيتهم يتسلحون بالموهبة أمام وخلف الكاميرا

يرى البعض أن الممثل المخرج يملك فهماً عميقاً بالشخصيات وبالأداء (مواقع التواصل)

ملخص

تتفاوت الآراء حول تقييم تجربة الممثل الذي ينتقل إلى العمل في الإخراج بين مؤيد ومعارض لأن بعضاً يرى أن التخصص ضروري ويحمي المهنة من التعديات.

يتجه بعض الممثلين بعد أعوام من الخبرة والتجربة للعمل في الإخراج الدرامي ومنهم من يحرص على الجمع بين المجالين، بينما يهجر آخرون التمثيل إلى غير رجعة خصوصاً عندما تلمع أسماؤهم في عالم الإخراج.

في سوريا معظم المخرجين الذين لمعوا في المهنة أتوا من عالم التمثيل ومن بينهم الراحل حاتم علي ورامي حنا وسيف السبيعي بينما دخل الليث حجو المهنة بوصفه مساعد مخرج ومثله رشا شربتجي التي بدأت أيضاً بوصفها مساعدة مخرج مع والدها المخرج هشام شربتجي وهذا أمر بدهي يبرره عدم وجود جامعات تدرس الإخراج.

أما في لبنان فيفضل معظم خريجي معاهد التمثيل والإخراج الوقوف أمام الكاميرا وليس خلفها بحثاً عن الشهرة والانتشار مما جعل عدد المخرجين اللبنانيين الذين يمارسون المهنة حالياً محدوداً جداً مقارنة مع عدد الممثلين.

ويضم المعهد العالي للسينما في مصر قسماً خاصاً بالإخراج السينمائي والتلفزيوني ولكن يحرص الطلاب بعد التخرج على العمل بوصفهم مساعدي مخرج بهدف اكتساب الخبرة، بينما تخرج معظم مخرجي الدراما في الخليج وخصوصاً الكويت في جامعات أميركا وبريطانيا وفرنسا ومصر.

وتتفاوت الآراء حول تقييم تجربة الممثل الذي ينتقل إلى العمل في الإخراج بين مؤيد ومعارض لأن بعضاً يرى أن التخصص ضروري ويحمي المهنة من التعديات، ويؤكد آخرون أن الموهبة هي الأساس بينما يعتبر رأي ثالث أن من الأسباب التي جعلت بعض الممثلين ينتقلون إلى الإخراج هي عدم قدرتهم على إثبات أنفسهم بوصفهم ممثلين. فكيف ينظر صناع الدراما والنقاد إلى تجارب الممثلين الذين اتجهوا للعمل في الإخراج؟

التمثيل أولاً

الممثل اللبناني باسم مغنية الذي تجمع تجربته الفنية بين التمثيل والإخراج تحدث لـ"اندبندنت عربية" عن تجربته الشخصية قائلاً "أثناء دراستي في الجامعة اللبنانية لم يكن هناك اختصاص يجمع بين التمثيل والإخراج، بل كنا ننتسب إلى معهد الفنون للتخرج ممثلين ولكننا كنا ندرس ضمن المنهج مادة الإخراج تلفزيونياً أو سينمائياً أو مسرحياً، وفي مرحلة لاحقة أصبح هناك قسم خاص بالإخراج وآخر بالتمثيل".

وأضاف، "كنت أميل جداً للتعرف إلى كل ما له علاقة بالإخراج حتى أصدقاء الدراسة كانوا طلاب إضاءة أو صوت وليسوا طلاب تمثيل، وبدافع الفضول كنت أسألهم عن بعض التفاصيل حتى أن أستاذ مادة الإخراج كان يتفاجأ بالمعلومات التي كنت أعرفها وعندما أصبحت ممثلاً كنت أساعد فنيي الصوت والإضاءة في موقع التصوير، وكل هذه الأمور جعلتني ملماً بالإخراج إلى جانب إلمامي بكتابة (ستوري بورد) التي كنت أوزعها على أهم مخرجي الكليبات في لبنان".

 

 

وتابع، "لكنني لم أعمل في الإخراج الدرامي لأنني أفضل التمثيل ولأنني أعرف أن المنتجين بسبب قلة عدد المخرجين في لبنان سيركزون على الاستعانة بي باعتباري مخرجاً، لذلك اقتصرت تجربتي الإخراجية على عملين هما (فرصة عيد) لـنادين الراسي وزياد برجي و(آدم وحواء) لـعصام بريدي وباتريسيا نمور وهو عمل مؤلف من 300 حلقة".

رؤية إبداعية

ويملك الممثل المخرج فهماً عميقاً بالشخصيات وبالأداء يساعده في توجيه الممثل الآخر فضلاً عن الخبرة في تنفيذ المشاهد والقدرة على التواصل مع الفريق، وكسب احترامه وثقته ورؤية إبداعية اكتسبها من التمثيل تسهل عليه عملية الإخراج والتوجيه.

واستناداً إلى هذه المعطيات يرى باسم مغنية أن المخرج الممثل يضيف إلى العمل الفني قائلاً "الممثل الموهوب يعرف كيف يوجه الملاحظات وينقل الإحساس إلى الممثل الآخر بطريقة غير تقليدية ويحثه على التركيز والالتزام، كما أنه يتفاعل معه ويحرك الكاميرا بطريقة مختلفة وأكثر عمقاً تساعده على إبراز إحساسه وأدائه بينما يركز المخرج التقليدي على الشكل الجميل".

ومضى في حديثه، "من يدرس الإخراج ويملك الموهبة ينجح في عمله أما الممثل البارع الذي يملك التقنيات، فإنه يوظف هذه الميزة لخدمة العمل وخلق كادرات جميلة ومساعدة الممثل الآخر ليؤدي بصورة أفضل حتى أن حركته تكون طبيعية".

الموهبة أولاً

الأولوية للموهبة دائماً في كل المجالات الفنية بما فيها الإخراج وحتى المخرجين الذين درسوا الإخراج يؤيدون هذا الرأي من بينهم المخرج المصري رؤوف السيد الذي يؤكد أن "الإخراج موهبة ويتطلب معرفة بأساسات معينة، ولكنها مع مدرسة وودي ألن لم تعد مطلوبة بل المطلوب دراسة بسيطة لتنمية الموهبة".

في المقابل نفى السيد صحة حديث بعض أن الممثل المخرج يضيف إلى العمل بخبرته وتجربته قائلاً "الممثل في موقع التصوير يكون منشغلاً بتصوير دوره أو ينتظر في الكارافان ولذلك تكون خبرته محدودة ويظل الأساس الشغف والموهبة، وفي الإخراج يتم التعامل مع إدارة موقع كامل ورؤية كاملة وأقسام مختلفة بأسئلة كثيرة ولذلك يفترض أن يكون المخرج ملماً بكل شيء".

ومع أنه تخصص في الإنتاج والإخراج لكن السيد يفضل بوصفه مخرجاً الخبرة والموهبة على الدراسة مضيفاً "النزول إلى مواقع التصوير أكبر مدرسة لتنمية الموهبة لأن كل شيء يكون مختلفاً، أما الدراسة فتعلم الأساسات فقط وأنا درست الإخراج لأن الكاميرا أبهرتني عندما كنت أصور الإعلانات في طفولتي ثم أبهرتني عملية تحويل الفكرة المكتوبة على الورق إلى عمل نراه على الشاشة".

 

 

وضرب مثلاً على حديثه بقوله "عندما ذهبت إلى موقع التصوير مع المخرج طارق العريان أثناء تصوير فيلم (تيتو) أبهرتني الأحداث وطريقة انقلاب سيارة أحمد السقا فقررت أن أدرس الإخراج ولم أكن أعرف أنني موهوب إلا عندما تفوقت في أكاديمية الفنون، ثم عملت مع مخرجين عالميين وتعلمت من مدارس مختلفة وعندما عدت إلى مصر عملت مخرجاً منفذاً لإعلانات مع مخرجين من دول مختلفة، فتعلمت من المدرسة الإسبانية والإيطالية والأسترالية والجنوب أفريقية والأميركية والمصرية، أي إن هناك عوامل مختلفة أسهمت في تنمية موهبتي وتكوين شخصيتي الخاصة".

نجوم عالميون

والحرص على الجمع بين الإخراج والتمثيل ميز تجارب عدد من النجوم العالميين من بينهم ميل غيبسون وكلينت إستوود وجورج كلوني وغيرهم، أما عربياً فخاض تامر حسني تجربة مماثلة في عدد من أفلامه.

وعلى هذا الموضوع يعلق السيد "هناك تجارب عالمية كثيرة أكدت نجاحها على هذا الصعيد ولكنني لا أعرف ما إذا كانت التجارب المصرية حققت النجاح، وهذه التجارب تنجح عندما ينال كل ممثل حقه ويبتعد المخرج الممثل عن الأنانية وعدم التركيز على موهبته فقط لأن وظيفة المخرج إبراز أدوات الممثل وإخراج أفضل ما عنده".

وأوضح أنه "ليس كل مخرج متخصص موهوب وناجح بالضرورة ولكن لا يوجد مخرج يرتكب أخطاءً، لأن الإخراج أذواق وكل مخرج يروي القصة الواحدة بطريقة ووجهة نظر خاصة لكي يسلي الناس، هذا هو الإخراج".

مع التجربة ولكن

ومع أنه لا توجد في سوريا جامعات ومعاهد تدرس الإخراج فإن الساحة الفنية فيها قدمت للدراما السورية والعربية أعمالاً من وقيع مخرجين مبدعين، من بينهم الراحل حاتم علي ورشا شربتجي والليث حجو وسيف السبيعي ورامي حنا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع أن الممثل أيمن رضا يؤيد فكرة توجه الممثل نحو الإخراج لكنه يعلق "عادة الممثل الذي لا يحقق شيئاً في التمثيل ينتقل إلى الإخراج وأنا مع هذا التوجه إذا كان يملك موهبة الإخراج، وبرع الراحل حاتم علي والليث حجو ورامي حنا ورشا شربتجي في الإخراج بعد تجارب متكررة".

أما المخرجون الذين درسوا الإخراج فلا يتعدى عددهم الواحد أو الاثنين، وكما أن هناك ممثلين لم يدرسوا التمثيل وأصبحوا نجوماً هناك أيضاً مخرجون لم يدرسوا الإخراج ونجحوا" وفقاً لرضا.

وتابع، "مع أنني أحب الإخراج لكنني لا أفكر بالعمل فيه لأن المسلسل المؤلف من 30 حلقة يحتاج إلى تفرغ لمدة عام كامل، ما بين التحضير للنص لمدة ثلاثة أشهر والعمل مع الممثلين ما بين ثلاثة أو أربعة أشهر وشهرين للمونتاج، أما عندما أنتهي من تصوير دوري بوصفي ممثلاً أجدد حياتي الفنية بتخزين المعلومات والاختلاط بالمجتمع وهي أمور مهمة جداً بالنسبة إلى الممثل، عدا عن أنني أفضل تجنب المشكلات لأنني سأكون صارماً مع الممثلين ومجبراً على الاحتكاك بالجميع حتى بعامل الشاي والقهوة فضلاً عن أنني لا أقبل أن يفرض عليّ ممثلون غير مناسبين للأدوار".

"سمك لبن تمر هندي"

الناقد الكويتي عبدالستار ناجي من أنصار التخصص في كل المجالات بما فيها الدراما وإن كان الأمر لا يمنع من بعض القفزات الإضافية التي تثري التجربة، بحسب قوله.

وقال ناجي إن "الاجتهادات المقرونة بالخلل مصيرها النسيان وهم قلة في الدراما الخليجية الذين انتقلوا من حرفة التمثيل إلى الإخراج، من بينهم الفنان البحريني جمعان الرويعي الذي تنقل بين المجالات كافة ممثلاً ومخرجاً وكاتباً ومنتجاً منفذاً وغيرها، ولكنه ظل بوصفه ممثلاً قيمة فنية عالية والأمر ينسحب على مواطنه محمد القفاص".

 

 

وأضاف، "لست ضد الانتقال من حرفة إلى أخرى ولكن ليس لمجرد النجومية، ولا بد من أن تتوفر لدى المبدع الخبرة والتجربة والدراسة وروح الانتماء إلى المهنة لتقديم حلول إخراجية تضيف إلى التجربة وتمنحها قيمة إبداعية وجمالية".

ومضى في حديثه، "في الكويت قلة تنقلوا بين حرفة فنية وأخرى وفي مجال السينما انتقل صادق بهبهاني من التمثيل إلى كتابة السيناريو والإخراج والإنتاج وحقق مجموعة تجارب عرفت كيف تغازل الجمهور في صالات العرض السينمائي، ولكن أخطار هذه الانتقالات شديدة القسوة على الجهات الإنتاجية التي ترضخ في أحيان كثيرة أمام سطوة الممثل النجم متجاهلة خطرها على الحرفة، لذا تلجأ بعض الجهات الإنتاجية إلى القنوات والمنصات لتحقيق التجربة التي تظل تحت مجهر المقارنة بين كون المبدع ممثلاً أو مخرجاً أو منتجاً".

ودعم ناجي موقفه بتجارب من السينما العالمية قائلاً "قلة هم الذين تميزوا في الوقوف أمام الكاميرا وخلفها من بينهم كلينت إيستوود وميل جيبسون وأورسن ويلز وقبلهم جميعاً شارلي شابلن ولكنها تبقى تجارب ترتكز على قامات إبداعية حاضرة في ذاكرة الأجيال والحرفة، وبالنسبة إلى نجوم الخليج فإن النسبة الأكبر منهم مثل الراحل عبدالحسين عبدالرضا وحتى سعاد عبدالله وحياة الفهد يتدخلون في أدق التفاصيل، ولكنهم يفضلون دائماً أن تبقى أسماؤهم بصفتهم ممثلين وربما بصفتهم منتجين وليس بوصفهم مخرجين، ويعتمدون على مخرجين ذي مكانة وبصمة وتجربة عالية المستوى تليق بحضورهم ومكانتهم".

وختم حديثه بالقول، "الجمع بين حرف عدة أمر شديد التعقيد ويحتاج إلى مبدع يعي أهمية كل حرفة ودور المبدع وتخصصه ويجنب خلط الأوراق كما في كثير من التجارب، إذ شاهدنا الممثل أمام الكاميرا وخلفها مركزاً الكاميرا عليه أو على زوجته عندها لا نكون أمام دراما بل (سمك لبن تمر هندي) كما يقول إخوتنا في مصر".

اقرأ المزيد

المزيد من فنون