Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما دلالات نسبة التصويت المرتفعة في كشمير الهندية؟

ادعاءات متضاربة بين الحزب الحاكم والأحزاب المحلية حول ما إذا كان الإقبال الكبير دليلاً على دعم سياسات مودي أو استفتاءً ضدها

تمثل الانتخابات الحالية أول فرصة للناخبين للتعبير عن رأيهم السياسي منذ الحكم الذاتي (أ ف ب)

ملخص

تقدم حكومة ناريندرا مودي القومية نسبة الإقبال على التصويت على أنها تعبير عن الدعم الشعبي ودليل على نجاح سياستها في شأن كشمير، بينما يرى الناخبون والسياسيون والمحللون الكشميريون من جانب آخر أنها تأكيد للمطالب المحلية المتكررة التي تتحدى شرعية حكومة نيودلهي في المنطقة المضطربة.

شهدت منطقة كشمير الخاضعة للإدارة الهندية إقبالاً كبيراً وغير متوقع من الناخبين في الانتخابات العامة وسط تحليلات متضاربة حول ما تعنيه نسبة التصويت العالية للمنطقة المتنازع عليها.

تقدم حكومة ناريندرا مودي القومية نسبة الإقبال على التصويت على أنها تعبير عن الدعم الشعبي ودليل على نجاح سياستها في شأن كشمير، بينما يرى الناخبون والسياسيون والمحللون الكشميريون من جانب آخر أنها تأكيد للمطالب المحلية المتكررة التي تتحدى شرعية حكومة نيودلهي في المنطقة المضطربة.

سجلت منطقة بارامولا المعروفة بالنشاط الانفصالي المسلح أعلى نسبة تصويت على الإطلاق، إذ تجاوزت أرقام المشاركة فيها خلال المرحلة الخامسة من الانتخابات العامة المستمرة منذ فترة طويلة أرقام التصويت في ولايات كبيرة مثل بيهار وماهاراشترا، وبلغت نسبة المشاركة نحو 59 في المئة من الناخبين المسجلين في بارامولا، وهو ما يزيد بنحو 20 في المئة على الانتخابات البرلمانية التي جرت قبل خمس سنوات.

يدعو قادة المنظمات الانفصالية عادة إلى مقاطعة الانتخابات، وكان عديد من المسلمين في كشمير يمتنعون عن التصويت الذي كان ينظر إليه على أنه إضفاء الشرعية للحكومة المركزية، لكن إقبال الناخبين في عاصمة كشمير سريناجار على رغم كونه منخفضاً مقارنة ببارامولا فإنه بلغ 38 في المئة، النسبة الأعلى منذ 1996، وتقريباً ثلاثة أضعاف نسبة المشاركة في 2019 التي بلغت 13 في المئة.

موقف الحكومة من نسبة التصويت المرتفعة

ألغت حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي في 2019 وضع الحكم شبه الذاتي لجامو وكشمير من خلال إلغاء المادة 370 من الدستور الهندي تلبية لمطالب أنصاره من القوميين الهندوس الذين يرون أن إلغاء هذه المادة هو السبيل لشمل الولاية الوحيدة ذات الغالبية المسلمة في التيار الوطني، كما زعم أنصار مودي أيضاً أن هذه الخطوة ستساعد في قمع حركة الحرية في كشمير التي أخذت صورة التمرد المسلح قبل 35 عاماً.

 

 

وعلى رغم أن المنطقة لم تشهد أعمال العنف منذ فترة طويلة فإن كشمير لا تزال واحدة من الأماكن التي تتمتع بأعلى وجود عسكري في العالم، كما أنها نقطة اشتعال نووية بين الهند وباكستان اللتين خاضتا ثلاث حروب بسبب هذه المنطقة.

انعقدت الانتخابات الجارية في ظل هذه الأجواء التي شهدت مشاركة عالية في التصويت لتسارع حكومة مودي في تصوير هذا التطور على أنه علامة على استعادة السلام في كشمير المضطربة، وعلق رئيس الوزراء نفسه ووزير الداخلية أميت شاه أن كشمير قد تغيرت منذ إلغاء المادة 370 في إشارة إلى نسبة التصويت المرتفعة في المناطق المتنازع عليها.

وقال رئيس الوزراء الهندي "أهنئ الإخوة والأخوات في بارامولا على التزامهم الدائم بالقيم الديمقراطية، إن مثل هذه المشاركة النشطة في العملية الديمقراطية تعد تقدماً عظيماً".

كما تحدث أميت شاه لوكالة أنباء (ANI) بلهجة أكثر صراحة بعد التصويت في سريناجار قائلاً "أريد أن أقول لأولئك الذين يشككون في إلغاء المادة 370، إن زيادة نسبة إقبال الناخبين في سريناجار من 14 في المئة في الماضي إلى نحو 40 في المئة دليل نجاح قرار الإلغاء".

وأضاف وزير الداخلية "رفعت شعارات لمقاطعة الانتخابات في الماضي، لكن اليوم جرت الانتخابات بصورة سلمية لدرجة أن زعماء الجماعات المتطرفة أيضاً صوتوا فيها، لا يهم لمن يصوتون، لكن في الأقل يجب أن يكونوا جزءاً من العملية الديمقراطية".

الجانب الآخر للصورة

يرى الناخبون الكشميريون الإقبال الكبير على التصويت من منظور مختلف، إذ يقولون إن نسبة التصويت في سريناجار بلغت 30 في المئة التي تمثل فحسب نصف نسبة الإقبال المسجلة في آخر انتخابات وطنية قبل بدء التمرد المسلح في 1984 ويرجعون نسبة المشاركة المرتفعة نسبياً في 2024 إلى عدم وجود حكومة منتخبة في كشمير منذ 2018، حيث سقطت آخر حكومة إقليمية بعد أن انفصل حزب "بهاراتيا جاناتا" الذي يتزعمه مودي عن تحالف مع حزب "الشعب الديمقراطي الإقليمي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع إلغاء الحكم الذاتي في العام التالي، قسمت حكومة مودي ولاية جامو وكشمير إلى وحدتين فيدراليتين واعتقلت كلاً من القادة السياسة المحليين والناشطين والصحافيين والطلاب والانفصاليين ما أدى إلى خلق فراغ سياسي الذي دفع الناخبين لملئه من خلال عملية التصويت، إذ خرج عديد من الناخبين في كشمير الذين لم يسبق لهم المشاركة في الانتخابات للتعبير عن استيائهم من تصرفات الحكومة الهندية منذ أغسطس (آب) 2019.

وقال هارون خان الذي صوت في سريناجار خلال حديثه مع قناة عالمية "لم نكسب شيئاً بمقاطعة الانتخابات أو باستخدام الوسائل الاحتجاج الأخرى للتعبير عن معارضتنا، عديد من أصدقائي وجيراني كانوا في السجون لسنوات ولا أحد يهتم بهم". وأضاف "الكشميريون فقدوا هويتهم، نحن نحكم من قبل الغرباء، الغرض من تصويتي اليوم هو انتخاب ممثلنا الكشميري المحلي الذي يمكنه التحدث إلى الهند نيابة عنا، ما أريد منه شخصياً هو أن يخرج أصدقائي من السجن".

ولم يقدم حزب "بهاراتيا جاناتا" مرشحه من أي من الدوائر الانتخابية الثلاث في وادي كشمير، بينما تمحورت حملات الأحزاب المحلية المتنافسة في الانتخابات حول دعاوى إعادة الحكم الذاتي بدلاً من الحديث عن الوظائف والبنية التحتية.

من جانبه يقول المتخصص في العلوم السياسية الكشميري نور أحمد بابا، إن نسبة المشاركة في سريناجار وبارامولا رفضت السردية السياسية حول محاولة حزب "بهاراتيا جاناتا" السيطرة على كشمير بدلاً من إضعاف الأحزاب الإقليمية مثل "المؤتمر الوطني" و"حزب الشعب الديمقراطي".

وتساءل نور أحمد إذا كان حزب "بهاراتيا جاناتا" يعتقد أن نسبة المشاركة العالية بمثابة تأكيد شعبي على سياسته في كشمير فلماذا لم يقدم الحزب أياً من مرشحيه في المنطقة؟ مضيفاً أن حزب "بهاراتيا جاناتا" ليس لديه ثقة في الناخب الكشميري.

وتابع المتخصص في العلوم السياسية "لو كان الحزب الحاكم حقق كثير ويدعي أن الناس سعداء فعليه أن يثبت موقفه من خلال خوض الانتخابات".

ظل حزب "بهاراتيا جاناتا" بعيداً من الانتخابات على رغم أنه لم تكن هناك دعوة لمقاطعة الانتخابات، على عكس ما حدث في الماضي دائماً، من قبل حزب "مؤتمر الحرية" المحلي الذي تم إضعافه بصورة أساس منذ 2019.

ويقول نور أحمد بابا إن السكان المحليين أطلقوا بعض الأحزاب السياسية المحلية منها حزبا "ابني" و"مؤتمر الشعب"، والتي كانت تحصل على الدعم من حزب "بهاراتيا جاناتا" تحت اسم "الأحزاب الوكيلة".

من جانب آخر قال مرشح حزب "الشعب الديمقراطي" في سريناجار وحيد الرحمن بارا إن الانتخابات الحالية كانت "استفتاء ضد قرارات الحكومة وسياساتها التي نفذت دون موافقة شعبية".

وقال زعيم "المؤتمر الوطني" ومرشح الحزب في بارامولا عمر عبدالله "لو كان الناس سعداء بإلغاء المادة 370 لما تردد حزب (بهاراتيا جاناتا) في خوض الانتخابات في كشمير، لكن الحقيقة أن الحزب الحاكم لا يريد أن يفضح نفسه وقرر عدم المنافسة حتى لا تنفضح شعبيته".

وأضاف نور بابا "أتلقى تقارير تفيد بأن مرشحاً يدعى المهندس رشيد في بارامولا تلقى دعماً كبيراً على رغم وجوده في السجن".

وتابع المتخصص في العلوم السياسية "الدعم الذي تلقاه رشيد المسجون من قبل الحكومة الحالية منذ 2019 يعكس الاحتجاج ضد حزب (بهاراتيا جاناتا)، كما أن إقبال الناخبين يشير إلى عدم الرضا عن نفوذ الحزب والرغبة في التمثيل الأصوات التي تعارض تصرفاته في كشمير".

إلى جانب هذه الادعاءات المتضاربة، قد يكون السبب للإقبال القياسي هو مشاركة الأقلية الهندوسية في سريناجار، وكما قال وزير الداخلية أميت شاه "صوت أكثر من 40 في المئة من النازحين الكشميريين البانديت في الانتخابات للمرة الأولى، وهي النسبة التي لم تكن تتجاوز ثلاثة في المئة في الماضي، وهو ما يظهر أن الناس الآن واثقون ويؤمنون بالديمقراطية".

نقلاً عن اندبندنت أوردو

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير