Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نتنياهو في ورطة بعد كشف الجيش عن رسائل التحذير

تكذيب تصريحاته عمّق الخلاف بين الحكومة والقيادة العسكرية وجدل حول تسفير ضباط للتدريب في فرنسا وفيتنام

صورة خلال احتفال بمناسبة يوم الذكرى الوطني للجندي الإسرائيلي (أ ف ب)

ملخص

أمام التخبط الإسرائيلي ما بين استمرار القتال وصفقة أسرى يكثف الجيش قتاله في القطاع في محاولة لاستباق أية خطوة تقرب من صفقة أسرى تشمل وقفاً للنار.

في خطوة تشكل سابقة في المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، كشف الجيش في رسالة خاصة بعث بها إلى إلعاد مين المستشار القضائي لجمعية "نجاح" لتي تجمع الأدلة والوثائق ضمن التحقيقات في إخفاقات السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يكذب في تصريحاته التي أعلن فيها عدم تلقيه تحذيرات من الاستخبارات العسكرية أو الأجهزة الأمنية من الخطر الذي قد تتعرض له إسرائيل من قبل حركة "حماس" و"حزب الله".

الرسالة تشير إلى أن نتنياهو تلقى ما بين شهري مارس (آذار) ويوليو (تموز) 2023، أي قبل ثلاثة أشهر من أحداث السابع من أكتوبر، أربع رسائل من الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، وفي مجملها "كيف يرى العدو في مختلف الجبهات، طرق إلحاق الضرر بوحدة إسرائيل وأيضاً في وضعية جيشها والاستعداد لضربها".

دحض تصريحات نتنياهو بالأدلة عمق الشرخ والنقاش بين القيادة العسكرية ورئيس الحكومة ووزرائه من اليمين المتطرف، حول القتال في غزة وكيفية استمراريته، وفيما كشف تقرير عسكري أن الجيش لم ينجح في تصفية أكثر من 30 في المئة من مقاتلي "حماس"، ولم يصل بعد إلى 65 في المئة من الأنفاق المنتشرة في القطاع، بدا الجيش يستخلص العبر بعد سبعة أشهر من القتال في غزة، وأمام اعترافه بما يواجهه من شراسة مقاتلي "حماس" واستمرار سقوط جنوده ما بين قتلى وجرحى، بعث بـ150 ضابطاً إلى فرنسا وفيتنام لتعلم تجربة القتال هناك، وكسب الخبرة لتطبيقها في غزة ولبنان.

خطة ماغينو والمقاومة الفيتنامية

مصادقة رئيس أركان الجيش على سفر الضباط في هذا الوقت أثار نقاشاً عميقاً حول الحاجة ومدى تأثير ذلك في سير القتال بغياب نخبة من الضباط الذين تعتبرهم القيادة العسكرية من المميزين، ولهم تجربة في غزة على مدى سبعة أشهر وأعلنت ترقية لهم في وقت لاحق.

وفي فرنسا سيكتسب الضباط تجربة إنزال قوات التحالف على شواطئ "نورماندي" واقتحام خط "ماغينو"، خلال الحرب العالمية الثانية، وهو خط من التحصينات القوية الذي قررت فرنسا إقامته لوقف تقدم القوات الألمانية وتسهيل عمل القوات الفرنسية المهاجمة وصد الضربات وسحقها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما في فيتنام فسيطلع الضباط الإسرائيليون على المواقع التي دارت فيها المعارك بين الجيش الأميركي والمقاومة الفيتنامية في الحرب التي أطلق عليها الفيتناميون "حرب المقاومة ضد أميركا"، وما وصف بغوص أميركا في الوحل الفيتنامي، إذ استمرت الحرب من عام 1955 حتى 1973، وبحسب الجيش فإن المناطق التي سيصل إليها الضباط الإسرائيليون لنقل التجربة شبيهة بوضع قطاع غزة والحدود اللبنانية.

مصادقة رئيس الأركان والاحتجاج عليه جاء على وقع تقرير للمستشفيات الإسرائيلية يشير إلى أن عدد الجنود القتلى والمصابين الذين يصلون إليها تضاعف منذ أن قرر الجيش تكثيف وتوسيع القتال في رفح وجباليا ومحور فيلادلفيا، حتى إن المروحية العسكرية التي تنقل الجنود المصابين كانت تصل في شهري مارس (آذار) وأبريل (نيسان) مرة في الأسبوع، أما اليوم فتصل مرتين في اليوم.

بداية الخضوع

وأثار المشهد الذي ساد إسرائيل ليل الأربعاء حالاً من الغضب الجماهيري العارم وزيادة دعم الجمهور لعائلات الأسرى، إذ كانت الأنظار متجهة إلى ما سينشره منتدى عائلات الأسرى من فيديو حصلوا عليه من الجيش منذ شهرين، ويوثق السيطرة على وحدة المراقبة الرصد في القاعدة العسكرية "ناحل عوز" في السابع من أكتوبر 2023 وتعمل فيها مجندات.

وجاء توقيت بث الفيديو بالتزامن عقد الـ "كابينت" الحربي اجتماعاً لمناقشة تطورات القتال في غزة وتحديداً محور فيلادلفيا ورفح، ومطلب الموافقة للوفد المفاوض على التواصل مع الوسطاء في محاولة جديدة لمفاوضات تنتهي بصفقة أسرى.

وعقد الاجتماع على وقع صرخات المتظاهرين في المنطقة المحاذية له، وتفاعل الإسرائيليون مع مشاهد السيطرة على القاعدة العسكرية وأسر المجندات ونقلهن إلى غزة، مما اضطر أعضاء الـ "كابينت" إلى الموافقة الفورية على تفويض الوفد بالتوجه إلى مصر لاستئناف المفاوضات، وناقشوا اقتراحاً عرضه عضو الوفد ألون نيتسان، وهو شبيه بالاقتراح الذي وافقت عليه "حماس".

وفي ملخص نقاش ملف الصفقة أدخل الإسرائيليون تعديلاً حول بند الأسرى الذين ستشملهم الصفقة بإضافة المجندات الأسيرات لدى "حماس".

ومن المتوقع توجه الوفد قريباً إلى القاهرة بعد تفويضه من الـ "كابينت"، في وقت كشف عن أن شخصيات إسرائيلية مسؤولة استمرت بالتواصل اليومي، منذ فشل المفاوضات الأخيرة، مع مسؤولين مصريين للتشاور حول الصفقة وأيضاً محور فيلادلفيا ومعبر رفح.

القيادة تخدع الجمهور

وأمام التخبط الإسرائيلي ما بين استمرار القتال وصفقة أسرى، يكثف الجيش قتاله في القطاع في محاولة لاستباق أية خطوة تقرب من صفقة أسرى تشمل وقفاً للنار، ونشر شمال وجنوب ووسط القطاع 10 ألوية عسكرية، خمسة منها في رفح وثلاثة في جباليا ولواءان وسط القطاع.

وأكد رئيس الأركان هرتسي هليفي ووزير الأمن يوآف غالانت أن القتال في غزة مستمر لأشهر طويلة وفي "معبر فيلادلفيا" الذي بحسب الجيش وصل حتى سبعة كيلو مترات، ويحتاج إلى شهر في الأقل لإنهاء العمل فيه، فيما جباليا ورفح يتطلب القتال فيهما أشهراً طويلة.

الرئيس السابق لوحدة الأبحاث في الاستخبارات العسكرية عاموس جلعاد يرى أن "العودة لغزة وتكثيف القتال خطأ كبير، ويجب على القيادة اتخاذ قرار حاسم وفوري بالتوصل إلى صفقة أسرى تعيدهم بأسرع وقت ممكن وهم أحياء، فالسؤال المهم اليوم ليس مدى إمكان التقدم في غزة أو في مفاوضات الصفقة، وإنما في عودة الأسرى لإسرائيل أحياء أم أموات".

وحذر جلعاد من أن "القيادة تواصل ارتكاب الخطأ ولن تحقق نصراً طالما لا توجد لها إستراتيجية واضحة للحرب"، قائلاً إن "مشكلتنا أننا لا نشارك غيرنا في اتخاذ القرار لوضع حد لكل هذه الحرب، ونحن اليوم بحاجة إلى قيادة قادرة على حل مشكلات الجنوب والشمال وأيضاً مستقبل إسرائيل، والقيادة القوية هي تلك التي تتخذ قرارات حاسمة في وقت الأزمة، لكن لدينا قيادة غير قادرة على ذلك".

أما جنرال الاحتياط إسحاق بريك الذي شغل مناصب عدة في سلاح المدرعات، فتحدث باستهزاء حول تصريحات القيادة وفي كل ما يتعلق بإصرارهم على هزيمة "حماس"، قائلاً "نتساءل لماذا لم ولن ننتصر في غزة؟ بكل بساطة لأننا نعمل من دون تخطيط، فهل يعقل أن يحتل الجيش 80 في المئة من القطاع لمدة أربعة أو خمسة أشهر ثم تغادر معظم الألوية وتعود لإسرائيل، ويبقى لواء واحد تاركاً أرض المعركة لـ ’حماس‘ التي عادت وانتشرت في غزة وعززت قدراتها وسيطرتها على القطاع".

وأضاف بيرك، "أمام هذا هناك حاجة إلى وقف الحرب لأننا لن ننتصر، والقيادة تكذب على الجمهور وتخدعه في كل ما يتعلق بوضع الجيش تجاه غزة وأيضاً لبنان، وعلينا الاعتراف أن جيشنا صغير وإذا لم يقدر على النصر في غزة فهل سيهزم ’حزب الله‘؟".

نتنياهو... أنت المتهم

وعلى رغم تصريحات وتهديدات القيادة العسكرية ومختلف الوزراء وأعضاء الكنيست باستمرار الحرب في غزة إلا أن الاتهامات موجهة مباشرة إلى نتنياهو، ومع كشف الجيش عن رسائل التحذير الأربع التي بعث بها جهاز الاستخبارات العسكرية من الوضع الأمني، بات نتنياهو المتهم الأول الذي تقدم ضده أدلة تدينه بتحمل مسؤولية وإخفاقات السابع من أكتوبر 2023، بعد أن حمله أمنيون وعسكريون ومواطنون مسؤولية الفشل في تحقيق أهداف الحرب ومقتل الأسرى داخل غزة وعدم إعادتهم لبيوتهم.

وفي رسالتين من الأربع وقع عليهما رئيس قسم الأبحاث في جهاز الاستخبارات العسكرية عميت ساعر، شملتا تحذيراً لنتنياهو من أن الأزمة السياسية والاجتماعية التي تشهدها إسرائيل من خلافات واحتجاجات ضد الخطة القضائية لحكومته، تشجع إيران و"حزب الله" و"حماس" على المخاطرة باتخاذ إجراءات ضد تل أبيب، بينها تعاون أعدائها ضدها.

وكتب ساعر مشيراً إلى أن "جميع اللاعبين يرون كيف أن إسرائيل تعيش أزمة حادة وغير مسبوقة تهدد تماسكها وتضعفها، وبالنسبة إلى أعدائنا الرئيسين فإن إيران و"حزب الله" و"حماس"، وهذا الضعف هو تعبير عن عملية خطية ستنتهي بانهيار إسرائيل، والوضع الحالي هو فرصة لتسريع وتعميق مصاعبها".

وشددت الرسالة لنتنياهو على أن "هذه الرؤية تكمن وراء الدافع الكبير لدى ’حماس‘ لتنفيذ هجمات من الشمال في الوقت الحاضر، كما أنها تشجع إيران على زيادة مبعوثيها لتعزيز الهجمات الإرهابية ضد إسرائيل".

كما شمل تحذير نتنياهو أن "الدعم الأميركي والأوروبي لإسرائيل يتآكل بطريقة تقلل من قدرتها على التعامل مع أزمة أمنية واسعة النطاق".

من جهته كان نتنياهو نفى بعد أسابيع من حرب "طوفان الأقصى" أن يكون تلقى تحذيراً من أية جهة أمنية، وكتب في منشور عبر حسابه على منصة "إكس" قام بحذفها في ما بعد، "خلافا للادعاءات الكاذبة لم يُحذر رئيس الحكومة نتنياهو تحت أي ظرف من الظروف وفي أية مرحلة من نية الحرب من جانب ’حماس‘ وعلى العكس من ذلك قدرت جميع القوى الأمنية أن حركة ’حماس‘ مردوعة، وهذا هو التقييم الذي قدم مراراً وتكراراً حتى اندلاع الحرب".

المزيد من تقارير