الفحم لم يعد مصدرا لغالبية إنتاج الطاقة في الهند

شهد قطاع الطاقة في الهند تحولاً تاريخياً عقب انخفاض حصة الفحم إلى أقل من النصف للمرة الأولى منذ عقود، مما يمثل إنجازاً كبيراً في مسار هذا البلد الجنوب آسيوي نحو الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة.

ففي الربع الأول من عام 2024، أضافت الهند نسبة قياسية بلغت 13669 ميغاواط من قدرة توليد الطاقة، شكلت الطاقة المتجددة نسبة 71.5 في المئة.

وهذا الإنجاز المهم يعني أن حصة الفحم من إجمالي قدرة توليد الطاقة انخفضت إلى أقل من 50 في المئة للمرة الأولى منذ ستينيات القرن الماضي.

وكشفت الأرقام الصادرة عن معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي (IEEFA) يوم الأربعاء الماضي أن الهند تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق هدفها المتمثل في توليد 50 في المئة من الكهرباء من مصادر غير أحفورية بحلول عام 2030، بل وتتجاوز هذا الهدف قبل الموعد المحدد.

وعلى رغم استمرار الهند في توليد مزيد من الكهرباء من الفحم، إلا أن القدرة المتجددة الإضافية تشير إلى مستقبل أكثر استدامة لقطاع الكهرباء في البلاد، وفقاً للتقرير.

ويأتي هذا التطور في وقت يشهد فيه العالم انخفاضاً قياسياً في الطلب على الفحم في دول مجموعة السبع، إذ التزمت هذه الدول في اجتماعها الأخير بالتخلص التدريجي من توليد الطاقة بالفحم بحلول عام 2035.

ويؤكد الخبراء أن هذا الارتفاع في مشاريع الطاقة المتجددة يأتي في ظل تعافي العالم من الصدمات الأخيرة التي خلفتها الجائحة والحرب، وتعتبر الهند رائدة وعملاقة في هذا المجال.

وتعليقاً على ذلك، قال فيبوتي غارغ، أحد كتاب التقرير: "بعد فترة ركود امتدت من 2019 إلى 2022 إثر مشكلات سلسلة التوريد وارتفاع الأسعار العالمية نتيجة لجائحة كوفيد-19 وغزو روسيا لأوكرانيا، انتعشت السوق واكتسبت قوة متزايدة".

وأضاف "هناك اهتمام كبير من المستثمرين بسوق الطاقة المتجددة في الهند لعدد من الأسباب الرئيسة ومنها الإمكانات الضخمة لنمو السوق، ودعم الحكومة المركزية من حيث الأهداف والأطر التنظيمية، وارتفاع هوامش التشغيل".

وأفاد التقرير الصادر عن معهد "اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي" ومركز "جاي أم كاي" للأبحاث JMK Research أن الهند طرحت مشاريع للطاقة المتجددة على نطاق المرافق وبحجم إنتاج قياسي بلغ 69 غيغاواط.

وتقدمت الهند أيضاً إلى المرتبة الثالثة عالمياً في توليد الطاقة الشمسية، بعد الصين والولايات المتحدة فقط، وفقاً للتقرير السنوي الخامس عن الكهرباء العالمية الصادر عن مركز "إمبر" للأبحاث Ember الذي صدر الأسبوع الماضي وشمل 80 دولة.

وتجاوزت الهند بذلك اليابان، التي لا تزال تعتمد بشكل كبير على الفحم، شأنها شأن ألمانيا، العضو الآخر في مجموعة السبع.

وقال أديتيا لولا، مدير برنامج آسيا في "إمبر"، "أصبح المستقبل القائم على الطاقة المتجددة حقيقة واقعة الآن. فالطاقة الشمسية، على وجه الخصوص، تنمو بوتيرة غير مسبوقة".

وأضاف: "يستخلص تقريرنا أن النمو السريع في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح نقل العالم إلى منعطف تحول حاسم - ربما هذا العام - إذ يبدأ توليد الطاقة الأحفورية في الانخفاض على المستوى العالمي".

ومع ذلك، لا تزال الهند تعاني الاعتماد على الفحم، خصوصاً خلال الظروف الجوية السيئة وحالات ارتفاع الطلب على الطاقة.

وعلى رغم أن التقرير يشير إلى أن هذا الاعتماد على الفحم لن ينتهي على الأرجح هذا العام، إلا أن النمو القياسي في قدرة الطاقة المتجددة يظهر أنه على رغم هذا التحدي، يتقدم قطاع الطاقة المتجددة في الهند بخطى ثابتة ومتسارعة.