Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأمير هاري يحاول استبدال جلده الملكي لكن ماضيه يطارده

قدم بالطائرة لكنه لم ير أباه في مشهد ربما أحزن كثيرين وجولته النيجيرية "القصيرة" لا تشفي تصدعات عائلة تعاني خلافات كأنها أبدية

قضية الأمير هاري لا تزال مسألة لم يجر تسويتها من قبل النظام الملكي البريطاني (غيتي)

ملخص

حركت صدمة عدم اللقاء بين الملك تشارلز وابنه الأمير هاري خلال قداس احتفائي بلندن، مشاعر وأسئلة كثيرة عن العائلة المالكة والتحدي الذي يلقيه هاري وميغان بوجه الصيغة الملكية البريطانية

حتى أشد منتقدي دوق ودوقة ساسكس، شهقوا بحدة حين سماعهم في الأسبوع الماضي، أن الملك لن يقابل الأمير هاري. وقد حضر الدوق بشكل عابر إلى لندن كي يكون في الصف الأول أثناء الاحتفال بالذكرى العاشرة لانطلاق ألعاب "إنفيكتوس" Invictus في كاتدرائية سان بول. وعلى رغم الإطار الديني للمناسبة، فإنه لم يتلقَ معاملة الابن الضال من قبل أبيه.

لقد ذهبت الأمور إلى اتجاه معاكس بالكامل. وعلى بعد 4.2 كيلومتر (نعم، لقد قاس بعض الناس تلك المسافة)، انشغل الملك بأمر آخر، إذ حيا الحشود ملوحاً بقبعة عالية خلال أول حفل مفتوح لهذا الفصل في حديقة قصر باكنغهام. سطعت الشمس لكن الغيوم المحلية عاندتها ولم تتبدد.

في الكتاب المقدس، يرد أن الأب رأى ابنه الضال العائد و"حنَّ عليه وهرع إليه وقبله في عنقه". ولم يتوقع أحد أن يبدي الملك مشهدية مماثلة أمام الجمهور، ولعل كثيرين كانوا ليكتفوا بنأمة من "التعاطف".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي النهاية، يحمل الملك تشارلز لقب المدافع عن الإيمان. وحتى لو أن تعديات هاري محملة بالخطيئة، ألم يكن الإبراء منها ممكناً، ولو على ذلك النحو الأبوي؟

وحتى على مستوى أقل من ذلك، لقد شعر الجمهور ببساطة أنه من المحزن أن يطير الابن عائداً من الخارج ثم لا يتمكن من التواصل مع أبيه العجوز الذي يعالج من السرطان. لم تكن المشاهد مسرة. وبوضوح، حالت "أولويات أخرى" للملك دون حصول بادرة تسامح. ولم يجر اقتراح ولو لقاء سريع حتى.

بطبيعة الحال، قام مساعدو الملك بتأجيل اللقاء. ما كانوا ليسمحوا لآلة العلاقات العامة الجديدة لدوقة ودوق ساسكس، بأن تهمهم بعبارات غائمة عن "انشغال" الملك، تضع الأخير في موقف غائم غير محبب. على ما يبدو، قدم فريق الأمير هاري مطالب كثيرة، وكان هناك توتر حيال الرحلة الرفيعة المستوى لهاري وميغان في نيجيريا. وبصورة مفهومة، تبقى الثقة قضية عسيرة.

هل سيظهر دوق ساسكس في الإعلام مع حكايا صغيرة عن أسرته؟ بالنسبة لغير المعتادين على دواخل الأمور في العائلة الملكية، يجب التنبه إلى أن هاري منح هينهة من الوقت للقاء أبيه في فبراير (شباط) الماضي، ثم ظهر الأمير في مقابلة ضمن برنامج "صباح الخير يا أميركا"، وأقر بأنه "ممتن" للوقت الذي قضياه معاً، مصراً على أنه "سيزور عائلته بقدر استطاعته". في المقابل، إن هذا القرار لا يتعلق بهاري وحده، كما لاحظنا بوضوح.

الأرجح أننا لن نعرف أبداً ما الذي تبادله معسكرا الطرفين قبل وصول الدوق هاري إلى لندن. في المقابل، تبقى مشهديات، الأسبوع الماضي، صادمة تماماً.

 ولقد قدم أفراد أسرة هاري لجهة والدته، خاله تشارلز سبنسر والليدي جاين فيلوز، الدعم للأمير أثناء الحفل في كاتدرائية سان بول. وبشكل محمل بالدلالة، جاء اقتباس الدوق هاري من [الفصل الإنجيلي] رسالة إلى كورنثوس مذكراً الحاضرين بأن "أنواع الخدمات تتنوع لكن الله واحد".

وأثناء حضور الملك للقداس، اصطف على جانبي طريقه كل الموالين المخلصين، آل إدنبره وآل غلوكستر والأميرة الملكية [الأميرة آن]، وأحاطوا بملكهم في قصره. ولوح أصحاب الأمنيات الطيبة بالمناديل، ومسح الملك العرق عن حاجبيه، في يوم حار، فيما مثل هاري بظهوره أو اختفائه، مسألة لم تجر تسويتها.  

وتزامناً مع ذلك، في كاتدرائية سان بول، تصرف دوق ساسكس كشخص طيب آت من كاليفورنيا. إذ عانق قدامى الأصدقاء، والتمعت ميدالياته تحت ضوء الشمس، وأحاط برقبته وشاح "فائد فارس من الرتبة الملكية الفكتورية" فيما غابت عن سترته ميدالية تكريمية عن مرور سنة على تتويج أبيه ملكاً.

وبحرارة، عانق تشارلز سبنسر، أخو الأميرة ديانا، ابن اخته. وكثيراً ما اشتهر ذلك النبيل الإنجليزي بأنه يتحدث بصراحة مع المؤسسات العليا سواء كانت عائلة مالكة أو مدرسة داخلية. وقد عمل بصورة متزايدة على إظهار مساندته للأمير المعزول. هل ثمة تأكيد أن ديانا كانت لتوافق على ذلك؟

وفي ذلك الحيز الذي شهد تكريس ديانا لنفسها لزواج ملكي بقدره المحتوم، تحدث هاري عن "المصلحة العامة" تحت أنظار محاميه ديفيد شربورن.

وعلى السطح، تبدو المناسبتان سعيدتان. وفي النهاية، أضاء الربيع العاصمة في هذا اليوم المكرس للاحتفال والتذكر المشترك. ولكن الخلاف المتسع بين العائلة الملكية ومجايليه من عائلة سبنسر، يذكر بأننا بتنا أمام رؤيتين متنافستين عن الملكية.

ولا يتطابق ذلك مع مقاصد الملكية البريطانية. والملكة الراحلة [إليزابيث الثانية] مع ملامحها الصارمة كأنها قناع وجاذبيتها الشاملة التي لم توف حقها من الذكر، استطاعت إلى حد ما أن تتحدث بالنيابة عن كثيرين حتى مرحلة متقدمة من شيخوختها، مما شكل عنصر تماسك وطني لا تخطئه الأبصار ويستطيع كثر الالتقاء حوله والاحتفاء به.

إذا كان مستشارو الملك قدموا له النصح بأن يتجاهل هاري (دعونا لا نتظاهر بأن الملك اتخذ من تلقاء نفسه القرار بتجنب الأمير)، فسيضحى الملك قيد خطر خسارة تلك الجاذبية.

وبصورة مفهومة، ارتفعت نسب التأييد لتشارلز في استطلاعات الرأي بسبب موقفه الصلب والهادئ حيال تشخيص إصابته بالسرطان. لكن، على المدى الطويل، يجب على المؤسسة التي يترأسها أن تصل إلى أولئك الذين يصطفون طبيعياً مع دوق ودوقة ساسكس. وعلى رغم النقد المستمر الذي واجهه وخطوات غير الموفقة لربما اتخذها، تلقى هاري استقبالاً دافئاً في لندن.

ولدى قدامى المحاربين والشباب والفئات الهشة شعور بأنه ما زال لدى الأمير شيء ما ليقدمه. إن تلك الشرائح هي بالضبط ما يجب على العائلة الملكية اجتذابها (وقد فعلت ذلك).

وبالطبع، خلفت تلك الأمور إحساساً بأن المؤسسة الملكية تبدو كأنما تواجه تحدياً في ملعبها، من نموذج أميركي صاعد. وفيما لا يستطيع الأمير الاستمرار في الزعم بأنه عضو ملكي فاعل، إلا أنه يلتزم كثيراً بالأصول الملكية. ومباشرة عقب زيارته لندن المتمحورة حول قداس "إنفيكتوس"، سرع الأمير الخطى باتجاه جولة أفريقية شبه رسمية مدتها ثلاثة أيام. ودعي إلى نيجيريا (أقل ما يقال فيها أنها عضو في رابطة الكومونولث) "كجزء من مجتمع إنفيكتوس". وهناك، تضافرت جهود هاري مع ميغان التي تدعي أنها من أصول نيجيرية بـنسبة 47 في المئة.

ويصعب عدم التفكير في ما كان لحال بريطانيا والكومونولث أن يغدو عليه، لو استمر الزوجان بشغل منصبي الرئيس ونائبه في "صندوق الملكة للكومونولث".

وفي المقابل، فيما احتضنت الحشود في نيجيريا الزوجين، فإن أي أمل باستمالة هاري وميغان لأداء دور غير رسمي في الكومونولث، تبدو أقل احتمالاً من أي وقت مضى. وعلى نحو ضاعف التباعد الملكي، جاء الإعلان خلال الأسبوع الماضي عن ترقية الأمير وليام إلى رتبة الجنرال العام في "فيالق سلاح الجو" التي انخرط في صفوفها الأمير هاري أثناء خدمته العسكرية في أفغانستان.

أثناء تخليه عن مهامه الملكية، تنازل الدوق عن أدواره العسكرية الشرفية كلها. في المقابل، إن الإعلان عن قرار منح وليام ذلك اللقب في اليوم نفسه الذي وصل فيه هاري إلى العاصمة البريطانية مرتدياً قبعته المخصصة للـ"إنفيكتوس"، جعله يبدو كاستفزاز في أسوأ الأحوال أو كخطوة بلهاء في أحسن الأحوال.

بالطبع، ففي نهاية المطاف، إن الكلمة الصغيرة "العائلة" لهي من أكثر الأشياء تضليلاً. نعم، إنهم أقرباء، لكن ما زالت اليد العليا المهيمنة متمثلة في تلك المؤسسة العملاقة والمرهقة التابعة للدولة، والتي تسمى الملكية. ضمن مذكراته المتضمنة في كتاب "الاحتياط" Spare، أوضح هاري أن التكوين الشخصي لوالده لا يتناسب مع دور الأب العازب، مع ميل تشارلز بوصفه أمير ويلز آنذاك، إلى الانشغال بأمور أخرى [غير دور الأب]. وقد تضاعف ذلك الميل في خضم الزواج الثاني ثم صيرورته ملكاً، ثم إصابته بالسرطان.

أكثر من أي وقت مضى، يستمر دوق ودوقة ساسكس بشكل كيان منفصل. في السنوات الأخيرة، كان هاري متعثراً ومؤذياً، لكن هل استهدفت سهامه المؤسسة أم العائلة؟ عند تلك النقطة، يقبع خط الفصل في العائلة الملكية. هل رفض تشارلز الملك أن يرى ابنه الأسبوع الماضي، أو أن ذلك صدر عن تشارلز الأب؟ يتملكني شك قوامه أن تشارلز الملك هو الذي قرر ذلك، ما أدى إلى تحريك مشاعر سلبية لدى ابن سعى بشكل يائس إلى الخروج من جلده الملكي، لكنه أخفق في ذلك.

*تيسا دانلوب هي مؤلفة كتاب "إليزابيث وفيليب، قصة حب الشباب وزواج وملكية" الذي صدر عن دار "هيدلاين برس"، في عام 2022.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات