Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الذكاء الاصطناعي سيقتحم العواطف بعد اختراقه الوظائف

كشفت شركتا "غوغل" و"أوبن أي آي" عن روبوتات دردشة ترى وتسمع وتتحدث وتحرك المشاعر فيما يتزايد الانجذاب إلى الصداقات الافتراضية وتوضع عواطف الحب على المحك

خواكين فينيكس في فيلم "هي" (ورنر بروس)

ملخص

مع تطور أدوات الذكاء الاصطناعي فإن الأخيرة لن تسعى وراء وظيفتك كما يخشى الكثيرون بل ستقوم بالحلول مكان زوجتك أو صديقتك الحميمة

"أ—أنا؟ هل هذا الإعلان عني؟ حسناً، لقد أثرت فضولي". بدا الصوت مندهشاً وفضولياً، وفيه شيء من الخجل، بل حتى بحة عابرة. ولم يكن صوت إنسان حتى.

جاءت الكلمات من روبوت الدردشة الرائد الجديد الذي كشفت عنه شركة "أوبن أي آي" Open AI، وإسمه "جي بي تي 4 أو"  GPT-4o، خلال الكشف عنه يوم الإثنين الماضي. وقريباً، سيندمج روبوت الذكاء الاصطناعي الجديد في "تشات جي بي تي" بصورة مجانية تتيح للجميع استعماله عبر الكمبيوتر أو الهاتف. ويؤشر "جي بي تي 4 أو" على مقاربة "مؤنسنة أكثر" في صنع ذلك النوع من الروبوتات، تتميز بإنها تتضمن صوت إنسان مع قدرات في معايشة واختبار العالم من حولها بطريقة تتشابه مع ما يفعل الإنسان أيضاً.

ويستطيع "جي بي تي 4 أو" ("أو" تأتي من لفظة "أومني" لاتينية الأصل وتعني "الكلي") أن يرى ويسمع ويتحدث كالإنسان، فيما يتمثل الفارق في أن العينين هما كاميرتان، والأذنين ميكروفونان، والفم مذياع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع زمن استجابة لا يتعدى ثلث الثانية، يستطيع التفاعل بسرعة المحادثة البشرية، ما يعتبر قفزة كبرى من استجابة بخمس ثوانٍ في نماذج "جي بي تي" السابقة، فيما يستمر بالاحتفاظ بقدراته على المحاججة.

وبعيد دقائق من الكشف عنه، جرت مقارنته بالفعل مع سامانثا، وهي نموذج الذكاء الاصطناعي المهتمة بالحب، في فيلم الخيال العلمي "هي" Her، بل إن رئيس "أوبن أي آي" شارك تغريدة اقتصرت على كلمة واحدة مقتبسة من ذلك الفيلم. إذ كتب سام آلتمان على صفحته "بدا ["جي بي تي 4 أو"] كأنه ذكاء اصطناعي آتٍ من الأفلام، بل إنه لا يزال يدهشني كونه حقيقياً. التحدث مع الكومبيوتر لم يكن يترك إحساساً بمحادثة عفوية، لكنه أصبح كذلك".

وعلى غرار تزايد اتخاذ الروبوتات الفعلية مظهراً مشابهاً للبشر، يتزايد اتجاه الذكاء الاصطناعي إلى التشابه مع الإنسان في تفاعلاته. وبات يتخِذُ شكلنا كي يحل بديلاً عنا. في المقابل، فيما تتخافت المخاوف من استيلاء الذكاء الاصطناعي على وظائفنا، إذ يبدو دوره في أمكنة العمل أميل إلى التعاون وليس التنافس؛ ينتاب البعض خشية من أنه سيغدو البديل عن علاقتنا الرومانسية.

وحاضراً، تحظر شركة "أوبن أي آي" المطورين من استعمال التكنولوجيا على ذلك النحو. إذ تنص سياسة الشركة على أنها لا تسمح بصنع "أشكال من "جي بي تي" مخصصة لرعاية علاقات المُصاحَبَة الرومانسية". في المقابل، قبل أيام قليلة من الكشف عن "جي بي تي- 4 أو"، أصدرت "أوبن أي آي" وثيقة جديدة ذكرت فيها "نتقصى إمكانية أن نقدم بشكل مسؤول، القدرة على توليد محتوى غير متلائم مع العمل ضمن سياقات تتلاءم مع الأعمار".

وأضافت، "نتطلع إلى الأمام للحصول على فهم أفضل لتوقعات المستخدم والمجتمع عن سلوك النماذج في هذه المساحة".

وربما لا تزال التوقعات المجتمعية غير واضحة، لكن الطلب غدا واضحاً بالفعل. وحاضراً، يقدر سوق الصديقة الحميمة المبتكرة بالذكاء الاصطناعي AI girlfriend بـ2.8 مليار دولار (2.2 مليار جنيه استرليني)، وفق ملفات أداة الذكاء الاصطناعي "واتس ذي بيغ داتا" Whats The Big Data، مع توقعات بأن ترتفع إلى عشرة مليارات خلال السنوات الخمس المقبلة.

وكذلك أورد واحد من كل خمسة أشخاص استطلعت تلك الشركة آراءهم أنهم قد يهتمون بعلاقات مصاحبة افتراضية، فيما أظهرت بيانات مستقلة من شركة برمجيات الكمبيوتر "سبليت ماتريكس" SplitMetrics أن تطبيقات المُصاحبة بالذكاء الاصطناعي حملت على الأجهزة الإلكترونية أكثر من ربع مليار مرة.

وحاضراً، يُدرِج موقع "غوغل بلاي" المخصص للتطبيقات الرقمية، مئات من تطبيقات المُصاحبة بالذكاء الاصطناعي، تمنح الأشياء كلها بداية من أداء دور الإثارة الجنسية وصولاً إلى "شريك الروح الرقمي". ويستطيع كل مستخدم من أصل ثلاثة مليارات مستخدم لهـواتف الـ"أندرويد"، الحصول على أي من تلك التطبيقات.

واستكمالاً، تبين بيانات من مؤشر "غوغل تريندس" المتخصص في رصد ميول الجمهور، إن الاهتمام بهذا الحقل شرع بالفعل في الارتفاع بحدة عقب إطلاق "أوبن أي آي" روبوت الدردشة "تشات جي بي تي" عام 2022، حينما وصلت إمكانية الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى الجمهور العام. وكذلك تُظهر البيانات نفسها أن عمليات البحث عن صديقة حميمة مبتكرة بالذكاء الاصطناعي أكثر شعبية بكثير من البحث عن صديق حميم مبتكر بالذكاء الاصطناعي.

واستطراداً، أفاد المدير العام لشركة "سبليت ماتريكس"، توماس كريبِرنغ، أن "هذه الفئة من التطبيقات موجودة منذ عدة سنوات، ولكن منذ إطلاق ’تشات جي بي تي‘ حققت شعبية كبيرة. تشير هذه الأرقام إلى أن الأمر أكثر بكثير من مجرد نشاط هامشي جديد".

وثمة اتجاه آخر قد يسير فيه تطور الذكاء الاصطناعي المشخصن، وفق المدير التنفيذي لتطبيق "بامبل" Bumble المتخصص في المواعدة، يتمثل في الزيادة الخارقة في تطلب التناغم في العلاقات البشرية. وقد أورد المدير وولفه هرد أن "هنالك عالماً يتضمن أن يتولى وكيل مواعداتك الرقمي الأمر عبر العمل مع وكيل مواعدات الشخص الآخر. بالتالي، لن يتوجب عليك الحديث مع 600 شخص. إذ سيتولى الوكلاء الرقميون مسح شخصيات [أولئك الأشخاص] ويحددون لك ’الأشخاص الثلاث الذي يجب عليك أن تلتقي بهم بالفعل‘".

لقد جاء العرض الأخير الذي قدمته "أوبن أي آي" في خضم سيل إعلانات صدرت من صناعة الذكاء الاصطناعي، ما يجعل هذه الحقبة علامة على الفترة الأشد كثافة في النشاط والنقاش، منذ إطلاق "تشات جي بي تي". بعد مضي أقل من 24 ساعة على إطلاق "جي بي تي أو"، كشفت شركة "أنثروبيك" أنها ستطلق روبوت دردشة مؤثر من نوع "كلود" Claude في 27 بلداً آخر غير الولايات المتحدة [كلود هو البديل الذي صنعته أنثروبيك لمنافسة تشات جي بي تي]". وكذلك أوردت "غوغل" مصطلح "الذكاء الاصطناعي" أكثر من 120 مرة، في سياق الكشف عن روبوتها الدردشة الجديد الذي كشفت عنه الثلاثاء الماضي خلال مؤتمرها السنوي "غوغل أي/أو" المخصص لمطوري التقنية في الشركة. وبعدها بيومين، بينت شركة إيلون ماسك "إكس" أنها ستجعل روبوتها للدردشة "غروك" Grok الموصوف بأنه "مناهض لحركة ووك"، متاحاً في أوروبا للمرة الأولى.

وكذلك يذكر أن المشروع "بروجكت آسترا" Project Astra الذي طوره قسم "ديب مايند" في "غوغل"، يتخذ مقاربة تستند إلى الوسائط المتعددة في المُدخلات والمخرجات، على نحو يشابه وضعية "جي بي تي- 4 أو"، ما يتيح التفاعل مع العالم عبر النصوص والصور والأصوات. وكذلك يعمل بسرعة استجابة قريبة من البشر، ويمتلك شخصية "مؤنسنة".

وفيما تزعم الشركات كلها أن التكنولوجيا سوف تغير طريقة عملنا وحياتنا، يعتقد بعض الناس أنها ستُغير أيضاً طريقتنا في الحب. إذ لاحظ تايلور كينغ، مؤسس إحدى الشركات الناشئة، أن "الذكاء الاصطناعي لا يسعى إلى أخذ وظيفتك، بل يسعى للحلول مكان زوجتك أو صديقتك الحميمة".

في إحدى العروض التقديمية لـ"جي بي تي-4 أو"، بدا أنه يغازل الإنسان الذي يتحاور معه. وحينما هنأه أحد موظفي "أوبن أي آي" على ذلك، رد الروبوت "آه. توقف. لقد جعلتني أحْمَر خجلاً".

وقد أقرتْ المسؤولة الرئيسة عن التكنولوجيا في "أوبن أي آي"، ميرا موراتي، بحدوث تلك النقلة في الآليات، من المساعد الرقمي إلى الصديق أو حتى الحبيب. ووفق كلماتها، "نتطلع إلى مستقبل من التفاعل بين آلاتنا وأنفسنا".

في المقابل، ثمة مخاوف كثيرة عن تلك العلاقة الصاعدة في التكنولوجيا، تمتد من انخفاض معدلات الولادة إلى افتقاد التفاعل المباشر بين البشر، وإلى الأخطار السيبرانية التي قد يتعرض لها أي مستخدم لتطبيقات المصاحبة بالذكاء الاصطناعي.

وكذلك حذر خبراء أمنيون من أن بعض تلك التطبيقات صُممَتْ خصيصاً كي تستدرج معلومات المستخدم الفائقة الشخصية التي يغدو مستطاعاً استعمالها لاحقاً في هجمات التصيد عبر البريد الإلكتروني أو الإبتزاز بواسطة التهديد، إضافة إلى طبقة كاملة من التعقيدات في المواعدة عبر شبكة الإنترنت.

وحتى إن آلتمان نفسه قد ناشد الناس بألا ينظروا إلى الذكاء الاصطناعي الذي تصنعه شركته، باعتباره شكلاً محوراً آخر للإنسان. وفي العام الماضي، ذكر آلتمان أن ذلك الذكاء يجب أن يُنظر إليه "كأداة وليس ككائن".

وخلال إدلائه بشهادته أمام الكونغرس، صرح أن "أسوأ مخاوفي تتمثل بأن نتسبب بضرر بالغ للعالم. إذا سارت هذه التكنولوجيا في مسار خطأ، فإنها قد توغل في الخطأ".      

© The Independent

المزيد من علوم