ملخص
رئيس الوزراء البريطاني السابق غوردون براون يقول إن "إعادة هيكلة الديون مسألة حياة أو موت".
حذر غوردون براون من أن العالم قد لا يسامح الغرب يوماً بسبب عدم تقديم إغاثة عاجلة إلى البلدان الأفريقية خلال أسوأ أزمة ديون تمر بها منذ جيل.
تأتي دعوة رئيس الوزراء السابق إلى اتخاذ هذا الموقف في حين يظهر استطلاع للرأي أن ما يقرب من نصف البريطانيين يعتقدون بأن المملكة المتحدة يجب أن تلغي ديون البلدان ذات الدخل المنخفض حتى تتمكن من استخدام هذه الأموال لتمويل المستشفيات والمدارس ومعالجة أزمة المناخ.
وتأتي الدعوة في أعقاب صدور تقرير يظهر أن عديداً من البلدان الأفريقية أنفقت على خدمة الديون أكثر مما أنفقت على الرعاية الصحية أو التعليم في العام الماضي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال السيد براون إن النتائج أظهرت الحاجة الملحة إلى اتخاذ إجراء. وكتب في مقدمة التقرير الصادر عن "منظمة المعونة المسيحية" يقول: "إن حجم هذا التفاوت بين الأفارقة وبقية العالم كبير جداً إلى درجة أنني لست متأكداً من أن العالم سيسامحنا يوماً على فشلنا في تقديم إعادة هيكلة للديون في شكل عاجل".
ووجدت الدراسة أن 34 بلداً أفريقياً أنفقت على مدفوعات الديون الخارجية أكثر مما أنفقت على الرعاية الصحية أو التعليم العام الماضي.
ففي السودان، حيث يواجه ملايين الجوع، ينفق على الديون الخارجية أكثر من 10 أضعاف المبالغ التي تصرف على الرعاية الصحية، وفق المؤسسة الخيرية.
وفي ملاوي، حيث ينهي 15 في المئة فقط من الأطفال دراستهم الثانوية، ينفق على الديون ضعف ما يصرف على التعليم.
وإجمالاً، أنفقت الحكومات الأفريقية على مدفوعات الديون الخارجية ما يفوق 50 ضعف موازنة المساعدات كلها التي خصصتها بريطانيا للقارة العام الماضي.
وتحذر المؤسسة الخيرية من أن القارة تشهد أسوأ أزمة ديون "منذ جيل".
يذكر أن جذور الأزمة تعود للانهيار المالي لعام 2008، الذي أدى إلى انخفاض النمو، لكنها تفاقمت بسبب الصدمات بما في ذلك الجائحة، والغزو الروسي لأوكرانيا الذي تسبب في ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وأزمة المناخ.
وتوقع الباحثون الذين أعدوا الدراسة أن تسجل مدفوعات الديون الخارجية هذا العام أعلى مستوى منذ عام 1998 – أي ما يقرب من أربعة أضعاف ما كانت عليه عام 2010.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة "سافانتا"، بتكليف من "منظمة المعونة المسيحية"، أن 45 في المئة من البريطانيين يؤيدون إلغاء ديون البلدان ذات الدخل المنخفض حتى تتمكن من إنفاق الأموال على الرعاية الصحية والتعليم ومعالجة أزمة المناخ.
ووجد استطلاع الرأي أيضاً أن 39 في المئة يعتقدون بأن خدمة الديون هي إدامة للاستعمار ويجب القضاء عليها.
وقال السيد براون إن أفريقيا، على رغم التحسينات السريعة، "هي المنطقة الوحيدة التي يرجح أن تتخلف عن بقية العالم في متوسط العمر المتوقع بحلول عام 2050. ويعد حجم هذا التفاوت بين الأفارقة وبقية العالم كبيراً جداً إلى درجة أنني لست متأكداً من أن العالم سيسامحنا يوماً على فشلنا في تقديم إعادة هيكلة للديون في شكل عاجل".
وأضاف: "في عديد من البلدان الأفريقية، تنفق على مدفوعات الديون أموال أكبر من تلك التي تصرف على الرعاية الصحية أو التعليم، وبالتالي فإن إعادة هيكلة الديون هي مسألة حياة أو موت".
والتقرير الصادر قبل الانتخابات العامة المقررة في وقت لاحق من هذا العام، يدعو إلى تشريع جديد لضمان إلغاء المقرضين من القطاع الخاص بدورهم الديون عندما تمر البلدان ذات الدخل المنخفض بأزمة.
ويحض على تشريع قوانين جديدة لمعالجة مشكلة الدائنين الجشعين من القطاع الخاص الذين يقرضون بتهور ويفرضون أعلى معدلات للفائدة.
وقالت جنيفر لاربي، مؤلفة التقرير: "هذا من شأنه أن يساعد في إنشاء نظام أكثر إنصافاً، ومنع وقوع أزمات في المستقبل، وتحسين حياة ملايين من الناس.
"ذلك أن عديداً من البلدان الأفريقية، بعد عقود من الاستقلال، عالقة في أزمة ديون ليست من صنعها ولا يبدو أن لها مخرجاً. وبدلاً من بناء المستشفيات والمدارس وتدريب الأطباء والمعلمين، ليس لدى هذه البلدان خيار سوى ملء جيوب الدائنين الجشعين من القطاع الخاص".
وأضاف كبير الباحثين المشاركين في التقرير تيم جونز، المسؤول عن السياسات في منظمة "عدالة الديون" الخيرية: "يكشف تحليلنا الجديد بعبارات صارخة عن مدى اضطرار البلدان الأفريقية إلى تحويل التمويل بعيداً من الخدمات العامة الحيوية لدفع المال إلى دائنين خارجيين. وتؤكد الأرقام أن القارة تشهد أسوأ أزمة ديون منذ جيل، مما يوقع ملايين من البشر في حياة من الفقر ويكرس فشل العالم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة".
© The Independent