Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أدوية فاسدة في أسواق ولايات السودان تفاقم معاناة المرضى

تفشي الأوبئة وظهور حمى الضنك والكوليرا وإصابة آلاف المواطنين

تدهور الوضع البيئي الناجم عن تحلل الجثث وتراكم النفايات في السودان أدى لمئات الوفيات (أ ف ب)

ملخص

تزداد أوضاع المرضى في السودان سوءاً بعد انهيار القطاع الصحي وخروج نحو 70 في المئة من المستشفيات عن الخدمة

مع طول أمد الحرب بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع"، التي أكملت عامها الأول، تزداد أوضاع المرضى في السودان سوءاً بعد انهيار القطاع الصحي وخروج نحو 70 في المئة من المستشفيات عن الخدمة وتحويلها قواعد عسكرية، فضلاً عن توقف جميع مصانع إنتاج الأدوية البالغ عددها 26 مصنعاً، إلى جانب حرق وسرقة مخازن الإمدادات الحكومية وتعرض نحو 95 في المئة من الصيدليات للنهب، مما أدى إلى نفاد وشح الأدوية المنقذة لحياة مئات آلاف المرضى الذين يعانون أمراضاً مزمنة، لا سيما أن أعدادهم ارتفعت بعد تفشي الأمراض والأوبئة، وظهور حمى الضنك والكوليرا في عدد من الولايات، وإصابة آلاف المواطنين، فيما أشارت تقارير رسمية إلى أن أكثر من 200 شخص زهقت أرواحهم بأمراض مرتبطة بالكوليرا نتيجة تدهور الوضع البيئي الناجم عن تحلل الجثث وتراكم النفايات، مما ينذر بتعرض المدنيين لأمراض خطرة.

وعقب سيطرة "الدعم السريع" على ولاية الجزيرة، يواجه أكثر من 26 ألفاً من مرضى السرطان والفشل الكلوي خطراً بسبب عدم المتابعة والإشراف الطبي. ومع اتساع رقعة الحرب بالسودان لتشمل 70 في المئة من مساحته، تتفاقم معاناة المرضى الناتجة من النزوح وتغيير الوجهات، إذ تزداد معها مشقة البحث عن العقاقير العلاجية من دون جدوى، مما دفع بكثير منهم للجوء إلى التداوي بالأعشاب.

في خضم هذه التداعيات المعقدة، انتشرت بؤر لبيع أدوية فاسدة ومنتهية الصلاحية وغير مرخصة في بعض الولايات، منها الخرطوم والجزيرة والدمازين ودارفور، بسبب عدم وجود رقابة وتفعيل القوانين في ظل الظروف التي تشهدها البلاد من توترات أمنية، نشطت معها عمليات التهريب عبر الحدود.

إزاء هذه الظاهرة، حذر المجلس القومي للصيدلة التابع لوزارة الصحة من تداول أدوية مخالفة للمواصفات غذت الأسواق، فيما رجح أن تكون ذات الأدوية التي نهبت من مخازن الإمدادات الطبية والصيدليات في الخرطوم، تم تخزينها في ظروف غير مهيأة أدت إلى نفادها، وأكد ضرورة رفع الوعي لدى المرضى وعائلاتهم وكل المواطنين حتى لا تكون هناك كارثة مجتمعية.

فوضى الحرب

مصطفى الابن الأكبر للمواطن السوداني طارق الذاكي يقول إن "حالة المرضى بالسودان تدهورت بسبب غياب الرعاية الطبية مع خروج المستشفيات الحكومية والخاصة عن الخدمة، إلى جانب توقف عمل الصيدليات، وبات من الصعب الحصول على الأدوية المنقذة للحياة. يعاني والدي من ضيق في شرايين القلب، وقد أجريت له عملية قسطرة علاجية بولاية الجزيرة بعد أن انتقلت الخدمات الصحية إليها، لكن اتساع رقعة الحرب وسيطرة الدعم السريع على مدينة ود مدني بدلتا وجهات النزوح شرقاً وشمالاً، بينما فضلنا النزوح نحو ولاية سنار في الجنوب الشرقي للبلاد، على رغم علمنا أن الولايات تفتقر لأساسات الخدمات العلاجية قبل الحرب".

وأضاف مصطفى "من خلال رحلة البحث اليومي عن الأدوية التي اعتاد والدي تناولها، لجأت إلى الأدوية التي تفترش الأرض والمتراصة على امتداد البصر، على أمل أن تكلل جهودي بالنجاح، مع علمي أنها معرضة لأشعة الشمس وهناك احتمال نفاد مفعولها، إذ تفاجأت بأن هؤلاء الباعة، وهم من صغار التجار يبيعون أدوية منتهية الصلاحية مرت عليها أشهر طويلة، فضلاً عن جهلهم خطورة ما يعرضون من أدوية فاسدة، لا سيما إن تناولها قد يتسبب بمشكلات صحية خطره".

وأشار إلى أنه "من ضمن الأدوية المعروضة المسكنات والمضادات الحيوية والمحاليل الوريدية وشراب الكحة، إلى جانب أدوية الضغط والسكر، جميعها تستخدم على نطاق واسع من قبل المواطنين من دون وصفة طبية، لتنعكس آثارها السلبية على كافة المجتمع".

لافتاً إلى أن "الانتشار العشوائي لهذه الأدوية يدل على فوضى الحرب وعدم رقابة تحمي المستهلك من خطر هذه السموم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تفاقم الأزمة

من جانبه، أوضح عضو جمعية حماية المستهلك بكري الحاج أن "الأزمة الإنسانية بالسودان ستكون متلاحقة إذا لم تضع الحرب أوزارها، لا سيما أن البلاد تعيش حالة من الفساد باستغلال فوضى الحرب، وهم يوصفون بتجار الأزمات وقد أسهموا إلى حد كبير في دخول هذه الأدوية غير الصالحة إلى الأسواق من طريق عمليات التهريب التي نشطت عبر الحدود بغياب الجهات الأمنية".

وتابع الحاج "نظراً إلى هذه الأوضاع المعقدة والبالغة الخطورة، تم تكوين فرق من شباب ناشطين مهمتهم دعم العالقين في المناطق المستعرة، بخاصة في الخرطوم والعمل على تمشيط الأسواق في المناطق التي فيها كثافة سكانية في العاصمة مثل الإنقاذ ومايو والحاج يوسف إلى جانب سوق قندهار بأم درمان، للحد من ظاهرة تداول أدوية نافدة، فضلاً عن انتشارها بعد عام من الحرب مما يؤكد تخزينها في ظروف سيئة وعدم صلاحيتها للاستخدام البشري".

ولفت عضو جمعية حماية المستهلك إلى أنه "من المؤسف عدم وجود جهات تمنع استخدام هذه الأدوية لغياب تطبيق القوانين، إلى جانب عدم تفعيل دور المحليات، وهي الجهات المنوط بعملها مراقبة الأسواق، مما يتطلب تكاتف الجهود الشبابية من لجان المقاومة وغرف الطوارئ والتنسيق لجمع هذه الأدوية ومعرفة مصدرها، حتى لا تعم الكارثة بقية الولايات التي اعتبرها النازحون ملاذات آمنة لهم".

غياب الرقابة

في السياق، قالت الصيدلانية حباب عبدالله إن "الأدوية التي ظهرت في بعض الأسواق، من الممكن أن تكون الأدوية ذاتها التي سرقت من مخازن الإمدادات الدوائية والصيدليات بالعاصمة الخرطوم منذ اندلاع الحرب، مما أدى إلى أزمة ضاربة بأنحاء البلاد، فضلاً عن أن انعدامها فاقم من معاناة المرضى، وبخاصة أصحاب الأمراض المزمنة الذين يحتاجون إلى جرعات علاجية بصورة دائمة".

وأوضحت عبدالله أن "غالبية الأدوية المنتشرة الآن بالأسواق منتهية الصلاحية، إلى جانب أن كثيراً منها غير مسجل ومجهول التصنيع منها المخدرة، دخلت البلاد بطريقة غير شرعية، وهم شبكة من التجار نشطوا خلال الحرب باعتبارها مصدراً للكسب المادي".

ونوهت الصيدلانية إلى أنه "من الضروري تكثيف الرقابة على انسياب الأدوية إلى الولايات الآمنة التي تأوي ملايين النازحين، وبخاصة المرضى الذين شكلت الحرب عبئاً ثقيلاً على عاتقهم، إضافة إلى خضوعها للفحص المعملي للتأكد من صلاحيتها ومكوناتها ومدى فعاليتها".

ونبهت إلى أنه مع غياب الدولة وانشغالها بالحرب، فقد أدت جهات رقابية عدة دورها، بخاصة المجلس القومي للصيدلة والسموم، الذي يستوجب مواصلة عمله إلى جانب تعيين صيادلة لمتابعة انسياب الأدوية إلى الولايات، فيما حذرت من الأخطاء الشائعة التي يمارسها المواطنون من خلال تناول العقاقير من دون وصفة الطبيب المعالج أو من الصيدليات التي لا تزال تعمل.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير