Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"النقد الدولي": العالم يحتاج للانضباط المالي في عام الانتخابات

ينبغي أن تواصل الحكومات الإصلاح في ظل تصاعد الديون إلى 93 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في 2023

سيتوجه إلى صناديق الاقتراع في عام الانتخابات أكثر من ملياري شخص في نحو 50 دولة (أ ف ب)

 

على رغم أن صندوق النقد الدولي يرى أن الآفاق الاقتصادية والمالية العالمية شهدت تحسناً على مدار الأشهر الستة الأخيرة، بعدما هبط التضخم وأصبحت الأوضاع المالية أكثر يسراً، علاوة على أن الأخطار على الآفاق تتسم بالتوازن، إلا أنه يعتقد أنه لا يزال كثير من البلدان تعاني ارتفاع الدين العام ومعدلات عجز المالية العامة في خضم تحديات جديدة من ارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية وضعف توقعات النمو على المدى المتوسط.

ودعا الصندوق من خلال أحدث إصداراته عبر تقرير "الراصد المالي" الصادر اليوم الأربعاء الحكومات إلى تجنب الخروج عن المسار المحدد وزيادة التركيز على إعادة بناء الهوامش الوقائية وتأمين استدامة المالية العامة في الأجل المتوسط، مؤكداً أن سياسة المالية العامة تحولت وأصبحت أكثر توسعاً العام الماضي بعد حدوث تحسن سريع في مستويات الدين ومعدلات العجز في العامين السابقين، بينما اتجه نصف اقتصادات العالم إلى تشديد سياسة المالية العامة العام الماضي، بانخفاض يبلغ نحو 70 في المئة 2022.

وتابع أنه "بعد مضي أربع سنوات على بدء الجائحة، ظلت نسبة الإنفاق العام إلى إجمالي الناتج المحلي، فيما عدا مدفوعات فوائد الديون، أعلى بنحو ثلاث نقاط مئوية من مستوى التوقعات السابقة على الجائحة في الاقتصادات المتقدمة، وأعلى منها بنقطتين مئويتين في اقتصادات الأسواق الصاعدة"، مرجعاً هذا المستوى من الإنفاق إلى البطء في سحب سياسات المالية العامة الخاصة بحقبة الأزمة ووضع تدابير دعم جديدة، إلى جانب تدابير السياسة الصناعية الجديدة، بما فيها الدعم والحوافز الضريبية.

وأشار إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة الاسمية أدى إلى رفع مدفوعات فائدة الديون في معظم الاقتصادات، وارتفع الدين العام العالمي إلى 93 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في 2023 وظل أعلى بمقدار تسع نقاط مئوية من مستواه قبل الجائحة، لافتاً إلى أنه كان في طليعة هذا الارتفاع أكبر اقتصادين الولايات المتحدة والصين، إذ وصل ارتفاع الدين فيهما إلى ما يزيد على نقطتين مئويتين وست نقاط مئوية من إجمالي الناتج المحلي على التوالي.

ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة يجعل الحياة صعبة

وقال الصندوق إن هذين الاقتصادان يشكلان تطورات المالية العامة العالمية وآفاقها، وقد يتأثر النمو والتجارة العالميان سلباً بتباطؤ النمو في الصين، مما يفرض تحديات على المالية العامة في البلدان ذات الروابط التجارية والاستثمارية القوية، بينما سيؤدي ارتفاع عائد السندات الحكومية وتقلبها في الولايات المتحدة إلى تشديد أوضاع التمويل في بقية العالم، متوقعاً العودة لتشديد سياسة المالية العامة باعتدال هذا العام، ولكن أجواء عدم اليقين الكثيفة لا تزال باقية.

ووفقاً لوكالة "بلومبيرغ"، قال مسؤولون في صندوق النقد الدولي إن "الاقتصادين الأكبرين في العالم، الصين والولايات المتحدة، سيقودان معظم الزيادة في الدين العام العالمي على مدى السنوات الخمس المقبلة، إذ يخلق الإنفاق الأميركي مشكلات لعديد من البلدان الأخرى من خلال إبقاء أسعار الفائدة مرتفعة، مشيرين إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة يجعل الحياة صعبة بالنسبة إلى عديد من البلدان من خلال تعزيز قيمة الدولار في مقابل العملات الأخرى، وجعل السلع المسعرة بالدولار أكثر كلفة وزيادة أعباء الديون على البلدان التي اقترضت بالعملة الأميركية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحول الانتخابات الرئاسية قال الصندوق الدولي إن عام 2024 سيشهد انعقاد انتخابات وطنية في عدد قياسي من البلدان، وهي تضم أكثر من نصف سكان العالم، موضحاً أن تاريخ الحكومات يشير إلى ميلها إلى الإنفاق أكثر وفرض ضرائب أقل خلال سنوات الانتخابات، إذ إن معدلات العجز في سنوات الانتخابات غالباً ما تتجاوز 0,4 نقطة مئوية من إجمالي الناتج المحلي، مقارنة بالسنوات التي لا تعقد فيها انتخابات، مشيراً إلى أنه في عام الانتخابات الأكبر هذا، ينبغي للحكومات أن تمارس الانضباط المالي لحماية سلامة الموارد العامة.

إلى ذلك يترقب العالم في العام الحالي مزيداً من التقلبات، فبعيداً من التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا فهناك موجة عاتية من الانتخابات الوطنية التي قد تكون تداعياتها عميقة وطويلة، إذ سيتوجه إلى صناديق الاقتراع أكثر من ملياري شخص في نحو 50 دولة، بما في ذلك الهند وإندونيسيا والمكسيك وجنوب أفريقيا والولايات المتحدة والدول الـ27 الأعضاء في البرلمان الأوروبي، وبصورة إجمالية يمثل المشاركون في الانتخابات لعام 2024 ما نسبته 60 في المئة من الناتج الاقتصادي العالمي.

جهود حاسمة

وحول سياسة التشديد المالي توقع الصندوق الدولي أن التشديد المالي المحدود في الأجل المتوسط، لن يكون كافياً لاستقرار الدين العام في كثير من البلدان، مبيناً أنه في ظل السياسات الحالية، ستظل معدلات العجز الأولي (التي تستبعد منها مصروفات فوائد الديون) أعلى من المستويات التي تحقق استقرار الديون في 2029 في نحو ثلث الاقتصادات المتقدمة واقتصادات الأسواق الصاعدة وفي نحو ربع البلدان النامية منخفضة الدخل، وسيختلف حجم عمليات مواصلة التصحيح اللازمة، ومتوسط الخفض اللازم لمعدلات العجز الأولي كبير بصفة خاصة في الأسواق الصاعدة مع ارتفاع نسب الدين إلى إجمالي الناتج المحلي، قائلاً "تشير تقديراتنا إلى بلوغه 2.1 نقطة مئوية من إجمالي الناتج المحلي".

واعتبر الصندوق الدولي أنه من دون بذل مزيد من الجهود، فإن عودة سياسة المالية العامة لمستواها العادي الذي كانت عليه قبل الجائحة قد يستغرق سنوات، إذ إن ضغوط الإنفاق لمعالجة التحديات الهيكلية، بما فيها التحولات الديموغرافية والخضراء، تزداد إلحاحاً، بينما تباطؤ آفاق النمو على المدى المتوسط وارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية من المرجح أن يفرضاً مزيداً من الضغوط على الحيز المالي في معظم الاقتصادات.

وأكد أن البلدان تحتاج إلى جهود حاسمة لحماية الموارد العامة المستدامة وإعادة بناء هوامش الأمان المالي، وينبغي معايرة وتيرة الضبط بحسب الأخطار على المالية العامة والأوضاع الاقتصادية الكلية التي تواجه كل بلد، إذ يتعين أن تعمل البلدان بحسم في حالات ارتفاع الأخطار السيادية وحيث يكون هناك افتقار إلى صدقية المالية العامة.

وينبغي للحكومات العمل مباشرة للتخلص تدرجاً من موروثات السياسة المالية في حقبة الأزمات، بما فيها دعم الطاقة، ومواصلة تنفيذ الإصلاحات لكبح الإنفاق المتزايد مع حماية أضعف الفئات، أيضاً ينبغي للاقتصادات المتقدمة التي تتزايد أعداد السكان المسنين فيها أن تحتوي الضغوط على الإنفاق على الصحة ومعاشات التقاعد من خلال إصلاحات برامج المستحقات وغيرها من التدابير، كذلك ينبغي للإيرادات الضريبية أن تواكب الإنفاق بمرور الوقت.

وفي الاقتصادات المتقدمة، يمكن زيادة تعزيز الإيرادات من طريق استهداف الأرباح المفرطة كجزء من نظام الضريبة على دخل الشركات، وفي استطاعة اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية زيادة إمكاناتها في مجال تحصيل الإيرادات الضريبية من خلال توسيع القواعد الضريبية، وتحسين تصميم نظمها الضريبية، وتقوية إدارة الإيرادات.

وأشار الصندوق في تقريره "الراصد المالي" إلى أن هذه التدابير يمكنها، في الظروف المثلى، أن تحقق زيادة نسبتها تسعة في المئة في إجمالي الناتج المحلي، مع وضع أسس سليمة ومستدامة للموارد العامة يقتضي اتباع منهج متوسط الأجل في تخطيط الموازنة وتنفيذها، إذ يمكن لجميع البلدان الاستفادة من تعزيز شفافية الموارد العامة وزيادة استخدام التكنولوجيا الحديثة، المعروفة بالتكنولوجيا الحكومية.


في تقرير مواز، توقع صندوق النقد الدولي أن يتجاوز الدين العام الأميركي في العام الحالي مستوى 123 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، على أن يواصل النمو في السنوات المقبلة ليصل إلى مستوى 134 في المئة في عام 2029.

الصين

بينما أشار الصندوق إلى أن الدين العام للصين في 2024 سيصل إلى 88.6 في المئة من حجم الناتج المحلي الإجمالي، وسيبلغ في عام 2029 مستوى 110 في المئة من حجم الاقتصاد الصيني.

الدين العام العالمي

وتوقع الصندوق ارتفاع الدين العام العالمي في العام الحالي 2024 إلى 93.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وبعد ذلك سيستمر في النمو ليصل إلى 98.8 في المئة في عام 2029.


منطقة اليورو

سيرتفع الدين العام لمنطقة اليورو في 2024 بصورة طفيفة مقارنة بعام 2023 وسيبلغ 88.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، لكنه سيبدأ بعد ذلك بالتراجع ليصل إلى مستوى 87.7 في المئة بحلول عام 2029.