Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انخراط "القوة المشتركة" للحركات المسلحة في القتال يشعل دارفور

هل ينجح تحالفها مع الجيش السوداني في دحر قوات "الدعم السريع" من الإقليم؟

مواجهات ومعارك شرسة حول مدينة الفاشر (اندبندنت عربية - حسن حامد)

ملخص

القوة المشتركة للحركات المسلحة تتخلى عن الحياد وتدخل الحرب إلى جانب الجيش، فهل تؤثر في توازن القوى في دارفور؟

أشعل إعلان "القوة المشتركة" التابعة للحركات المسلحة في السودان، تخليها عن الحياد، جبهة القتال في شمال دارفور، وانخرطت تلك القوات مع الجيش في التصدي لمحاولات قوات "الدعم السريع" الحثيثة هذه الأيام لاجتياح مدينة الفاشر، عاصمة الإقليم، وذلك بعدما كانت ملتزمة فقط  بالدفاع عن المدنيين وممتلكاتهم.
ونجح تحالف "القوة المشتركة" مع الجيش بالفعل في التصدي لأكثر من محاولة خلال الأيام الماضية، لكن هل تنجح على المدى الطويل في استعادة التوازن العسكري هناك والانطلاق نحو تحرير بقية عواصم ولايات الإقليم الأخرى (الجنينة، ونيالا، والضعين، وزالنجي)؟ وإلى أي مدى يمكن أن يحدث ذلك التحالف تعديلاً في ميزان القوة على الأرض في دارفور؟

تصعيد ووعيد

وشهدت الأيام الماضية تصعيداً في العمليات الحربية بين الجيش والقوة المشتركة للحركات من جهة، ضد "الدعم السريع" التي اجتاحت أكثر من ست قرى غرب مدينة الفاشر، وتواصل حشد قواتها وتعزيز وجودها في محيطها تمهيداً لحصارها، وسط موجات نزوح جديدة من القرى المحيطة بها، وتزايد الأزمات والمعاناة الإنسانية داخل المدينة.

في الأثناء يواصل طيران الجيش شن غاراته الجوية واستهداف مواقع وتحركات قوات "الدعم السريع" شرق مدينة الفاشر، بالتزامن مع تجدد الاشتباكات بين الجانبين شمال شرقي المدينة، بحسب غرفة طوارئ معسكر "أبو شوك" داخل الفاشر.

من جانبها، توعدت "هيئة القيادة والسيطرة" بـ "القوة المشتركة"، بعد تخليها عن الحياد، بمقاتلة "ميليشيات الدعم السريع" أينما وجدتها، "والمشاركة في عمليات فتح الطرق والمعابر لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى دارفور ومحاربة كل من يعترض طريقها". 

وأعربت قيادة القوة المشتركة عن أسفها على "فترة صمتها الطويل على استفزازات وانتهاكات وتهديدات عناصر ميليشيات الدعم السريع وأعوانهم ومنعهم من التحرك وقطع الطريق على المساعدات الإنسانية مستغلين حياد القوات المشتركة".


غدر ورد فعل

وقال مكتب إعلام القوة المشتركة، إنه "بعد عملية الغدر التي نفذتها الميليشيات ضد أحد مكونات الكفاح المسلح ببوابة مدينة مليط شمال الفاشر، تعلن القوة أنها ستقاتل مع حلفائها والوطنيين وقواتها المسلحة ضد الميليشيات وأعوانهم وتتحول من الدفاع إلى الهجوم".

وأعلن الإعلام الحربي للقوة المشتركة في بيان لاحق تمكنها من تكبيد "الدعم السريع" خسائر كبيرة في الأرواح والآليات خلال اشتباكات ومطاردات جرت أمس الثلاثاء في المحورين الشمالي والشرقي، وتقدمها "بثبات في كل المحاور والجبهات القتالية".

على صعيد متصل، اتهم حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، قوات "الدعم السريع" بمواصلة هجومها على القرى الآمنة في غرب الفاشر على مدى أسبوع كامل، بغرض تهجير سكانها لتطويق الفاشر بغية إسقاطها، تسبب ذلك في مقتل عدد كبير من المواطنين مما دفع القوة المشتركة للتدخل لتحسم المعركة لمصلحتها.
وأشار مناوي، في تغريدة على حسابه بمنصة "إكس" إلى أن "القوة المشتركة أصبحت الملجأً الوحيد للمواطنين العُزّل وتمكنت من حماية وتأمين بقية القرى، وما زالت تراقب محاولات الهجوم على كل من الفاشر ومليط".

وجهاً لوجه

في السياق، أكد فتحي عثمان، المتحدث الرسمي باسم حركة "تجمع قوى تحرير السودان"، الموقعة على اتفاق سلام جوبا، أن خروج حركات الكفاح المسلحة من الحياد ووقوفها في الصف الوطني، سيكون له دور كبير في تغيير ميزان القوة وسير العمليات الحربية على الأرض. وأضاف عثمان، "تمتلك حركات الكفاح المسلحة عقيدة قتالية مختلفة عن عقيدة الجيش السوداني، لأن نهج القتال لديها هو ذات نهج القوات المتمردة وميليشيات الجنجويد الذي يعتمد على السرعة والمباغتة والانتشار وكثافة نيران، مشيراً إلى أن الحركات المسلحة تعتمد في قتالها على الهجوم السريع المباشر ومواجهة العدو وجهاً لوجه، وعربة في مواجهة عربة، فبالتالي يُعتبر خروج الحركات عن الحياد إضافة حقيقية للجيش على الأرض، لذلك نتوقع أن يكون هناك تغيير كبير في اتجاهات المعركة على الأرض، بتحقيق انتصارات جديدة".

وحول ما أثير عن انشقاق داخل صفوف الحركة بشأن التخلي عن الحياد، لفت عثمان إلى أن "تصريحات بعض الرفاق في حركات الكفاح المسلحة وتهديدهم بتشكيل قوة مشتركة جديدة لا قيمة له ولن تؤثر في القوة المشتركة، لأن ليست لديهم قوات كافية لتشكيل مثل تلك القوة، فضلاً عن كونهم باتوا غير مرغوب فيهم داخل حركاتهم ووسط مجتمع دارفور ومتهمون كذلك بالتعاون مع الدعم السريع".

هجمات متتابعة

وصرح فتحي عثمان أن "قوات القوة المشتركة للحركات أجرت استعراضاً للقوة داخل مدينة الفاشر، حيث أكد قادتها الميدانيون شروعهم في الدخول المباشر إلى أرض المعركة وفي كل الجبهات، بخاصة في محاور تحرير دارفور والخرطوم والجزيرة"، مبشراً بأن "النصر أصبح قريباً جداً، وبدأت بشائره تلوح بالفعل في الأفق". وأضاف "لاحظنا خلال الأيام الماضية حشوداً وتحركات للمتمردين حول مدينة الفاشر في محاولة منهم لاحتلال المدينة، لكننا نؤكد لجماهيرنا وأهلنا في شمال دارفور بأن قواتنا جاهزة للتصدي لأي هجوم متوقع في أي لحظة، ونتوعد المتمردين بسحق أي محاولة منهم لاجتياح المدينة التي ستكون مقبرتهم ونهايتهم الأخيرة".

وأوضحت مصادر ولائية، أن قوات الجيش مع القوة المشتركة في الفاشر تصدت مطلع هذا الأسبوع لهجوم شنته قوات "الدعم السريع" على قرى غرب مدينة الفاشر (سرفاي) والقرى المجاورة لها (مجدوب، وأم عشوش، وتركنية، وجرونقا، وجقي مقرن) وكبدتها خسائر فادحة في العتاد والأرواح، بمساندة الطيران الحربي.

تأهب وتعزيزات

في المقابل، أكدت قوات "الدعم السريع" على حسابها الرسمي بمنصة "إكس" وصول تعزيزات عسكرية جديدة لها من قواتها بشمال دارفور. وبثت مقاطع فيديو تستقبل فيها أرتالاً من الجنود والعربات القتالية المدججة، معتبرةً أن مهمة تلك القوات مؤازرة القوة الموجودة أصلاً هناك. وشددت "الدعم السريع" على ألا تراجع عن أهدافها في أن "تكون الفاشر نواة لدولة الديمقراطية".

كما أشارت قوات "الدعم السريع" إلى تمكنها من السيطرة على مدينة مليط شمال الفاشر، بعد اشتباكات ضارية مع الجيش والقوة المشتركة، محذرةً الأخيرة من أنها ستتصدى لتلك القوة بكل حسم وقوة.

إلى ذلك، طمأن وزير المالية والتخطيط الاقتصادي، جبريل إبراهيم، رئيس حركة العدل والمساواة السودانية، إلى أن "الحركات المسلحة لن تصبح دعماً سريعاً جديداً مهما كانت الأسباب"، داعياً إلى ضرورة تكاتف الجهود والوحدة للحفاظ على البلاد وتماسك أهلها خلال هذه الفترة الدقيقة التي تعيشها حالياً.

وأكدت "حركة التحالف السوداني" وجود قواتها ضمن "القوة المشتركة"، بشمال دارفور ونفى الجنرال محمد إسحق يونس، رئيس هيئة الأركان بالحركة أن تكون قواته قد انسحبت منها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


مقاومة دارفور

بدورها دانت "المقاومة الشعبية لأهل دارفور"، ما وصفته بـ "الأعمال الوحشية التي ارتكبتها ميليشيات "الدعم السريع" وحلفائها ضد المدنيين العزل في شمال دارفور بمهاجمتها وأحراقها قرى غرب الفاشر خلال الأيام الماضية، مما خلف موجات نزوح كبيرة وأوضاعاً إنسانية مأساوية".

وناشد بيان للمقاومة الشعبية، "الجيش وحركات الكفاح الوطنية القيام بمسؤولياتها لحماية المدنيين العزل من هجمات الميليشيات المتمردة"، مطالباً "المجتمع الدولي باتخاذ مواقف واضحة بإدانة انتهاكات الميليشيات تجاه المدنيين، ورعاية أوضاع النازحين نتيجة الاعتداءات الممنهجة للمدنيين العزل".

على نحو متصل، يرى سعد محمد عبدالله، المتحدث باسم "الحركة الشعبية شمال/ مالك عقار"، أن "دخول الحركات الحرب إلى جانب الجيش هو قبل كل شيء انحياز للأخلاق الوطنية واستشعار لخطر الحرب المفروضة على البلاد، وفي الوقت ذاته استنكار لجرائم وإرهاب الميليشيات"، معتبراً أن "انخراط الحركات بكل قوتها العسكرية وجماهيرها في الحرب يعد مكسباً لمصلحة تحرير البلاد وحماية للمدنيين في القرى والمدن، فضلاً عن كونه يؤسس لتكوين جيش وطني مهني وموحد".

اشتعال الفاشر

وأكد عبدالله أن "قوات الحركات المشاركة في جميع محاور القتال سواء في دارفور أو غيرها، قادرة على طرد ميليشيات الدعم السريع من المدن والقرى بحكم خبرتها الطويلة وقوتها العسكرية، وقد تم ذلك بالفعل في دارفور التي تشهد الآن معارك ضارية على امتداد غلاف الفاشر وتتقدم فيها قوات الحركات، وقريباً ستكون دارفور محررة ومستقرة ومفتوحة لعودة أهلها إليها".

من جانب آخر، اعتبر محمد عبدالرحمن الناير، الناطق باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان/ عبدالواحد محمد نور، غير الموقعة على اتفاق سلام جوبا، أن "مدينة الفاشر تعيش الآن حالة حرب يتوقع أن تتحول إلى مواجهات مباشرة خلال الساعات أو الأيام المقبلة. وأضاف أنه "من الواضح أن قوات الدعم السريع قررت الاستيلاء على الفاشر لا سيما بعد إعلان حركات سلام جوبا الانحياز إلى الجيش وبالتالي انهيار حالة التفاهمات التي أبقت المدينة بعيدة من الصراع طوال الفترة الفائتة".

وأكد الناير أن موقف الحركة التي ينتمي إليها المعلَن من الحرب، لا يزال كما هو منذ يومها الأول، إذ تعتبرها "حرباً عبثية لا طائل منها والمتضرر هو الشعب والوطن، ولا ندعم أي طرف من أطرافها، بل نسعى لتكوين جبهة مدنية عريضة لإنهاء الحرب ومخاطبة جذور الأزمة التاريخية عبر حوار سوداني - سوداني شامل لا يستثني أحداً سوى نظام المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم السابق) وواجهاته".


بعيداً من الحياد

وكانت الحركات المسلحة الأربع الأساسية الموقعة على اتفاق السلام (العدل والمساواة/ جبريل إبراهيم، وحركة تحرير السودان/ مني أركو مناوي، وحركة تحرير السودان/ المجلس الانتقالي، وتجمع قوى تحرير السودان) قد شكلت في مطلع مايو (أيار) الماضي بعد أسبوعين من اندلاع الحرب، قوة مشتركة لحماية المدنيين في الإقليم، وبغرض تأمين مقار المنظمات الإنسانية والمؤسسات الخدمية المهمة في الفاشر عاصمة شمال دارفور، إلى جانب حماية قوافل المساعدات الإنسانية.

وفي 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أعلن كل من مناوي وجبريل التخلي عن الحياد والانحياز إلى الجيش، بجانب كل من نائب رئيس مجلس السيادة، مالك عقار، ورئيس "حركة تحرير السودان" مصطفى تمبور، بحجة "الانتهاكات والفظائع التي ارتكبتها ميليشيات الدعم السريع"، فيما تمسكت "حركة تحرير السودان/ المجلس الانتقالي" بقيادة الهادي إدريس، و"تجمع قوى تحرير السودان" بقيادة الطاهر حجر، عضوي مجلس السيادة الانتقالي بالحياد والمطالبة بوقف الحرب، ما تسبب في إعفائهما من منصبيهما من قبل الفريق عبدالفتاح البرهان.

على رغم ذلك ظلت القوة المشتركة على موقفها الدفاعي الملتزم حماية المدنيين في الفاشر، غير أنها أعلنت منذ أيام انخراطها في الحرب إلى جانب الجيش.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات