Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البرلمان العراقي يتجه نحو إلغاء مكاتب المفتشين العامين

عبد المهدي يعتمد عليها في تطبيق خطته لمكافحة الفساد

تظاهرة أمام مبنى البرلمان احتجاجاً على الغاء مكاتب المفتشين العامين (وكالة رووداو)

عاد ملف مكاتب المفتشين العامين في العراق إلى الواجهة مجدداً، بعد مناقشة البرلمان العراقي اقتراح قانون يقضي بإلغاء تلك المكاتب نهائياً بحجة عدم دستوريتها وعجزها عن مكافحة الفساد المستشري في البلاد.
وبدأ البرلمان العراقي الاثنين، بقراءة ومناقشة مشروع القانون المقترح بعدما صوّت عليه "من حيث المبدأ" في الفصل التشريعي الماضي. وأعلن أن إلغاء مكاتب المفتشين لا يعني التفريط بحقوق الموظفين (الملاك والعقود والأجراء، إضافة إلى المنتسبين)، كونهم عملوا في ظروف صعبة وواجهوا مصاعب عدة.
وتظاهر العشرات من موظفي مكاتب المفتشين العامين، أمام مبنى البرلمان العراقي وسط العاصمة بغداد احتجاجاً على مشروع قانون إلغاء مكاتب المفتشين العامين.

 

المفتش العام
 

وتعود فكرة مكاتب المفتشين العامين إلى الحاكم المدني للعراق، الأميركي بول بريمر، عام 2004 بموجب القرار رقم 57 ومهمتها مراقبة حالات الفساد في مؤسسات الدولة، وترى رئاسة البرلمان أنها لا تزال تعمل بأمر سلطة الاحتلال الأميركي ولا أساس دستوري لها وتتعارض صلاحياتها مع صلاحيات السلطة التشريعية وفق المادة 61 من الدستور، التي نصت على أن "من اختصاصات البرلمان الرقابة على أداء السلطة التنفيذية" وأن مكاتب المفتش العام تعني أن "الحكومة تراقب نفسها".
في المقابل، وضع رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي في بداية العام الحالي، خطةً لمكافحة الفساد تعتمد بدرجة كبيرة على مكاتب المفتشين العامين، وفي خطوةٍ فُسِرت على أنها معارِضة لموقف البرلمان، إذ استحدث في أغسطس (آب) الماضي، مكاتب للمفتشين في 7 هيئات وجهات حكومية هي، المصرف المركزي العراقي وهيئة الاستثمار ومفوضية الانتخابات ومفوضية حقوق الإنسان والمصرف العراقي للتجارة وهيئة الحشد الشعبي وجهاز الأمن الوطني. وأثار ذلك امتعاض لجنة المال البرلمانية التي رأت في قرار عبد المهدي مخالفةً للمادة 2 من قانون المصرف المركزي الذي نصّ على عدم السماح بتدخل أي شخص أو الحكومة بعمل المصرف أو سياسته النقدية، وأخضعه لرقابة مجلس النواب فقط".

 

انقسام كبير
 

وقال الأمين العام للجبهة المعارِضة في البرلمان، النائب فادي الشمري في تغريدة على موقع "تويتر"، إن "الجبهة تتبنى إلغاء مكاتب المفتشين العامين وإعادة النظر في منظومة الرقابة في البلاد، وهي ضرورة ملحة لوقف النزيف".
وتابع أن "هذه المكاتب وجِدت لمكافحة ظواهر الفساد في الإدارات العليا بالوزارات، وإذ بالفساد يستشري في كل مفاصلها بشكل مخيف".
كما أعلنت كتل "سائرون" و"الحكمة" و"ودولة القانون" تأييدها لإلغاء مكاتب المفتشين العامين مطالبةً بتفعيل دور القضاء والادعاء العام في مكافحة الفساد وإنهاء الترهل الكبير في هيكلة الدولة العراقية، فيما انقسم نواب بعض الكتل المقرّبة من رئيس الحكومة عادل عبد المهدي وفي مقدمها كتلة "الفتح" حول مشروع قرار إلغاء تلك المكاتب، ذلك أن عبد المهدي يرغب باستخدام المفتشين العامين في البرنامج الذي أعلنه في مارس (آذار) الماضي لمكافحة الفساد باسم "الإستراتيجية الوطنية الشاملة". وذكرت مصادر مطلعة أن "رئيس الوزراء لا يريد إلغاء الأداة الرقابية الوحيدة التابعة مباشرةً للسلطة التنفيذية، بالتالي عرقلة عملية الإصلاح التي يريدها، فمكاتب المفتشين العامين تتبع رئاسة الوزراء بخلاف الجهات الرقابية المستقلة الأخرى". وأشارت إلى أن "عبد المهدي طالب رئيس البرلمان محمد الحلبوسي بتأجيل عرض قانون إلغاء مكاتب المفتشين العامين إلا أن ضغط الكتل حال دون التأجيل".
 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تعارض الصلاحيات

 

ومن بين الأسباب التي دعت إلى وضع قانون إلغاء مكاتب المفتشين، هي تعارض صلاحياتها مع صلاحيات البرلمان ومؤسسات رقابة مستقلة أخرى، الأمر الذي أدى إلى زيادة الترهل في مؤسسات الدولة وتعدد الجهات المسؤولة عن مكافحة الفساد، من دون أن تتمكن من إحداث تغيير في ترتيب العراق ضمن قائمة الفساد التي تعدها "منظمة الشفافية الدولية"، إذ احتل المرتبة 168 من أصل 180 دولة، على مؤشر مدركات الفساد لعام 2018 والذي صدر في يناير (كانون الثاني) 2019.
وبحسب الخبير القانوني طارق حرب، كان يُفترض بالبرلمان العراقي أن يناقش موضوع مكاتب المفتشين العامين في دورته التشريعية الأولى لحسم الجدل بشأنه، كونه من قرارات سلطة الائتلاف الدولي المؤقتة برئاسة بول بريمر، ومن حق السلطة التشريعية إلغاء أو تثبيت هذه المكاتب"، مشيراً إلى أن "أمر سلطة الائتلاف لم يعطِ أي صلاحيات واضحة، ومن الناحية العملية فإن عمل واختصاص مكاتب المفتشين العامين انتهى منذ عام 2017، تاريخ نشر قانون الادعاء العام الجديد الذي يحمل الرقم 49 في الجريدة الرسمية (جريدة الوقائع العراقية)".
 

إعادة تقييم
 

في المقابل، طالبت أطراف أخرى بإعادة تقييم تجربة مكاتب المفتشين العامين قبل إلغائها. وقالت النائب عن كتلة "النصر" ندى جودت، إن "تلك المكاتب بحاجة إلى تقييم ومعرفة سلبيات وإيجابيات عملها وفي حال قرر البرلمان إلغائها فعليه طرح البديل المناسب، وألا تكون هناك فرصة للفاسدين في استغلال غياب دور المفتش العام".
وأكد رئيس لجنة النزاهة السابق القاضي رحيم العكيلي أن "دور مكاتب المفتش العام يختلف عن دور ديوان الرقابة المالية أو هيئة النزاهة المستقلة ولجنة النزاهة أو الادعاء البرلمانية، وهناك خلط غير مفهوم لهذه الأدوار، والأجدر أن يقوم البرلمان بمعالجة الأسباب التي أدت إلى تعطيل مهمة المفتش العام".
وعلى ما يبدو فإن البرلمان عازم على تشريع قانون إلغاء قرار سلطة الاحتلال الأميركي بتشكيل مكاتب المفتشين، وأن الاعتراضات الحالية لا يمكنها تأجيل القانون، والخلاف بين البرلمان والحكومة سيستمر حول أسباب تفشي الفساد في الوزارات والمؤسسات التنفيذية، وسيتوجب على رئيس الوزراء البحث عن وسائل رقابية بديلة تمكنه من تنفيذ استراتيجية مكافحة الفساد التي تعهد بإنجازها خلال العام الحالي.

المزيد من العالم العربي