Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف "انهارت" الأسعار في غزة وهل هذا يعني أن المجاعة ابتعدت؟

سمحت إسرائيل بتدفق البضائع شمالاً ووافقت على تشغيل القطاع التجاري

حرب غزة رفعت أسعار المتاح من السلع   (أ ف ب)

ملخص

هبط سعر كيلو القهوة المطحونة بالهيل من 200 دولار إلى 40 دولاراً، فيما كان قبل الحرب 15 دولاراً، هذه هي قائمة متغيرات أسعار السلع

كانت دلال تنظر بانبهار للخضراوات التي عرضها صاحب بسطة في السوق الشعبية لمدينة غزة، وبسرعة سألت عن سعر كيلو البطاطا، فأجابها البائع، "خمسة دولارات"، على الفور طلبت كيساً من النايلون، وأخذت تختار الحبات بعناية.

"انهيار"

تقول دلال وهي تختار من بين الخضراوات، "لقد انهارت الأسعار فجأة"، تعمدت السيدة اختيار توصيف "انهيار" للدلالة على الانخفاض الملحوظ والسريع على ثمن البضائع، الذي طرأ فجأة على كل ما هو متوفر في الأسواق. وتضيف، "قبل يومين كان سعر كيلو البطاطا يبلغ 70 دولاراً، واليوم خمسة دولارات فحسب، ما يحدث في غزة شيء من الجنون".

تشتري دلال كميات وفيرة من الخضراوات خوفاً من انقطاعها، وهي تدرك أن ثمنها ما زال أعلى من كلفتها في الوقت الطبيعي، لكنها تعتقد أن سعر هكذا في وقت الحرب يعد جيداً.

سبب تضخم الأسعار

تعيش دلال في الجزء الشمالي من القطاع، وهذه المنطقة يشن فيها الجيش الإسرائيلي حرباً مدمرة ويعدها منطقة قتال خطرة، وطلب من سكانها النزوح إلى الجنوب، لكن الأشخاص الذين رفضوا الانصياع للأوامر تعرضوا لحصار قاس وقيوداً مشددة جداً.

ومن ضمن الإجراءات التي فرضتها إسرائيل على منطقة شمال غزة أنها منعت تدفق المساعدات الإنسانية، وكذلك أوقفت الحركة التجارية، وبسبب طول مدة الحرب لأكثر من ستة أشهر من دون إمدادات فإن السكان المتبقين في شمال غزة استنفذوا المخزون الاحتياط للسلع.

كنتيجة لجميع ما سبق، ارتفعت الأسعار بصورة جنونية في شمال غزة، وحتى في الجنوب، وأصبح سكان القطاع يعانون من أجل العثور على الحاجات الأساس، وإذا توفرت بعض السلع فإن ثمنها تضاعف حتى 600 في المئة، وفقاً لبيانات جهاز الإحصاء الفلسطيني (مؤسسة حكومية).

مقارنة الأسعار

لكن أخيراً انخفض ثمن السلع والبضائع في قطاع غزة بشقيه الشمالي والجنوبي بصورة ملحوظة، وسبب "انهيار" الأسعار حالة من الارتياح الشديد لدى السكان المحليين، على رغم أن الأسعار لا تزال مرتفعة وبعيدة من الكلفة في الأوقات الطبيعية.

وفي مقارنة لسعر السلع قبل أحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وأثناء ارتفاع ثمنها وبعد انهيار سعرها، فإن كلفة كيلو الطحين قبل الحرب كانت دولاراً واحداً، لكن أثناء القتال وصلت إلى 30 دولاراً، وعندما انهارت الأسعار بلغ ثلاثة دولارات.

أما كيلو السكر فإن ثمنه قبل الحرب كان دولاراً واحداً، وفي فترة القتال وصل إلى 70 دولاراً، وعندما انهارت الأسعار بلغ نحو ثلاثة دولارات، وليتر زيت القلي كان ثمنه قبل الحرب 1.5 دولار، وفي فترة القتال أصبح سبعة دولارات، وعندما انهارت الأسعار وصل إلى ثلاثة دولارات.

 

أما كيلوغرام الملح كان قبل الحرب ثلاث سنتات من الدولار، وفي القتال وصل إلى 15 دولاراً، وانهار ثمنه أخيراً إلى 1.5 دولار، وكيلوغرام من الخميرة الفورية كان قبل الحرب ثلاثة دولارات، وفي القتال بلغ 50 دولاراً، ثم انهار ثمنه إلى سبعة دولارات.

وكيلوغرام القهوة المطحونة مع الهيل كان قبل الحرب 15 دولاراً، لكنه قفز في فترة القتال إلى 200 دولار، ووصل ثمن فنجان البن المغلي إلى 10 دولارات وبذلك أصبح فنجان القهوة من النوع التقليدي في غزة أغلى من أي مكان في العالم، لكن انهار الكيلوغرام إلى 40 دولاراً.

الخضراوات بثمن جيد

أما الخضراوات فإن ثمن كيلو البطاطا كان قبل الحرب بدولار واحد، في القتال أصبح 70 دولاراً، وانهار خمسة دولارات، والخيار كان الكيلو منه بدولار، وارتفع إلى 30 دولاراً، ثم انهار إلى أربع دولارات.

وكيلو البصل كان ثمنه قبل الحرب دولاراً واحداً وارتفع إلى 100 دولار، وعاود الانخفاض إلى 10 دولارات، والطماطم كان الكيلو منها بنحو ثلاث سنتات من الدولار وارتفعت إلى 15 دولاراً، ثم هوت إلى دولارين اثنين.

وفيما يتعلق بالمعلبات الغذائية، فإن جميع أصنافها كانت قبل الحرب بدولار للعلبة من وزن 330 غراماً، وارتفعت إلى 25 دولاراً، ثم انهار سعرها إلى خمسة دولارات، وفي بعض الأحيان إلى ثلاثة دولارات.

الشيء الوحيد الذي ارتفع سعره وما زال يواصل الارتفاع هو السجائر، فإن ثمن العلبة كان قبل الحرب خمسة دولارات، وفي فترة القتال العنيف وصلت إلى 70 دولاراً، لكن اليوم يبلغ ثمنها 400 دولار، وتباع السيجارة الواحدة بنحو 20 دولاراً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ارتياح

في أي حال، وجد سكان غزة في "انهيار" أسعار السلع ارتياحاً كبيراً، إذ لم يصدق خميس أن أسعار بعض المنتجات التي ذهب لشرائها انخفضت إلى هذا الحد، ويقول إنه شيء يشبه الجنون، وهذا يدلل على أن إسرائيل تستطيع التحكم في أبسط أشياء حياتنا.

فيما تؤكد سوسن أنها اشترت كميات وفيرة من الطحين وزيت القلي والملح والرز والمعلبات والسكر والخضراوات، لافتة إلى أنها تناولت الخيار لأول مرة بعد ستة أشهر من القتال، تقول، "كدت أنسى طعم الخضراوات، وأصبحنا في فترة ما نشتهي رؤيتها في الأقل".

عوامل انهيار الأسعار

لكن ما السبب وراء انهيار الأسعار بهذه الصورة، هناك ثلاثة عوامل أدت إلى انخفاض ثمن البضائع، الأول أن إسرائيل وافقت بعد ضغط دولي قادته الولايات المتحدة على تدفق السلع والمساعدات إلى شمال غزة، إضافة إلى تشغيل معبر إيرز شمالاً، حيث المنطقة التي تعيش على حافة المجاعة، هذا تسبب في وجود بضائع بدلاً من شحها وندرتها.

ويتمثل السبب الثاني يتمثل في توقف إسرائيل عن استهداف قوافل المعونات قبل وصولها إلى مستفيديها، وكذلك إيجاد آليات لحماية شاحنات المساعدات بدلاً من تعرضها للنهب والاستيلاء.

والسبب الثالث، ويعد الأكثر أهمية، هو زيادة تدفق المعونات وتشغيل القطاع التجاري، وفي تفاصيل هذا الموضوع، فإن إسرائيل كانت تسمح بمرور ما متوسطه 60 شاحنة في اليوم لغزة من معبر كرم أبو سالم، لكن منذ أسبوع توافق على إمداد القطاع بنحو 300 شاحنة.

 

يقول رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية ضياء رشوان، "لقد أسهمنا في رفع عدد الشاحنات التي تدخل غزة إلى أكثر من 300 شاحنة يومياً، وجزء من هذا الرقم يمكنه أن يصل إلى شمال غزة".

أما من إسرائيل يعقب على ذلك، منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية غسان عليان، "نحن لا نقاتل شعب غزة، بل (حماس)، عندما تأكدنا من انهيار الحركة في الشمال عملنا على إعادة إمداد المنطقة بالطعام، وسمحنا لنحو 300 شاحنة بالمرور".

المجاعة لا تبتعد

في ظل وصول السلع والبضائع إلى شمال غزة، هل يمكن اعتبار أن أزمة المجاعة ابتعدت عن السكان، لهذا الأمر اعتبارين، الأول وجود مواد تموينية في السوق، وهذا الأمر حصل فعلياً، والثاني هو توفر القدرة الشرائية.

في الواقع، نفدت الأموال من أيدي المواطنين بعد ستة أشهر من الحرب، وفي غزة نوعان من الموظفين، إما تابع للسلطة الفلسطينية ويتلقى نحو 70 في المئة من قيمة راتبه، أي ما متوسطه 700 دولار، أو موظفو "حماس" وهؤلاء يصرف لهم 200 دولار فحسب، أي ربع رواتبهم.

يقول المواطن رجائي، "تسلمت 70 في المئة من راتبي، وهو لا يكفي في هذا الوضع، لأن قيمة 100 دولار الشرائية باتت كأنها 30 دولاراً، هذا يعني أنه لا يمكن درء المجاعة، ومع تدفق البضائع وانخفاض الأسعار مرة أخرى ما زال الناس لا يستطيعون الحصول على قهوتهم".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات