Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خبراء: انقطاع الطمث ليس مرضا وهناك مبالغة في علاجه

دراسات نشرت في مجلة "لانسيت" العلمية خلصت إلى أن هناك نقصاً في فهم الأخطار والفوائد المرتبطة بـ "العلاج بالهرمونات البديلة"

خبراء في مجال الصحة يدعون إلى عدم الإفراط في علاج انقطاع الطمث (غيتي)

ملخص

رأى خبراء صحيون أن الأعراض التي تعزى في الغالب إلى انقطاع الطمث قد تنجم في الواقع عن تلك الظروف الحياتية المسببة للتوتر أو تتفاقم بسببها

رأى خبراء في مجال الصحة أن انقطاع الطمث ليس مرضاً يصيب النساء، مشيرين إلى أن ما يجري هو "معالجة طبية مفرطة" له.

وأوضحوا أنه في البلدان ذات الدخل المرتفع مثل المملكة المتحدة فغالباً ما ينظر إلى انقطاع الطمث باعتباره مشكلة طبية أو اضطراب نقص الهرمونات، يقترن بأخطار صحية طويلة الأجل يُزعم أن من الأفضل معالجتها من خلال "العلاج بالهرمونات البديلة" Hormone Replacement Therapy (HRT).

وأشار الخبراء الذين يعملون في مؤسسات صحية وجامعية بارزة مثل "مستشفى النساء الملكي" Royal Women’s Hospital في ملبورن أستراليا، وجامعة "كلية كينغز لندن" King’s College London، إلى أن "غالبية النساء حول العالم يخضن فترة انقطاع الطمث من دون الحاجة إلى تدخلات طبية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ورأوا في المقابل أنه لا توجد بيانات كافية لتحديد ما إذا كانت المشكلات الصحية المترافقة مع هذه الفترة مصدرها انقطاع الطمث تحديداً أم هي مجرد حالات مرتبطة بعملية الشيخوخة الطبيعية.

على سبيل المثال في حين أن كثافة العظام تنخفض بعد انقطاع الطمث كما هو معترف به على نطاق واسع، "فإنه لا يزال من غير المؤكد ما إذا كان انقطاع الطمث الذي يحدث في متوسط العمر هو ما يتسبب في ظهور حالات مزمنة أخرى مثل مرض السكري أو الخرف أو أمراض القلب والأوعية الدموية".

وفي ورقة بحثية أولى حول انقطاع الطمث نشرت ضمن "سلسلة لانسيت" The Lancet Series [وهي مجموعة أبحاث علمية أو مقالات تنشرها هذه المجلة الطبية الرائدة في العالم]، أكد هؤلاء الخبراء أنه "فيما تشكل الأعراض أهمية كبيرة فإن اعتماد منظور طبي في شأن انقطاع الطمث قد يؤدي إلى إضعاف المرأة ويتسبب من جهة بالإفراط في العلاج، ومن جهة أخرى بتجاهل الفوائد المحتملة كتحسين الصحة العقلية مع التقدم في السن والتحرر من اضطرابات الحيض والدورة الشهرية ووسائل منع الحمل".

وأشار أعضاء فريق البحث إلى أن تمييز طريقة تعرض النساء لانقطاع الطمث قد يكون صعباً بسبب أحداث الحياة التي يواجهنها، مثل تربية الأطفال ومسؤوليات العمل ورعاية والدين مسنين.

ورأوا أن الأعراض التي تعزى في الغالب إلى انقطاع الطمث، مثل تقلبات المزاج والتغيرات المعرفية والمسائل الجنسية، قد تنجم في الواقع عن تلك الظروف الحياتية المسببة للتوتر أو تتفاقم بسببها.

ودعوا بدلاً من ذلك إلى اتباع "مقاربة جديدة" في التعامل مع مرحلة انقطاع الطمث يقوم على "التمكين الصحي"، إذ تزود النساء بالمعرفة والثقة والاستقلالية لإدارة صحتهن ذاتياً واتخاذ خيارات مستنيرة.

واقترحوا اعتماد طرق بديلة لإدارة الأعراض مثل الهبات الساخنة، ومنها "العلاج السلوكي المعرفي" Cognitive Behaviour Therapy (CBT) [نهج علاج نفسي يهدف إلى معالجة العواطف والسلوكيات والأفكار السلبية من خلال فحص الأنماط والمعتقدات الكامنة وراءها] والتنويم المغناطيسي، ولفتوا إلى أن "العلاج السلوكي المعرفي" أثبت فاعلية قليلة إلى متوسطة في الحد من الهبات الساخنة والتعرق الليلي واضطرابات النوم والاكتئاب والقلق والتعب.

ويتعين في المقابل على الأطباء واختصاصيي الصحة أن يراعوا أنماط حياة المرأة، بما فيها عوامل مثل جودة النوم واستهلاك الكحول وعادات التدخين التي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الأعراض.

وفيما ثبت أن "العلاج بالهرمونات البديلة" يعزز النوم وينشط الذاكرة ومسألة التركيز لدى النساء اللواتي يستخدمنه للتخفيف من الهبات الساخنة، فإنه من غير المرجح أن يحقق أي فوائد للنساء اللواتي لا يعانين مثل تلك الهبات الساخنة، وذلك بحسب النتائج التي توصل إليها فريق البحث.

وعلى رغم أن "العلاج بالهرمونات البديلة" يقلل خطر إصابة العظام بكسور، فإن الأبحاث تشير إلى أن هذه الفوائد قد تتضاءل بعد نحو خمسة أعوام من التوقف عن أخذ "العلاج بالهرمونات البديلة".

وإذا ما اختارت النساء "العلاج بالهرمونات البديلة" فيوصي الخبراء بأن يوفر مقدمو الرعاية الصحية لهن معلومات واقعية في ما يتعلق بالآثار المتوقعة للعلاج واحتمال استمرار الأعراض، كما إمكان تكرارها عند التوقف عن العلاج.

إلى ذلك أشارت ورقة بحثية لاحقة نشرت في "سلسلة لانسيت" إلى عدم وجود مؤشر على زيادة خطر الإصابة باضطرابات الصحة العقلية بين النساء اللواتي دخلن مرحلة انقطاع الطمث، وقال فريق الخبراء إنه "وفقاً لبيانات محدودة لم نجد أدلة قاطعة ومقنعة تشير إلى أن جميع النساء يرتفع لديهن خطر القلق أو الاضطراب ثنائي القطب أو الذهان أثناء فترة انقطاع الطمث".

ودعت البروفيسورة مارثا هيكي، وهي مؤلفة مشاركة من "جامعة ملبورن" و"مستشفى النساء الملكي"، إلى "ضرورة إعادة النظر في الاعتقاد السائد بأن انقطاع الطمث يمثل دائماً مشكلة طبية مرتبطة بتدهور الصحة البدنية والعقلية"، مشيرة إلى "وجوب مواجهته على المستوى المجتمعي".

وأضافت، "هناك نساء كثيرات يعشن حياة جيدة أثناء انقطاع الطمث وبعده، ويسهمن بنشاط في مجال العمل والأسرة والمجتمع الأوسع".

وقالت البروفيسورة هيكي خلال إحاطة إعلامية إن "تحويل السردية السائدة في ما يتعلق بانقطاع الطمث واعتباره جانباً صحياً لمرحلة الشيخوخة الصحية من شأنه أن يعزز قدرة المرأة على اجتياز هذه المرحلة الحياتية بثقة، وتخفيف القلق والخوف لدى النساء اللواتي يقتربن منها".

وأفادت بأن فريق البحث يجزم بأن "انقطاع الطمث ليس مرضا"، مضيفة "في مجتمع لديه مواقف وتصورات راسخة حول الشيخوخة والنساء فغالباً ما ينظر إلى انقطاع الطمث على أنه حال تشير إلى التدهور والتراجع لديهن".

أما الدكتورة ليديا براون، وهي أيضاً من "جامعة ملبورن"، فاعتبرت أنه "على رغم أن بعض النساء مررن بتجارب سلبية للغاية مع انقطاع الطمث واستفدن من العلاجات الهرمونية إلا أن هناك جوانب إضافية يجب أخذها في الاعتبار لفهم مجمل التعقيدات المحيطة بانقطاع الطمث".

ورأت أن "الواقع هو أكثر تعقيداً وتنوعاً بكثير، إذ تتحدث بعض النساء عن خوضهن تجارب عادية ومحايدة، فيما تسلط أخريات الضوء على الجوانب الإيجابية مثل التحرر من الحيض وفترات عدم الراحة وآلام الدورة الشهرية".

وأشارت إلى أن "انقطاع الطمث يحظى باهتمام ومناقشة متزايدين داخل المجتمع، وهذا يمثل فرصة لتغيير المفاهيم والاعتراف بانقطاع الطمث باعتباره جانباً طبيعياً من عملية الشيخوخة الصحية للمرأة، ومع الإعداد والدعم المناسبين تستطيع المرأة تجاوز مرحلة انقطاع الطمث من دون خوف، واحتضانها كمرحلة طبيعية من الحياة".

وقالت الطبيبة العامة والاختصاصية في انقطاع الطمث التي تدير مركز "نيوسون للصحة" Newson Health، لويز نيوسون إن "انقطاع الطمث يتجاوز كونه مجرد مجموعة من الأعراض، فهو حال استقلابية والتهابية للقلب تزيد خطر الإصابة بأمراض مختلفة".

ولفتت إلى أنه "جرى لأعوام التعامل مع انقطاع الطمث على أنه حال تتطلب تدخلاً طبياً، ونتيجة لذلك وصفت علاجات لها تشمل مضادات الاكتئاب ومضادات الذهان ومسكنات الألم والأقراص المنومة ومضادات الكولين لأعراض المثانة وأدوية القلب لخفض الكوليسترول والسيطرة على ضغط الدم وإدارة خفقان القلب".

وأضافت نيوسون أن "العلاج الأولي الذي يُوصف لمواجهة أعراض انقطاع الطمث هو ’العلاج بالهرمونات البديلة‘ وقد أثبتت الأبحاث في الواقع أنه عندما تتلقى المرأة الجرعة المناسبة والنوع المناسب من الهرمونات فإن أعراضها تخف، ويقل لديها خطر الإصابة بكثير من الحالات الالتهابية طويلة الأمد المرتبطة بانقطاع الطمث، مثل داء السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية وهشاشة العظام والخرف والاكتئاب والوفاة الباكرة".

وختمت، "إن وصف انقطاع الطمث بأنه انتقال طبيعي أو جانب من جوانب الشيخوخة الصحية يتجاهل في الواقع المعاناة الحقيقية التي تواجهها نساء كثيرات من اللواتي يواجهن أعراض انقطاع الطمث".

© The Independent

المزيد من صحة