ملخص
وصلت مديونية الأردن إلى 58.62 مليار دولار وبنسبة 114.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل نحو 54 مليار دولار لعام 2022.
على وقع جوار ملتهب سياسياً، ووضع اقتصادي عالمي مضطرب، تلقى الأردنيون الأنباء الرسمية عن تخطي مديونية البلاد حاجز الـ58 مليار دولار بقلق، مع استمرار تداعيات الحرب في غزة، وإرباك خطوط الإمداد وسلاسل التوريد العالمية، بسبب اضطرابات البحر الأحمر وباب المندب وانعكاساتها محلياً. والتي أدت بدورها إلى موجة ارتفاع لأسعار السلع وركود شديد في الأسواق.
ووفقاً للبنك المركزي الأردني فإن مديونية الأردن وصلت إلى 58.62 مليار دولار، وبنسبة 114.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي مقابل نحو 54 مليار دولار لعام 2022 ما يعني وجود نحو 4 مليارات أضيفت إلى عبء الأردنيين الاقتصادي الذي تتسع رقعته يوماً بعد آخر بشكل قياسي.
لماذا ترتفع المديونية
يقول مراقبون واقتصاديون إن عوامل عدة تدفع المديونية الأردنية للارتفاع سنوياً بشقيها الداخلي والخارجي، أبرزها التوسع في الاقتراض، وزيادة النفقات الجارية التي تشكل معظم بنود الإنفاق العام وبخاصة الرواتب، مما يؤدي إلى زيادة الدين، كما أن الأردن لا يزال يتعافى حتى اللحظة من تداعيات جائحة كورونا التي أدت إلى تراجع الإيرادات وزيادة الحاجة للتمويل.
يقول آخرون إن اللجوء السوري حمل الأردن أعباء أكبر من طاقته، إضافة الى تراجع مستويات المعيشة، وارتفاع مديونية الأفراد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وإلى جانب الاقتراض الخارجي لجأت الحكومة في السنوات الأخيرة للتوسع في الاقتراض الداخلي من البنوك ومؤسسة الضمان الاجتماعي التي تعد ملاذ الأردنيين الأخير.
وكانت الحكومة أعلنت عن موازنة 2024 بعجز يبلغ 1.1 مليار دولار، مع توقع وصول المنح الخارجية إلى مليار دولار وهو ما يعني تراجع الدعم الخارجي قياساً بسنوات سابقة.
الاعتماد على الذات
ورفعت الحكومة شعار "الاعتماد على الذات" في مواجهة ارتفاع المديونية عبر زيادة الإيرادات المحلية وتعزيز كفاءة التحصيل الضريبي.
بينما يبرر رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة ارتفاع فوائد الدين العام برفع أسعار الفائدة للفيدرالي الأميركي وارتباط الدينار الأردني بالدولار الأميركي، لكنه في الوقت ذاته يشير إلى ارتفاع في نمو الناتج المحلي الإجمالي على رغم ما تشهده المنطقة من أحداث وتداعيات.
ووفق الأرقام الرسمية ارتفع الدين الداخلي إلى 32 مليار دولار وبما نسبته 63.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
أما وزير المالية محمد العسعس فيدافع عن السياسة المالية لبلاده، ويرى أنها مواكبة للأداء الدبلوماسي للدولة الأردنية، وداعمة أساسية للموقف السياسي.
ويؤكد العسعس أن الحكومة تحاول التخفيف من المصاعب المعيشية للمواطنين في ظل النزاعات العالمية والإقليمية والسياسات الاقتصادية العالمية الانكماشية عبر تبني إصلاحات هيكلية لتصحيح الاختلالات والتشوهات التي واجهت الاقتصاد الأردني، والحفاظ على القدرة الشرائية وتوسيع شبكة الحماية الاجتماعية وعدم المساس بالمقومات الأساسية للمواطنين وحماية مداخيلهم.
أسواق تشكو الركود
وعلى رغم انتصاف شهر رمضان واقتراب عيد الفطر الذي يعول عليه التجار في انتعاش الأسواق وزيادة المبيعات، لا يزال الركود حاضراً ويمكن لمسه في نهار رمضان، وحتى في ساعات المساء حيث تخلو الأسواق من مرتاديها وتشكو المطاعم والمقاهي من قلة زوارها.
يقدر مراقبون نسبة تراجع الإقبال على الأسواق بنحو 25 في المئة بسبب تراجع القدرة الشرائية لدى الأردنيين من ناحية، وتداعيات الحرب في غزة من ناحية أخرى.
ويصف هؤلاء ما يحدث بأنه حالة عدم اليقين التي باتت تضرب كل الأسواق العالمية بسبب الأحداث السياسية المتلاحقة.
أزمات متعددة
ويشير الباحث والكاتب الاقتصادي سلامة درعاوي إلى تحمل الاقتصاد الأردني، عبء الأزمات المتعددة، من الأزمة المالية العالمية، مروراً بالربيع العربي، ثم تدفق اللاجئين السوريين، وتعطيل لطرق التجارة، إضافة إلى انقطاعات إمدادات الغاز المصري، وانتشار وباء كورونا، والحرب الروسية- الأوكرانية، ومن ثم الحرب في غزة.
يعوّل درعاوي على دور القطاع الخاص، باعتباره المحرك الرئيسي للنمو، وتحفيز القطاع الخاص في ظل وجود تحديات كبيرة، ناتجة من التوترات الجيوسياسية والإقليمية، والتغيرات في الأوضاع المالية العالمية.
لكنه يطالب في المقابل بتجنب الانخفاض في الإنفاق العام والابتعاد عن التقشف المالي، مع ترشيد الإنفاق وتحسين تحصيل الإيرادات وتعزيز الاستقرار المالي، في ظل استمرار العجز في الموازنة وارتفاع الدين العام وتكلفة خدمته، إضافة إلى مديونية البلديات والمؤسسات التعليمية والقطاع الصحي.
كما يطالب بدراسة أثر العبء الضريبي في الأردن وتأثير ذلك على الاستثمار، وتعديل السياسات الضريبية بما يخدم الاقتصاد الوطني ويشجع على الاستثمار.