Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

غزاوي يخاطب حصانه: أنت تعرف كم أحبك لكني جائع

غياب اللحوم عن القطاع دفع البعض إلى ذبح الخيل

الجوع وغياب اللحوم أجبر البعض في غزة على ذبح الخيل (مواقع التواصل)

ملخص

كان في غزة ثمانية آلاف رأس من العجول، ونحو 14 ألف رأس من الخراف والأغنام، هذه الكمية تكفي لمدة شهرين في الوقت الطبيعي.

أمسك كرم سكينه، ومشى رويداً رويداً نحو حصانه، أخفى الأداة الحادة خلف ظهره ومسح على رأس حيوانه الأليف الذي يطلق عليه اسم "أصلان" وخاطبه قائلاً "أنت تعرف كم أحبك، لكنه الجوع الذي سيجبرني على ذبحك، لا يوجد أمامي أي خيار سوى ذلك".

"بسم الله الله أكبر" ردد كرم هذه العبارة ثلاث مرات وذبح الحصان "أصلان". يقول الرجل "بكيت عندما أرقت دمه، كنت أحبه كثيراً، لقد اتخذت قرار ذبحه بصعوبة، واضطررت لذلك الخيار من أجل إطعام عائلتي".

ثلاثة عصافير

بعد تردد استمر لمدة أسبوع قرر كرم أخيراً ذبح حصانه، والشيء الذي أجبره على ذلك أنه جائع لدرجة كبيرة ولم يجد أمامه أي شيء يمكن أكله سوى الخيل التي يحبها. يوضح الرجل أنه بحث عن أي نوع طعام ليشتريه لكنه لم يجد، وصبر على قلة الطعام وندرته أياماً طويلة.

يعيش كرم في النصف الشمالي من قطاع غزة، ويعاني قلة ومحدودية الغذاء. وفي محاولة منه للتحايل على الجوع، وجد أن ذبح حصانه "أصلان" قد يسهم في توفير طعام لمدة يومين أو ثلاثة.

يضيف كرم "لقد ضربت ثلاثة عصافير بحجر واحد، الأول أنني وفرت طعاماً لأطفالي وعائلتي والعصفور الثاني جعلتهم يتذوقون لحماً طيباً كنا قد حرمنا من تناوله لفترة طويلة، أما الغاية الثالثة فإنني أنقذت أصلان من الموت المحقق بسبب عدم توافر طعام له".

جميع أصناف اللحوم نفدت

في جميع محافظات غزة لا يوجد أي نوع من اللحوم في الأسواق، وبحسب وزارة الزراعة فإن المواشي (العجول والخراف والأغنام) غير متوافرة في القطاع، إذ أكلها السكان في غضون 80 يوماً من الحرب المستمرة في شهرها الخامس.

ويقول المتحدث باسم وزارة الزراعة أدهم البسيوني "كان في غزة ثمانية آلاف رأس من العجول، ونحو 14 ألف رأس من الخراف والأغنام، هذه الكمية تكفي لمدة شهرين في الوقت الطبيعي الذي نعني فيه أن أصناف الخضراوات والدواجن منتشرة بشكلها العادي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويضيف "بسبب الحرب التي أغلقت فيها المعابر البرية وتوقفت عملية الاستيراد وتعطلت الحركة التجارية، نفد طعام الحيوانات، الذي استخدمه سكان غزة كوجبة أكل لهم في ظل اقتراب المجاعة منهم". ويوضح أن ذلك دفع السكان إلى ذبح حيواناتهم بسرعة خوفاً من نفوقها، لافتاً إلى أن وزارته سجلت عمليات ذبح لطيور وحيوانات لم يعتد سكان غزة على أكلها كالخيول والنعام والإوز وحتى العصافير.

3 أيام

جهز كرم لحم حصانه وقسمه لثلاث حصص، الأولى طهاها لعائلته الصغيرة والثانية وزعها لأقاربه وعائلته الممتدة، والثالثة خصصها لإطعام الجائعين في شمال غزة والمتشوقين لتناول الطعام.

على موقد كبير تحته حطب الليمون، وضع كرم قدراً ضخماً وطهى فيه لحم "أصلان" وأعد معه الرز، وقدمه كوجبة إفطار لصائمي رمضان، يؤكد أن جميع من تناول من اللحم يعلم أنه الحصان "أصلان">

تناول كرم ونحو 60 فرداً من غزة لحم الحصان، وأكلوه على مدار ثلاثة أيام، وأسهم ذلك في تأخير المجاعة عن هؤلاء الأشخاص، بحسب الرجل فإنه لا يعرف كيف سيدبر طعامه بعد ذلك في ظل عدم وجود خضراوات في الأسواق.

تذوق اللحم سبب آخر

من غير المعروف كم عدد الأشخاص الذين ذبحوا الأحصنة أو الطيور، لكن من المؤكد أن هذه العملية جرت حتى في الجزء الجنوبي من قطاع غزة، على رغم أنه لا يعيش فيه السكان أي شكل من أشكال المجاعة، لكن غياب اللحوم جعل الناس تشتاق لأكلها.

وهذا داوود الذي ذبح حصانه في مدينة دير البلح لأجل تناول اللحم، يقول "منذ شهرين وأنا أبحث عن أي صنف لحم، ولا يوجد في الأسواق، أنا أحب تنوع الغذاء حتى في فترة الحرب، كما أن زوجتي الحامل تشتهي تناول قطعة لحم واحدة". ويضيف "فكرت كثيراً كيف سنأكل لحماً، فذبحت حصاناً، وتناولت لحمه، وهذه المرة الأولى في حياتي التي أذبح فيها هذا الحيوان، لقد حرمتنا الحرب من كل شيء ولا أعرف ماذا يخبئ لنا القدر، لذلك ذبحت الخيل".

عدم توافر طعام الحيوانات كان سبباً أيضاً وراء ذبح داوود لحصانه، وبحسبه فإنه ذبح الديك الرومي والإوز والنعام والبط والأرانب والقاعود، وكل ما يربى في مزرعته التي يقيمها خلف بيته، وكان آخر ما يفكر فيه هو ذبح الحصان.

لا تنوع غذائي

وبحسب برنامج الأغذية العالمي فإن فرقه أبلغت عن مستويات غير مسبوقة من اليأس لدى سكان غزة بسبب عدم توافر الطعام لدى جميع سكان القطاع سواء في الشمال أو الجنوب. وفي تقرير للبرنامج فإن المعلبات والرز باتت هي أصناف الطعام الموجودة في غزة ولا شيء سوى ذلك، وهذا سبب عدم وجود تنوع غذائي لدى السكان بخاصة الأطفال.

ويوضح برنامج الأغذية العالمي أن أغلب سكان غزة باتوا يبحثون عن المكملات الغذائية في الصيدليات لتعويض نقص المعادن والفيتامينات التي لم يحصلوا عليها في طعامهم، لكنه يشير إلى أن هذه المكملات لا تغني في جميع الأوقات عن التنوع الغذائي.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات